عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 15-07-2009, 07:57 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
افتراضي رد: عبد الله بن جبرين (الأسطورة المشاهدة )




شيوخ وتلميذ :

كما يحب طلابه فهو يحب مشايخه ويرى أن الوفاء أعظم من مدحهم في الوجه أو تقبيل رؤوسهم أو أيديهم , قبل عشر سنوات حضرت جنازة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بمكة , فرأيت الجموع بمئات الألوف وبعد خروج الجنازة من المسجد الحرام توجهت للمقبرة .

وكان بن جبرين من خواص طلابه وأحبابه , ولكثرة الزحام طوّق الحرس المقبرة أثناء الدفن بمئات العسكر حتى لا تتهدم القبور , وحتى لا تسقط الجنازة , وكانت لحظة الدفن حزينة جدا ًعلى الناس , بعد فراغ أهله ومن رافقهم من الأمراء والكبراء من دفنه , كنت أشاهد المنظر من خارج المقبرة على أطم صغير جلست على حافته مثل المئات غيري .

خرج الناس وبقي شيخ نحيل الجسم , مصقول الوجه ذا لحية بيضاء نقية , أمام الألوف المؤلفة بقي هذا الشيخ لوحده وهاهو يقف على القبر , رافعاً يديه ودموعه تسيل على خديه وهو يدعوا لصاحب القبر , وذهب الناس وذهبت المواكب الرسمية , وفتحت المقبرة وبقي هو قائم يدعوا لحبيبه بدون أن يتحرك أو يتأفف من حر الشمس , لم يكن الشخص غريباً على الناس فهو ابن جبرين , كان المنظر مؤثراً مثل تأثير الجنازة نفسها , إنه صادق في حبه وصادق في وفائه وصادق في تعامله .

تراه بعد خمسين سنة على فراق مشايخه يذكرهم , ويدعوا لهم ,يعرف الناس بهم .
فيتكلم عن شيخه محمد بن إبراهيم وهو مفتي الديار السعودية السابق توفي (1389) ويعقد محاضرات للتعريف به وبشخصيته وصفة دروسه , كان ابن إبراهيم من أفذاذا الرجال ولذلك أثرت شخصيه على بن جبرين , فهو صاحب مناصب حساسة وثقيلة , رجل يدير عدة وزارات , ومع ذلك لم يترك التدريس والتعليم في المسجد !! , لكنه مع الناس والعامة قلباً وقالباً , يجده الفقير وطالب العلم في المسجد أو البيت بدون عناء في البحث أو أن يجد مذلة في سبيل الحصول على دقائق للجلوس معه .

يتكلم عن شيخه أبو حبيب الشثري وقد توفي سنة (1387) , فتراه يفيض عند الكلام عنه وعن مواقفه في الأمر بالمعروف والصدع بكلمة الحق , ويسجل رحلاته وأخلاقه وصفاته , أبو حبيب الشثري من كبار رجال الدولة , وله مكانة خاصة في قلب ابن جبرين , فقد عاش معه في القرية ثم أصطحبه للمدينة التي هي العاصمة الكبرى , وبسبب أبي حبيب تعرف ابن جبرين بالمفتي والمشايخ سريعاً فقد كان يصطحبه للمجالس الخاصة معهم أحياناً , فيرون فطنته وذكائه وعبقريته ، ومن العجائب أنه سجل يوميات رحلته مع شيخه أبو حبيب لزيارة قرى وهجر شمال المملكة في عام (1380) , وطبعت هذه الرحلة بعد خمسين سنة , وفن الرحلات لم يكن من الفنون التي يدونها بالتفصيل علماء نجد آنذاك , وهي رحلة ماتعة يذكر فيها معاناة الصحراء , وصفة البدو والقبائل , ويذكر فيها الفوائد العلمية والنفيسة التي مرت بهم في الرحلة .

عندما يتحدث ابن جبرين عن شيوخه فإنما يتكلم عنهم من باب البر والوفاء , فما كان ليجحد فضل أحد عليه , ولا كان ليظهر نفسه بمظهر العصامي في العلم بل كان يدعوا لهم ويذكر محاسنهم , ويجدد ذكراهم للناس .
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.40 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (4.37%)]