عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20-06-2009, 06:19 PM
الصورة الرمزية اخت الاسلام
اخت الاسلام اخت الاسلام غير متصل
مشرفة الملتقى الاسلامي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 6,045
الدولة : Morocco
افتراضي رد: لا تكن لعاناً ؟؟؟؟؟

سد منافذ اللعن

إن بعض الناس لم يسلم منه حتى الجماد والحيوان، فتراه يسب ويلعن ويضرب كل شيء حوله، ولذلك سد النبي كل منفذ يؤدي إلى السب واللعن، فنهى عن سب أو لعن كل شيء لا يستحق اللعن، حتى ولو كان حيواناً أو جماداً، فعن عمران بن حصين قال: بينما رسول الله في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت، فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله فقال: { خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة }. قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. [رواه مسلم]. قال النووي رحمه الله: ( إنما قال هذا زجراً لها ولغيرها، وكان قد سبق نهيها ونهي غيرها عن اللعن، فعوقبت بإرسال الناقة. والمراد. النهي عن مصاحبته لتلك الناقة في الطريق ) [شرح صحيح مسلم للنووي:16/363]. وقال النبي : { لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة } [رواه أبو داود وابن حبان وصححه الألباني].
إن عظمة الإسلام لتتجلى في هذه التوجيهات السامية والآداب الرفيعة التي حافظت على حق الحيوان البدني والمعنوي، والتي حرمت كل أشكال الإيذاء بغير حق، فيا ليت دعاة حقوق الحيوان يعرفوا للإسلام فضله في هذا السبيل، ويعترفوا له بالسبق في هذا الميدان الذي يتفاخرون به ويحسبون أنهم أصحابه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلاً لعن الريح عند رسول الله فقال: { لا تلعن الريح فإنها مأمورة، من لعن شيئاً ليس له بأهل، رجعت اللعنة عليه } [رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني]. وعن جابر أن النبي دخل على أم السائب فقال: { مالك تٌزفزين؟ } قالت: الحمى، لا بارك الله فيها. قال: { لاتسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير الخبث } [رواه مسلم].
ومما سبق يتبين أن الإسلام حرص على أن يكون المؤمن طاهر اللسان حلو المنطق، عذب الكلمات، لا يشينه شيْ، ولا يقدح في مروءته قادح.

[حكم لعن المعين]

لاريب أن المؤمن المعين لا يجوز لعنه حياً أو ميتاً للأدلة التي ذكرنا بعضها فيما سبق، أما الكافر المعين فلا يجوز لعنهإذا لم يكن قد مات على الكفر، لأنه لا يدري ما يختم له به، وليس هناك مصلحة في الدعاء على أحد بالموت على الكفر، ويدل على ذلك حديث ابن عمر، أن رسول الله قال يوم أحد: { اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن سهل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أميه } فنزلت الآية ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون [آل عمران:128] فتاب عليهم كلهم [رواه أحمد والترمذي، وعند البخاري { اللهم العن فلاناً وفلاناً }. فإذا كان لايجوز لعن الكافر المعين الذي لم يمت على الكفر، فكذلك لا يجوز لعن الفاسق المعين أو الظالم المعين من باب أولى، نعم يجوز ذلك بالأوصاف العامة، كأن يقول: لعنة الله على الزناة، أو على الكاذبين ونحو ذلك ( أنظر كتاب الأخلاق الدينيه لعبد الرحمن الجزيري ص111 ).
فقد لعن النبي أصنافاً من العصاة بغير تعيين كالواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، وآكل الربا وموكله، وشارب الخمر، والمحلل والمحلل له، وغيرهم كثير. أما من تيقن موته على الكفر كفرعون وأبي جهل وغيرهما فإنه يجوز لعنه، على أن المسلم ينبغي عليه أن يطهر لسانه من السبّ واللعن إلا إذا كانت مصلحة راجحة. [أدب السلــف].
أخي الحبيب: كان سلف الأمة أحرص منا على الخير، ولذلك كانوا يتحاشون السبّ واللعن، ويطيبون ألسنتهم بذكر الله وشكره ودعائه والثناء عليه وتلاوة كتابه، ومما روي عنهم في ذلك:
1) قال الزربقان: كنت عند أبي وائل، فجعلت أسبّ الحجاج، وأذكر مساوئه، فقال أبو وائل: وما يدريك ! لعلّه قال: اللهم اغفرلي فغفر له !
2) وقال عاصم بن أبي النجود: ما سمعت أبا وائل شقيق ابن سلمة سب إنساناً قط ولا بهيمة.
3) وقال المثنى بن الصباح: لبث وهب بن منبه أربعين سنة لم يسب شيئاً فيه روح.
4) وعن سالم قال: ما لعن ابن عمر خادماً قط، إلا واحداً فأعتقه. لا تكن عوناً للشيطان على أخيك.
5) عن ابن مسعود قال: ( إذا رأيتم أخاكم قارف ذنباً فلا تكونوا أعواناً للشيطان عليه، تقولون: اللهم اخزه، اللهم العنه، ولكن سلوا الله العافية، فإنا أصحاب محمد كنا لا نقول في أحداً شيئاً، حتى نعلم على ما يموت، فإن ختم له بخير، علمنا أنه قد أصاب خيراً، وإن ختم له بشر، خفنا عليه عمله.
6) وروي أن أبا الدرداء مر على رجل قد أصاب ذنباً، فكانوا يسبونه، فقال لهم أبو الدرداء: أرأيتم لو وجدتموه في بئر ألم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا: بلى. قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم. قالوا: أفلا نبغضه؟ قال: إنما أبغضه عمله، فإذا تركه فهو أخي.
ولو أن المسلمين تعاملوا بهذه الأخلاق الكريمة، والنفوس الصافية والصدور السليمة لتغير حالهم، وعظم أثرهم في أنفسهم وفي غيرهم من غير المسلمين.. ألا فليرجع المسلمون إلى أخلاق النبوة وآداب الرسالة، ليرجع إليهم تميزهم، ويكونوا خير أمة أخرجت للناس، كما كان أسلافهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.86 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]