بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا تطحن برحاك؟
خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى الدائرة التي لا تسكن ولابد لها من شيء تطحنه، فإن وُضِع فيها حبٌ طحنته ، وإن وضع فيها تراب وحصى طحنته ، فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحب والحصى الذي يوضع في الرحى ، فمن الناس من تطحن رحاه حبا يخرج دقيقا ينتفع به وينفع غيره ، وأكثرهم يطحن رملا وحصى ، فإذا جاء وقت العجن والخبز تبيّن له حقيقة طحنه.
وذلك لأن مبدأ كل علم نظري ، وعمل اختياري ، هو الخواطر والأفكار ، وصلاح الخواطر يكون بمراقبة وليها وإلاهها ،والسعي لمرضاته ، فإنه سبحانه به كل صلاح ، ومن عنده كل هدى ، ومن توفيقه كل رشد .
فالإنسان خير المخلوقات إذا تقرّب من بارئه ، والتزم أوامره ونواهيه ، وعمل بمرضاته ، وآثره على هواه.
وشر المخلوقات إذا تباعد عنه ، ولم يتحرك قلبه لقربه وطاعته وابتغاء مرضاته.
فمتى اختار التقرب إليه ، وآثره على نفسه وهواه ، فقد حكّم قلبه وعقله وإيمانه على نفسه وشيطانه ،ومتى اختار البعد عنه ، فقد حكّم نفسه وشيطانه على قلبه وعقله ورشده.
واعلم أن الخطرات والوساوس ، تؤدي متعلقاتها إلى الفكر، فيأخذها الفكر فيؤديها إلى التذكر، فيأخذها التذكر فيؤديها إلى الإرادة ، فتأخذها الإرادة فتؤديها إلى الجوارح والعمل ، فستحكم فتصير عادة ، يصعب التخلص منها.
أتمنى أن تكون رسالتي وصلتكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته