( 7/ 1)
قراءة شخصية الزَّوج:
إذا أحسنتِ قراءة شخصيَّة زوجك، فسوف يسهُل عليْكِ حينئذٍ أن تعرفي مكدّرات صفائِه؛ ومن ثَمَّ تجتهدين في تجنُّبها، فمثلاً:
إذا كان زوجك من النَّوع الهادئ الطباع فإنَّ من منغصات صفائه: الضوْضاء والضجيج والصوت المرتفع دون داع.
كلُّ الأزْواج لا يقْبلون من الزَّوجة أيَّ نوعٍ من أنْواع المنِّ، حتَّى وإن كان لها عليْه شيء من ذلك.
كلُّ الأزْواج يملُّون الزَّوجة الروتينيَّة التي لا تلْتمس لطرائق حياتها شيئًا من التغيير الجميل.
النظافة العامَّة والمستمرَّة من أهمِّ ما يَجب أن تحرِص عليْه الزوجة، في نفسها ومنزلها، ولا يصحُّ أن تبرِّر لنفسها شيئًا من الإهْمال في ذلك، أو التَّأخير فيه.
إنَّ بعضهُنَّ يفهمنَ هذه الكلِمات فهمًا محْدودًا: "التعهُّد لموقع عينه، والتفقُّد لموضع أنفه، فلا تقع عيْنُه منك على قبيح، ولا يشَمّ منك إلا أطْيب ريح"، فتعتقِد بعض الزَّوجات أنَّه يَجب عليْها أن تنظف نفسها وتعطِّر جِسْمَها، وخاصَّة عند حاجة زوْجِها إليها، أو عندما تأْوِي إلى فراشها، على أحسن تقدير.
والحقُّ أنَّ المعنى أوسع من ذلك، فموقع عين الرَّجُل هو كل داره، هذه الدَّار التي هي مسؤوليَّة الزَّوجة بالدَّرجة الأولى: نظافة ونظامًا وهندامًا.
فإنَّ الرَّجل إذا أُوذي بِمنظر إِهْمال في أي ركن من أركان بيتِه التي تصِل إليها عيناه، فلن يكون لذلك إلاَّ الأثَر السيِّئ، حتَّى وإن تزيَّنت له زوجُه بأحْلى الزينات.
إنَّ بعض الزوجات تطلب من زوجها أن يغضَّ بصرَه عن بعض جوانب بيته، وأن يكفَّ عن التَّنبيه على تنظيف أو ترتيب هذا المكان أو ذاك؛ لأنَّها تعد ذلك من مهمَّات المرأة التي يحقُّ لها تأجيلها أو التعجيل بها حسب الأحوال، وهذه كلِمة مفتوحة ولا ضابط لها.
وإذا حاورها صاحبُها بالتي هي أحسن وبالكلمة الطيِّبة، لا يجد منها إلا تراخيًا وتسويفًا، إلاَّ ما يكون منها في وقت هذا الكلام؛ إرضاءً للخاطر وتمريرًا للموقف، ثم "تعود ريما لعادتها القديمة".
فإذا قسا لتزدجر، فعلت ولم تخرق له الأمر؛ لكنَّها تظلُّ تشتكي قسْوَتَه وعُنْفَه، وأنَّه لا يرحم ولا يعذر!
ولو فقِهت منذ البداية، وقرأت طبائع صاحبَها، فعمدت إلى ما يُحِب ويبغي - لحصَّلت من السَّعادة أضعافًا، وإن لاقتْ من إرْهاق البدن ما لاقت.
إنَّ أرقَّ العطور وألطف التَّسريحات لا تغني عن صاحبتِها شيئًا، إذا كان ما وراءها على غير طبيعته.
وقد يُقبَل من الرَّجل بعض الأشياء، لكنَّها لا تقبل من المرأة، ولا يمكن أن يقال هنا: لماذا يصحُّ ذلك من الرَّجُل ولا يصح من المرأة؟!
والجواب على ذلك السؤال - إن سئل - هو قول امْرأة عمران - عليهما السلام -: {وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَالأُنثَى} [آل عمران: 36].
فإن جاز للرَّجل أحيانًا - مع الكراهة بالتَّأكيد - أن يُسمَع منه صوت منفِّر أو أن تُشمَّ منه رائحة، أو أن تُرى منه بعض الحركات التلقائيَّة غير المستساغة في مجلسِه - فإن ذلك يكون في حكم المرأة حرامًا اجتماعيًّا مغلَّظا؛ لأنَّه لا يتناسب بحالٍ مع طبيعتِها كامرأة.
"والاحتِفاظ ببيتِه وماله، والإرْعاء على نفْسِه وحشمه وعياله؛ فإنَّ الاحتفاظ بالمال حسن التَّقرير، والإرْعاء على العيال والحشَم جميل حسن التدبير، ولا تفشي له سرًّا، ولا تَعْصي له أمرًا؛ فإنَّك إنْ أَفْشيتِ سرَّه لم تأْمني غدْره، وإن عصيتِ أَمْرَه، أوْغَرت صدْره، ... وكوني أشدَّ ما تكونين له إعْظامًا يكن أشدَّ ما يكون لك إكْرامًا، وأشدَّ ما تكونين له موافقة، يكُن أطولَ ما تكونين له مرافقة، واعلمي أنَّك لا تصلين إلى ما تُحبِّين حتَّى تُؤْثِري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببتِ وكرهت".
والله، إنَّها لحكيمة حـــــقًّا!
والندِّيَّة في التَّعامل مع الزوج قد تُثير لديْه نوازع الكبرياء، وتدفعه إلى الانتِصار لنفسه وإن كان على الخطأ.
وليس من المناسب التحدُّث مع الزَّوج فيما يستقذر، فمثلاً لا داعيَ للحديث في أمور الحيض والنِّفاس وقضاء الحاجة وما شاكلها؛ لأنَّ هذا يصدُّ النَّفس عن مصدر هذا الحديث صدودًا.
ويتَّصل بذلك: الحرص على عدَم رؤيته لمتعلّقات هذه الأشياء وآثارها وروائحها، فهي - في الأغلب - لا تلْقى قبولاً لدى الرجال؛ ولذلك يقول الله تعالى: {وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَـاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].
والغَيرة المبالَغ فيها تجرُّ البيت إلى جحيمٍ لا يطاق، وسوء الظَّنِّ واتِّباع الهوى بغيْر بيِّنة إثمٌ وذنبٌ، وبابٌ واسع لوساوس الشَّيطان، وخير الأمور الوسط؛ {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ}.
وحمل الكلِمات على محمل سيئ مفسدة لذات البيْن، والأصل في تصرُّفات العباد طيب المقاصد، ((أفلا شققْت عن قلبه؟!)).
والجدل بالتي هي أسوأ يؤدِّي لقسْوة القلوب وتنافرها، والصَّمت أحيانا يكون أبلغ من الكلام، وتفويض الأمر إلى الله - تعالى - سبيل لوقاية العبد سيِّئات الماكرين، والدُّعاء بإصلاح ذات البين، والتَّأليف بين القلوب، والهداية إلى سبُل السَّلام، والخروج من الظُّلمات إلى النور - سبيلٌ عظيمة للخُروج من كثير من الأزمات.