عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-05-2009, 03:41 PM
الصورة الرمزية غفساوية
غفساوية غفساوية غير متصل
أستغفر الله
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: بين الأبيض المتوسط والأطلسي
الجنس :
المشاركات: 11,032
59 59 حكم الحديث المعلق






حكم الحديث المعلق




الحمد لله

أولا :

الحديث المعلق هو ما حذف من بداية إسناده ( أي من جهة المحدث المصنف – صاحب الكتاب-) راو واحد فأكثر .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله "نزهة النظر" (108-109) :


" ومن صور المعلق :
أن يحذف جميع السند ، ويقال مثلا : قال رسول لله صلى الله عليه وسلم .
ومنها : أن يحذف كل السند ولا يبقى إلا اسم الصحابي أو اسم الصحابي والتابعي.
ومنها : أن يحذف من حدَّثَه ويضيفه إلى من فوقه " انتهى بتصرف .


ثانيا :
كل حديث يذكر في الكتب محذوف الإسناد ، ويرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، دون عزو إلى شيء من كتب السنة ، فهو حديث معلق ، فإن كان الحديث موصولا بالأسانيد في كتب السنة ، أو كان المصنف الذي علقه قد وصله في مكان آخر من كتبه ، فيظهر حينئذ أن تعليق من علقه إنما كان لأجل الاختصار ، ووصفه بالتعليق لا يعني الحكم عليه بالضعف ، وليس هو محل خلاف وبحث عند أهل العلم .

تجد ذلك كثيرا ظاهرا في صحيح الإمام البخاري :
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله "النكت" (1/325) :
" إن ضاق مخرج الحديث ولم يكن له إلا إسناد واحد ، واشتمل على أحكام واحتاج إلى تكريرها ، فإنه والحالة هذه إما أن يختصر المتن أو يختصر الإسناد " انتهى .
ويقول السيوطي في "تدريب الراوي" (1/117) :
" وأكثر ما في البخاري من ذلك موصول في موضع آخر من كتابه ، وإنما أورده معلقا اختصارا ومجانبة للتكرار " انتهى .


ثالثا :
للحكم على الحديث المعلق فإنه لا بد – كما هو الحال عند الحكم على أي حديث – من جمع طرق الحديث والبحث عن أسانيده ؛ ولا يخلو حكمه بعد ذلك من الحالات التالية :


1- إن لم نقف له على سند في أي كتاب : فحينئذ فالأصل الحكم بالضعف على الحديث ؛ وذلك للجهل بحال الرواة المحذوفين من السند ، فقد يكون منهم الضعيف أو الكذاب .
مثاله : ما علقه الحافظ ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مَا مِن مُسلِمٍ يَمُرُّ عَلَى قَبرِ أَخِيهِ كَانَ يَعرِفُهُ فِي الدُّنيَا ، فَيُسَلِّمُ عَلَيهِ ، إِلا رَدَّ اللَّهُ عَلَيهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيهِ السَّلامَ )

فقد بحث أهل العلم عن هذا الحديث المعلق فلم يجدوه مسندا في كتاب ، وكل من يذكره ينقله عن تعليق الحافظ ابن عبد البر ، فهو في الأصل حديث ضعيف ، إلا أن بعض أهل العلم صححه تبعا للحافظ ابن عبد البر الذي علقه وصححه .


2- إذا وجدنا للحديث سندا موصولا في كتاب آخر من كتب السنة ، فإننا حينئذ ننظر في السند ، ونحكم عليه بحسب قواعد أهل العلم في نقد الأحاديث ، كما أنه يمكن الاستعانة للحكم على الحديث المعلق بما فهمه العلماء من مناهج كتب السنة ، وهذا بيان ذلك :


رابعا :
لبعض الأئمة مناهج في ذكر الحديث المعلق ، وهذه المناهج إما أن ينص عليها الإمام نفسه ، أو يعرفها من بعده من أهل العلم من خلال دراسة كتابه واستقراء أحاديثه .
ومن كلام أهل العلم في منهج البخاري في التعليق ، نستطيع تقسيم معلقاته ( والتي تصل إلى مائة وستين حديثا معلقا ) إلى قسمين :

الأول : ما علقه بصيغة الجزم ، مثل قال ، رَوَى ونحو ذلك :
فحكم هذه المعلقات هو الصحة أو الحسن ، لأنه لا يستجيز أن يجزم بذلك إلا وقد صح عنده ، بل منها ما هو على شرطه وإنما علقه لأنه أخذه مذاكرة أو إجازة .

ويستثني العلماء من هذه القاعدة حديثا واحدا فقط ، وهو ما علقه في كتاب الزكاة (2/525) :

( وقال طاوس : قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن : ائتوني بعرض ثياب : خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة ، أهون عليكم ، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة )

قالوا : فهذا إسناده إلى طاوس صحيح ، إلا أن طاوسا لم يسمع من معاذ .

الثاني : ما علقه بصيغة التمريض : مثل : رُوِيَ ، يُذكَر ونحوها .

فهذا قد يكون فيه الصحيح ، وقد يكون فيه الحسن ، ويكون علقها لأنه رواها بالمعنى .
كما قد يكون فيه الضعيف ضعفا يسيرا : وقد يبين ضعفه بقوله عقبه : ( لم يصح ) .

( ملخصا من كتاب "النكت" للحافظ ابن حجر (1/325-343) ، "تدريب الراوي" للسيوطي (1/117-121)


أما صحيح مسلم :

فإن جميع ما فيه من المعلقات يصل فقط إلى خمسة أحاديث ، يرويها الإمام مسلم مسندة متصلة من طريق ، ثم يعلقها عقبه من طريق أخرى غير الطريق التي أسندها ، لغرض علمي يريده الإمام مسلم ، وقد جمعها الشيخ رشيد الدين العطار في رسالة مطبوعة ، وبين وصلها وأسانيدها الصحيحة .
وليس في صحيح مسلم – بعد المقدمة – حديث معلق لم يصله من طريق أخرى إلا حديث واحد : قال مسلم في حديث رقم (369) :


وروى الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن عبدالرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول : : أقبلت أنا وعبدالرحمن بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث ابن الصمة الأنصاري ، فقال أبو الجهم :


( أَقبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِن نَحوِ بِئرِ جَمَلٍ ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، فَلَم يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَيهِ حَتَّى أَقبَلَ عَلَى الجِدَارِ ، فَمَسَحَ وَجهَهُ وَيَدَيهِ ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيهِ السَّلامَ ) وانظر "النكت" للحافظ ابن حجر (1/346-353)


وقد وجد هذا الحديث مسندا متصلا من طريق الليث بن سعد أيضا عند البخاري في صحيحه (337) وأبو داود (329) وغيرهما .


والله أعلم .


الإسلام سؤال وجواب
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.42 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]