عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-06-2009, 11:37 PM
الصورة الرمزية بشرى فلسطين
بشرى فلسطين بشرى فلسطين غير متصل
مشرفة ملتقى فلسطين والأقصى الجريح
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
مكان الإقامة: فلسطين ..يوما ما سأعود
الجنس :
المشاركات: 3,319
الدولة : Palestine
01 بين العرش والقلب

بسم الله الرحمن الرحيم
بين العرش والقلب
أنزه الموجودات ، وأظهرها ، وأنورها ، وأشرفها ، وأعلاها ذاتاً ووقارا ، وأوسعها ، عرش الرحمن جل جلاله .
وذلك لاستوائه عليه ، وكل ما كان أقرب إلى العرش كان أنور ، وأنزه ، وأشرف مما بعد عنه .
ولهذا كانت جنة الفردوس أعلى الجنان ، وأشرفها وأجلها ،لقربها من العرش ؛إذ هو سقفها ، وكل ما بَعُدَ عنه كان أظلم وأضيق .
ولهذا كان أسفل سافلين شر الأمكنة وأضيقها وأبعدها من كل خير .
وخلق الله القلوب ، وجعلها محلا لمعرفته ، ومحبته ،وإرادته ؛ فهي عرش المثل الأعلى الذي هو معرفته ، ومحبته ، وإرادته ،
قال تعالى : ( لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60) ) النحل
فهذا من المثل الأعلى ، وهو مستوٍ على قلب المؤمن فهو عرشه ، وإن لم يكن أطهر الأشياء وأنزهها وأطيبها وأبعدها من كل دنس وخبث ، لم يصلح لاستواء المثل الأعلى عليه معرفة ومحبة وإرادة ؛ فاستوى عليه مثل الدنيا الأسفل ومحبتها وإرادتها والتعلق بها ، فضاق وأظلم وبعُد من كماله وفلاحه ؛ حتى تعود القلوب على قلبين : قلب هو عرش الرحمن ، ففيه النور والحياة والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير .
وقلب هو عرش الشيطان ، فهناك الضيق والظلمة والموت والحزن والغم والهم ، فهو حزين على ما مضى ، مهموم بما يستقبل ، مغموم في الحال
وقد روىالحاكم في مستدركه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح ، قالوا : فما علامة ذلك يارسول الله ؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله )
والنور الذي يدخل القلب ، إنما من آثار المثل الأعلى ؛ فلذلك ينفسح وينشرح ، وإذا لم يكن فيه معرفة الله ومحبته فحظه الظلمة والضيق
افلوائد
ابن القيم الجوزية
__________________

يا أقصى والله لن تهون
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.35%)]