عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-10-2009, 11:48 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الغنائم أيها النائم

الغنيمة السابعة : الغاية الكبرى
دخول الجنة والفوز بنعيمها غاية الغايات ، وأسمى الأمنيات ، ومنتهى الآمال بالنسبة للمؤمنين ، إنه رجاؤهم الدائم ، ودعاؤهم المستمر ، إنه الفوز الحقيقي بعد رحلة الحياة الدنيا بكل ما فيها { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } إنه الثمن الذي تبذل لأجله الأموال ، وتزهق فيه سبيل الأرواح { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقران ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم } إنه الجزاء العظيم الذي لا ينال إلا بالجهد الكبير { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } إنه الثواب الذي لا ينال إلا بجهد وجهاد وصبر ومصابرة {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } .. { وما يلقاها لا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } .
الجنة التي فيها { أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى } وفيها { غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار } .. { فيها فاكهة ونخل ورمان } ، أكل أهلها { فاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون } ، ولباسهم { يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير } ، وخدمهم {يطوف عليهم ولدان مخلدون } ، وآنيتهم { يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب } ، ومجالسهم {متكئين على فرش بطائنها من إستبرق }، ومع ذلك لهم {حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون } إنه نعيم ما بعده نعيم { كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا به من قبل وأُتوا به متشابهاً ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون } ، إنه فوق الوصف وأعظم من الخيال { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } .
ألا تشتاق لذلك نفسك ؟ ألا تتعلق به آمالك وطموحاتك ؟ ألا تحب أن تكون من أهلها ؟ خذها غنيمة من غنائم الفجر.
من غنائم الفجر دخول الجنة ، كما ورد في حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه - ، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من صلّى البردين دخل الجنة ) [متفق عليه ] . حديث موجز في خمس كلمات ، لكنه واضح الدلالة ، وهو نص صريح في بيان أن من غنائم الفجر دخول الجنة ، فما أغلاها من غنيمة !، عض عليها بالنواجذ ولا تفوت .

الغنيمة الثامنة : الزيادة الفريدة
يقول الله - عز وجل - : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، وقد ورد في تفسير للآية من قول المصطفى – صلى الله عليه وسلم - حيث جاء : " إنها نعمة ما بعدها من نعمة، إنه إكرام لمن فاز بالجنان بمزية رؤية الرحمن - سبحانه وتعالى – { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } .
إن من ثمار صلاة الفجر الظفر بهذه الرؤية التي هي أعظم من كل أجر ، وفي ذلك جاء حديث جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه – قال : كنا عند النبي – صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تُضامون في رؤيته ؛ فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها فافعلوا ) . [متفق عليه] .
الله أكبر رؤية الباري جل جلاله ، يوم يأذن بذلك للمؤمنين يوم القيامة، من أسبابها الميسرة، وأبوابها المشرعة صلاة الفجر ، والربط في الحديث ظاهر وإليك البيان، فالمصطفى – صلى الله عليه وسلم - يخبر أن المؤمنين سيرون ربهم ، ثم يزيد ذلك توكيداً من خلال بيانه أنها رؤية واضحة كاملة كوضوح رؤيتهم للقمر ليلة البدر ، ويزيد في التوكيد بقوله : ( لا تضامون في رؤيته ) أي لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته ؛ فإنها تكون سهلة وواضحة ، وبعد ذلك يحث المؤمنين بالحرص والمبادرة على أداء الصلاة قبل طلوع الشمس - والمراد صلاة الفجر - ، وكذلك الصلاة قبل غروب الشمس - والمراد صلاة العصر - ، وقوله : ( إن استطعتم أن لا تغلبوا ) إشارة إلى وجود مثبطات وعوائق تقعد المسلم عن تلك الصلوات ، فدعاه رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم - أن يغالب تلك العوائق وأن لا يسمح لها أن تغلبه ، ومراد المصطفى – صلى الله عليه وسلم - بذكر هاتين الصلاتين بعد الرؤية ، الدلالة على أنهما مما يكون سبباً في حصول المؤمن للرؤية واستحقاقه لها .
قال ابن حجر - رحمه الله تعالى - : " وجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند ذكر الرؤية ، أن الصلاة أفضل الطاعات ، وقد ثبت لهاتين الصلاتين الفضل بالنسبة إلى غيرهما ، ذكر من اجتماع الملائكة ورفع الأعمال وغير ذلك فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجاز المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى الله تعالى " .
تأمل عظمة هذه النعمة فيما رواه مسلم من حديث صهيب الرومي أن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله - تبارك وتعالى - : تريدون شيئاً أزيدكم ؟ قالوا : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ قال: فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم تبارك وتعالى ) . أما تعلم أن من دعاء النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم إني أسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك ، وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) [صحيح ابن حبان] .

الغنيمة التاسعة: قيام الليل
قيام الليل عبادة عظيمة كان للمصطفى – صلى الله عليه وسلم - بها اختصاص مذكور في قوله تعالى : {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } وسياق الآية مشعر بفضل قيام الليل وعظيم أثره ، وذلك لربطه بما ذكر بعده من نيل المصطفى – صلى الله عليه وسلم - المقام المحمود ، وهو مقام الشفاعة يوم القيامة ، وقيام الليل عمل ذكره الحق - جل وعلا - في أعمال وأوصاف المؤمنين حيث قال : { إنما يؤمن يآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لايستكبرون * تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون } . وامتدح الله به المتقين عند ذكر أنهم { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون } وعده من خلال عباد الرحمن فقال في حقهم : { والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً }.
قيام الليل مدرسة الإيمان والتقوى ، ومنبع التزكية والتطهير، به تحيا القلوب وتزداد إشراقاً ، وبه تسمو النفوس وتمتلئ أشواقاً ، فيه تذرف العيون دموع الخشية والندامة ، وتلهج الألسن بدعوات التضرع والإنابة ، وتتمرغ الجباه في سجود الذل والاستكانة .قيام الليل مظنة إجابة الدعاء كما قال خاتم الرسل والأنبياء – صلى الله عليه وسلم - : ( إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه ، وذلك في كل ليلة ) [ رواه مسلم ] .وهو من أسباب دخول الجنة كما يبين البشير النذير - عليه الصلاة والسلام - حين قال : ( أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ) [رواه الترمذي ] .
وقيام الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة بنص حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم - . رواه مسلم .
والآن لعلك تقول كما يقول كثير من الناس- وكلنا ذاك الرجل – : "لم نعد نقوم الليل، ولا طاقة لنا به ، ضعفت عنه هممنا ، وقعدت عنه عزائمنا ، وثقلت عن القيام به أجسادنا ، وشغلتنا عنه أموالنا وأهلونا ، ومع أنني أدعو نفسي وأدعوك وأدعو كل مسلم أن لا يفوّت قيام الليل ولو ركعتين ؛ فإن في ذلك خير كثير ، وأجر كبير ، ولكنني مع ذلك أسوق لك غنيمة عظمى من غنائم الفجر ، إذا أديت صلاة الفجر فكأنما قمت الليل كله ، نعم !كله لا بعضه ، وليس هذا من عندي ، بل هي غنيمة جاء بها حديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم - الذي يرويه عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ، عنه - عليه الصلاة والسّلام - أنه قال : ( من صلى العشاء في جماعة ، فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله ). [ رواه مسلم ] .
إذن فأنت بذلك تنال غنيمة جديدة أكيدة ، فتمسك بها ولا تفرّط .

الغنيمة العاشرة: الخير العميم
خير بلا حد ، وفضل بلا سد ، وحسنات بلا عد ، عطاء يفوق الوصف ، وهبات تزيد على الضعف ، لا لا تقل إنها مبالغات ، كلا ! فهذا جود رب الأرض والسماوات ، إنه الذي لا تنفذ خزائنه ، ولا ينقص ملكه ، وإن أعطى كل سائل مسألته .. {ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما } .
تصور- أخي القارئ- أن هذه الغنيمة التي سأخبرك بها ليست من غنائم صلاة الفجر ، بل هي غنيمة ركعتي السنة قبل صلاة الفجر ، ولك -بعد أن تعرف الغنيمة – أن تتساءل وتقول : إذا كان هذا لركعتي السنة ، فكيف إذن ركعتي الفريضة ؟ .
اقرأ معي حديث عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها - ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) رواه مسلم ، وفي رواية : ( لهما أحب إليّ من الدنيا وما فيها ) .سبحان الله (خير من الدنيا وما فيها ) !! الدنيا بذهبها وفضتها ، وجمالها ونسائها ، الدنيا بكل ملذاتها وشهواتها {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث } نعم ركعتا الفجر خير من كل ذلك ، ويعدل كل ذلك ويزيد عليه ، والرواية الثانية مؤيدة ومؤكدة لهذا المعنى عندما جاء لفظها بالمقارنة بين الدنيا وركعتي الفجر وقال الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – ( لهما أحب إليّ من الدنيا جميعاً ) ، إذن فكرر معي فكيف صلاة الفجر ذاتها ؟ .
إنها غنيمة بلا حدود ، فاسع إليها وقيدها بالقيود ؛ فإن عائشة – رضي الله عنها – قالت : (لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر ) [ متفق عليه ] .
الغنيمة الحادية عشر: الحجة التامة
لاشك أنك تعرف أن الحج ركن من أركان الإسلام ، وأن أجره عظيم يخرج به الإنسان من كل ذنوبه ويعود كما ولدته أمّه ، وهو فريضة في العمر مرة واحدة ، وغنائم الفجر تمتد حتى تشمل الحج والعمرة وأجرهما معاً .
رأيت معي الغنيمة العظمى فيما قبل الفجر ، وهذه أخرى جليلة وهي فيما بعد الفجر ، فعن أنس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) [ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ] .
وأزيدك أيضاً فعن أبي أمامة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( من صلى صلاة الغجر في جماعة ، ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم قام وصلى ركعتين ، انقلب بأجر حجة وعمرة ) قال المنذري : رواه الطبراني وإسناده جيد [ الترغيب والترهيب1/296 ] .
واقرأ معي أيضاً حديث أبي ذر – رضي الله عنه - عن المصطفى – صلى الله عليه وسلم - : ( من قال دبر صلاة الفجر - وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم - : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك يحي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات ، كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه ، وحرس من الشيطان ، ولم ينبغ بذنب أن يدركه في ذلك إلا الشرك بالله تعالى ) .
ألا ترى كم هي عظيمة وجليلة هذه الفضائل في أعقاب الفجر ، وبعد أداء الفريضة في ذلك الوقت الذي فيه الهدوء والسكينة والنسمات الندية العليلة ، لتبدأ يومك بعد الفجر بالذكر ، وتنال عظيم الأجر .فهل تترك ذلك مع ما فيه من حياة القلب ، وسمو الروح ، وزكاة النفس لأجل نعاس يداعب جفنيك أو قليل من التعب يوهن جسمك ؟ ولو تأملت وعزمت لهان الأمر عليك وتيسر الأداء لك ؛ فإنما هي ساعة لا أكثر .
فيالها من غنيمة واظب عليها ولا تتقاعس ولا تكسل .

الغنيمة الثانية عشر: البركة الباكرة
روى جابر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( اللهم بارك لأمتي في بكورها ) [رواه الطبراني في الأوسط ] والبكور أول النهار ، وقد جعل الله فيه البركة وهي : النماء والزيادة . فالمبارد المبكّر إلى أي عمل يجد بركة من الله - تعالى - في عمله ؛ فإن توجه لطلب العلم وجد سهولة في الفهم ، وقدرة على التحصيل ، وسرعة في الاستيعاب ، وإن بدأ حفظ القرآن رأى يسراً في الحفظ ، وجودة في الضبط ، واتقاناً في المراجعة والاستذكار ، وإن سعى لطلب رزق وجد كثرة في الرزق وزيادة في الدخل ، وإن مضى لأداء مهمة تيسرت أسبابها وذللت صعابها .
إن وقت البكور تتوفر فيه أسباب النجاح وجودة الأداء ؛ لأن الجسم يكون في كامل طاقته ، وذروة نشاطه بعد اكتمال راحته وتمام نومه ، كما أن الذهن يكون صافياً لعدم انشغاله وهدوء باله ، إضافة إلى أن وقت البكور فيه هدوء وسكينة لقلة الناس وندرة الحركة ، ويزاد على ذلك أن تلك الساعات الأولى تضيف فسحة من زمن النهار يتضاعف بها الإنتاج ، وتزداد بها المنجزات .والذين يصلون الفجر في وقتها يدركون البكور وينالون بركته ، ويجنون ما فيه من المنح الحسية والمعنوية وتلك أيضاً غنيمة فاغتنمها ولا تكن من الخاسرين .

أيها النائم :
بعد هذا الحشد الكبير ، والسرد العظيم لهذه الغنائم التي فيها أجر عظيم ،وفضل كبير ، ومنافع دنيوية ، وأخرى أخروية ، وفيها نعمة دخول الجنة ، ولذة النظر إلى وجه الله - جل وعلا – بعد هذا كله هل تطيب نفسك أن تحرمها من كل ذلك لأجل نوم على فراش وثير في هواء بارد ؟ هل يعقل أن تستسلم لضعفك لمجرد طلب المزيد من الراحة ، أو عدم مقاومة قليل من التعب ؟ هل ترضى أن تكون من الغافلين ؟ وهل تحب أن تكون من المحرومين ؟ ألست ترى آثار ترك صلاة الفجر وتأخيرها ؟ ألا تراها في محق البركة وخبث النفس وثقل البدن ؟ ألا تشعر بجفاف الروح وقسوة القلب ؟ أين أنت من نداء الأذان يشق صمت الليل بكلمة التوحيد والدعوة للفلاح ؟ وأين أنت من قرآن الفجر يصب في سمع الزمان آيات الله في كل مكان ؟ وأين أنت من أفواج الملائكة بالآلاف المؤلفة وهي نازلة صاعدة ؟ ألا يوقظك كل هذا ويحرك مشاعرك ؟ ألا يهيجك لتترك مضجعك وتفارق مرقدك وتهب إلى الصلاة وتبادر إلى الفلاح ؛ لتكتب في الذاكرين وتكون من العابدين وتنال البشريات وتحظى بالأعطيات ؟ .

إنني أدعو فيك إيمانك بالله وهو مستقر في قلبك وهو يملأ نفسك .. إنني أخاطب فيك إيمانك بالمصطفى – صلى الله عليه وسلم - وهو الذي يملأ بحبه قلبك ، وينطق بالصلاة والسلام عليه لسانك ..إنني أدعوك إلى الخير الذي تحبه والأجر الذي تنشده فلا ولا ولا تكن من الغافلين النائمين .

ويحك أيها النائم إن جوائز الدنيا وأعطيات أهلها رغم أنها لا تعدل شيئاً مقارنة بما ذكرت لك من غنائم الفجر ؛ فإنها مع ذلك لا تكون إلا نادراً ولا تتكرر إلا الفترة والفترة ومع ذلك ؛ فإنني أعلم أنك تستعد لها في كل مرة ، وتفرغ لها نفسك ، وتبذل لأجلها جهدك ، وتخفف وربما تكفي لنيلها راحتك ؟ ألست إذا كان عندك مهمة في العمل لها أثرها في مرتبك ومرتبتك سهرت لأجلها الليل الطويل ، أو ذهبت إليها في منتصف الليل أو آخره ؟ وذلك لكي تنال منفعة عارضة لمرة واحدة فما بالك تترك المنافع العظيمة مع كل انبثاق فجر باستمرار لا انقطاع معه ، وكرم وعطاء لا يتبدل ولا يتغير .
وبا« أيها النائم استيقظ وبادر إلى الغنائم » .
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.37 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]