
28-06-2009, 12:25 PM
|
 |
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة :
|
|
رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )
حديث القرآن عن القرآن "53"فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في قوله تعالى في سورة إبراهيم: ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴿1﴾ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴿2﴾ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ﴾ [إبراهيم:1-3].
والحديث عن القرآن هنا حديث عمَّن أنزله ومن أُنزل إليه والغاية من إرسال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإنزال الكتاب إليه.
﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ تلك هي الغاية ﴿لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ من أجل ذلك أرسل الرسول وأنزل الكتاب.
وهذه الغاية لها أبعادها في فطرة الخلق وحقيقة الحياة.
فإنَّ الإخراج من الظلمات إلى النور لا يكون إلا بإذن الله وهداه ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ﴾ ومن أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور جعل الله الكتاب نورًا يهدي به من يشاء وأرسل نبيه داعيا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
وبنور النبوة والكتاب يهدي الناس بإذن الله إلى صراط العزيز الحميد.
﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴿52﴾ صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ﴾ [الشورى:52-53].
ونحن نعرف حقيقة النور وما يؤديه في حياة الناس وما يهيئه من أسباب وما يرشد إل يه ولولاه لعميت الأبصار وبعدت الغايات وقصرت الوسائل.
إنَّ إخراج الناس من الظلمات إلى النور ليس بالأمر الهين الذي يستطاع بلا هداية وتوفيق ولو ترك الناس بلا هداية من الله لعاشوا في ظلمات الوهم والجهل وحيرة الضلال والإفك. وتحولت الدنيا بظلماتها إلى مقبرة لا استجابة فيها لنداء حق أو دعاء.
والله الذي خلق السماوات والأرض هو الذي جعل الظلمات والنور وهم يرون ما جعله الله محسوسا أمام أنظارهم، يرون السماوات ويمشون على الأرض ويعرفون ما للنور من تأثير في حركة الحياة وعمل الأحياء.
وإخراج الناس من الظلمات إلى النور في صفاتهم وأخلاقهم وعقائدهم ومعاملاتهم وصلاح ذات بينهم له نوره وهداه في عالم النفس كعالم الحص ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَ﴾[الأنعام:122].
من أجل ذلك اتسقت آيات الله في الآفاق وفي الأنفس مع آياته المنزلة على نبيه في هداية الإنسان وإرشاده وتبصرته ودعوته إلى صراط العزيز الحميد.
وامتزج الحديث عن الكتاب مع الحديث عن السماوات والأرض وأن من نزل هذا الكتاب هو من له ملك السماوات والأرض فلا مجال لأحد أن ينفذ من أقطار أرضه وسماواته ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴿1﴾ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [الرعد:1-2]، فمن كفر بآياته فلا مجال له أن ينفذ من ملك الله في السماوات أو في الأرض ولن يفلت من حساب وجزاء ﴿وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴿2﴾ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾[الرعد:2-3].
إنَّ الحياة لا يستقيم أمرها إلا بنور ربها، والله برحمته قد أنزل الكتاب إلى نبيه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، والذين كفروا بما أنزل. لهم من الوعيد ما لهم ﴿وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ فإنَّ هؤلاء قد آثروا الحياة الدنيا على الآخرة، وعملوا على الصد عن سبيل الله، وتنكبوا الطريق القويم، وأرادوها عوجًا لتحقيق أهوائهم وإشباع شهواتهم.
وهذه الخصال هي نهاية الضلال، ولذا وصف الله ضلالهم بقوله: ﴿أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ﴾.
بعيد عن الحق، بعيد عن الصراط المستقيم.
ولا تسل عما يكون في دنيا الناس من فساد ودمار إذا حكمتهم أهواؤهم وضلوا السبيل.
ومن أجل إنفاذ الناس وهدايتهم وإصلاح ذات بينهم قد جاءهم من الله نور وكتاب مبين لمصلحتهم والله غني عن العالمين.
﴿قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ﴿15﴾ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة:15-16].
|