الحديث الثاني :
(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين قبل الفجر ( قل يا أيهـاالكافرون) و( قل هو الله أحد) .
هذا الحديث رواه ثمانية من الصحابة رضي الله عنهم ، وهم :
(1) عبد الله بن عمر رضي الله عنه:
رواه أبو داود الطيالسي (2005) ومن طريقه البيهقي 3/43 وابن حجر في نتائج الأفكار1/497.
وابن أبي شيبة في المصنف 2/50 ، ومن طريقه مسلم في التمييز 207،
والطبراني في الكبير (13528) من طريق موسى بن داود .
ومسدد كما إتحاف الخيرة المهرة للبوصيري (2300) ، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط 5/226 ، وابن عبد البر في التمهيد 24/41 .
والخلال في فضائل سورة الإخلاص (20) وابن حجر في نتائج الأفكار1/498. من طريق عثمان بن أبي شيبة.
كلهم (أبو داود، وأبو بكر، وموسى، ومسدد، وعثمان) قالوا :
حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة يقرأ في الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ).
وليس عند الطبراني، والخلال، وابن حجر: ذكر ركعتي المغرب .
قال ابن حجر هذا حديث حسن ، ورجاله رجال الصحيح ، ولكن له علة ، وهي عنعنة أبي إسحاق ، وقد أخرجه النسائي من رواية عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق فأدخل بينه وبين مجاهد رجلا، وهو إبراهيم بن مهاجر، وهو مختلف فيه، وليس من رجال الصحيح. والله أعلم. اهـ
ورواه عبد الرزاق (4790) ، ومن طريقه أحمد 2/35 والطبراني في الكبـير(13527).
ورواه أحمد 2/94 ، والترمذي (417) ـ ومن طريقه والبغوي في شرح السنة (883) ـ ، وابن ماجه (1149) ، وابن حبان (2459) من طريق أبي أحمد الزبيري.
كلاهما (عبد الرزاق ، وأبو أحمد) قالا: حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن ابن عمر : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من خمس وعشرين مرة ، أو قال من عشرين مـرة ـ قال عبد الرزاق: وأنا أشك ـ يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد) لفظ عبد الرزاق .
ولفظ أبي أحمد ( رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا فكان يقرأ بالركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد) .
قال الترمذي: حديث حسن، ولا نعرفه من حديث الثوري، عن أبي إسحاق إلا من حديث أبي أحمد، والمعروف عند الناس حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، وقد روي عن أبي أحمد عن إسرائيل هذا الحديث أيضا ، وأبو أحمد الزبيري ثقة حافظ.أهـ
أقولُ: تقدم أنه تابعه عبدالرزاق.
قال ابن حبان: سمع أبو أحمد الزبيري هذا الخبر عن الثوري ، وإسرائيل ، وشريك عن أبي إسحاق فمرة كان يحدث به عن هذا، وأخرى عن ذاك، وتارة عن ذا .
ورواه أحمد 2/24 و58 قال حدثنا وكيع. و2/95 حدثنا حجين بن المثنى. و2/99 حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير.
والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/298 حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا عبد الله بن رجاء ح وحدثنا فهد حدثنا أبو نعيم.
خمستهم (وكيع، وحجين، ومحمد، وعبد الله، وأبو نعيم) قالوا:
حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: ( رمقت النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين ، أو خمساً وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر ، والركعتين بعد المغرب بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد).
ولفظ وكيع: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعتين قبل الفجـــر ، والركعتين بعد المغرب بضعا وعشرين مرة ، أو بضع عشر مرة …) .
ورواه النسائي في المجتبى 2/170، وفي الكبرى (1064) والطبراني في الكبير (13564) من طريق الفضل بن سهل الأعـــرج.
والبيهقي 3/43 من طريق محمد بن إسحاق الصاغاني .
كلاهما (الفضل ومحمد) قالا: حدثنا الأحوص بن جواب، عن عمار بن رزيق، عن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: (رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة يقرأ في الركعتين بعد المغرب ، وفي الركعتين قبل الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ).
ولفظ الطبراني (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون ) .
قال الدارقطني ـ كما في أطراف الغرائب والأفراد (3/424 :3137) ـ : تفرد به إدريس بن الحكم، عن أبي الجواب ، عن عمار بـن رزيق، عن أبي إسحاق ، عن إبراهيم ، عن مجاهد. اهـ.
أقول: لم أجد من أخرج رواية إدريس المشار إليها ، وهو لم يتفرد به كما ترى.
والأحوص بن جواب هو: الضبي أبو الجواب الكوفي :
قال ابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ثقة. وسأله مرة أخرى فقال: ليس بذاك القوي. وقال عباس عن يحيى: ثقة. وقال يعقوب بن شيبة عن يحيى: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن شاهين في الثقات، وقال ابن حبان: كان متقناً ربما وهم. و أخرج له مسلم توفي سنة 211هـ .
انظر: الجرح والتعديل 2/328 والثقات لابن شاهين 73 والثقات لابن حبان 6/89 تهذيب الكمال 2/288 ميزان الاعتدال 1/167 الكاشف 1/229 تهذيب التهذيب 1/167 تقريب التهذيب 96.
وعمار بن رزيق هو: الضبي التميمي أبو الأحوص الكوفي :
قال علي بن المديني، وابن معين، وأبو زرعة: ثقة. وقال أبو حاتم: لابأس به. وقال النسائي والبزار: ليس به بأس. وقال أحمد: كان من الأثبات، وقال لوين: قال لي أبو أحمد الزبيري: لو اختلفتَ إليه لكفاك. وذكره ابن شاهين وابن حبان في الثقات. وقد أخرج له مسلم، ومات سنة 159.
انظر: الجرح والتعديل 6/392، والثقات لابن حبان 7/286 و الثقات لابن شاهين 228 وتهذيب الكمال 21/189 والكاشف 2/50 والميزان 3/164، تهذيب التهذيب 7/350 وتقريب التهذيب 407.
ورواه مسلم في التمييز 208 معلقاً عن إبراهيم النخعي عن مجاهد عن ابن عمر به.
قال ابن أبي حاتم في العلل 1/105:
سالت أبي عن حديث رواه أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن مجاهد ، عن ابن عمر، عن النبي r (أنه كان يقرأ في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب بـ (قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد) ؟
قال أبي: ليس هذا الحديث بصحيح، وهو عن أبي إسحاق مضطرب، وإنما روى هذا الحديث نفيع الأعمى ، عن ابن عمر، عن النبي r . اهـ.
أقول: رواية نفيع ستأتي إن شاء الله .
وقال مسلم في التمييز ص 208:
وهذا الخبر وهم عن ابن عمر ، والدليل على ذلك الروايات الثابتة عن ابن عمر أنه ذكر ما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من تطوع صلاته باليل والنهار، فذكر عشر ركعات ، ثم قال وركعتي الفجر أخبرتني بها حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين إذا طلع الفجر، وكانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها ، فكيف سمع منه أكثر من عشرين مرة قراءته فيها ؟
وهو يخبر أنه حفظ الركعتين من حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم . اهـ.
...(ثم ذكر ما ثبت من إخبار حفصة له ) ثم قال : إن رواية أبي إسحاق وغيره عن ابن عمر أنه حفظ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهم غير محفوظ . اهـ.
وقال محمد بن نصر كما في مختصر قيام الليل ص 84:
وهذا غير محفوظ عندي لأن المعروف عن ابن عمر رضي الله عنـه أنه روى عن حفصة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتيـن قبل الفجر ، وقال تلك ساعة لم أكن أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها .اهـ
أقول: وفي عدم إخراج البخاري لهذا الحديث مع أنه على شرطه ، وقد عقد في صحيحه بابا بعنوان (ما يقرأ في ركعتي الفجر) ، ولم يذكر فيه سوى حديثي عائشة رقم (1170) وفيه (..ركعتين خفيفتين..) و(1171) وفيه (.. يخفف الركعتين اللتين قبل الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب) ولم يذكر شيئا في تعيين القراءة أشارة إلى أن هذا الحديث لم يصح عنده ، وأنه معلول ؛ فلذلك لم يخرجه، مع أنه أصل في هذا الباب. والله أعلم.
ثم وجدتُ الإمامَ البخاري في التاريخ الكبير 8/11 : (بعد ذكره لعدة روايات عن ابن عمر في السنن الرواتب ، وكونه عرف ركعتي الفجر من حفصة .. ) قال: ورواه أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر مثله ، ولا يصح ، والصحيح حديث حفصة .
ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان 1/214
قال :حدثنا أبي في جماعة، قالوا: حدثنــا محمد بن يحيى بن منده، حدثنا إبراهيم بن عامر، حدثنا أبي، عن يعقوب، عن أبي سيف ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال ( رقبت رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة يصلي في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد) .اهـ .
أقول : هذا الحديث بهذا الإسناد تفرد به عامر بن إبراهيم، ولا يعرف إلا من طريقه، وقد اضطرب فيه ؛ فمرة يرويه عن يعقوب، عن أبي سيف، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر،
ومرة عن أبي هانئ، عن شريك، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر،
ومرة عن محمد بن عبدالرحمن المجاشعي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة .
ولم يتابع على جميع هذه الروايات ، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله .
وعامر بن إبراهيم: هو ابن واقد الأصبهاني المؤذن: قال أبو داود الطيالسي اكتبوا عن عامر بن إبراهيم فإنه ثقة ،وقال عمرو بن علي حدثنا عامر بن إبراهيم وكان ثقة من خيار الناس .
توفي سنة إحدى أو اثنتين ومائتين .
انظر : الجرح والتعديل 6/ 319 ، وطبقات المحدثين بأصبهان 2/83 ، وتاريخ أصبهان 1/ 462 ،وتهذيب الكمال 14/11 ، و تهذيب التهذيب 5/54 ، وتقريب التهذيب 287.
ورواه الطبراني في الكبير(13493) حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة، ويحيى بن أيوب العلاف المصري، حدثنا سعيد بن أبي مريم. وفي الأوسط (188) حدثنا أحمد بن حماد بن زغبة، حدثنا سعيد بن أبي مريم.
وابن عدي في الكامل 9/57حدثنا أحمد بن الحارث بن مسكين حدثنا أبي أخبرنا ابن وهب.
كلاهما، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمرـ في الكامل عبد الله بن عمرو وهو خطأ ـ ( قال رسول الله r قل هو الله أحد تعدل ثلث القرءان وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرءان وكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر وقال: هاتان الركعتان فيهما رغب الدهر ). لفظ الطبراني في الأوسط.
وقال: لم يرو أول هذا الحديث في قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون عن ليث ، إلا عبيد الله بن زحر ؛ تفرد به يحيى بن أيوب .
ولفظ ابن عدي (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرءان وإن هاتين الركعتين فيها الرغائب والخير كله ).اهـ
قال ابن رسلان ( في شرح سنن أبي داود 2/490 القسم الذي حققه سهيل حسن عبد الغفار): رواه الطبراني وأبو يعلى بإسناد حسن !
وعبيد الله بن زحر هو: الضمري مولاهم الإفريقي الكناني:
قال العجلي: يكتب حديثه وليس بالقوي، وقال علي بن المديني: منكر الحديث، وقال حرب بن إسماعيل: قلت لأحمد بن حنبل : عبيد الله بن زحر ؟ فضعفه، وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: عبيد الله زحر ثقة، وقال الدارمي،عن ابن معين:كل حديثه عندي ضعيف، وفي رواية عباس، وابن أبي خيثمة، عن ابن معين: ليس بشيءٍ ، وقال أبو مسهر: عبيد الله بن زحر صاحب كل معضلة إن ذلك بين على حديثه، ونقل الترمذي في العلل عن البخاري أنه: وثقه، وقال البخاري في التاريخ :مقارب الحديث لكن الشأن في علي بن يزيد ، وقال يعقوب بن سفيان ضعيف ، وقال أبو حاتم: لين الحديث ، وقال أبو زرعة: لا بأس به صدوق، وقال النسائي: ليس به بأس ، وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً يروي الموضوعات عن الإثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وقال ابن عدي: ويقع في أحاديثه ما لا يتابع عليه ، وقال الدارقطني: ضعيف ، وقال الحاكم: لين الحديث ، وقال الخطيب: كان رجلاً صالحاً في حديثه لين.
وقد أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.