عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-10-2009, 10:28 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة : Egypt
افتراضي رد: يتيم.. في حـيــاة أبي

لو كان لديك مرتب ، لكان وضعي أحسن من ما أنا فيه . ثم يرد على نفسه ولكن المسكينة لم يكن في وقتها أي تعليم .
لا عيب يلحقني إني بــلا نشب
وأي عـار على عين بلا حور
سعيد ألخالدي

ثم يلتفت إلى ابنه خالد وأخته سامية اللذان كانا ينامان على الأرض في فرشة واحدة ويقول لنفسه لو كانت حالتي أحسن من ما أنا عليه لكان لكل منكما سرير بمفرده إلا إنني لا أستطيع الآن ويناديه صوت الضمير الحي الذي لا يصغي إليه الآن .
أنت في نعمة فاحمد الله وكن شكوراً . فهؤلاء الأطفال هم زينة الحياة الدنيا وقد أعطيت أربعة وهم متفوقون في دراستهم و أشكالهم مثل الورد ، كما أن زوجتك هذه الراقدة في سريرك عفيفة نظيفة تقوم بواجبها على أكمل وجه في تربية هؤلاء الأطفال وترعاهم وسيدة بيت على أكمل وجه 0 فكن شكوراً وأحمد الله على ذلك . عند ذلك لم يكن هذا الكلام يعجبه فانقلب على جنبه الآخر طلباً للنوم والخروج من هذه الوساوس .
وأصبحت تلك الفكرة من زواجه من مدرسة هاجسه الأول والأخير وأصبح يتقزز من أعمال الورشة و العمل بها ومصافحة العمال .
قبل ذلك كانت أعمال الورشة الصعبة لا يقوم بها آلا هو . الشيء الذي أكسب الورشة سمعة طيبة إما الآن فلم يعد يلقي لتلك الأعمال بالاً ، كما أصبح كثير الخروج من الورشة . ويذهب إلى دكان السيد عطية أوقاتا كثيرة بعد أن كان لا يجلس فيها آلا بعد صلاة العشاء .
وبعد حوالي أسبوعين من زيارة السيد عباس له0 أتى إليه مرة ثانية السيد عباس وطلب منه زيارته في بيته الجديد مع عائلته .
فقال السيد مروان :
- سوف أخذ رأي العائلة في ذلك فاعتقد أن لدى الأطفال اختبارات في هذه الأيام.
- يا رجل فادية وحسين لا يزالان في الصفوف الأول وعلى حد علمي أنهما متفوقان في الدراسة لذلك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .
إلا إذا كنت لا تريد المجيء إلي فابحث عن إي عذر غير هذا .
- أبداً أنني شخصياً ارتاح للجلوس معك وسماع أخبارك وعلومك والحديث معك ذو شجون .
- إذا بيتنا بجانب العمارة الصفراء في شارع البلدية مقابل محطة النقـل الجماعي .
- سوف أحاول أن أقنع الأهل بذلك .
- إذا حاولت فأنا متأكد بأنك سوف تنجح في ذلك .سوف أتصل بك بعد صلاة العصر، ثم ناوله عباس بطاقة فيها رقم الهاتف والعنوان وركب سيارته وانصرف .
( 3 )
في حي شهار بمدينة الطائف كان السيد / محفوظ عبد الغفار 50 سنه يسكن في منـزل مكون من دورين وملحق تحيط به حديقة من جميع جوانبه يعتني بها مصطفى الذي يعمل كحارس للمنـزل ومزارع وسائق في آن واحد .
يعيش السيد محفوظ مع زوجته إيناس وابنه طارق وبنتاه خلود وإنعام مع أمه وأخته غادة التي سبق زواجها من بعض الشخصيات في مدينة الطائف ثم توفي زوجها وعادت لتعيش مع أخيها وعائلته ووالدتها.
يعمل السيد / محفوظ في مجال تجارة المفروشات وقد كان يعيش في بحبوحة من العيش فهو من عائلة غنية أبا عن جد ويعتبرون من العائلات المرموقة في مدينة الطائف.
يعمل ابنه طارق 27 سنه محاسباً في إحدى الإدارات الحكومية ورغم مناشدة والده له بأن يتفرغ للتجارة ومتابعة إعماله آلا أنه يريد الاعتماد على نفسه ويبقى في وظيفته لكنه يساعد والده في إعمال التجارة من حين إلى آخر بعد انقضاء وقت الدوام .
عندما توفي زوج غادة كانت قد أنهت دراستها في المرحلة الثانوية ثم أكملت دراستها الجامعية بعد ذلك وأصبحت تعمل مدرسة مع زوجة السيد عباس في مدرسة واحدة .
وكانت زوجة السيد عباس . السيدة علياء مقربة جداً من غادة يجلسن سوياً في أوقات الفسح وتشتكي كل منهما همها إلى الأخرى حتى اشتهرتا في المدرسة بـ( التوأم )كما كانتا تذهبا إلى المدرسة وتعودا مع السيد عباس في سيارة واحدة .
أما السيد عباس فكان يقصدها بالكلام عندما عرض فكرة الزواج على زميله مروان وكثيراً ما كان يزور هذه العائلة بعائلته حتى أصبح صديقاً لآخوها محفوظ وكثيراً ما كان يذهب يتسلى معه في معرض المفروشات من حين إلى آخر .
( 4 )
عاد السيد مروان إلى زوجته فأخبرها بأن السيد عباس قد دعاهم إلى تناول طعام العشاء في بيته الجديد الذي سكن فيه قريباً .
- أن ذلك يكلفنا كثيراً فنحن لا بد أن نشتري هدايا من أجل انتقالهم إلى البيت وكذلك هدايا من اجل المولود .
- لقد وعدته بالذهاب إليه .
- إذاً اذهب أنت فقط .
- لقد صمم على أن نكون جميعاً .
- أن فادية وحسين لديهما اختبارات شهرية .
- هذا لا يؤثر على مستواهم . إما من ناحية الهدايا فسوف نذهب إلى السوق في طريقنا ونشتري أي هدية نراها مناسبة ونعطيهم . وحبذا لو كانت من أواني المطبخ .
- والمولود .؟
- ليس وقته الآن فعمره الآن سنة ونصف والمناسبة الآن هي سكنهم في البيت الجديد .
- توكلنا على الله .
وبعد صلاة العشاء رجع السيد مروان إلى زوجته وأطفاله وأخذهم في سيارته واشتروا طقم من الصيني هدية منهم إلى عائلة السيد عباس من السوق واتجهوا بعد ذلك إلى منـزل صديقه .

هناك كانت دهشة السيد مروان كبيرة جداً فقد كان منـزل السيد عباس عبارة عن فلة صغيرة مكونة من دور تحيط به حديقة صغيرة أيضا ًبتنظيم جميل ومرتب جداً وقد أعّدت بها عدد من الكراسي والأرائك المتفرقة في أرجاء الحديقة التي يتوسطها حوض كبير به نافورة صغيرة تضفي على الجلسة جو من المتعة والانشراح خصوصاً في ليالي الصيف.

جلس السيد مروان ومضيفه على تلك الكراسي وبجانبه ابناه حسين وخالد .
أما فادية وسامية فقد دخلتا مع أمهما إلى داخل المنـزل وبعد أن تناول الجميع أكواباً من العصير . أخذ السيد عباس ضيفه في جولة داخل المنـزل . فوجد فيه من الأثاث الفاخر ما يلفت النظر والفرش والأرائك والتحف المنتشرة في كل أرجاء المنـزل بالإضافة إلى الصور التي تزين أغلب جدران البيت ومكيفات الفريون لكل غرفة من الغرف الشيء الذي زاده هماً جديداً معتقداً أن كل ذلك سببه زواج عباس من تلك المعلمة وسأل عن ذلك فقال :
- كنت قد اشتريت مكان البيت منذ مدة طويلة وعندما بدأ بنك التنمية العقاري في إعطاء قروض للمواطنين تقدمت بطلب قرض وحصلت عليه بعد فترة وقمت بعمارة البيت .
- لماذا لا تستغل دور واحد فقط وتستفيد من الدور الثاني بتأجيره مثلاً.؟
- أنا لن أعيش أكثر من ما عشت وأريد أن أرتاح فيه أنا وعائلتي وهناك على الشارع من واجهة الفيلا ثلاثة محلات تجارية مؤجرة ومن أجارها نسدد البنك .
وعند ذلك أدرك السيد مروان أن هذا ليس من كسب زوجته الثانية . وبعد تناول العشاء أخذ السيد مروان زوجته وأطفاله وعاد بهم إلى المنـزل .
وتمضي الأيام وفكرة السيد مروان بالزواج تراوده بين وقت أخر . ولا تزال هاجسه الذي يقرع أجراس الثروة في ذهنه . ومضت سنة كاملة بين مد وجزر
وذات يوم أوقف السيد عباس سيارته في الورشة ودخل إلى غرفة تعتبر مكتباً للسيد مروان وعماله وهناك قابله وأخذا في الحديث من نواحي شتى وسأل السيد مروان صديقه فقال .
- أنني أفكر في الزواج بعد أن وعدتني بالمساعدة من معلمة أيضا فقد سئمت هذه الزيوت وأعمال السيارات .
- يا رجل أحمد الله سبحانه فأنت محظوظ وأعمال الورشة على الوجه الأكمل واعتقد أن دخلها كذلك
- هذا لا يمنعني من الزواج .
- وزوجتك واهلك .؟
- لن يكون زواجي على حسابهم فهم أهلي ولن تكون أحرص عليهم مني.
- لكنني أعرفك تماماً . إذا كان هناك بزبوز فلوس بعتهم جميعا ًبريال واحد ...
- أستغفر الله أنهم أولادي وبناتي وأمهم التي عاشت معي حيناً من الدهر .
- أنا أعرف لك معلمة تذهب معنا إلى المدرسة قد سبق لها الزواج ثم توفى زوجها .
- ماذا تعرف عنها ؟
- ممتازة وجميلة جداً ، وغنية وإذا وجدت زوجاً ترتاح له فلن تمانع في ذلك .
فالزواج ستر للمرأة وحياة لها ، وأنت لن تجد أجمل منها وهي لن تجد أفضل منك .
- ألا يوجد لديها أطفال من زوجها السابق .
- لا . فهي لم تبق معه أكثر من ثلاثة أشهر .
- ماذا عن راتبها ؟
- هذا الأمر لا يجب أن تبحثه معها الآن فتظن أنك تطمع في الراتب . وأنا متأكداً أن ذلك هو الذي يدعوك إلى الزواج ولكن لا يجب أن تفصح عنه الآن .
- أريد أن أراها .
- إذا عزمت فأنا قد سمعت أن هناك من يخطب فيها أيضاً لذلك عليك أن تتخذ قرارك بسرعة ، وإذا عزمت فأخبرني .
- إنني عازم الآن ولكنني أريد أن أراها .
- في حالة موافقتها فهي تريد شقة تعيش فيها بمفردها .
- إذا أعجبتني فسأتدبر أمري حينئذٍ .
- والمهر ..........كم سيكون تقريباً . ألم تقل إنها غنية .؟
- لكن هذا لا يمنع أن تدفع مهراً . فهذا حقها الشرعي ....
- طبعاً لن يكون كثيراً .
- أنا لا أعرف ذلك لكنني سأكون بجانبك وسوف أحاول أن يكون المهر مناسباً .
- والزواج لن يكون في قصر الأفراح .
- وأين تريده إذاً .؟
- في الأرض التي بجانب العمارة التي نسكنها .
- هذا يتم الاتفاق فيه مع أهلها، فأنت كأنك تخطب عندي وأنا لست ولي أمرها.
- هذا صحيح . لكنني تأكدت الآن أنك تعرف عنها كل شيء .
- إنها من أقرب المقربات إلى زوجتي .
- إذاً سأحاول أن أراها في بيتك .
- لا. لا. إذا أردت ففي منـزل أخيها فأنت تريد الزواج على سنة الله ورسوله، ومقابلتها في بيتي قد يكون سبب للشك وأنت لا ترضى ذلك .
- هذا صحيح . ولكنني كما أسلفت أريد أن أقابلها .
- سوف أخبر زوجتي ونطلب منها أن تحدد موعداً لذلك في بيت أخوها . إلا إذا كنت غير جاد في كلامك ؛ فالأولى أن تكون بعيداً عنها من البداية .
- بل الجد كله .. توكلت على الله ، أريد موعداً لمقابلتها .
- ثم خرج السيد عباس وركب سيارته وغادر الورشة .

وبعد يومين اتصل به السيد عباس وطلب منه أن يقابله بعد صلاة المغرب.
( 5 )
بعد صلاة المغرب دخل السيد مروان إلى دكان الحلاق القريب من الورشة وطلب منه أن يزيّنه 0 ولبس أجمل ملابسه وانطلق إلى بيت السيد عباس الذي وجده ينتظره عند باب منـزله وركب معه وانطلقا إلى السيد / محفوظ عبد الغفار.
نزل السيد عباس وقرع جرس الباب وخرج الحارس مصطفى وفتح لهم البوابة وطلب عباس من مروان إدخال السيارة .
ادخل مروان سيارته في فناء الفيلا ونزل منها ليجد السيد / محفوظ مرحباً بهما أمام المنـزل .
دخل الثلاثة غرفة الاستقبال وأخذ السيد مروان يجول بنظره هنا وهناك في أرجاء الغرفة وأدرك ذلك السيد عباس ، فقال :
- يهنا لك يا عم . هذا العز .
- أنت بتحسد من الآن .
- حتى تعرف أنني لا أسعى لك إلا إلى الخير .
- عسى .
أحضر السيد محفوظ القهوة مع بعض المكسرات والتمر وجلس مع ضيفاه وبدأ السيد عباس حديثه قائلاً :
- نحن يا أبا طارق جئنا في مقصد خير .
فصديقي هذا أعرفه منذ زمن وكأنه أخي ، وصداقتي به عريقة جداً ولولا أنني واثق منه وأعرف معدنه لما أتيت به إليك وأنت صديق أيضاً وهو متزوج وله أربعة أطفال ولكنه يريد أن يتزوج بأخرى وأنت تعلم أن الشرع قد أحل للرجل الزواج من أربع . ويريد الزواج من أختك غادة .
فإذا كانت لديكم الرغبة كما هي لديه ، فالرجل يستحق كل خير وإن كان غير ذلك فكأننا لم نخبرك بهذا الأمر .
- أنت يا عباس تعرف أن أختي قد تزوجت وتوفى زوجها بعد الزواج بفترة قليلة وهي تعمل مدرسّة مع زوجتك وأنت الذي تذهب بها وتأتي مع زوجتك كل يوم وإذا كان أن هناك نصيب للرجل في أختي فلن نقف ضده. ولكنني أفضّل أن يراها وتراه قبل كل شيء .
- نعم هذا من حقهما الشرعي .
حتى هذه اللحظة لم يتكلم السيد مروان فهو لا يريد أن يبدأ بشيء قبل أن يرى خطيبته .
وعند ذلك خرج السيد محفوظ من الغرفة ودخل إلى داخل المنـزل وبعد قليل وقف بالباب واستدعى السيد مروان ودخل معه في غرفة بجانب الغرفة السابقة. فإذا العروس جالسة بجانب أمها وكأنها القمر في ليلة تمامه. كمن قال الشاعر فيها:
أرى وجهها بدراً محاطاً من السنـا

بصبحين من ثغر مضيء ومن نحر
معروف الرصافي

معتدلة القامة جملية العيون شعرها أسود على بشرة بيضاء كمن قال الشاعرالاخر في مثلها :
فالوجه مثل الصبح منبلــــج
والشعر مثل الليل مســـود
ضدان لما اجتمعا حسنـــــا
والضد يظهر حسنه الضــد
وكأنها وسنى إذا نظــــرت
أو مدنف لمّا يفق بعــــد

ثم سلم السيد مروان وجلس أمام العروس وقال :
- لقد جئت إليكم وكلي أمل في قبول خطبتي للسيدة.ثم سكت فقال السيد محفوظ:
- غادة .
- للسيدة غادة وأريد أن أخبركم أن لي زوجة وأطفال أربعة هم كل نصيبي من الدنيا ولدي ورشة سيارات في الشهداء ودخلها بحمد الله يكفي أن نعيش به جميعاً.
ثم ساد قليلاً من الصمت فقال السيد محفوظ :
- ما رأيك يا غادة.
- الأمر عندك أنت فأن كنت تراه مناسبا فتوكل على الله.
- لا0 فهذا الأمر يحتاج إلى موافقة صريحة منك وهذا الرجل قد شرح أمره كاملاً فإذا كان لديك القبول فأريد أن اسمـعه أمامه وبعد ذلك ســوف نتفق على بقية الأمور .
- توكلنا على الله . قالت ذلك العروس
ثم ناولها السيد مروان مبلغ ألف ريال وخرج من الغرفة . وهناك جلس لدى صديقه عباس وهمس في أذنه :
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.83%)]