عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-06-2009, 12:57 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن (39)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي

ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة الأعراف ﴿
وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِن رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُّؤْمِنُونَ ﴿203[الأعراف: 203].

لقد كان المشركون لا يكفون عن طلب الخوارق من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاهلين حقيقة الرسالة وطبيعة الرسول، وأنه يتلقى من الله ما يعطيه، ولا يقدم بين يدي الله، ولا يقترح عليه، ولا يأتي بشيء من عند نفسه. ولكن أهل الشرك –في عمى وجهالة- يطلبون الآيات وما هم بمؤمنين بها ولو جاءتهم كل آية ﴿
إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴿96﴾ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ﴿97[يونس: 96، 97]، ﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ ﴾ مما اقترحوا قالوا: هلا أنشأتها من قِبَل نفسك ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِن رَبِّي ﴾ وليس لي أن آتي من عند نفسي بشيء.

إنهم لم يقترحوا الآيات ويطلبوها رغبة في الإيمان، وإنما طلبوها إمعاناً في الجحود والنكران. ولو كان الأمر أمر إيمان لكفاهم القرآن.
﴿
أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿51[العنكبوت: 51]، إن هؤلاء لن يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴿111[الأنعام: 111]، ﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿7[الأنعام: 7]، وقد أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يجيبهم بقوله: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِن رَبِّي ﴾ ليعرفوا حقيقة الرسالة والرسول وأنه مبلغ عن ربه، لا يملك إلا ما يوحيه إليه، ولا يأتي إلا بما أمره الله به.

كذلك أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم وهو يشير إلى القرآن الكريم ﴿
هَذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُّؤْمِنُونَ ﴾ فأي آيات الله يطلبون وأمامهم هذا الذي يغفلون عنه ﴿ أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾.
إن الخوارق المادية لا تصلح إلا لمن رآها أو عاش في عصرها.
والقرآن الكريم هو كتاب -من عند الله- للزمن كله وللأجيال كلها.
إنه كتاب الدعوة الإسلامية للناس جميعاً في كل زمان ومكان.

وأية خارقة مادية لا تبلغ من الإعجاز ما يبلغه القرآن في أي زمان وفي أي مكان، ولكن الجاحدين -في ظلمهم لأنفسهم- يأبون أن يخضعوا لما تستيقنه نفوسهم ظلماً وعلواً ﴿
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿15﴾ قُل لَّوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴿16[يونس: 15، 16].

إن الذين طلبوا الآيات لم يطلبوها لخفاء الأدلة والحجج على صدق الداعي وما نزل من الحق، وإنما طلبوها إمعانا في المكابرة والجحود.
والنفوس إذا جحدت والبصائر إذا عميت لم تسمع ولم تبصر هدى الحق وبيانه ﴿
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ﴿33[الأنعام: 33]، والقرآن هو القرآن للمؤمنين هدى وشفاء، والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى. ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴿44[فصلت: 44]، إنه القرآن، يقول عنه العليم الخبير ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴿20﴾، إنه بصائر تكشف وتنير، فمن أبصر فلنفسه، ومن عمى فعليها.

فطوبى لمن اتبع هداه واستمسك به، وويل لمن تعمد مخالفته أو الإعراض عنه. اللهم ارحمنا بالقرآن واجعله لنا إماما ونورا وهدى ورحمة.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]