
11-06-2009, 08:10 AM
|
 |
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة :
|
|
رد: الطفولة والعناية بها في ظلال القرآن والسنة
حقوق الأطفال بعد الولادة حتى البلوغ
المبحث الأول: حق النسب
معنى النسب في اللغة: يطلق النسب في اللغة على عدة معانٍ منها ما يأتي:
[1] النسب بمعنى القرابة ويختص بجهة الآباء، فيقال انتسب إلى أبيه وأجداده، كما يقال: استنسِب لنا، أي: اذكر لنا آباءك وأجدادك، ويقولون: رجل نسيب أي ذو حسب ونسب إلى آباء كرام([68]).
[2] وبمعنى الطريق المستقيم، يقال النسيب أيضاً، إذا كان معبداً حيث لا يشعر سالكه بانقطاعه، وسماه في اللسان نسيباً، وقال: هو الطريق الواضح المستقيم، وقيل: ما وجد من أثر الطريق([69]).
[3] وبمعنى الشدة والقوة، يقال أنسبت الريح، إذا اشتدت، وبمعنى التشبب في الشعر، فيقال له: نسيب أيضاً([70]).
يقول ابن فارس: إنّ كلمة "نسب" ترجع في الأصل إلى معنى واحد، وهو اتصال شيء بشيء([71]).
فإذا دققنا النظر في تلك المعاني، وجدناها فعلاً ترجع إلى هذا الأصل، فالنسب ما هو إلا اتصال الابن بأبيه وأجداده، كما هو اتصال درجات القرابة، وكذلك النسيب زوج الأخت، متصل بالأسرة عن طريق زوجته والريح المشتدة متصلة دون تقطع، كما يسمع لها الصوت المتصل.
وكذلك الطريق المستقيم، متصل بعضه ببعض، لا يشعر سالكه بانقطاعه وعلى هذا فإذا أطلقت كلمة النسب، فإنها تشمل أنواع النسب كلها، وهي ثلاثة:
[ أ ] صلب: وهو النسب بين الآباء والأبناء خاصة، علواً وسفولاً.
[ب] عصبة (عصابة): هو بين الرجل وبين قرابة أبيه فقط، كالأعمام وبنيهم([72]).
[ج] رحم: وهم أقرباء الرجل من طرف أمه وعمته وجدته لأبيه وأمه([73]).
تعريف النسب اصطلاحاً :
أما تعريفه اصطلاحاً فلم يتجاوز أغلب الفقهاء في تعريفهم له المعنى اللغوي، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية أن النسب: حالة حكمية إضافية بين شخص وآخر من حيث أن الشخص انفصل عن رحم امرأة هي في عصمة زواج شرعي أو ملك صحيح ثابتين أو مشبهين الثابت للذي يكون الحبل من مائه([74]).
ويلاحظ أنّ هذا التعريف شامل لثبوت النسب في الزواج الشرعي الصحيح وفي الملكية كما هو شامل لثبوته في الوطء بشبهة، وهذا ما يفهم من قوله: "أو مشبهين الثابت"([75]).
صيانة الإسلام للنسب:
صانت الشريعة الإسلامية الأنساب من الضياع والعبث والكذب والتزييف، ولم تترك الشريعة النسب لأهواء أصحابه يدعونه أو ينفونه([76])، وهو من الحقوق الشرعية المترتبة على عقد الزواج ويتعلق به عدة حقوق.
[1] حق الله، لأنه يحقق مصالح عامة للمجتمع تتمثل في أنّ النسب من الروابط الوثيقة التي تربط مجموعة الأسر ببعضها، والأسرة أساس المجتمع.
[2] وفيه للأب، لأنه يترتب على ثبوت نسب الولد ثبوت الولاية عليه، وحق الإرث والإنفاق.
[3] وفيه حق للأم، لأن من حقها صيانة الولد من الضياع، ودفع التهمة عنها، وثبوت حق الرضاع والحضانة والإرث.
[4] وحق الولد، لدفع التعيير عن نفسه، وثبوت حقوق النفقة والرضاع والسكن والإرث وغير ذلك([77]).
لم يقتصر حفاظ الإسلام على الأنساب القادمة، بل حافظ على الأنساب التي تنحدر منها، لنعرف أصلنا، وأصل غيرنا، ليكون التلاقي والتراحم والتعاون، ولذلك يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾([78]).
وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم)([79]).
ومن هذين النصين ـ الآية والحديث ـ نعرف أنّ الإسلام يريد أنْ يحافظ على الأنساب حتى يتميز صحيحها من باطلها، لأنّ دخول الشك عليها يميت الداعي النفسي الباعث على الذب عنه وحياطته، والقيام عليه بما به بقاؤه([80]).
المبحث الثاني: حق اختيار الاسم الحسن
من حق الطفل على والديه أنْ يختارا له الاسم الحسن، فلا يطلق عليه من الأسماء ما ينفر أو يكون سبيلاً للسخرية منه([81]). وخير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، وما شابههما من الأسماء المعبدة لله تعالى وكذلك أسماء الأنبياء؛ وذلك لتأخذ الأمة الإسلامية طابعها الخاص والمميز في أسمائها، لتحمل أعلام العبودية والرحمة، وتتشرف بالانتساب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعمق معاني الخير في جوانب الحياة، وكان من العادة النبوية: أنْ يسمّي الولد باسم حسن، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنّ أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة)([82]).
وقد اتفق الفقهاء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، والثابت من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يغير الأسماء المنفرة والمكروهة إلى الأسماء الحسنة. وذلك لما في الاسم الجميل من تأثير كبير على شخصية الإنسان وعلى سلوكه طوال فترة حياته([83]).
وقد ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: (إنما أنت جميلة، وبره سمّاها جويرية)([84]) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لشخص: ما اسمك؟ فقال: أصرم. فقال: "بلى أنت زرعة"([85]) وقال آخر: حزن، قال: "أنت سهل"([86])، وسمّى حرباً: سلماً" وسمّى المضطجع: المنبعث"([87])؛ وقد غيّر النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً من الأسماء غير ما ذكرنا([88])؛ وأمر الأمة بتحسين الأسماء([89]). وفي هذا تنبيه على أنّ الأفعال ينبغي أنْ تكون مناسبة للأسماء، لأنّ الأسماء قوالب الأفعال ودالة عليها.
لا جرم اقتضت الحكمة الربانية أنْ يكون بينهما ارتباط وتناسب، وأنْ لا يكون أحدهما أجنبياً من الآخر، بحيث أنْ لا يكون بينهما تعلق بوجه من الوجوه. لأنّ الحكمة تأبى ذلك، والواقع المشاهد غير ذلك، وتأثير الأسماء في المسميات، والمسميات في الأسماء ظاهر وبائن وإلى هذا المعنى أشار القائل:
وقُل إنْ أبصرت عيناك ذا لقب ***** إلا ومعناه إنْ فكرت في لقبه وكان إياس بن معاوية([90])إذا رأى شخصاً. قال: ينبغي أنْ يكون اسمه كذا وقلما يخطئ في ذلك، ولما كانت الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ أشرف الخلق وأكملهم، وأخلاقهم وأعمالهم أشرف الأخلاق والأعمال، وأسماؤهم أشرف الأسماء، فلهذا الوجه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسمي بأسمائهم، وفي سنن النسائي: (تسموا بأسماء الأنبياء)([91]).
المبحث الثالث: حقوق متعلقة بآداب الشريعة عند استقبال المولود
ومنها ما يلي:
[أ] المساواة في الفرح عند استقبال المولود بين الذكر والأنثى خلافاً لعادات الجاهلية، قال جلَّ شأنه: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعً﴾ ([92]).
[ب] استحباب التأذين في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى: وردت بذلك الأحاديث كما في مستدرك الحاكم عن أبي رافع قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة) ([93])، وعن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى، رفعت عنه أم الصبيان)([94]) وسر التأذين، والله أعلم: أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها.
وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة دعوة الشيطان، كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان لها، ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم([95]).
[ج] استحباب تحنيكه بتمرة أو حلاوة والدعاء له بالبركة: جاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "وُلِدَ لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمّاه إبراهيم وحنكه بتمرة"([96]). وعن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم"([97]).
[د] العقيقة: هي الذبيحة التي تذبح للمولود، وأصل العق: الشق والقطع، وقيل للذبيحة عقيقة لأنه يشق حَلْقها ويقال عقيقة للشعر الذي يخرج على رأس المولود من بطن أمه.
عن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق، ويسمى) رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي([98]).
وقال صلى الله عليه وسلم : (في الغلام عقيقة، فأريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى)([99])، والجمهور على أنها سنة، وعند الظاهرية واجبة([100]).
المبحث الرابع: حق الختان
الختان: ويطلق على العملية التي تُجْرَىَ لعضو التناسل، كما يطلق على موضع القطع من هذا العضو في الذكر والأنثى، وهو من الحقوق التي يطالب الآباء والأمهات أن يقوموا بها لأبنائهم.
ويرى الحنفية أن الختان غير واجب للذكر أو للأنثى "وهو سنة للرجل مكرمة للمرأة، إذ جماع المختونة ألذ، وقيل: سنة فيهما، غير أنه لو تركه يجبر عليه إلا من خشية الهلاك، ولو تركته هي لا "([101]).
ويرى المالكية أنه سنة مؤكدة بالنسبة للذكر، ومندوب أي أفضل للأنثى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن تخفض الإناث: (أخفضي ولا تنهكي)، أي: لا تجوري في قطع اللحمة الناتئة بين الشفرين فوق الفرج، فإنه يضعف بريق الوجه ولذة الجماع([102]).
ويرى الشافعية أنه واجب في الذكور والإناث على القول الصحيح عندهم وأن على الولي الأب القيام بذلك في حال الصغر([103]). وعند الحنابلة كالشافعية يجب الختان([104]).
وذكر ابن القيم أنه يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ، فإنَّ ذلك مما لا يتم الواجب إلا به([105]).
|