
27-07-2009, 09:34 PM
|
 |
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة :
|
|
رد: أشكُو إليكَ زَوْجي
لا يبالي بتربية الأولاد، ويعتمد في ذلك عليَّ بمفردي ومعلوم أن الأب إذا تخلى عن القيام بواجباته التربوية تجاه أولاده؛ فإن ذلك يعيق نموهم الخُلُقي والفكري والجسمي
من الثغرات الخطيرة في بيوتنا هي تخلي الأبوين عن تربية الأولاد، أو عدم تعاونهما في تربية الأولاد، وذلك بسبب عدم وضوح الرؤية عندهما أو عند أحدهما في منهج التربية وأسلوبه فينشأ الأولاد وقد تربوا على المجلات وشرائط الأغاني وأصدقاء السوء وتقليد الكفار والتشبه بهم، وهذا هو الواقع الملموس الذي نراه اليوم في كثير من الأولاد.
(أصبح رب الأسرة وفي معظم الأحيان ـ عاجزًا عن أن يجد الوقت الذي يجتمع فيه بنفسه أو بأفراد أسرته يوجههم ويحدثهم ويستمع إليهم، حتى إن زوجته لا يتاح لها أن تجلس معه وتتفاهم معه على الخطة الرشيدة التي يجب أن يسير بموجبها أفراد الأسرة، ففي الصباح يسارع إلى عمله الدنيوي، ولا يعود إلا لتناول طعام الغذاء وأخذ قسطٍ من الراحة تُمنع خلاله الحركات والهمسات، ولا يعود في المساء إلا في ساعة متأخرة من الليل ليجد أهل البيت نيامًا.
وإذا كان هذا الوضع مستنكرًا صوره من عامة الناس فإنه من المتدينين أشد، واللوم لهم أكثر؛ ذلك لأن الأخ المتدين سيجد نفسه ـ بعد مدة ـ في واد، وزوجته وأولاده في وادٍ آخر، سيندم ولات ساعة مندم. ومن المؤسف أن هذا الشغل لم يقتصر على الرجل بل شمل في بعض الأسرة المرأة التي تترك بيتها سحابة النهار وتكل تربية أبنائها وإعداد بيتها للخادمة، فيكون ذلك من الضياع التام.
والشغل متنوع، وأكثره في الدنيا والكسب، غير أن هناك نوعًا غريبًا جدًا من أنواع الشغل، وهو ما يكون للدعوة وإصلاح الناس. وذلك خطأ في تصور الدعوة والعمل فيها، والمرء مطالب بأن يصلح أهله أشد المطالبة، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم:6]. ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طـه: 132]، وهذا الإهمال لأهله سيوقعهم في الانحراف والمخالفة، وعندئذ لا يقوى على الاستمرار في الدعوة إلى الله، إذ سرعان ما تلوكه الألسنة، ويقال له: إن كنت صادقًا فأصلح بيتك، ويكون هذا الوضع الخاص مضعفًا لتأثيره في الناس؛ لأن معنى القدوة يفوت بوجود مثل هذا الوضع، ويكون ذلك سببًا في أن يتعكر صفوه، وتتنغص عليه لذاته، وفي أن تتولد فيه عقد، وتواجهه مشكلات، قد تحول بينه وبين الاستمرار في الدعوة)([1]).
إن للأب في الإسلام مكانة عظيمة وجليلة، فهو القائم على أسرة مكونة من زوجة وأولاد وخدم ـ إن وجدوا ـ وهو مسئول عنهم، وعن استقامتهم على منهج الله عزَّ وجلَّ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته))([2]). أي أنه سيُسأل يوم القيامة عن هذه الرعية، هل حفظها بحفظ الله، أم ضيَّعها بإهماله لها؟
من هذا المطلق يتبين للأب المسلم مدى اهتمام الشريعة به، والمقومات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها، وواجباته الأسرية ومهامه تجاه تربية أولاده.
ومن النصائح المهمة والتوصيات التي تُبصر الأب بأولويات المهام والمسئوليات التي لابد له من أخذها في الاعتبار عند تربية أولاده:
(1ـ يوجب الإسلام على الأب تعليم ولده وتأديبه، وتعريفه أحكام الحلال والحرام مما يتطلب علم الأب بهذه الأحكام ومعرفته بها، لهذا يُوصي الأب بأن يطلع على التشريعات الإسلامية، خاصة الأساسية منها، ليتمكن من تعليم أولاده ـ منذ حداثتهم ـ أحكام الحلال والحرام في صورة مبسطة سهلة يمكنهم إدراكها واستيعابها. ومن ثمَّ متابعتهم في العمل بها وتطبيقها في واقع الحياة.
2ـ يُعتبر التلقين لأساسيات الدين ومفاهيمه الكبرى في مرحلة الطفولة وسيلة هامة من وسائل التربية الفكرية، فكل ما يتلقاه الولد الصغير من معلومات ومفاهيم تُسجل في حافظته، وتُنقش في قلبه، فإذا كبر عقلها بصورة أفضل، وطبقها بصورة أحسن، كما أن اقتناعه وقبوله لهذه المعلومات والمفاهيم سهل ميسر في هذه المرحلة، وبناءً على ذلك يُوصى الأب بوضع هذه المفاهيم موضع الاعتبار عند ممارسته للتربية.
3ـ تؤثر اللغة المستخدمة مع الطفل على فكره وخلقه ونموه العقلي، فهي الأوعية والقوالب التي تنقل الاعتقادات والرموز والأفكار والتصورات من جيل إلى جيل، لهذا يُوصى الأب بحسن استخدامها، واختيار أفضل الألفاظ، وأثرى العبارات المهذبة، مع التركيز على طول الجمل الكلامية عند مخاطبة الولد، وتنويع الكلمات والعبارات، وذلك ليتزود الولد بالمعلومات الجديدة حول طريقة اللفظ، والتعرف على مفردات جديدة تثري مخزونه من الكلمات، وتعرفه أساليب عرض المعلومات.
4ـ يُعد التقليد الأعمى، واتباع الهوى، وانحراف المدرسة الحديثة من معوقات التربية الفكرية للولد، مما يتطلب توصية الأب بتنمية شخصية الولد، ورفع معنوياته، وبذر روح الطموح والمثابرة وعُلُوّ الهمة في نفسه وعقله، ليواجه بقوة هذا الانحراف، مع حفظه وحمايته من انحرافات المدرسة، بحسن اختيارها، ومتابعة مناهجها، وتزويد الولد بالقدرات والمهارات الفكرية اللازمة، ليتمكن من التمييز بين الحق والباطل من المعلومات والأفكار والتصورات التي يتلقاها من أساتذته.
5ـ أثبتت بعض البحوث الميدانية أن الفراغ من أهم أسباب الوقوع في المعاصي والمنكرات، والانحرافات الخلقية والسلوكية المختلفة، ويرجع سبب وجود هذا الفراغ إلى عدم معرفة الهدف الصحيح والغاية من الحياة، وعدم وجود التصور الواضح المتكامل لهذه الحياة، والجهل بمهام الإنسان ومسؤولياته في هذا الكون، فأدى الجهل بهذه المفاهيم إلى أن تصل ساعات الفراغ عند بعض فئات الشباب إلى أربع ساعات يوميًا، وسبع ساعات في أيام الأجازات، مما ينذر بخطورة سوء استغلال هذه الأوقات الطويلة فيما لا يعود بالخير على النفوس والأوطان.
وليس ثمة حل لهذه المشكلة سوى أن يُوصى الآباء بإشغال هذا الوقت الطويل لدى أولادهم من خلال إقامة النشاطات في جداول زمنية منظمة تكفل شغل كامل يوم الولد دون ثغرات.
6ـ تشكل ظاهرة انتشار الخادمات الأجنبيات خطرًا فادحًا على عقيدة الولد وخلقه وثقافته، خاصة اللاتي لا يُجدن اللغة العربية منهن، وقد دلت البحوث الميدانية بمنطقة الخليج على أن أكثرهن غير مسلمات، ولديهن اهتمام بعقائدهن وشعائرهن التعبدية، إلى جانب ثبوت انحرافات خلقية وسلوكية عند كثير منهن، مما يشير إلى مدى الخطورة المتوقعة من أمثالهن على الأولاد.
ولا شك أن الأب هو المسؤول الأول عن تربية أولاده، ورعايتهم وحفظهم من الانحرافات، لهذا يُوصى الأب بأن يحرص غاية الحرص على حسن انتقاء الخادمة المسلمة العربية ـ إذا دعت الحاجة ـ الملتزمة شرع الله، والكبيرة السن، والعارفة بشؤون تدبير المنزل، والمتزوجة مع مراعاة عدم تكليفها شيئًا من شؤون تدبير الأولاد المباشرة)([3]).
([1]) نظرات في الأسرة المسلمة، دكتور محمد لطفي الصباغ ص29، 30.
([2]) رواه مسلم (20).
([3]) مسئولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة، عدنان حسن صالح باحارث ص577ـ 579.
|