عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 23-07-2009, 05:22 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محرمات متمكنة في الأمّة (للشَّيْخِ العلاّمةِ بن جبريل رحمه الله)

« السّيئات والمحرمات من كبائر الذّنوب » :

وقد ورد في بعض الأحاديث : ما أخذ الله قوما إلا عند غرتهم وغفلتهم وسلوتهم والأخذ هنا العقوبة، أي: ما عاقبهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر إلا بعد أن يركنوا إلى الدنيا ويطمئنوا إليها، ويظنوا أنهم يتمتعون فيها.

واقرأ قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [ سورة الأعراف: 166 ]
واقرأ قول الله تعالى عن الذين مضوا : ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [ سورة الأنعام، الآيتان : 43، 44 ]
و ﴿ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً يعني على حين غرة وعلى حين غفلة، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، أو أخذهم بالتدريج وعاقبهم عقوبة بطيئة لم يتفطنوا لها حتى بغتهم أمر الله.
وهذا ونحوه يدل على أن السيئات والمحرمات من كبائر الذنوب وأن بسببها تنزل العقوبة العاجلة أو الآجلة، وإذا أمهل للعاصي ومات وهو في طغيانه وعلى كفره وعناده وظلمه وعدوانه فلا يأمن أن يعاقب في الآخرة فإن عذاب الآخرة أشد وأبقى.
وكثيرا ما يذكر الله العذاب الأخروي الذي هو عذاب النار وبئس القرار، وذلك لتخويف العباد حتى يعودوا إلى الحق ويعبدوا ربهم وحده لا شريك له، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [ سورة الزمر: الآية 16 ].
فيجب علينا أن نخاف من عذاب الدنيا أن يعاجلنا الله به، كما عاجل الأمم السابقة الذين عتوا وبغوا وطغوا وتعدوا، أو نخاف من عذاب الآخرة إذا بقينا على هذه المعاصي والمحرمات، فنخاف أن يعاقبنا الله عقوبة أخروية وهي أشد وأبقى من عقوبة الدنيا.
هذا ما أحب أن أقوله في آثار الذنوب والمعاصي، وللذنوب آثار كثيرة وعظيمة وقد قص الله تعالى علينا عقوبة الذين كذبوا وكيف أخذهم لما كذبوا ومكروا وردوا رسالته على رسله، فأنزل بهم أنواع العقوبات التي ذكرها في كتابه العزيز.


« من المحرمات المتمكنة في الأمّة السّبع الموبقات » :

إن المحرمات المتمكنة في الأمة كثيرة، وإن المسلم ليحذر أن يركن إلى شيء منها فيكون من أهل العقوبات، وقد وردت الأدلة في ذكر أنواع السيئات للتحذير منها ولعقوبتها ولشدة العذاب عليها، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: « اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات » متفق عليه.
وذلك لأن هذه السبع قد ذكر الله عليها عقوبات شديدة، ونأتي على ذكر كل واحدة من هذه المعاصي باختصار فنقول :

أولا: الشرك بالله لقد ذكر الله تعالى الشرك في قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [ سورة المائدة، الآية: 72 ].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ سورة النساء، الآية: 48 ].
وفي الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: « كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا : الإشراك بالله... » الحديث، متفق عليه .
والشرك ينقسم إلى قسمين: شرك أكبر وشرك أصغر، وكل منهما له أقسام وأمثلة.
والشرك الأكبر مخرج من الملة وهو الذي لا يغفره الله عز وجل، وصاحبه مخلد في النار أبد الآبدين.
أما الشرك الأصغر فإنه ليس مخرجا من الملة ولكن صاحبه على خطر عظيم.
وهنا ننبه على أنواع من الشرك الأكبر المنتشرة على سبيل الاختصار:
فمن الشرك الأكبر الذبح والنذر لغير الله.
ومن الشرك الأكبر السحر والكهانة والعرافة
ومن الشرك الأكبر اعتقاد النفع في أشياء لم تشرع كاعتقاد النفع في التمائم والعزائم ونحوها.

ومن الشرك الأكبر الطواف حول القبور وعبادتها والاستعانة والاستغاثة بأصحابها، باعتقادهم أنهم ينفعونهم ويقضون لهم حاجاتهم، وهكذا دعاؤهم، ونداؤهم عند حصول الكربات والمكروهات لهم، فتجد أحدهم إذا أصابه مكروه يقول: يا بدوي ! أو يا جيلاني ! أو يا عبد القادر ! أو يا حسين ! أو يا علي ! أو يا شاذلي ! أو يا رفاعي ! وهكذا دعاؤهم للسيدة زينب والعيدروس وابن علوان وغيرهم كثير وكثير.
وهكذا من الشرك الأكبر تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله.
ومن الشرك الأكبر أيضا اعتقاد بعضهم في تأثير النجوم والكواكب في بعض الظواهر الكونية وغيرها: كاعتقادهم أن المطر ينزل بسبب النجم كذا وكذا، وأن الرياح يثيرها نجم كذا وكذا، وهذا كله من الشرك بالله.
وهناك أنواع من الشرك الأصغر الغير مخرج من الملة نذكر بعضها على سبيل الاختصار:
فمن الشرك الأصغر الرياء والسمعة.

ومن الشرك الأصغر الطيرة وهي التشاؤم ويدخل فيه التشاؤم ببعض الشهور أو الأيام أو بعض الأسماء أو أصحاب العاهات.
وهكذا من الشرك الأصغر الحلف بغير الله، كالحلف بالآباء أو الأمهات أو الأولاد، أو الحلف بالأمانة، أو الحلف بالكعبة، أو الشرف، أو النبي، أو جاه النبي، أو الحلف بفلان، أو بحياة فلان، أو الحلف بالولي، وغير ذلك كثير، فلا يجوز الحلف إلا بالله.

ثانيا: السحر وأما السحر فقد ذكره الله تعالى بقوله: ﴿ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ إلى قوله: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [ سورة البقرة ، الآية: 102 ] أي ما له في الآخرة حظ ولا نصيب.
والسحر قد كثر في هذه البلاد، وهو من الأعمال الشيطانية، وهو متمكن في كثير من البلاد الإسلامية، ولا شك أنه نوع من الشرك وما ذاك إلا أن السحرة يعبدون الشياطين حتى تلابس من يريدون إضراره؛ فيكون الساحر بذلك مشركا ، حيث إنه يتقرب إلى الشيطان بما يحب حتى يخدمه الشيطان فيضر به مسلما أو يضر به من يريد إضراره.
ولقد انتشر في هذا الزمان اللجوء إلى السحرة لفك السحر وهذا أمر شنيع ومحرم، وفي كلام الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - غنية لمن أصابه السحر ونحوه، وعليه أن يطلب الشفاء من الله أولا ثم عمل الأسباب المباحة، كالرقية الشرعية ونحوها.
ولما كان السحر محرما وهو نوع من أنواع الشرك بالله وقد حكم على الساحر بأنه كافر.
فواجب علينا أن نحذرهم ونبتعد عنهم، وواجب أن نُعَرِّفَ بمن نعرف منه أنه ساحر، أو يتعاطى السحر، من رجل أو امرأة.
ويدخل تحت باب السحر أيضا الكهانة والعرافة، والكاهن أو العراف كافر إذا ادعيا علم الغيب.
ولا يجوز الذهاب إليهم ولا التعامل معهم، ومن ذهب إليهم مصدقا لهم فهو كافر كفرا يخرج من الملة.
أما من ذهب إليهم وهو غير مصدق لهم فإنه لا يكفر ولكنه قد وقع في ذنب عظيم، كما ورد أنه لا تقبل صلاته أربعين يوما نسأل الله السلامة والعافية.

ثالثا: قتل النفس ، وأما القتل فالمراد به الاعتداء على المسلم بسفك دمه أو جرحه أو قطع طرف منه، أو نحو ذلك، وقد ورد في الحديث : « أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء » متفق عليه، يعني: المظالم التي بين الناس يوم القيامة تكون في الدماء وتكون في الأموال وتكون في الأعراض ولكن الدماء أهمها، فلذلك يحكم بينهم في أمر هذه الدماء، فيقضي بينهم وذلك لأهميتها.
وقد ورد الوعيد الشديد على قتل المسلم عمدا ، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [ سورة النساء، الآية 93 ].
فقد توعد الله القاتل بأنواع من العقوبات :
الأولى: جزاؤه جهنم وهو اسم من أسماء النار وبئس القرار.
الثانية : الخلود فيها يعني: طول المقام فيها إلى أجل لا يعلمه إلا الله.
الثالثة : الغضب أي: غضب الله عليه، وإذا غضب عليه فإنه يستحق أن يعاقبه.
الرابعة : اللعن وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله.
الخامسة : العذاب على هذا الذنب الذي هو اعتداؤه على حرمة مسلم وإراقة دمه بغير حق.

رابعا: أكل الربا والربا هو المال الذي يؤخذ بغير حق من المعاملات الربوية المحرمة شرعا وهو من كبائر الذنوب، ولذلك قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ [ سورة البقرة، الآيتان 275، 276 ].
ولا شك أن الربا متمكن في الأمة، فكثير من المعاملات يكون فيها ربا وأهلها لا يشعرون، ولكن يفعلون ذلك تقليدا أو يفعلونه ظنا منهم أنه لا إثم فيه، فالواجب أن نبتعد عنه وألا نتعامل إلا بالمعاملات المباحة التي لا شك فيها، وفي الحلال غنية عن الحرام.

والربا محرم بالكتاب والسنة وهو من المهلكات والموبقات السبع، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [ سورة البقرة، الآيتان : 278 ، 279 ].
إن المتعامل بالربا قد حارب الله ورسوله، ويا خيبة من أعلن حربه على الله ورسوله لأنه خاسر لا محالة.
وانظر أيها المتعامل بالربا إلى ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في شناعة عملك هذا، ففي الحديث عن عبد الله بن مسعود قال: « الربا ثلاثة وسبعون بابا ، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم » انظر: صحيح الجامع (3533).
وعن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنهما : « درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية ». انظر: صحيح الجامع ( 3375 ).



خامسا: أكل مال اليتيم يعم كل من كان عنده مال لغيره من يتيم أو فقير أو نحو ذلك، فَأَكَلَهُ وجَحَدَهُ.
وقد توعد الله من أكل مال اليتامى بالعذاب الشديد فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [ سورة النساء، الآية : 10] فأكلهم النار، يعني : في عذاب الله تعالى يعاقبون بأن يأكلوا نارا .
وهذه النار التي يأكلونها هي من نار جهنم. يروى أنهم يلقمون جمرات في النار تحرق أجوافهم، أو أنهم يسقون من الحميم الذي هو أشد حرارة مما يتصور، كما في قوله تعالى:
﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [ سورة محمَّد، الآية : 15 ] فأخبر بأنهم إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ، أو أنهم يأكلون هذا المال الحرام ويعاقبون بأن يعذبوا في النار يوم القيامة، وهذا وعيد شديد.
وعلى المسلم أن يبتعد عن أكل أموال الناس بغير الحق (اليتامى وغيرهم) والله تعالى قد نهى عن أكل المال بغير حق، فقال تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [ سورة البقرة ،الآية : 188] يعني: لا تأكلوا أموال الناس التي تخصهم بغير حق ظلما وعدوانا ، فإنكم بذلك متعرضون لعذاب الله تعالى وغضبه.
ومِنْ أَكْل أموال الناس بالباطل كل مال حرام وسحت ومن ذلك : السرقة والرشوة والغصب والتزوير وبيع المحرمات والربا وما يؤخذ كأجرة على المحرمات كالكهانة أو الغناء ونحوها.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: « كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به » رواه أحمد والترمذي والدارمي.
فعليك أخي المسلم التوبة من حقوق الناس، وهو شرط من شروط التوبة، فلا تتم التوبة إلا بإرجاع الحقوق إلى أهلها أو استباحتهم.


سادسا: التولي يوم الزحف والتولي يوم الزحف هو: عندما تتقابل الصفوف في القتال فينهزم من ينهزم ويسلط العدو على المسلمين فيأخذ بعضهم بالهرب بسبب انهزامه، فهذا هو التولي، وهو بذلك متوعد بوعيد شديد ذكره الله تعالى بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [ سورة الأنفال، الآيتان: 15، 16] وهذا وعيد شديد على التولي يوم الزحف.

سابعا: قذف المحصنات الغافلات المؤمنات قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [ سورة النور، الآيتان : 23، 24 ].
والقذف هو الرمي بالفاحشة، بأن يرمي إنسانا بريئا بقوله: إنك قد زنيت، أو هذا زان، أو هذه زانية، وهو كاذب عليهم، لا شك أن هذا بهتان وظلم وكذب ورمي لمسلم بريء بفاحشة لم يعملها، وإلصاق له بتهمة يظهر شناعتها، فيلام بها ويعاب عليها.
فلأجل ذلك استحق العقوبة كل من رمى إنسانا بريئا بفاحشة وهو عالم بأنه بريء، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ *إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا
[ سورة النور، الآيتان: 4 ، 5 ].
فقد عاقب الله من رمى مؤمنا بفاحشة بثلاث عقوبات:
الأولى : الجلد ﴿ فَاجْلُدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً .
الثانية : رفض الشهادة ﴿ وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا .
الثالثة : الحكم عليهم بأنهم فاسقون ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . إلا من تاب من هذه المعاصي التي بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها من الموبقات المهلكات التي تسبب العذاب على صاحبها، سواء في الدنيا أو في الآخرة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه » رواه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: « من قذف مملوكه وهو بريء مما قال، جلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال » متفق عليه.
ويلحق بهذه الكبائر كل ما يشبهها أو يقاس عليها، مما يدخل فيه الوعيد، أو مما فيه مفسدة للأمة، وفيما يلي نأتي على شيء من الذنوب والمعاصي التي يظن البعض أنها من الصغائر فيستهين بها ولا يلقي لها بالا؛ ليكون المسلم على حذر منها؛ فإن من وقع فيها ولم يتب كان على خطر عظيم، وإن ربك لبالمرصاد، وإن جهنم موعدهم أجمعين إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا، فنرجو الله له المغفرة والرحمة، والله غفور رحيم.


يتبــــــع إن شاء الله

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]