رد: سلسلة الدار الآخرة
وداً : أى محبة فى قلوب عباده المؤمنين المخلصين .
فإذا رأيت رجلاً يبغض مؤمناً صالحاً فاعلم بأن قلبه قلب خبيث مريض ، والعياذ باللـه فإن المنافق لا يحب مؤمناً على ظهر الأرض لأنه لا يحب إلا منْ على شاكلته ومعدنه .
ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة رضى اللـه عنه قال : قال رسول اللـه r(( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا والأرواح جنودُُ مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف))([1]) .
قال الخطابى رحمه اللـه : فالخَيِّر يحن إلى الأخيار والشرير يحن إلى الأشرار .
وأحب أن أنوه وأحذر من أمر خطير جداً وهو :
أن اللـه يعاقب المرائى فى الدنيا بضد قصده ونيته والعاقبة بضد قصد النية ثابت شرعاً وقدراً .
ففى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم من حديث ابن عباس أن النبى r قال : (( من سَمّعَ سمع اللـه به ومن يرائى يرائى اللـه به)) ([2]) .
قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى : قال الخطابى : " من عمل عملاً من أعمال الخير ، والطاعة يبتغى أن يراه الناس وأن يسمعوه ، عاقبه اللـه بضد قصده ونيته ففضحه اللـه جل وعلا وأظهر باطنه " .
اللـهم استرنا ولا تفضحنا .. اللـهم استرنا ولا تفضحنا .. اللـه استرنا ولا تفضحنا .
أما أن ذلت قدمه بمعصية فبكى وارتعد قلبه وخاف من اللـه جل وعلا، فهذا هو المؤمن التقى ونرجو اللـه أن يختم لنا وله بخاتمة التوحيد والإيمان.
فإن اللـه قد ذكر المتقين فى قرآنه وذكر من صفاتهم أنهم قد يقعون فى الفاحشة قال تعالى :{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ(133)الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(134)وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آل عمران : 133 - 135 ] .
وأحب أن أنوه على أمر آخر : إن عمل العبد عملاً يبتغى به وجه اللـه وتضرع فيه إلى اللـه أن يرزقه فيه الإخلاص ثم أثنى الناس عليه خيراً وجعل اللـه له الثناء الحسن على ألسنة الصادقين من عباده ، وجعل اللـه له المكانة الطيبة فى قلوب المخلصين من عباده وأولياءه فاستبشر خيراً .
ففى صحيح مسلم عن أبى ذر رضى اللـه عنه قلت يارسول اللـه : أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس فقال r : ((تلك عاجل بشرى المسلم))([3]) .
واسمع لهذا الحديث الرقراق الرقيق الذى رواه البزار وصححه شيخنا الألبانى فى صحيح الجامع أنه r قال : ((مامن عبد إلا وله صيت فى السماء فإن كان صيته فى السماء حسناً وُضع فى الأرض ، وإن كان صيته فى السماء سيئاً وُضع فى الأرض))([4]) .
أى أنه إن كان صيته فى السماء حسناً كان كذلك فى الأرض والعكس ولم لا ؟!! وقد قال النبى كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة : ((أن اللـه إذا أحب عبداً دعا ياجبريل ، فقال: إنى أحب فلاناً فأحبه ، قال : فيحبه جبريل ، ثم ينادى فى السماء فيقول : إن اللـه يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول فى الأرض . وإذا أبغض عبداً دعا جبريل عليه السلام فيقول : إنى أبغض فلاناً فأبغضه ، قال : فيبغضه جبريل ثم ينادى أهل السماء : إن اللـه يبغض فلاناً فأبغضوه ثم توضع له البغضاء فى الأرض))([5]) .
أسأل اللـه أن يسترنا بستره الجميل ويرحمنا إنه على كل شىء قدير .
أيها الأحبة الكرام : هؤلاء هم أول من يقضى بينهم يوم القيامة ، فما هو أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة ؟!! وهذا ما سوف نتعرف عليه بعد جلسة الاستراحة .
وأقول قولى هذا وأستغفر اللـه لى ولكم الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا اللـه وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . اللـهم صلى وسلم وزد وبارك عليه وعلى أله وأصحابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .
([1]) رواه مسلم رقم (2638) فى البر والصلة ، باب الأرواح جنود مجندة ، وأبو داود رقم (4834) فى الأدب ، باب من يؤمر أن يجالس .
([2]) رواه البخارى (6499) فى الرقاق ، باب الرياء والسمعة ، ومسلم رقم (2987) فى الزهد باب من أشرك فى عمله غير الله .
([3]) رواه مسلم رقم (2642) فى البر والصلة ، باب إذا أثنى على الصالح فهى بشرى ولا تضره .
([4]) صححه شيخنا الألبانى فى الصحيحة (2275) وهو فى صحيح الجامع رقم (5732) .
([5]) رواه البخارى رقم (7485) فى التوحيد ، باب كلام الرب مع جبريل ونداء اللـه الملائكة ، ومسلم رقم (2637) فى البر والصلة ، باب إذا أحب اللـه عبداً حببه إلى عباده ، والموطأ (2/953) فى الشعر ، والترمذى رقم (3160) فى التفسير ، باب ومن سورة مريم .
__________________
كن صديقا للجهاد ,,, واجعل الايمان راية ,,, وامضي حرا في ثبات ,,, انها كل الحكاية ,,, وابتسم للموت دوما ,,, ان يكن لله غاية ,,,
إن تصبري يا نفس حقاَ ترفعي في جنة الرحمن خير المرتعي إن الحياة وإن تطل يأتي النعي فإلى الزوال مآلها لا تطمعـــي إلا بنيل شهادة فتشفعــــــــــي
|