2ـ صـيــام مـخـصــوص فـي رجـب:
تجد كثيراً من عوام الناس يكثرون من الصيام في رجب، إما اتباعاً للآباء، أو اعتماداً على أحاديث ضعيفة أو موضوعة منها:-
1ـ "إن في الجنة نهر يقال له: رجب، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، من صام يوماً في رجب سقاه الله من ذلك النهر". " موضوع "
2ـ "صَوْم أول يوم من رجب كفارة ثلاث سنين، والثاني كفارة سنتين، والثالث كفارة سنة، ثم كل يوم شهراً ". " ضعيف جدا "(فيض القدير:4/210)
3ـ " في رجب يوم وليلة، من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة، كان كمن صام من الدهر مائة سنة، وقام مائة سنة، وهو لثلاث بَقَيْنَ من رجب،وفيه بعث الله محمداً ".
" إسناده منكر"
4ـ " بُعثت نبياً في السابع والعشرين من رجب، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة ستين شهراً". قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله –: "إسناده منكر"
5ـ عن ابن عباس – رضي الله عنهما –: "أن النبي r نهي عن صوم رجب كله" .
"ضعيف"(رواه ابن ماجة)(انظر السلسلة الضعيفة 4-4)
6ـ "من صام يوماً من رجب وقام ليلة من لياليه بعثه الله آمنا يوم القيامة". " موضوع "
7ـ من صام ثلاثة أيام من رجب كتب الله له صيام شهر، ومن صام سبعة أيام أغلق عنه سبعة أبواب النار، ومن صام ثمانية أيام فتح الله له ثمانية أبواب الجنة، ومن صام نصف رجب كتب الله له رضوانه، ومن كُتبَ رضوانه لم يُعذبهُ، ومن صام رجب كله حاسبه حساباً يسيراً. " موضوع "
(انظر تبين العجيب ص40- 41)
8 ـ "من صام يوماً من رجب كان كصيام سنة، ومن صام سبعة أيام غلقت عنه أبواب جهنم، ومن صام ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب الجنة، ومن صام عشرة أيام لم يسأل الله شيئا إلا أَعطاه، ومن صام خمسة عشرة يوماً نادىَ مُنادٍ من السماء قد غفر لك ما سلف فاستأنف العمل، ومن زاد زاده الله، وفي شهر رجب حَمَل نوح السفينة فصام، وأمر من معه أن يصوموا". " موضوع " (رواه البيهقي في فضائل الأوقات)
9ـ "أن الله أمر نوحاً بعمل السفينة في رجب وأمر المؤمنين الذين معه بصيامه".
" موضوع " (انظر الفوائد المجموعة للشوكاني)
10ـ "رجب من أشهر الحُرم، وأيامه مكتوبة على أبواب السماء السادسة، فإذا صام الرجل منه يوماً، وجوّد صومه بتقوى الله، نطق الباب ونطق اليوم فقالا:يا رب اغفر له، وإذا لم يتم صومه بتقوى الله لم يستغفر له " " موضوع " (انظر تبين العجيب صـ42)
11-"من صام من كل شهر حرام: الخميس، والجمعة، والسبت كُتبت له عبادة سبعمائة سنة" "ضعيف " (انظر تبين العجب صـ24)
قال الشوكانى- رحمه الله –: وما أحدثه العوام من صيام أول خميس من رجب كله بدعة.
12 - "صُم من الحُرم واترك" 0" ضعيف " ( أخرجه أبو داوود وابن ماجة )
13 - عن أبى هريرة:t أن رسول الله r لم يصُم بعد رمضان إلا رجب وشعبان "
" حديث مُنكر "(انظر تبين العجب صـ12)
14 – "رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أُمتي، فمن صام من رجب يومين، فله من الأجر ضعفان، ووزن كل ضعف مثل جبال الدنيا، ثم ذكر أجر من صام أربعة أيام، ومن صام ستة أيام، ثم سبعة أيام، ثم ثمانية أيام، ثم هكذا: إلى خمسة عشر يوماً منه" " موضوع " (الفوائد).
15 – "من صام ثلاثة أيام من رجب كُتب له صيام شهر، ومن صام سبعة أيام من رجب أغلق الله عنه سبعة أبواب من النار، ومن صام ثمانية أيام من رجب فتح الله له ثمانية أبواب من الجنة،ومن صام نصف رجب حاسبه الله حسابا يسيراً " " موضوع "
16 - رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أُمتي، قيل يا رسول الله:ما
معنى قولك:رجب شهر الله ؟ قال: لإنهُ مخصوص بالمغفرة، وفيه تحقن الدماء، وفيه تاب الله على أنبيائه، وفيه أنقذ أولياءه من بلاء عذابه، ومن صامه استوجب على الله ثلاثة أشياء:مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه، وعصمته فيما بقي من عُمره،وأماناً من البطش يوم العرض الأكبر، فقام شيخ ضعيف فقال يا رسول الله:إني لا أعجز عن صيامه كله، فقال r: صُم أول يوم منه فإن الحسنة بعشر أمثاله، وأوسط يوم منه، وآخر يوم منه فإنك تعطى ثواب من صام كله" " موضوع فيه على جهضم "
17 - إن شهر رجب شهر عظيم، من صام منه يوماً كتبَ الله له صوم ألف سنة، ومن صام يومين كتب له صوم ألفي سنة، ومن صام منه ثلاثة أيام كتب الله له صوم ثلاثة آلاف سنة، ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه أبواب جهنم، ومن صام منه ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية فيدخل من أيها شاء، ومن صام خمسة عشر بدلت سيئاته حسنات، ونادى مُنادٍ من السماء قد غفرت لك فاستأنف العمل، ومن زاد زاده الله".
" قال الحافظ ابن حجر: "هو حديث موضوع "
18 - من صام يوماً من رجب عدَل صيام شهر، ومن صام منه سبعة أيام غُلقت عنه أبواب الجحيم، ومن صام منه ثمانية أيام فُتحت له أبواب الجنة الثمانية، ومن صام منه عشرة أيام بدّل الله سيئاته حسنات،ومن صام ثمانية عشر نادى منادِ قد غفر الله لك ما
مضى – فاستأنف العمل " " موضوع "(إفادة ابن حجر)
19 - إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منا أربعة حُرم: رجب، لا يقارنه من الأشهر أحد، ولذلك يقال له: شهر الله الأصم، وثلاثة أشهر متواليات: يعني: ذا القعدة وذا الحجة، ومحرم، ألا وإن رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي، فمن صام من رجب يوماً إيماناً واحتساباً استوجب رضوان الله الأكبر، وأسكنه الله الفردوس الأعلى، ومن صام من رجب يومين فله من الأجر ضعفين وزن كل ضعف مثل جبال الدنيا، ومن صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله بينه وبين النار خندقاً، طول مسيرة ذلك اليوم سنة.
ومن صام من رجب أربعة أيام عُوفي من البلاء، ومن الجذام، والجنون والبرص، ومن فتنة المسيخ الدجال، ومن عذاب القبر. ومن صام من رجب خمسة أيام وُقي من عذاب القبر. ومن صام من رجب ستة أيام خُرج من قبره ووجهه أضوأ من القمر ليلة البدر.
ومن صام من رجب سبعة أيام فإن لجهنم سبعة أبواب يغلق - الله تعالى - من يصومها كل يوم باباً من أبوابها. ومن صام ثمانية أيام فإن للجنة ثمانية أبواب، يفتح الله له بكل صوم يومٍ باباً من أبوابها. ومن صام من رجب تسعة أيام خرج من قبره وهو ينادى " لا إله إلا الله " فلا يُرد وجهه دون الجنة. ومن صام من رجب عشرة أيام جعل الله له على كل ميل على الصراط فراشاً يستريح عليه. ومن صام من رجب أحد عشر يوماً لم يواف عبد يوم القيامة بأفضل منه إلا من صام مثله أو زاد عليه.
ومن صام من رجب اثنتي عشر يوماً كساه الله يوم القيامة حليتين: الحلة الواحدة خير من الدنيا وما فيها. ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوماً وضع له يوم القيامة مائدة في ظل العرش فأكل عليها والناس في شدة شديدة.
ومن صام من رجب أربعة عشر يوماً أعطاه الله من الثواب مالا عين رأت ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ومن صام من رجب خمسة عشر يوماً وقفه الله يوم القيامة موقف الآمنين.
" حديث موضوع " (انظر تبين العجب صـ 36)
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله – وللحديث طُرق أخرى واهية، وفي رواتها مجاهيل عند ابن عساكر في " أماليه " وفيها زيادة ونقص وفيها:
من صام من رجب ستة عشر يوماً كان في أوائل من يزور الرحمن، وينظر إلى وجهه ويسمع كلامه. ومن صام من رجب سبعة عشر يوماً نُصب الله عل كل ميل من الصراط استراحة يستريح عليها. ومن صام من رجب ثمانية عشر يوماً زاحم إبراهيم في قُبته.
ومن صام من رجب تسعة عشر يوماً بنىَ الله له قصراً تجاه إبراهيم وآدم يسلم عليهما ويسلمان عليه. ومن صام من رجب عشرين يوماً نادى مناد من عند الله: أمّا ما مضى فقد غفرت لك، فاستأنف العمل".
20 - "إن شهر رجب شهر عظيم، من صام منه يوماً كتب له صوم ألف سنة" "موضوع " (الفوائد)
21 – "من صام من رجب، عدل صيام شهر" " موضوع "(الفوائد)
22 – "من صـام يوماً من رجب وصلى أربع ركعـات، يقرأ في أول ركعة مائة مرة
(آية الكرسي)، وفي الثانية مائة مرة (قل هو الله أحد) لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة". " موضوع "
23 – "رجب شهر الله الأصم الذي أفرده الله تعالى لنفسهِ، فمن صام يوماً منه إيماناً واحتساباً استوجب رضوان الله " موضوع " (انظر تبين العجب صـ 40)
وبالجملة كل الأحاديث التي فيها من صام من رجب كذا وكذا.... الجميع كذب مختلق
وروى عن أبى كلابة أنه قال:" في الجنة قصر لصوَّام رجب"
قال البيهقي ـ رحمه الله ـ: أبو كلابة من كبار التابعين لا يقول مثله إلا عن بلاغ
لكن يجاب عن هذا الكلام بأن أهل العلم قالوا:
إن جميع الأحاديث في صيام رجب ضعيفة أو موضوعة.
قال على بن إبراهيم في رسالة له: إن ما روي في فضل رجب فكله موضوع وضعيف لا أهل له، وكان عبد الله الأنصاري لا يصوم رجب وينهي عنه ويقول: لم يصح عن النبي r في ذلك شيء.
يقول ابن القيم – رحمه الله – كما في المنار المنيف صـ 99:
كل حديث في ذكر صوم رجب، وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترىً.
ويقول الحافظ ابن حجر – رحمه الله – كما في رسالة " تبين العجب فيما ورد في فضل رجب صـ 8: "وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب، أوفي فضل صيامه، أو صيام شيء من صريحة، فهي على قسمين: ضعيفة وموضوعة. أهـ
وقال الحافظ ابن حجر أيضاً في كتابه " تبين العجب بما ورد في فضل رجب صـ 6:
لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة، وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ. (انظر السنن والمبتدعات للشقيرى صـ 125)
وقال الحافظ ابن رجب - رحمه الله - كما في لطائف المعارف صـ 228:
وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي r ولا عن أصحابه.
وبالجملة فكل أحاديث صوم رجب كلها موضوعة أو ضعيفة
"فتاوى ابن تميمة 6/105"
وقال ابن القيم – رحمه الله – كما في زاد المعاد (2/64):
ولم يصم r الثلاثة أشهر (رجب وشعبان ورمضان) سرداً، كما يفعله بعض العوام، ولا صام رجباً قط ولا استحب صيامه.
وقال أبو شامة في كتابه " الباعث على إنكار البدع والحوادث ":
إن الصديق أنكر على أهله صيامه، وإن عمر كان يضرب بالدرّة صوّامه ويقول: إنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية ".
فقد أخرج ابن شيبة بسند صحيح عن خرشة بن الحر قال:
رأيت عمر يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها في الجفان، ويقول:
" كلوا فإنما هو شهرٌ كان يعظِّمه أهل الجاهلية ". (الإرواء للألباني:4/113)
ويقول محمد بن زيد - رحمه الله -:
وكان ابن عمر – رضي الله عنهما – إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه وقال:
"صوموا منه وافطروا، فإنما هو شهر كانت تعظمه أهل الجاهلية"
(الإرواء (4/114) – الحوادث والبدع للطرطوشي)
وقال أبو بكر الطرطوشي – رحمه الله – في كتاب البدع والحوادث صـ 110-111: دلت هذه الآثار على أن الذي في أيدي الناس من تعظيمه إنما هي غبرات من بقايا الجاهلية، ثم قال أيضا في نفس المصدر.
ويكره صوم رجب على ثلاثة أوجه:
1- إذا خصّه المسلمون في كل عام حسب ما يفعل العوام ومن لا معرفة له بالشريعة، مع ظهور صيامه أنه فرض كرمضان.
2- اعتقاد أن صومه سنة ثابتة خصه الرسول r بالصوم كالسُنة الراتبة.
3- اعتقاد أن الصوم فيه مخصوص بفضل ثواب على صيام سائر الشهور، وأنه جارٍ مجرى عاشوراء، وفضل آخر الليل على أوله في الصلاة، فيكون من باب الفضائل لا من باب السنن والفرائض، ولو كان كذلك لبيّنَه النبي r أو فعله – ولو مرة في العمر – ولما لم يفعل بكل كونه مخصوصاً بالفضيلة وتخصيص رجب بصيام وهو من المُحدثات، فلم يصح حديث في فضيلة صيام رجب. بل ما ورد ضعيف جداً لا يسوغ اعتماده ولا الاستئناس به.
ملحوظة:
إذا كان هناك ثمّ صيام يصومه المرء واعتاده، كصيام: الاثنين والخميس، أو الثلاثة أيام من كل شهر أو صيام يوم ويوم، فليصم هذا الصيام ولا شيء عليه، لأن أصل الصيام مندوب إليه بشرط ألا يخص رجب أو غيره بصيام ويواظب عليه.
يتبع