عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 27-07-2009, 09:33 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أشكُو إليكَ زَوْجي

لا يشاركني آلامي، ولا يخفف عني أحزاني
ولا يُطيب خاطري ولو بالكلمة الطيبة،
لا يشعرني بحنانه ولطفه وخوفه عليَّ

إن أساس حسن عشرة الرجل لزوجته: حسن الخلق، فهو أساس صرح الحياة السعيدة داخل البيت، ومن مظاهر ذلك: الوقوف بجانب الزوجة، فقد تمر بها أزمات من مرض أو مشكلات، فتبقى تعيسة الحال، صريعة الصداع والدوار، تحتاج بشدة إلى من يقف بجانبها، يزيل عنها آلامها ويخفف عنها، يوصيها بالصبر والأجر عليه، يذكرها بالله، وذلك ببسمة حانية، وقلب رقيق يخاف عليها، وعاطفة جياشة تشعر بآلام الغير حتى لو لم يصرح.
إن تطييب خاطر الزوجة بالكلمة الطيبة، والبسمة الحانية، والهدية الجميلة، يمسح عنها ولا شك عناء الآلام، ويداوي الأسقام، ويضمد القلب المكلوم، فحينئذ تتبدل الهموم أفراحًا، والأحزان سرورًا، والتعاسة سعادة.
ولماذا يبخل الزوج على زوجته بذلك وهي حبيبته، وأم أولاده؟!
لماذا لا نتخذ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم القدوة في معاملة زوجاتنا؟!
اشتكت عائشة رضي الله عنها يومًا فقالت: وا رأساه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذاك لو كان([1]) وأنا حي، فأستغفر لك وأدعو لك)).
فقالت: واثكلاه، والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسًا ببعض زوجاتك.
فقال صلى الله عليه وسلم: ((بل أنا وارأساه))([2]).
أرأيت أخي الحبيب إلى هذا الحنان وتلك المشاركة في تطييب الخاطر.
وعن عثمان بن عبد الله بن موهب، في حديث طويل قال: وأما تغيبه ـ يعني عثمان بن عفان ـ عن بدر، فإنه كان تحته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أقم معها، ولك أجرٌ ممن شهد بدرًا وسهمه))([3]).
فهذا مثال عملي نهديه للرجال ونعلمهم فيه: كيف بلغ الحنان برسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المكانة العالية، أن حثَّ عثمان رضي الله عنه على البقاء مع زوجته المريضة مشاركة لها في أزمتها، وتخفيفًا لآلامها، وتطييبًا لخاطرها.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: اعتل بعير لصفية بنت حيي، وعند زينب فضل ظهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب: ((أعطها بعيرًا)). فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية. فغضب صلى الله عليه وسلم فهجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر([4]). فلنتأمل كيف طيَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطر صفية المكلومة بهجر زينب رضي الله عنها هذه المدة.
وعن أنس قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: إنها بنت يهودي، فبكت فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: ((ما يبكيك؟)) قالت: قالت لي حفصة: أنت ابنة يهودي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، فبم تفتخر عليك)). ثم قال: ((اتق الله يا حفصة))([5]).
فلننظر كيف عالج الرسول صلى الله عليه وسلم الأمرين بين زوجتيه، وكيف انتصر للمظلومة وطيَّب خاطرها بجميل الكلام، وكيف أوصى المخطئة بتقوى الله تعالى؟
إن الزوج العاقل هو الذي يعالج الأمور داخل بيته بحكمة القائد الراعي، وبرقة الزوج المحب، يطيب خاطر الزوجة المكلومة بحكمة ولطف، ويعاتب المخطئ بلا عنف، ويعاقب بلطف ويواسي بحنان، ورقة، هو الزوج الذي يجنب نفسه وأهل بيته منغصات ومشاكل لا داعي لها، بل ويبدل ذلك سعادة وهناء.
ومن المظاهر الطيبة الجميلة في تطييب خاطر الزوجة؛ الهدية لاسيما إذا كان قد أخطأ في حق زوجته، أو أساء إليها، أو جرح مشاعرها، وأهانها.
ولماذا لا يتنازل الرجل عن كبريائه، ويعتذر بكل رجولة عن خطئه، ويرجع إلى الحق، أو يخفف من وقع كلماته القاسية أو يده الطائشة مما يدخل على قلبها الفرح والسرور، ويجعلها تنسى ما حدث وتصفح عنه؟!
فهيا أيها الأزواج عَودوا أنفسكم ودَربوها على هذا السلوك الراقي وهو تطييب الخاطر، لتنحسر المنغصات، وتقل المكدرات، ويتجنب البيت ويلات شقاق وشجارات وجحيمًا لا يطاق.
وفي حديث أم زرع المشهور عند البخاري ومسلم قالت المرأة السادسة: "زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يُولج الكف ليعلم البث".
فهي تصف زوجها أنه إذا أكل مرَّ على جميع ألوان الطعام التي على السفرة فأكل منها جميعًا فهو أكول، وهو أيضًا نهوم، فإذا شرب شرب الماء عن آخره، وإذا أراد أن يضطجع التف في اللحاف والفراش وحده بعيدًا عنها.
ولا يولج الكف ليعلم البث؛ أي لا يدخل يده إلى جسدها ويرى ما هي عليه من حال وأحزان، فهي تصف زوجها بما يُذم به الرجل وهو كثرة الأكل والشرب، وعدم الاكتراث بها.
&&&
أين كلمات الثناء والتشجيع التي تدفعني إلى النشاط
وتبعث فيَّ البهجة والسرور، وتقوي من عزيمتي،
وتعلي من همتي

لا يخفى على أحد دور الكلمة الطيبة في إذكاء روح الحب والتوادد بين الناس، فما بالنا لو كان ذلك بين الزوجين، وبصفة خاصة من الزوج لزوجته. أين الإشادة بعملها داخل البيت (لو سأل كل رجل نفسه: كم مرة أثنى على وظيفة زوجته في منزلها لوجد أن رصيده من هذا القبيل متواضع، فالكل يعرف دور التشجيع وأثره في حفز الهمم، وبعث النشاط، فهو الوقود الذي يحرك الحياة، ويبعث فيها البهجة والسرور والحيوية والنشاط.
والزوجة كغيرها تتمنى أن يحس الآخرون بدورها وبوجودها، ويدفعونها إلى دورها الإيجابي عبر الإحساس بكيانها ومهمتها ورسالتها.
الزوجة تحمل شخصية مستقلة ولها آراؤها وأفكارها التي تناسبها، ولكنها في الغالب رقيقة المشاعر والعواطف سهلة القيادة لمن يحس فن القيادة. فمن السهل أن تحركها للهدف الذي تريد إذا استطعت أن تستحوذ على عواطفها وتسيطر على وجدانها وتسير عبر أفكارها إلى ما تنشد. فالزوجة لا تعكر على زوجها الحياة لأنها تكرهه، ولكن تفعل ذلك تحت ضغط الظروف النفسية والجسمية بسبب طبيعتها كأنثى؛ فالضعف يولد القلق، وآلام الدورة الشهرية وظروفها تدفع إلى العصبية، وضوضاء الأولاد يقضي على رصيد المرأة من الصبر والقدرة على التحمل.
إذا كانت المرأة هي أول من يقوم من أهل البيت وآخر من ينام، ألا تستحق هذه التضحية الدائمة التقدير والاحترام وكلمة تشجيع واحدة من زوجها يحسسها بما تقوم به من دور فعال ومؤثر لخدمة العائلة تنسيها المتاعب وتجدد من حيويتها ونشاطها وتمنحها الثقة والقدرة على مضاعفة الاحتمال. كل أهل البيت يمرضون وتسير عجلة الحياة في البيت، ولكن عندما تمرض الزوجة تتوقف الحياة. ثم بالتالي فإن المرأة لها المفاهيم والأفكار الخاصة بها التي تدافع عنها انطلاقًا من نظرتها للحياة وفهمها لها حسب مكوناتها وتجاربها.
الزوجة تملك مواصفات جمالية متنوعة، ألا يستحق جمالها الإشادة به حتى يستمر في بريقه، تقول بعض الزوجات: كثيرًا ما تقف الواحدة منا أمام زوجها وقد وضعت مسحة كبيرة من الجمال على جسمها، ولبست أغلى وأحلى ملابسها وأنفقت كثيرًا من وقتها وجهدها، ثم تقف أمام جماد لا ينبض بالحركة، أين مشاعر وأحاسيس هذا الزوج هل دفنها بعد ليلة الزواج؟ أم أن مشاعره تتحرك وتود أن ترى النور ولكنه لا يستطيع أن يبوح بها بسبب العادة، تتمنى المرأة أن تدفع الكثير لتسمع من زوجها شعوره نحوها وإحساسه بها. تقول زوجة: كم أتمنى أن يطربني زوجي بكلمة إعجاب واحدة لأعلقها وسامًا غاليًا في منزلي.
قامت زوجة بالإشادة بجمال صديقتها فقالت لها بعد أن شكرتها: يا ليت زوجي يشوف بعيونك، ردت عليها الأخرى قائلة: مسكينة تلك المرأة الجميلة التي يكون زوجها أعمى لا يرى.
بعض الرجال يلوم الزوجة على عدم اهتمامها بنفسها والتجمل له، ويتساءل لماذا تهتم زوجتي بنفسها عندما تزور أقاربها وربما كان الجواب هو أنهم يشعرونها بجمالها، وكثير من الرجال لا يفعل ذلك بسبب المورثات التي عاشوها وتربو على ضفافها. فمن النادر أن يشاهد الإنسان والده أو قريبه أثناء الطفولة مثلاً يتغنى بجمال زوجته.
والمرأة تتألم من جفاء الرجل لها وعدم إحساسه بها.
قيل لامرأة: كم أنت جميلة جدًا! قالت: إن زوجي يرى كل شيء إلا جمالي فهو مصاب بعمى الجمال. وسألت امرأة زوجها: لماذا لا يشيد بجمالها كما كان يفعل قبل الزواج بها؟ قال مازحًا: لقد نضبت الكلمات من بحر حب كنت أملكه كسلاح لإدخالك قفص الزواج وأشبك فيك رباطه، وقد حققت ذلك، فلماذا أضع الطعم للسمكة بعد صيدها)([6]).
تقول إحدى السيدات: "المرأة تحب وتكبر من يحترم جمالها، ويهتم بأناقتها وملابسها، ويتفاعل مع دلالها. المرأة تسعد كثيرًا عندما يثني الزوج على ملابسها وأعمالها. المرأة تتعب في تجميل نفسها، وتحسين صورتها، وتحتاج إلى قطف ثمار هذا الجهد بكلمات تقدير وثناء.
المرأة تحتاج إلى إشباع بعض غرائزها العاطفية عبر الإحساس بوجودها، والإحساس بجهودها واحترام مجهودها. المرأة تحب أن تعرف صورتها وحجمها من أقرب المحيطين بها وأولهم زوجها. إن التشجيع والمرح يدفع الزوجة إلى الحماس في تحسين صورتها الشكلية والمعنوية أمام زوجها)([7]).
فهلا استفاد الأزواج من هذه النصيحة، والتي ترسلها لهم زوجة كهدية في كيفية معاملة زوجاتهم.

&&&


([1]) أي: لو كان هذا مرض الموت وأنا حي لأستغفر لك.

([2]) متفق عليه.

([3]) رواه البخاري.

([4]) رواه أبو داود.

([5]) رواه النسائي والترمذي.

([6]) الشهد والشوك في الحياة الزوجية، صالح بن عبد الله العثيم ص114ـ 116.

([7]) الشهد والشوك في الحياة الزوجية، صالح بن عبد الله العثيم ص114ـ 116.


رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]