عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10-06-2009, 07:24 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دروس وعبر من غزوة أحد (40 درس من غزوة أحد)

22- تسلية المؤمنين وبيان حكمة الله فيما وقع يوم أحد:
قال تعالى: ( إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) [1]
بيَّن الله -سبحانه- لهم أن الجروح والقتلى يجب ألا تؤثر في جسدهم واجتهادهم في جهاد العدو؛ وذلك لأنه كما أصابهم ذلك فقد أصاب عدوهم مثله من قبل ذلك، فإذا كانوا مع باطلهم وسوء عاقبتهم لم يفتروا لأجل ذلك في الحرب، فبأن لا يلحقكم الفتور مع حسن العاقبة والتمسك بالحق أولى
وقال صاحب الكشاف: والمعنى: إن نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم قبله يوم بدر، ثم لم يضعف ذلك قلوبهم، ولم يثبطهم عن معاودتكم بالقتال, فأنتم أولى أن لا تضعفوا. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنه كان يوم أحد بيوم بدر، قتل المؤمنون يوم أحد، اتخذ الله منهم شهداء، وغلب رسول اللهصلى الله عليه وسلم يوم بدر المشركين فجعل الدولة عليهم. وقد ذكر الله تعالى أربع حكم لما حدث للمؤمنين في غزوة أحد وهي: تحقق علم الله تعالى وإظهاره للمؤمنين، وإكرام بعضهم بالشهادة التي توصل صاحبها إلى أعلى الدرجات, وتطهير المؤمنين وتخليصهم من ذنوبهم ومن المنافقين، ومحق الكافرين واستئصالهم رويدًا رويدًا)[2].

23-اللجوء إلى الله:
روى أحمد قال: لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال رسول الله -r- : ((استووا حتى أثني على ربي عز وجل))، فصاروا خلفه فصفوفًا فقال: ((اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت: اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك العون يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق.

24- «أحد جبل يحبنا ونحبه»:
عن أنس بن مالكرضي الله عنه قال: إن النبيصلى الله عليه وسلم طَلَع له أحدٌ فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبه»).
وهذا يدل على دقة شعور النبيصلى الله عليه وسلم حيث قارن بين ما كسبه المسلمون من منعة التحصن والاحتماء بذلك الجبل، وما أودعه الله تعالى فيه من قابلية لذلك، فعبر عن ذلك بأرقى وشائج الصلة وهي المحبة، أفلا يعتبر هذا الوجدان الحي والإحساس المرهف مثلا أعلى على التخلق بخلق الوفاء؟. ألا إن الذي يعترف بفضل الحجارة الصماء، ويفضي عليها من الأخلاق السامية ما لا يتصف به إلا أفاضل العقلاء لجدير به أن يعترف بأدنى فضل يكون من بني الإنسان، وإن كان وفاؤهصلى الله عليه وسلم للجماد قد سما حتى حاز أرقى العبارات وأرقها, فأخلق ببني الإنسان الأوفياء أن ينالوا منه أعظم من ذلك، فضلا عمن تجمعه بهم الأخوة في الله تعالى

25- الملائكة في أحــــد:
قال سعد بن أبي وقاصرضي الله عنه: رأيت عن يمين رسول اللهصلى الله عليه وسلموعن شماله يوم أحد، رجلين عليهما ثياب يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد, يعني جبريل وميكائيل، عليهما السلام([3]). وهذا خاص بالدفاع عن النبيصلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تكفل بعصمته من الناس، ولم يصح أن الملائكة قاتلت في أحد سوى هذا القتال، ذلك لأن الله تعالى وعدهم أن يمدهم؛ وجعل وعده معلقًا على ثلاثة أمور: الصبر والتقوى وإتيان الأعداء من فورهم، ولم تتحقق هذه الأمور فلم يحصل الإمداد([4]),, قال تعالى:
( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ )[5] .

26- وما النصر إلا من عند الله:
النصر ابتداء وانتهاء، بيد الله عز وجل, وليس ملكًا لأحد من الخلق، يهبه الله لمن يشاء ويصرفه عمن يشاء، مثله مثل الرزق، والأجل والعمل:
( وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )[6].
وحين يقدر الله تعالى النصر، فلن تستطيع قوى الأرض كلها الحيلولة دونه،
وحين يقدر الهزيمة، فلن تستطيع قوى الأرض أن تحول بينه وبين الأمة, قال تعالى:

( إِن يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )[7]
ولكن هذا النصر له نواميس ثابتة عند الله عز وجل, نحن بحاجة إلى فقهها, فلا بد أن تكون الراية خالصة لله سبحانه عند الذين يمثلون جنده, قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )[8]. ونصر الله في الاستجابة له، والاستقامة على منهجه والجهاد في سبيله.
27-استخراج العبودية في السراء والضراء :
ومن الحكم والدروس استخراج الله عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء وفيما يحبون وما يكرهون وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقا وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية .

28- حكمة تبدل الأحوال :
ومن الحكم والدروس أنه سبحانه لو نصرهم دائماً وأظفرهم بعدوهم في كل موطن وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدا لطغت نفوسهم وشمخت وارتفعت فلو بسط لهم النصر والظفر لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء والقبض والبسط فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته إنه بهم خبير بصير .

29-الخضوع لجبروته تعالى :
ومن الحكم والدروس أن الله إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا فاستوجبوا منه العز والنصر فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار قال تعالى :
{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلّةٌ }[9] وقال:
{ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا }[10] فهو - سبحانه - إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولا ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره .
30-رفع منازلهم :
سبحانه وتعالى هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها[11] .

31- تحريضهم على الجد في العبودية لله:
ومن الحكم والدروس أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانا وركونا إلى العاجلة وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه فيكون ذلك البلاء والمحنة .

32-تربية الأبناء على حب الجهاد:
ذكر الواقدي في المغازي في سياق رواية له " وعرض عليه غلمان عبد الله بن عمر ، وزيد بن ثابت ، وأسامة بن زيد والنعمان بن بشير وزيد بن أرقم والبراء بن عازب ، وأسيد بن ظهير ، وعرابة بن أوس ، وأبو سعيد الخدري ، وسمرة بن جندب ، ورافع بن خديج ، فردهم . قال رافع بن خديج ، فقال ظهير بن رافع يا رسول الله إنه رام وجعلت أتطاول وعلي خفان لي . فأجازني رسول اللهصلى الله عليه وسلم. فلما أجازني قال سمرة بن جندب لربيبه مري بن سنان الحارثي ، وهو زوج أمه يا أبت أجاز رسول الله رافع بن خديج وردني ، وأنا أصرع رافع بن خديج . فقال مري بن سنان الحارثي : يا رسول الله رددت ابني وأجزت رافع بن خديج وابني يصرعه . فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم تصارعا فصرع سمرة رافعا فأجازه رسول اللهصلى الله عليه وسلم - وكانت أمه امرأة من بني أسد .
وقال ابن هشام : وأجاز رسول اللهصلى الله عليه وسلم يومئذ سمرة بن جندب الفزاري ورافع بن خديج ، أخا بني حارثة وهما ابنا خمس عشرة سنة وكان قد ردهما ، فقيل له يا رسول الله إن رافعا رام ، فأجازه فلما أجاز رافعا ، قيل له يا رسول الله فإن سمرة يصرع رافعا ، فأجازه ورد رسول اللهصلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد وعبد الله بن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت ، أحد بني مالك بن النجار والبراء بن عازب ، أحد بني حارثة ، وعمرو بن حزم ، أحد بني مالك بن النجار وأسيد بن ظهير ، أحد بني حارثة ثم أجازهم يوم الخندق ، وهم أبناء خمس عشرة سنة . في هذا الخبر دليل كافٍ على حب الصحابة للجهاد وارتفاع مستواهم التربوي,حيث حببوا الجهاد لأبنائهم فأصبح غلمانهم يتسابقون في ميادين الجهاد.


[1] -[آل عمران: 140-143].
[2] - انظر: تفسير الكشاف (1/465).
([3]) مسلم، كتاب الفضائل، باب في قتال جبريل وميكائيل (4/1802).
([4]) انظر: السيرة النبوية الصحيحة (2/391).
[5]- [آل عمران: 124، 125].
[6]- [الأنفال: 10]
[7]- [آل عمران: 160].
[8]- [محمد: 7]
[9]-[ آل عمران 123 ]
[10]-[ التوبة 25 ]
[11]- زاد المعاد لابن القيم
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]