عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 01-08-2009, 05:22 AM
أ. ناجي أ. ناجي غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
مكان الإقامة: liban
الجنس :
المشاركات: 130
الدولة : Lebanon
افتراضي رد: فلنضىء الشمعة، ولنصل الجمعة


متابعة الفصل الأول


فضـــــائل يــــــوم الجمـــــعة


أحبتي في الله، في معرض كلامنا السابق عن فضائل يوم الجمعة، اتضح لنا أن لهذا اليوم فضائل عظيمة، ليست ليوم غيره، إذ كان بدء خلق الإنسان، وإخراج آدم من الجنة، والتوبة عليه، وكذلك قيام الساعة، كل ذلك في هذا اليوم العظيم، كما أن فيه ساعة جليلة، من اغتنمها فاز فوزاً كبيراً، ألا وهي ساعة الإجابة.
ولكن، متى وقت هذه الساعة؟؟



هنا لنا الوقفة أحبتي في الله، لننظر إلى وقتها، الذي اُختلف فيه اختلافاً كثيراً، حتى لتصل الأقوال في وقتها، إلى حوالي الأربعين قولاً 1 والصحيح فيها أحد القولين، والله أعلم.


1- القول الأول: أنها من وقت جلوس الإمام على المنبر، إلى أن تقضى الصلاة.
وذلك لما ورد في صحيح مسلم، أن أبا موسى الأشعري، سمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة} 2
كما أخرج الطبراني عن عوف بن مالك، قال: {إني لأرجو أن تكون ساعة الإجابة في إحدى الساعات الثلاث، إذ أذن المؤذن، وما دام المؤذن على المنبر، وعند الإقامة} 3

والمعتمد في المذهب الحنفي أن أصح الأقوال فيها، فيما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة 4

2- القول الثاني: أنها بعد صلاة العصر، لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم.
{إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه، وهي بعد العصر} 5
{يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، فيها ساعة لا يوجد مسلم يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر} 6


ولنستمع معاً إلى حوار أبي هريرة مع عبد الله بن سلام، رضي الله عنهما، قال ابن سلام: " قد علمت أي ساعة هي، هي آخر ساعة في يوم الجمعة"، فقال أبو هريرة: " وكيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي)، وتلك الساعة لا يُصلى فيها " ؟
فقال ابن سلام: " ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم (من جلس مجلساً ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي) " ؟
لا، بل لقد ورد في ما يميز هذا اليوم عما سواه من الأيام، أنه لا تُكره فيه صلاة بعد الصبح، ولا بعد العصر، لما أخرجه ابن شيبة عن طاووس: " يوم الجمعة صلاة كله " 7

وورد أن بعض الصحابة اجتمعوا فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، ولم يختلفوا أنها آخر ساعة بعد العصر 8
وأياً ما كان الأمر، وسواء أرجح هذا القول لدينا أو ذاك، فما من شيء يمنع التماس ساعة الإجابة في هذين الوقتين، وإنما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة، ليجتهد في جميعه 9


نعم، قد رأينا أيها الإخوة أن الله سبحانه وتعالى جعله من الأمور التي أقسم بها في القرآن الكريم،إذ قال عز وجل: (وشاهد ومشهود) 10
وما دمنا قد فتحنا كتاب الله العزيز، فلننتقل إلى جزء المجادلة، ونراجع سوره، لنرى أن الله عز وجل أسمى سورة في القرآن باسمه، دون أيام الأسبوع جميعاً 11


أيها الأحبة في الله، لا يتمثل عظمة الصلاة وتفضيلها عما سواها، في صلاة الجمعة فقط، ولا لأن القراءة فيها جهرية، بعكس قراءات النهار جميعاً 12، بل نزيد على ذلك، ونرجع إلى أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، لنقرأ معاً ما يلي: {ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفوراً له} 13


ليس هذا فحسب، بل إن الله عز وجل فضل لنا هذا اليوم على أتم وجه، فحتى الذكر بعد الصلاة، وما نعلمه من ثوابه، فإن له لوناً آخر نهار الجمعة، فأفضل الذكر ثواباً ما كان بعد صلاة الجمعة، لما روي من حديث أنس مرفوعاً: {من قرأ إذا سلم الإمام يوم الجمعة، قبل أن يثني رجليه فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد والمعوذتين سبعاً، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأعطي من الأجر بعدد من آمن بالله ورسوله } 14

وكذلك الذكر الموجب للمغفرة، نراه ماثلاً أمامنا يوم الجمعة، إذ أخرج الطبراني عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من قال قبل صلاة الغداة يوم الجمعة ثلاث مرات: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفرت ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر} 15



تابعوا الفصل الثاني أكرمكم الله



1- فتح الباري: 2\416
2-صحيح مسلم- كتاب الجمعة- باب الساعة التي في يوم الجمعة
3- اللمعة في خصائص الجمعة: 1\ 83
4- حاشية ابن عابدين: 2-164
5- مسند الإمام أحمد: 10292
6- النسائي- كتاب الجمعة- باب الجمعة
7- اللمعة في خصائص الجمعة: 1\122
8- تحفة الأحوذي: 2\504، 505
9- حاشية الطحطاوي: 1\461
10- سورة البروج، الآية رقم 3
11- السورة رقم 62 في ترتيبها في المصحف، التي نزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة النبوية الطاهرة
12- اللمعة في خصائص يوم الجمعة: 1\20
13- المرجع نفسه: 1\19
14- المبدع: 2\ 171
15- اللمعة في خصائص يوم الجمعة: 1\100
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.42 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.37%)]