
31-05-2009, 07:14 PM
|
 |
مراقبة الملتقيات
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة :
|
|
رد: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ
مشاركة الملائكة في حمله :
ومن حديث أنس قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة كانت تحمله.[1]
وله شاهد مرسل عند أحمد [2]عن عبد الله بن شداد : أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن معاذ قال فدعا له فلما خرج من عنده مرت به ريح طيبة قال فقال هذا روح سعد قد مر به قال فلما وضع في قبره قالوا يا رسول الله إن سعدا كان رجلا بادنا وإنا وجدناه خفيفا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبتم أنكم حملتموه وحدكم أعانتكم عليه الملائكة.
ضمة القبر :
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :نزل لموت سعد بن معاذ سبعون ألف ملك ما وطئوا الأرض قبلها وقال حين دفن : سبحان الله لو انفلت أحد من ضغطة القبر لانفلت منها سعد، ولقد ضم ضمة ثم فرج عنه.[3]
فتح أبواب السماء لوفاته :
عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء وشهده سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه.[4]
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: هذا الرجل الصالح الذي فتحت له أبواب السماء شدد عليه ثم فرج عنه.[5]
أقوال أهل العلم في اهتزاز العرش :
قال النووي رحمه الله: اختلف العلماء في تأويله فقالت طائفة هو على ظاهره واهتزاز العرش تحركه فرحا بقدوم روح سعد وجعل الله تعالى في العرش تمييزا حصل به هذا ولا مانع منه كما قال تعالى (وإن منها لما يهبط من خشية الله)[6] وهذا القول هو ظاهر الحديث وهو المختار.[7]
وقال البغوي رحمه الله : والأولى إجراؤه على ظاهره وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام : أحد جبل يحبنا ونحبه . ولا ينكر اهتزاز ما لا روح فيه بالأنبياء والأولياء كما اهتز أحد وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ، وكما اضطربت الأسطوانة على مفارقته.[8]
وقال الذهبي رحمه الله : العرش خلق لله مسخر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله، وجعل فيه شعورا لحب سعد، كما جعل تعالى شعورا في جبل أحد بحبه النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال تعالى: (يا جبال أوبي معه) وقال (تسبح له السموات السبع والارض).[9]
شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة :
عن البراء بن عازب قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من حرير فجعل أصحابه يلمسونها ويعجبون من لينها فقال أتعجبون من لين هذه ؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين.[10]
وعن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال : دخلت على أنس بن مالك حين قدم المدينة فسلمت عليه فقال ممن أنت قلت أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال إن سعدا كان أعظم الناس وأطوله ثم بكى فأكثر البكاء ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى أكيدر صاحب دومة بعثا فأرسل إليه بجبة ديباج منسوجة فيها الذهب فلبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام على المنبر وقعد فلم يتكلم ونزل فجعل الناس يلمسونها بأيديهم فقال أتعجبون من هذه لمناديل سعد في الجنة أحسن مما ترون.[11]
قال القرطبي رحمه الله: هذه إشارة إلى أدنى ثياب سعد، لأن المناديل إنما هي ممتهنة متخذة لمسح الأيدي بها من الدنس والوسخ، وإذا كان هذا حال المنديل، فما ظنك بالعمامة والحلة؟ ولا يظن أن طعام الجنة وشرابها فيهما ما يدنس يد المتناول حتى يحتاج إلى منديل فإن هذا ظن من لا يعرف الجنة ولا طعامها ولا شرابها، إذ قد نزه اللهالجنة عن ذلك كله، وإنما ذلك إخبار بأن الله أعد في الجنة كل ما كان يحتاج إليه في الدنيا، لكن هي على حالة هي أعلى وأشرف، فأعد فيها أمشاطا ومجامر وألوة ومناديل وأسواقا وغير ذلك مما تعارفناه في الدنيا، وإن لم نحتج له في الجنة إتماما للنعمة وإكمالا للمنة.[12]
وقال ابن القيم رحمه الله: ولا يخفى ما في ذكر سعد بن معاذ بخصوصه ههنا فإنه كان في الأنصار بمنزلة الصديق في المهاجرين واهتز لموته العرش وكان لا يأخذه في الله لومة لائم وختم الله له بالشهادة وآثر رضا الله ورسوله على رضا قومه وعشيرته وخلفائه ووافق حكمه الذي حكم به حكم الله فوق سبع سموات ونعاه جبريل إلى النبي يوم موته فحق له أن تكون مناديله التي يمسح بها يديه في الجنة أحسن من حلل الملوك.[13]
فضله ومكانته :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ و أسيد بن حضير و عباد بن بشر.[14]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخير دور الأنصار قالوا بلى يا رسول الله قال بنو عبد الأشهل وهم رهط سعد بن معاذ قالوا ثم من يا رسول الله قال ثم بنو النجار قالوا ثم من يا رسول الله قال ثم بنو الحرث بن الخزرج قالوا ثم من يا رسول الله قال ثم بنو ساعدة قالوا ثم من يا رسول الله قال ثم في كل دور الأنصار خير.[15]
وعن عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: قال سعد بن معاذ : ثلاث أنا فيهن : رجل يعني كما ينبغي وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بشيء غيرها حتى أقضيها ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول ويقال لها حتى أنصرف عنها.
قال سعيد بن المسيب: هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي. [16]
تنبيه: حديث مشهور في فضله لكنه لا يصح:
عن أسماء بنت يزيد بن سكن قالت : لما توفى سعد بن معاذ صاحت أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك فان ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش.[17]
من مراثي سعد:
قال حسان بن ثابت يرثي سعد بن معاذ رضي الله عنهما :
لقد سجمت من دمع عيني عبرة ... وحق لعيني أن تفيض على سعد
قتيل ثوى في معرك فجعت به ... عيون ذواري الدمع دائمة الوجد
على ملة الرحمن وارث جنة ... مع الشهداء وفدها أكرم الوفد
فإن تك قد وعدتنا وتركتنا ... وأمسيت في غبراء مظلمة اللحد
فأنت الذي يا سعد أبت بمشهد ... كريم وأثواب المكارم والمجد
بحكمك في حيي قريظة بالذي ... قضى الله فيهم ما قضيت على عمد
فوافق حكم الله حكمك فيهم ... ولم تعف إذ ذكرت ما كان من عهد
فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى ... شروا هذه الدنيا بجناتها الخلد
فنعم مصير الصادقين إذا دعوا ... إلى الله يوما للوجاهة والقصد.[18]
مات سعد ليرحل عن دنيا الناس ، ولكن سيرته لم ولن ترحل وستظل سيرته نورا على الدرب لكل سالك إلى الله عز وجل.
فرضي الله عن سعد وعن جميع الصحابة، وجعلنا اللهم على دربهم ونهجهم القويم.
وختاما، أسأل الله أن يرزقنا خاتمة الحسنى، هذا هو بحثي المتواضع حول هذا الصحابي العظيم.
وكل ما ذكرته له فهو نقطة في بحر مواقفه وبطولاته المجيدة، فوالله إنه ليستحق منا أكثر من ذلك.
فأسأل الله أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[1] الترمذي (5/ 690 / 3849 ) وصححه الحاكم (3/ 228) ووافقه الذهبي.
[2] في فضائل الصحابة (1504).
[3] رواه البزار (3/256-257/2698 كشف الأستار) وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 308 ) وقال : رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح .وصححه الألباني رحمه الله في الصحيحة (3345).
[4] رواه النسائي (4/ 100 / 2055 )وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم : 6987
6 رواه أحمد (3/327) وصححه ابن حبان (15/505/7033)وحسنه الشيخ الألباني في الصحيحة (3348).
1 البقرة الآية 74.
[7] شرح صحيح مسلم (16/22).
[8] شرح السنة (14/180)
[9] سير أعلام النبلاء (1/297)
[10] رواه البخاري (3/1187/3077) ومسلم (4/1916/2468).
[11] رواه أحمد (3/121)والترمذي (1723) والنسائي (5317).
[12] المفهم (6/384).
[13] حادي الأرواح (1/140).
[14] رواه الحاكم (3/254) وصححه ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في المجمع (9/244) وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات إلا ابن إسحاق عنعنه.
1 رواه أحمد(2/267) وصححه ابن حبان(16/275/7286).
[16] رواه ابن عبد البر في الاستيعاب (2/605) من حديث ابن عباس متصلا. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (6/5/5321) وذكره الهيثمي في المجمع (9/308) وقال : رواه الطبراني بإسنادين أحدهما عن أبي سلمة مرسلا والآخر عن الماجشون منقطعا وفي إسناده من لم أعرفه.
3 رواه أحمد (6/456) والحاكم (3/228)وصححه ووافقه الذهبي وابن سعد (3/434) وابن أبي شيبة (12/143)وابن أبي عاصم في السنة (559)وابن خزيمة في التوحيد (ص154)وأورده الهيثمي في المجمع (9/309)وقال: رجاله رجال الصحيح.اهـ
وفيه إسحاق بن راشد وهو مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان. قال ابن خزيمة: لست أعرف إسحاق بن راشد هذا. والحديث ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في ظلال الجنة (1/300).
[18] سيرة ابن هشام (3/163-164).
|