
20-06-2009, 12:58 PM
|
 |
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة :
|
|
رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )
حديث القرآن عن القرآن (40)
ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في قوله تعالى في سورة الأعراف ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204].
وقد جاءت هذه الآية بعد قوله ﴿ هَذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُّؤْمِنُونَ ﴾ والمناسبة بينة واضحة، لما ذكر -سبحانه- أن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة، أمر -سبحانه- بالإنصات عند تلاته؛ إعظاما له واحتراما، لا كما كان يتعمده المشركون من كفار مكة فيقولهم ﴿ لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ﴾.
ولكن يتأكد ذلك في الصلاة المكتوبة إذا جهر ال إمام بالقراءة، كما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتو)، وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: 9ل قرأ أحد منكم معي آنفا؟ قال رجل: نعم يا رسول الله قال: إني أقول ما لي أنازع القرآن. قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما جهر فيه بالقراءة من الصلاة حين سمعوا ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-).
وقد اختلف العلماء في الحال التي أمر الله بالاستماع لقارئ القرآن والإنصات له، لأن قوله سبحانه: ﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا ﴾ أمر. وظاهر الأمر الوجوب فمقتضاه أن يكون الاستماعُ والسكوت واجبين.
فمن العلماء من يرى أن فحوى هذه الآية على العموم، ففي اي وقت وفي أي موضع قرئ القرآن يجب على كل أحد الاستماعُ له والسكوت.
ومنهم من يرى أنها نزلت في تحريم الكلام في الصلاة، فقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة بحوائجهم فأمروا بالسكوت والاستماع لقراءة القرآن.
والأخذ بعموم اللفظ في قوله: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا ﴾ أولى من قصره على حال دون حال. وإن تأكد ووجب في الصلاة فإن ذلك أرجى في طلب الرحمة. روى الإمام أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة. ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة).
إن تدبر القرآن يستلزم حسن الإصغاء له والعمل به، وقد أنزل الله القرآن وحفظه ليتدبر وليعمل به.
فمن الواجب أن تسلم مجالس القرآن من الصخب أو الاشتغال بغيره ، وأن ينقاد الناس لأوامر القرآن ونواهيه، وأن يتلقوه كما تلقاه الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- وأن يحققوا ما دلت عليه الآيات من الإيمان والعلم والعمل، وأن يتخلقوا بأخلاقه وآدابه، فإنه خطاب من الله موجه إلى الناس، وهم مطالبون بتدبره ومعرفة معانيه والعمل بما جاء فيه.
فليستمعوا له ولينصتوا عند قراءته؛ رجاء أن ينالوا رضوان الله ورحمته، إنه الحق ، وبيان الحق للناس رحمة بهم؛ حتى لا تقودهم الأهواء بعيداً عن ساحته، وبالقرآن وبيان يعرف ما ينتسب للحق وما يخالفه، إنه هدى للناس في دنياهم، ونور في أخراهم، وهو حجة لهم أو عليهم، حجة لهم إن هم أقبلوا عليه وعملوا به، وحجة عليهم إن هم أعرضوا عنه ولم يتبعوه، وبه يرفع الله أقواما ويضع آخرين.
|