أعود من جديد هنا لأقول:
لن أزيد على ما قاله علماءنا الذين سبق أن وضعت ردودهم ، ففي كلامهم الخير الكثير
ولكن
لو كنت مكانك أخي سامي ، و وجه لي مثل هذا السؤال لكنت قلت بعد مراجعتي لمصادر تاريخية :
أقول و بالله أستعين
أسلوب الدعوة إلى الإسلام بعيد كل البعد عن الدماء ، بريء كل البراءة من شهر السيف وامتشاق الحسام ، وإنما السبيل إلى ذلك مسطور في حنايا الكتاب العزيز في أكثر من آية من آيات الله عز وجل ، أورد بعضا منها :
يقول الله تعالى :
" لآ إِكْرَاهَ فِيْ الدِّينِ قَدْ تَبَيـَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ "
" مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا "
" وَقُل الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَآءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَآءَ فَلْيَكْفُرَ "
" لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دينِ "
إذا كان الإسلام انتشر بالسيف وبالقتال ، كيف وصل إلى أفريقيا التي لم يفتحها المسلمون ؟
كيف وصل إلى السودان و أريتريا و السنغال وكينيا و تشاد و نيجيريا و غانا و غينيا
فالمعروف بأن المسلمين لم يشهروا السيف لأول مرة إلا في غزوة بدر ، وهم حين فعلوا ذلك لم يكونوا عادين ولا ظالمين ، وإنما كانوا يدافعون عن الدعوة التي أنزلها الله على رسوله عليه الصلاة والسلام ، فآمنوا بها ، وهاجروا في سبيل الله لأجلها ، وحاربوا حفاظا عليها .
فلما استتب الإسلام في الجزيرة العربية وبدأت الفتوحات ، لم تكن تهدف إلى نشر الإسلام بقوة السيف ، وإنما كانت لإخضاع الحكام الظالمين وسل عروشهم ، وإنقاذ البشرية مما أوقعوه عليه من جور ، وما أحاطوهم به من ظلم وإذلال .
ولذلك فإن المسلمين في فتوحاتهم لم يرغموا أحدا على الإسلام ، ولم يقتلوا طفلا ، ولم يؤذوا امرأة ، ولم يتعدوا على شيخ طاعن في السن .
كما أن المسيحيين في بلاد الشام طلبوا نجدة الجيوش الإسلامية لكي تخلصهم من ظلم الروم ، ولكي تنشر العدل والآمان بينهم ، فقد كانت رسالة السماء تفرض إشاعة العدالة بين الناس أيا كانت ديانتهم.
وكان الحال كذلك أيضا بالنسبة للقبط في مصر ، فقد لاقوا من الإضطهاد قبل الفتح الإسلامي ما جعلهم ينتظرون الفتح الإسلامي بفارغ صبر.
يقول السير توماس أرنولد في وصف حالهم : كان بعضهم يعذب ثم يلقى بهم في اليم ، وتبع كثير منهم بَطْرِقـَهم إلى المنفى لينجوا من مضطهديهم ، وأخفى عدد كبير منهم عقائدهم الحقيقية وتظاهروا بقبول قرارات مجمع خلقدونية ، وقد جلب الفتح الإسلامي لهؤلاء القبط حياة تقوم على الحرية الدينية التي لم ينعموا بها قبل ذلك بقرن من الزمان ، وقد تركهم عمرو بن العاص أحرارا على أن يدفعوا الجزية ، وكفل لهم الحرية في إقامة شعائرهم ، وخلصهم بذلك من هذا التدخل المستمر الذي كانوا يعانون منه في ظل الحكم الروماني ، ولم يضع عمرو بن العاص يده على كل شيء من ممتلكات الكنائس ، ولم يرتكب عملا من أعمال السلب والنهب .
وتختلف الجزية عن الزكاة ، من يؤدي خدمات عامة للدولة تسقط الجزية عنه إن كان من أهل الكتاب ، بينما لا تسقط الزكاة على المسلم الذي يؤدي نفس هذه الخدمات للدولة.
أضف إلى ذلك ، أن مقدار الزكاة أكبر من مقدار الجزية ، لأن الزكاة نسبة في رأس المال ، أما الجزية فهي مبلغ محدد .
الجزية مبلغ محدد مقابل حماية الدولة ، تجب على كل قادر بصرف النظر عن رأس ماله الذي يملكه ، أما الزكاة فهي عبادة مالية مطالب بها كل مسلم دون غيره من أهل الديانات الأخرى .
وها هي رسالة كتبها البطريق النسطوري وبعث بها إلى المطران سمعان رئيس أساقفة فارس يقول فيها : وإن العرب الذين منحهم الله سلطان الدنيا يشاهدون ما أنتم عليه وهم بينكم كما تعلمون حق العلم ، ومع ذلك فهم لا يحاربون العقيدة المسيحية ، بل على العكس ، يعطفون على ديننا ويكرمون القسيسين وقديسي الرب ، ويجودون بالفضل على الكنائس والأديار ، على أن الأمر لم يقف عند هذا الحد ، بل إن صلاح الدين الأيوبي الذي خاض الحروب الصليبية لم يأخذ رعاياه من المسيحيين بجريرة القادمين الباغين من أوروبا ، وإنما عاملهم برفق أكثر ، وأسبغ عليهم تسامحه وخفف عنهم الضرائب ، وأزال بعضها ، ووضعهم في الوظائف كوزراء.
فالسلاجقة الوثنيون الذين فتحو بلاد ما وراء النهر وتقدموا الى العراق العجمي ، وظلوا يزحفون شيئا فشيئا حتى أخضعوا أكثر الأراضي الإسلامية .. هؤلاء الوثنيون الظاهرون الفاتحون الغالبون ما لبث الدين الإسلامي بقوته وسلامته وسماحته أن استهواهم فاعتنقوه.
وليس الأمر موقوفا على هؤلاء السلاجقة وحدهم ، فإن قوما أشد منهم عتوا ، وأعنف منهم ظلما ، وأكثر منهم بطشا وتعطشا إلى الدماء ، قد هاجموا ديار المسلمين وقضوا على خلافتهم ، وقتلوا خليفتهم ، وخضبوا الأرض بدمائهم ، ورنقوها بأشلائهم ، أولئك هم المغول التتار المتوحشون ، هؤلاء المغول الذين ما لبثوا أن انضموا بعد حين تحت لواء الإسلام ، فهذب أخلاقهم ، وجعل لهم حضارة وفنونا عرفت باسم الفنون المغولية!!
من يصدق أن هؤلاء التتار الذين سفكوا من دماء المسلمين ما لم يسفكه أحد من قبلهم ، وجعلهم مساجد بخارى استبطلات الخيل ، وتمزيقهم للقرآن الكريم ، وهدم مساجد سمرقند وبلخ.
من يصدق أن هؤلاء المتوحشين يدخلون الإسلام طائعين وهم الظافرون الكاسحون المنتصرون !!
فدخلت أفواج الناس إلى الإسلام عن رضا وارتياح وإيمان ، وحوادث إجبار غير المسلمين على إعتناق الإسلام قليلة نادرة ، وهي فريدة في الغالب ، ولعلها في الديانات الأخرى أكثر وأعم ، فشرلمان ملك فرنسا كان يفرض التعنيدات المسيحية بحد السيف ، وكان أولاف ملك النرويج يذبح من يرفض الدخول في الدين المسيحي من السكان فايْكـَن - الجزء الجنوبي من النرويج - ، أو يقطع أرجلهم وأيديهم .
كما وجدت جماعة متعصبة لنشر المسيحية بالقوة ، أسموا أنفسهم إخوان السيف ، وها هو الإسلام اليوم يثبت أنه لا ينتشر بدون سيف ولا إكراه ، حيث يعتبر أكثر الأديان إنتشارا في سرعة إنتشاره تزايدت مع أحداث سبتمبر 2001 .
ولقد أجمع الكل - كما أثبتت الدراسات - أن أوروبا قارة إسـلامية .