فتوى في جمع الصلاة للضرورة
السؤال
أعمل طبيبة ، و أثناء عملي داخل وحدة العناية المركزة تفوتني
بعض الصلوات أحياناً ، فهل يجوز لي جمع هذا الوقت مع الوقت
الاحق و كيف ؟ ولكم جزيل الشكر و بارك الله في مساعيكم .
الجواب :
ليس لجمع الصلاة سوى عذرين متفقٍ عليهما ؛ هما السفر و المطر ، أمّا
فيما سوى ذلك فالضرورات تقدّر بقدرها ، و ما جاء في الجمع بدون
عذر فهو منسوخ و الله أعلم .
و قد روى الشيخان و أصحاب السنن و مالك و أحمد و غيرهم عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أنه قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صلى الله عليه و سلم أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟
قَالَ : « الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا » .
و الحالة المذكورة في السؤال يحكم عليها بمقدار الضرورة و حسْب ،
فإن أمكن أن تؤدي الطبيب أو الممرض أو غيرهما الصلاة لوقتها
قياماً أو قعوداً أو إيماءاً ، و لو كان ذلك في غرفة العمليات أو العناية
المركّزة ، فليس لهم تأخير الصلاة عن وقتها ، و كذلك الحال
إذا وُجد بديل مناوب يشرف على المريض ريثما تؤدى الصلاة المكتوبة .
و لا شك أنّ رعاية المريض أمانة يجب القيام بها أحسن قيام ، و القاعدة
الفقهيّة تقول : دَرءُ المفاسد أَوْلى من جلب المصالح ، فإذا شعر الطبيب
المناوب أثناء أدائه الصلاة أن المريض في خطر ، أو يحتاج لتدخّله فليقطع
الصلاة و ليُسعف مريضه ، ثمّ يؤدّي الصلاة لاحقاً .
أمّا إذا تعذّر ذلك كلّه و اضطر الطبيب لتأخير الصلاة عن وقتها ، فلا بأس
في ذلك ، إذ إن الضرورات تبيح المحظورات ، و عليه أن يؤدّي الصلاة
فور زوال العذر ، و ليس له أن يؤخّر عدّة صلوات ثمّ يؤدّيها مجتمعة
مع صلاة العشاء أو بعدها ، كمن يؤدّي الصلوات الخمس مرّةً واحدة ،
و هذا شائع عند الأطباء و غيرهم ممّن يعملون في بعض بلدان أوروبا
التي يطول فيها الليل ، و يَقْصُر النهار ، و الله المستعان .
و جمع الصلوات يكون بين الظهر و العصر فيؤخّر الظهر إلى وقت
العصر ، أو يقدّم العصر إلى وقت الظهر .
و يكون أيضاً بين المغرب و العشاء فيؤخّر المغرب إلى وقت العشاء ،
أو يقدّم العشاء إلى وقت المغرب .
أمّا صلاة الفجر فلا تجمع مع غيرها تقديماً و لا تأخيراً ، و من نام عنها
أو نسيها أداها حينما يذكرها ، و من اضطر إلى تأخيرها قضاها حين
زوال العذر .
و الله تعالى أعلم و أحكم .