عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-05-2009, 10:31 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي التعوذ بالله من اربعة بعد التشهد الأخير

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو :


اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ , وَمن عَذَابِ النَّارِ , وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ,


وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ .


وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ : إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ , يَقُولُ :


اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ . ثم ذَكّر نحوه .


في الحديث مسائل :



1= أهمية هذه الأربع والاستعاذة منها : عذاب القبر ، وعذاب النار ، وفتنة المحيا ،


وفتنة الممات ، وفتنة الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ .



2= إثبات عذاب القبر ، وقد أنكره بعض المعتزلة من نحا نحوهم وسار بِسيرهم ،


وعذاب القبر حق .


قال ابن دقيق العيد : فِي الْحَدِيثِ إثْبَاتُ عَذَابِ الْقَبْرِ . وَهُوَ مُتَكَرِّرٌ مُسْتَفِيضٌ فِي


الرِّوَايَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ .


وقد تقدّم التفصيل في هذه المسألة في شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما ،


وهو الحديث الثامن عشر .



3= إثبات فتنة المسيح الدجال ، وأنه أعظم فتنة ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة ،


لِما أعطاه الله ومكّنه مما فيه فتنة . وقد أنكره قوم ، وتأوّله آخرون !



فقد تأوّل بعض المعاصرين أن المقصود به : الحضارة الغربية ،


أو اعوجاج الضمير اليهودي !



وهذا تأويل مرفوض ، إذ كيف يُتصوّر أن يستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم من



المسيح الدجال ، ويأمر أصحابه بالاستعاذة منه ، ويُخبر بمكانه ، وبما معه ،



وجهة خُروجه ، وأنه يَخرج من جهة المشرق ، وأنه يَتبعه سبعون ألف من



يهود أصبهان ، كما في صحيح مسلم ، وأصبهان اليوم في إيران !



ثم يُتأوّل بعد ذلك هذا التأويل الفاسد ؟!



وقد أخبر تميم الداري النبي صلى الله عليه وسلم بما رأى من الدجّال ،



فصدّقه النبي صلى الله عليه وسلم ، وذَكَر عليه الصلاة والسلام أنه وافق الذي



حدّثهم عن الدجال ، والحديث بِطوله في صحيح مسلم .



4= معنى فتنة المحيا :



قال ابن دقيق العيد : مَا يَتَعَرَّضُ لَهُ الإِنْسَانُ مُدَّةَ حَيَّاتِهِ مِنْ الافْتِتَانِ بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ



وَالْجَهَالاتِ ، وَأَشَدُّهَا وَأَعْظَمُهَا - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى : أَمْرُ


الْخَاتِمَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ .



5= معنى فتنة الممات :



قال ابن دقيق العيد : يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْفِتْنَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ . أُضِيفَتْ إلَى الْمَوْتِ



لِقُرْبِهَا مِنْهُ . اهـ . وفُسِّرتْ فتنة الممات بأنها فتنة القبر .



وكان ابن أبي مليكة يقول : اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا ،



أو نفتن عن ديننا . رواه البخاري ومسلم .



وكان سلف هذه الأمة يخافون على أنفسهم من فتنة المحيا ومن فتنة الممات



وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : وما يؤمنني وإبليس حَـيّ ؟!



قال جبير بن نفير : دخلت على أبي الدرداء مَنْزِله بحمص فإذا هو قائم يصلي في



مسجده ، فلما جلس يتشهد جعل يتعوذ بالله من النفاق ، فلما انصرف ، قلت :



غفر الله لك يا أبا الدرداء ! ما أنت والنفاق ؟ قال : اللهم غفرا - ثلاثا - من يأمن



البلاء ؟ من يأمن البلاء ؟ والله إن الرجل ليفتتن في ساعة فينقلب عن دينه .



وقد ورد أن الشيطان تمثّل لبعض الصالحين عند الموت .



قال صالح بن أحمد بن حنبل : لما حضرت أبي الوفاة فجلست عنده والخرقة بيدي



أشدّ بها لحيته . قال : فجعل يغرق ثم يفيق ويفتح عينيه ويقول بيده هكذا : لا بعد .



لا بعد . لا بعد . ففعل هذا مرة وثانية ، فلما كان في الثالثة قلت له : يا أبتِ إيش هذا



الذي لهجت به في هذا الوقت ؟ فقال : يا بني أما تدري ؟ قلت : لا . فقال : إبليس لعنه



الله قائم بحذائي عاضّ على أنامله يقول : يا أحمد فتني ! فأقول : لا ، حتى أموت .



وقال عطاء بن يسار : تبدّى إبليس لرجل عند الموت فقال : نجوت ! فقال :



ما نجوت ، وما أمنتك بعد .



ففتنة المحيا هي ما يكون في الحياة من الردّة – عياذاً بالله – أو ما يكون من



الضلال بعد الهدى ، والمعصية بعد الطاعة .



وفتنة الممات شاملة لفتنة الاحتضار ، وحضور الشيطان عند الميت ،



ولفتنة القبر وسؤاله .



6= استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم مع عصمته منها :



قال القاضي عياض رحمه الله تعالى : ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم



واستعاذته من هذه الأمور التي قد عُوفي منها وعُصم إنما فعله ليلتزم خوف



الله تعالى وإعظامه والافتقار إليه ، ولتقتدي به أمته ، وليبين لهم صفة الدعاء



والمهم منه . ذَكَرَه النووي . وكذا قال الحافظ العراقي في طرح التثريب :



اسْتِعَاذَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ مَعَ أَنَّهُ مُعَاذٌ مِنْهَا قَطْعًا فَائِدَتُهُ



إظْهَارُ الْخُضُوعِ وَالاسْتِكَانَةِ وَالْعُبُودِيَّةِ وَالافْتِقَارِ ، وَلِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ ،



وَيُشَرِّعَ لأُمَّتِهِ . اهـ .



7= حُكم الاستعاذة من هذه الأربع في الصلاة :



قال الإمام النووي : قوله : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعلّمهم هذا الدعاء



كما يعلمهم السورة من القرآن ، وأن طاوساً رحمه الله تعالى أمر ابنه حين لم يَدْعُ بهذا



الدعاء فيها بإعادة الصلاة ؛ هذا كله يدل على تأكيد هذا الدعاء والتعوذ والحثّ الشديد



عليه ، وظاهر كلام طاوس رحمه الله تعالى أنه حَمَل الأمر به على الوجوب ، فأوجب



إعادة الصلاة لفواته ، وجمهور العلماء على أنه مستحب ليس بواجب ، ولعل طاوس



أراد تأديب ابنه وتأكيد هذا الدعاء عنده لا أنه يعتقد وجوبه ، والله أعلم .




قال العراقي :وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ



تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِئَلا يَتَهَاوَنَ بِتِلْكَ الدَّعَوَاتِ فَيَتْرُكَهَا فَيُحْرَمَ فَائِدَتَهَا وَثَوَابَهَا . اهـ .



8= مكان الاستعاذة :



في التشهد الأخير بعد التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .



قال الحافظ العراقي : فِيهِ اسْتِحْبَابُ الإِتْيَانِ بِهَذَا الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ ،



وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ .



وقال : وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ وُجُوبِ ذَلِكَ عَقِبَ التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ ،



ثُمَّ إنَّهُ تَرُدُّهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ الَّتِي فِيهَا تَقْيِيدُ التَّشَهُّدِ بِالأَخِيرِ ،



فَوَجَبَ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ، لا سِيَّمَا وَالْحَدِيثُ وَاحِدٌ مَدَارُهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ



رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .



9= ورَدَتْ الاستعاذة في آخر الصلاة من غير هذه الأربع ،



فمن ذلك استعاذته صلى الله عليه وسلم من المأثم ومِن المغرم .



ففي حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو



في الصلاة : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال



، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات ، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم .



فقال له قائل : ما أكثر ما تستعيذ من المغرم . فقال : إن الرجل إذا غَرِمَ حَدَّث فكذَب ،



ووعد فأخلف . رواه البخاري ومسلم .



وهذا من باب الاستعاذة مما يُورِث النفاق العملي ، وهو الكذب وإخلاف الوعد .



والله تعالى أعلم .



الشيخ : عبد الرحمن بن عبدالله السحيم
__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.92 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]