عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 24-07-2009, 11:10 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب سيماهم في وجوهم د. عائض بن عبد الله القرني

دروس من سيرة الإمام أحمد :
الدرس الأول : من سريته ، رحمه الله ، أن الرفعة من الواحد الأحد وان من يحفظ الله يحفظه .
الدرس الثاني : أن الدنيا لا تساوي جناح بعوضة وقد خلقها وما التفت إليها منذ خلقها .
الدرس الثالث : أن العلم النافع : العلم الصحيح ، العلم القويم ، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
الدرس الرابع : أن من أراد الرفعة ، ومن أراد المنزلة ، ومن أراد المكانة عند الله ، فعليه أن يتواضع ، وعليه أن ينزل نفسه ، وعليه أن يلغي اعتباراته ليرفعه الله .
الدرس الخامس : انك كلما سجدت لله سجدة ، رفعك بها درجة ، وهذا الإمام يصلي لله كل يوم ثلاثمائة ركعة ؛ لأن كل سجدة بدرجة عند الواحد الأحد .
الدرس السادس : أن في سير هؤلاء زكاة للقلب ، وتربية للروح وهداية إلى الواحد الأحد ، فطالعوا أخبارهم ، وتلمحوا سيرهم، وكونوا متشبهين بهم ، لعل الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل .

*****************************
حياة شيخ الإسلام
ابن تيمية

هو إمام عملاق ، وجهبذ قدير في هذا الدين .
وهو مجدد من المجددين ، وزاهد من الزاهدين ، وعابد من العابدين ، وعالم من العاملين بعلمهم .
هو .. ابن تيمية .
اسمه : أحمد بن عبد السلام ابن تيمية الحراني ، ولد سنة 666 هـ ، وتوفي سنة 728هـ ، ولكن قبل أن نبدأ في ترجمة الرجل ، لا بد أن أبين لكم عناصر لا بد أن تعرفوها:
العلماء هم الدعاة ، والدعاة هم العلماء ، فلا دعوة إلا بعلم ،ولا علم إلا بدعوة .
قال الله تعالى لائما بني إسرائيل ، لما توقف علماؤهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (المائدة:63)
ويقول سبحانه وتعالى {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ } (آل عمران: من الآية 187).
العلم الذي لا ينشر بين الناس ،ولا ينفق منه كنز مشؤوم على صاحبه .
يقول الأندلسي أبو إسحاق يوصي ابنه لطلب العلم ،ويمدح العلم :
هو العضب المهند ليس ينبــــو *** تصيب به مضارب من ضربت
وكنز لا تخاف عليه لصــــا *** خفيف الحمل يوجد حيث كنـت
يزيد بكثرة الإنفاق منـــه *** وينقص إن به كفا شــددت

ولتهاون العلماء بالدعوة هزمت الأمة .
فما تأخرت أمة الإسلام ، ولا انهزمت أمة الإسلام إلا بسبب نكوص العلماء عن إبلاغ دعوة الله ،وعدم جلوسهم مع الأمة .
يقول الله تعالى : {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (لأعراف:175- 176) .
معنى الآية : أن مثل هذا العالم الذي ما نفع نفسه ، ولا نفع الأمة مثل الكلب ، فالكلب تجعله في الشمس أو في الظل فهو يمد لسانه أبدا .
* نشأة ابن تيمية :
ولد في بيت ملتزم ؛ بيت متقي ، بيت عابد زاهد ، يريد وجه الله ، والدار الآخرة .
ومنذ كان عمره ثمانية سنوات ، كان يمرغ وجهه في التراب مع الفجر ويقول : ( يا معلم إبراهيم علمني،ويا مفهم سليمان فهمني ).
فعلمه معلم إبراهيم ، وفهمه مفهم سليمان ،وأعطاه علما لا كالعلوم ،وأعطاه فهما لا كالإفهام .
علم وفهم اخترق بهما ما يقارب سبعة قرون ، حتى أصبح مجددا لمئات السنون ،حتى يقول مستشرق فرنسي يترجم لأبن تيمية : ( ابن تيمية وضع ألغاما في الأرض ، فجر بعضها ابن عبد الوهاب وبقي بعضها لم يفجر ).
* مؤهلاته :
أما مؤهلاته في مجال الدعوة فهي خمس مؤهلات :
1- الإخلاص ، والتجرد ،والنصيحة ،وقصد وجه الله عز وجل ، فهو يريد الدار الآخرة ، ويريد ما عند الله ، وهو دائما وأبدا ينصح غيره بأنه ينبغي الاعتناء بقوله صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم ، إخلاص العمل لوجه الله ، ومناصحة ولاة الأمور ،ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيد من وراءهم )).
ويقول ابن تيمية : بعض الناس يتعصب لهوى ، أو مذهب ،أو طائفة ، أو حزب ،فيجعلها هي المقصود بالدعوة ،وهذا خطأ بين ، أن المقصود بالدعوة ، هو : الله سبحانه وتعالى ، وليس الحزب ،وليست الطائفة، وليست الفرقة ، وليس الرأي الذي يدعو إليه .
ويقول أيضاً من أراد المنصب فليعلم انه لا يحصل على منصب أعلى من فرعون ،ولكن أين فرعون ؟ انه يعرض على النار غدوا وعشيا . { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر: من الآية 46) .
وإن كنت تريد المال ، فاعلم أن قارون حصل على مال كثير ، لا تحصل عليه أنت ، خسف به الله الأرض، فماذا نفعل ؟
قال : فعليك بإخلاص العمل لوجه الله، فإن وجهه هو الباقي وما سواه فإني.
2- من مؤهلات ابن تيمية : العمل بعلمه ، وتقواه لربه تبارك وتعالى ، فعلم ليس فيه عمل ، وليس فيه خشية ، وليس فيه امتثال ، إنما هو معلومات مجردة يحفظها الإنسان في ذهنه ، ولا تنفعه أبدا ، ولا تقربه من الله سبحانه وتعالى .
فأما عمله – أي :ابن تيمية – بعلمه فله جوانب :
الأول : الزهد ،فقد كان منقطع النظير في الزهد ، فما تولى منصبا في حياته على الإطلاق .
وكان له ثوب ابيض دائم ، وله عمامة بيضاء ،وكان ربما يرتدي في البرد ثوبين .
يقال : مر في سكة من سكك دمشق ، فمر به سائل يسأله فبحث في جيوبه ، فلم يجد شيئا من الدراهم،ولا الدنانير، فاختفى وراء سور هناك ثم خلع ثوبه الأعلى وأعطاه المسكين!!
يقول صاحب (( الأعلام العلية )): تأتيه الدنيا ؛ الذهب والفضة والخيول والحواري ، إلى غير ذلك ،فينفقها في ساعتها ،ولا يدخل ولو درهما عنده .
الثاني : في الشجاعة : فقد وقف مع سلطان المغول ، لما دخل دمشق ، وحدثه بقوة وجرأة منقطعة النظير .
ولما دخل التتار بلاد المسلمين ،جمع الناس ، وقام وسل سيفه. وقال : أيها الناس ،افطروا هذا اليوم – ليتقووا على القتال – ثم تناول كوبا من الماء ، فأفطر أمام الناس ، فأفطروا ، ثم قال للسلطان : عليك أن تنزل الجيش من الثكنات للقتال ، فأنزل السلطان الجيش ، وبدأت المعركة ،وشيخ الإسلام في المقدمة .
وكان يقول : والله ، لننتصر في هذا اليوم ، فيقول تلاميذه له : قل إن شاء الله .
قال : تحقيقا لا تعليقاً.
أما مؤهلاته في عالم الأخلاق ، فان الله قد آتاه الخلق الحسن ، لولا الحدة التي تعريه ، والحدة في الرجل لقوته ،حتى يقول شاعر اليمن يمدح شيخ الإسلام .
وقاد ذهن إذا سالت قريحتـــه *** يكاد يخشى عليه من تلهبه
وقد كان عنده من الصبر الشيء العجيب
يقول ابن القيم : مات أحد أعدائه من العلماء فأتيت أبشره .
قال : فاحمر وجهه ودمعت عيناه ،وقال : تبشرني بموت مسلم ، ثم قام فقمنا معه ، حتى ذهب إلى بيت خصمه ،فعزى أهله ودعا لميتهم ، فبكى أهل بيته، وتأثروا من هذا الموقف ، بالأمس كان أبوهم ألد الأعداء لابن تيمية ، واليوم يقول ابن تيمية هذه الكلمات الطيبة . {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: من الآية34) .
3- المؤهل الثالث لابن تيمية في مجال دعوته : اعتصامه بالكتاب والسنة ، ومن ضمن أقواله : وعلى طالب العلم : أن يعتصم بدليل في كل مسالة ، وان يترك كل دليل ،أو كل رأي يخالف ما فهمه من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فإنه المعصوم .
ولما اعتصم بالكتاب والسنة ، رزقه الله سبحانه وتعالى تمييزا وذكاء وفهما .
ويقول : أهل السنة والجماعة وسط في الأسماء والصفات ، ووسط في الوعد والوعيد ، ووسط في الإيمان ، ووسط في القدر ، ووسط في الأمر بالمعروف ،ووسط في الفقه .
4- العامل الرابع من عوامل مؤهلاته في عالم الدعوة : صدق اللجوء وقوة التوكل .
فقد كان يذكر الله بعد صلاة الفجر دائما ، هذا غذاؤه .
ويقول: لو لم أذكر الله لخارت قواي .
ويقول لابن القيم: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .
ويقول : إنها لتصعب على المسالة، فاستغفر الله ألف مرة،أو اقل أو أكثر ، فيفتحها الله علي .
ولذلك أورد عنه ابن القيم في (( مدارج السالكين)) انه أن يقول : يا حي يا قيوم ،لا إله إلا أنت برحمتك ،أستغيث أربعين مرة ،أو أكثر أو اقل .
وذكر عنه الذهبي : أن عيناه كانت كأنها لسانان ناطقان من كثرة الذكر .
وقال الذهبي عنه : لو حلفت بين الركن والمقام إني ما رأيت كابن تيمية لصدقت ، ولو حلفت من الركن والمقام انه ما رأى مثل نفسه لصدقت .
وقال له تلاميذه : نراك ما يفتر لسانك من ذكر الله .
قال : قلبي كالسمكة ، إذا خرجت من الماء ماتت ، وقلبي إذا تركته من الذكر مات !
ويقول ابن القيم عنه : رأيته في السجن ،وهو ساجد يبكي ،ويقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك . يرددها طويلا .
وأما صلاته ، فكان يصلي في بعض الأحيان بالناس في مسجد بني أمية في دمشق ، فكان إذا قال : ( الله أكبر ) رفع صوته حتى سمعه من في الطرقات ، فتكاد تنخلع القلوب إذا كبر .
ويروي ابن القيم في ( روضة المحبين ) ، عن تقي الدين بن شقير ،انه رأى شيخ الإسلام ابن تيمية صلى صلاة العصر في مسجد بني أمية ، ثم خرج إلى الصحراء وحده ، قال تقي الدين بن شقير وكان من تلاميذه : فخرجت وراءه ، حيث أراه ، ولا يراني ، فلما توسط الصحراء رفع طرفه إلى السماء وقال : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، ثم بكى ثم قال :
وأخرج من بين البيوت لعلنــــي *** أحدث عنك النفس بالسر خاليا

ولذلك يقول ابن رجب :أن من الأسباب التي حمته ومنعته من كيد الأعداء : كثرة الذكر والأوراد ؛ التي ما كان يخل بها .
5- العامل الخامس : من مؤهلات ابن تيمية ، رحمه الله ، في مجال دعوته معرفته الواسعة بحال عصره وواقع أمته .
فبعض الناس يعيش في هذا العصر ، وكأنه يعيش في القرآن الثالث ، ولكن ابن تيمية يعيش في القرن السابع ، ويعرف مشاكله ،ومتطلباته ، وماذا يريد منه أنباء العصر ، ولذلك عرف الكتاب ولسنة ،وعرف هذا الدين ثم أتى يتكلم بهما للناس بما يحتاجه العصر .
ولذلك كتبه تدل على هذا ،ويأتي على رأسها كتاب (( اقتضاء الصراط المستقيم ))، الذي سماه محمد حامد الفقي ( القنبلة الذرية) !! فهذا الكتاب ألفه ليواجه به الجاهلية التي كانت في عصره .
فمعرفته لواقعه ، وحال عصره ،أفاده بان يضع الدواء على الداء فنفعه الله في ذلك ، وقد حل كثيرا من مشكلات عصره ، وصحح كثيرا من الأخطاء التي عاشها في عصره ، وعالج كثيرا من الأمراض التي رآها في عصره، رحمه الله رحمة واسعة .
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]