من المعلوم شيخنا الجليل انتشار الفتن في هذا الزمان واستفحالها وقلة العلماء الرادين عليها والواقفين بوجهها , ومن هذه الفتن فتنة التكفير وبالخصوص تكفير ولاة الامر والخروج عليهم والدعوة الى الخروج عليهم من اناس اشباه للعلماء يتكلمون بكلام يقطر منه الدم وليس اي دم بل دماء المسلمين ولا حول ولا قوة الى بالله , فأردت منكم شيخنا الجليل الرد عليهم لتكون كلماتكم رداً على هذه الفتوى المنتشرة على الشبكة العنكبوتية والتي تقدم للشباب الملتزم قليل العلم ذو النوايا الحسنة الساعي الى الجهاد وأقامة دولة الاسلام من جديد وهذه الشبهات كما يلي:
1-هل يجوز تكفير مسلم بعينه او ولي امر اوعالم ان علم عليه كفراً بواحاً.
2-وماهو الكفر البواح الذي جاء في الحديث المشهور والمعلوم عندكم , هل هو النطق بالكفر باللسان ام بالعمل.
3-تجريح هولاء الناس في العلماء وطلبة العلم مثل علماء الحجاز وعلماء الاردن طلبة الشيخ الاباني , ويتهمونهم بالارجاء وانهم وعاض سلاطين ويتهمونهم بأصدار فتاوى مخالفة للشرع وبصالح ولي الامر ( المرتد ) عندهم.
4-استشهادهم بحديث عمر الذي جاء بما معناه ان المسلمين يجب أن يقوموه بالسيف اذا مال الى الدنيا فحمد الله (اعني عمر بن الخطاب) وقال الحمد لله الذي جعل من امة محمد من يقومني , فما مدا صحة هذا الاثر من عدمه وهل يجوز الاستشهاد به للخروج على الحاكم المسلم ان كان ظالماً , وهل ينسب هذا الكلام الى شيخ الاسلام ابن تيمية ( اقصد الخروج على ولي الامر المسلم الظالم).
5-ردهم على حديث اطاعة ولي الامر الذي جاء فيه ( ما اقاموا فيكم الصلاة ) ويأولونه بأنه لولي الامر المسلم انما ولاة امر المسلمين اليوم هم مرتدون ولا ينطبق الحديث عليهم من الاصل لقيام دولهم على دساتير وقوانين وضعيه وعلمانية كفرية.
6-تكفيرهم لجيوش الدول المسلمة ونعتهم بالردة وقد يحصل قتالهم كما يجري في الجزائر والمغرب العربي الان
فما هو واجنبنا شيخنا الجليل من هكذا فتاوى وماذا نفعل من انتشار هذا المذهب بين بعض الشباب الملتزم وكيف نرد عن عرض علمائنا من ارض الحجاز وطلبة الشيخ الاباني وعلماء مصر من هذا الفكر؟؟؟
بارك الله فيكم وجزاكم الله عنا خيرا
1 – يجوز تكفير مُسلم بِعينه أوْ وَليّ أمْر أو عَالِم إن جاء بأمْر مُكفِّر ، إلاّ أن هذا يجب أن يُضبط بضوابط ، منها :
أن تُقام عليه الحجة ، وتنتفي عنه الموانع .
أن لا يكون ذلك الْحُكم بالتكفير لِكلّ أحد ، بل هو لأهل العِلْم ؛ لأن فتح هذا الباب يؤدِّي إلى مفاسد ، ولو كان ذلك في حقّ عامة الناس .
[/quote]
السلام عليكم ورحمة الل وبركاته
أولا التكفير حكم الله وليس بشبهة ولوتتبعنا أيات التي وردت فيها كلمة الكفر لوجدناها تعدت المئات ..
ثانيا:الحكم على الأشياء تحسيناً وتقبيحاً، مرده إلى الله تعالى وحده لا لأحدٍ سواه؛ فمن حكم الله تعالى عليه بالكفر لوصف وقع فيه، نحكم عليه بالكفر ولا بد، ومن حكم عليه بالفسوق والظلم - لوصف وقع فيه - نحكم عليه بما حكم الله عليه ولا نتجاوز، فالمسلم يدور مع حكم الله حيثما دار، وليس له غير ذلك.
وبالتالي من يقع في الكفر البواح الذي لا يحتمل صرفاً ولا تأويلاً، لا بد من تكفيره عملاً بحكم الله تعالى، فمن أبى أن يكفره فقد رد حكم الله فيه، ووصف الكفر بالإيمان، والكافر بالمسلم المؤمن، وهذا بحد ذاته كفر كما نص على ذلك أهل العلم.
ثالثا:عقيدة التكفير وعقيدة الولاء والبراء في الله عقيدتان متلازمتان كل منهما تؤدي للأخرى، وانتفاء إحداهما مؤداه ولا بد إلى انتفاء الأخرى؛ فمن لوازم العمل بعقيدة الولاء والبراء تكفير من يستحق التكفير؛ وإلا كيف تتبرأ من الكافر وكفره وأنت لا تعرف كفره ولا تحكم عليه بالكفر، وكيف تخص المؤمنين المسلمين بالموالاة، وأنت لا تميزهم عن غيرهم من الكافرين والمشركين.
وكذلك من لا يكفر الكافرين المشركين لا يكون قد حقق البراء المطلوب شرعاً؛ إذ التكفير صورة من صور البراء، كما قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4]، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ.لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}
وبالتالي فإن من يُحارب عقيدة التكفير في الأمة فهو لزاماً يُحارب فيها عقيدة الولاء والبراء، وعقيدة الجهاد، وأمة بلا ولاء ولا براء ولا جهاد، سهلة المنال والإذلال! .
رابعا :كما أن الغلو في التكفير مزلق خطير فإن أسلمةالكافر لا يقل عنه.
خامسا :إذا وقع المسلم في الكفر البواح الذي لا شبهة فيه ثم توفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع وجب لكل مسلم تكفيره لأنها من لوازم الولاء والبراء فكيف نوالي ونعادي ونحن لانعرف الكافر من المؤمن.
[/quote]
أن يُفرَّق بين إطلاق الْحُكم العام ،كقولهم : من فعل ذلك فهو كافر ، وبين تَنْزِيل الْحُكم على شخص مُعيّن . فالأول أهون من الثاني .
[/quote]
هذه هي عقيدتنا والحمد لله فنحن لانكفر أحدا بعينه الا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع
[/quote]
أن يتورّع العالِم ويتوقّف حتى لا يبوء بإثم تكفير مسلم ، حتى يكون التكفير على بيّـنَة .
وأما عامة الناس فالسلامة في حقِّهم أن لا يخوضوا في مثل هذه المسائل ، بل ويحمدوا الله أن الأمر لم يُجعل إليهم .
ولأن الإنسان يوم القيامة لن يُسأل : لِمَ لَمْ تُكفِّر فلانا . وإنما سوف يُسأل : لِمَ كفَّرْت فلانا ، إن لم يكن أهلاً للتكفير .
فالسلامة لا يعدلها شيء . [/quote]
كيف نوفق بين هذا الكلام وبين كلام شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب إذ يقول رحمه الله تعالى: (فالله الله يا إخواني تمسكوا بأصل دينكم وأوله وآخره أسه ورأسه وهو شهادة أن لا إله إلا الله، واعرفوا معناها وأحبوا أهلها واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطواغيت وعادوهم وابغضوا من أحبهم أو جادل عنهم أو لم يكفرهم أو قال ما علي منهم، أو قال ما كلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله وافترى، بل كلفه الله بهم، وفرض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانه وأولاده. فالله الله، تمسكوا بأصل دينكم لعلكم تلقون ربكم لا تشركون به شيئاً..) [مجموعة رسائل في التوحيد والإيمان: 53]
اذكرك ياأخي أن التورع في تكفير من وقع في الكفر البواح هو تورع بارد ومذموم ..فقد وجدنا من يتورع في تكفير اليهود والنصارى بأعيانهم كالمرجئة وجهمية العصر أدعياء السلفية.
ولو كان التكفير خاص فقط بالعلماء لقلنا أيضا ان عقيدة الولاء والبراء خاصة أيضا بالعلماء اذ هي من لوازمه ودليل كلامي قول الشيخ نفسه :ولو كان ذلك في حقّ عامة الناس .
[/quote]
2 - الكفر البواح الذي جاء في الحديث ، هو الكُفْر الصريح الواضح .
ولذلك جاء في الحديث : " إِلاّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَان" . أي : بيّنة ، ودليل واضح .
قال الإمام النووي : وَفِي مُعْظَم النُّسَخ ( بَوَاحًا ) بِالْوَاوِ ، وَفِي بَعْضهَا ( بَرَاحًا ) وَالْبَاء مَفْتُوحَة فِيهِمَا ، وَمَعْنَاهُمَا : كُفْرًا ظَاهِرًا ، وَالْمُرَاد بِالْكُفْرِ هُنَا الْمَعَاصِي ، وَمَعْنَى عِنْدكُمْ مِنْ اللَّه فِيهِ بُرْهَان : أَيْ : تَعْلَمُونَهُ مِنْ دِين اللَّه تَعَالَى .
قال : وَمَعْنَى الْحَدِيث : لا تُنَازِعُوا وُلاة الأُمُور فِي وِلايَتهمْ ، وَلا تَعْتَرِضُوا عَلَيْهِمْ إِلاّ أَنْ تَرَوْا مِنْهُمْ مُنْكَرًا مُحَقَّقًا تَعْلَمُونَهُ مِنْ قَوَاعِد الإِسْلام ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَنْكِرُوهُ عَلَيْهِمْ ، وَقُولُوا بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنْتُمْ ، وَأَمَّا الْخُرُوج عَلَيْهِمْ وَقِتَالهمْ فَحَرَام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ كَانُوا فَسَقَة ظَالِمِينَ .
وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الأَحَادِيث بِمَعْنَى مَا ذَكَرْته ، وَأَجْمَعَ أَهْل السُّنَّة أَنَّهُ لا يَنْعَزِل السُّلْطَان بِالْفِسْقِ ، وَأَمَّا الْوَجْه الْمَذْكُور فِي كُتُب الْفِقْه لِبَعْضِ أَصْحَابنَا أَنَّهُ يَنْعَزِل ، وَحُكِيَ عَنْ الْمُعْتَزِلَة أَيْضًا ، فَغَلَط مِنْ قَائِله ، مُخَالِف لِلإِجْمَاعِ .
قَالَ الْعُلَمَاء : وَسَبَب عَدَم اِنْعِزَاله وَتَحْرِيم الْخُرُوج عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفِتَن ، وَإِرَاقَة الدِّمَاء ، وَفَسَاد ذَات الْبَيْن ، فَتَكُون الْمَفْسَدَة فِي عَزْله أَكْثَر مِنْهَا فِي بَقَائِهِ . اهـ . [/quote]
هذا ياأخي في من كان دون الكفر وكلام الشيخ واضح ومسألة فيها خلاف
فلو كان كل من خرج على الحاكم الفاسق ضال ومخطا لقلنا ذلك عن حسين رضي الله عنه إذ خرج عن يزيد ابن معاوية ...
أما من وقع في الكفر البواح كمثل ولاة الخمر..والطبلوالزمر الذين سميتهم بولاة أمرالمسلمين فإليك ماقاله العلماء في أمثالهم:
أ - نقل الحافظ في الفتح (13/124) عن ابن التين قوله: ”وقد أجمعوا أنه - أي الخليفة - إذا دعا إلى كفر أو بدعة أنه يقام عليه واختلفوا إذا غصب الأموال وسفك الدماء وانتهك هل يقام عليه أو لا“، قال ابن حجر: ”وما ادعاه من الإجماع على القيام فيما إذا دعا الخليفة إلى البدعة مردود إلا إن حمل على بدعة تؤدي إلى صريح الكفر... “.
ب- وقال الحافظ أيضاً في الفتح (13/132): ”... وملخصه أنه ينعزل بالكفر إجماعاً فيجب على كل مسلم القيام في ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب ومن داهن فعليه الإثم ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض“.
ج- وجاء في الفتح أيضاً (13/11): ”... وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء فإن أحدث جوراً بعد أن كان عدلاً فاختلفوا في جواز الخروج عليه والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه“.
د- ونقل النووي في شرح مسلم (12/ 229) عن القاضي عياض: ”فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام وخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه...“.
ه- وقال الإمام ابن كثير بعد ما ذكر الياسق الذي وضعه جنكيز خان: ”فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فهم كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير“. [تفسير القرآن العظيم 2/68].
و- وقال الشوكاني بعد كلام له في كفر من يتحاكم إلى غير شرع الله: ”.. وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعين حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة ويخرجوا من جميع ما هم فيه من الطواغيت الشيطانية...“. [الدواء العاجل في دفع العدو الصائل ص: 25]
ز- وقال ابن عبد البر في الكافي (1/463): ”.. وسأل العمري العابد – وهو عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله [بن عبد الله] بن عمر بن الخطاب سأل مالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله أيسعنا التخلف عن قتال من خرج عن أحكام الله عز وجل وحكم بغيرها؟ فقال مالك: الأمر في ذلك إلى الكثرة والقلة. وقال أبو عمر: جواب مالك هذا وإن كان في جهاد غير المشركين فإنه يشمل المشركين ويجمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كأنه يقول من علم أنه إذا بارز العدو قتلوه ولم ينل منهم شيئاً جاز له الانصراف عنهم إلى فئة من المسلمين بما يحاوله فيه...“.
فهذه النصوص القاطعة من أقوال أهل العلم والحاكية للإجماع على أنه يُخرَج على الحاكم إذا كفر .فقص ياأخي هذا الكلام على ولاة الخمر ...
[/quote]
والكُفر قد يكون بالقول ، وهو أظهر ، وقد يكون بالعَمَل ، كالذي يستبدل دِين الله عزَّ وَجَلّ بالدساتير الوضعية ، ويُحكِّم غير شريعة الله في أغلب الأحكام ، فهذا كُفر واضح .
ومثله مُوالاة أعداء الله موالاة تامة . [/quote]
فهل ياترى تورع في تكفير من وقع في مثل هذا النوع من الكفر من التورع المحمود...
[/quote]
3 – وأما التجريح في العلماء فهذه ليست سبيل المؤمنين ، ولا طريق أهل الوَرَع ، بل إن فاعل ذلك عاصٍ للنبي صلى الله عليه وسلم ، مُخالف لِهديه وطريقته ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ليس مِن أمتي مَن لم يُجِلّ كبيرنا ، ويَرْحم صَغيرنا ، ويَعْرِف لِعَالِمِنا حَقَّه . رواه الإمام أحمد .
وإذا كان علماء الأمة – كما يزعمون – وُعّاظ سلاطين .. فأين هم العلماء ؟!
ولعل هذه دعوة لاتِّخاذ الجهال رؤوسا !
وإذا اعتبرنا علماء الأمة وعّاظ سلاطين ، فليَحِلُّوا محلّهم في تعليم الناس وإفتائهم والصبر على مخالطتهم ! فإن لم يكن ، فليلزموا السكوت ، فهو أسلم لأديانهم . [/quote]
الحمد لله لسنا كذلك فكل يؤخذ من قوله ويرد والعبرة بقال الله وقال الرسول.
[/quote]
4 – استشهادهم بحديث عمر الذي جاء بما معناه أن المسلمين يجب أن يقوموه بالسيف .. هذا ضعيف ..
وروى ابن المبارك في " الزهد " من طريق سفيان بن عيينة ، عن موسى بن أبي عيسى قال : أتى عمر بن الخطاب ، مَشْرَبة بني حارثة ، فوجد محمد بن مسلمة ، فقال عمر : كيف تراني يا محمد ؟ فقال : أراك والله كما أحب ، وكما يحب من يحب لك الخير ، أراك قويا على جمع المال ، عفيفا عنه ، عادلاً في قَسمه ، ولو مِلْت عَدّلناك ، كما يُعَدّل السّهم في الثقاف . فقال عمر : هاه ؟! فقال : لو مِلْت عَدّلناك ، كما يُعدل السهم في الثقاف ، فقال عمر : الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا مِلْت عَدّلُوني .
وهذا أثر ضعيف منقطع ؛ لأن موسى بن أبي عيسى لم يُدرِك زمان عمر رضي الله عنه .
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق محمد بن النعمان أن النعمان بن بشير أخبره أنّ عمر بن الخطاب قال في مجلس وحوله المهاجرون والأنصار : أرأيتم لو ترخصت في بعض الأمور ، ما كنتم فاعلين ؟ قال : فسكتوا . قال : فقال ذلك مرتين أو ثلاثا : أرأيتم لو ترخصت في بعض الأمور ، ماذا كنتم فاعلين ؟ فقال بَشير بن سعد : لو فَعلت ذلك قوّمناك تقويم القدح ! فقال عمر : أنتم إذًا أنتم !
وهذا ضعيف أيضا ؛ لأن بَشير بن سعد استُشهد بِعين التمر مع خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة . فهو لم يُدرك خلافة عمر رضي الله عنه .
ويُحتمل أن يكون هذا قبل خلافة عمر رضي الله عنه ، ويكون سؤال عمر عن حاله لو مَال إلى الدنيا ، أو ترخّص في بعض الأمور في خاصة نفسه ، ولا علاقة له الرعية .
وعلى كُلّ فليس في هذه الرايات عزم الصحابة رضي الله عنهم على تعديل الخليفة بالسيف !
وغاية ما فيه أنه لو مَال عدّلُوه . والتعديل أعمّ من أن يكون بالسيف ، بل يكون بالنصح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والأخذ على يَدِه .
وليس صحيحا ما يُنسب على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أنه يرى الخروج على الحاكم الظالم .
فإن مما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية : لا يَجُوزُ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ بِمَا هُوَ أَنْكَرُ مِنْهُ ؛ وَلِهَذَا حُرِّمَ الْخُرُوجُ عَلَى وُلاةِ الأَمْرِ بِالسَّيْفِ ؛ لأَجْلِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ؛ لأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكِ وَاجِبٍ أَعْظَمَ مِمَّا يَحْصُلُ بِفِعْلِهِمْ الْمُنْكَرَ وَالذُّنُوبَ . اهـ .
وقد يفهم بعضهم بعض كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بِما يوافق هواه !
قال الإمام النووي : وَأَجْمَعَ أَهْل السُّنَّة أَنَّهُ لا يَنْعَزِل السُّلْطَان بِالْفِسْقِ[/quote]
هذا كله لمن وقع في ماهو دون الكفر البواح
5 – ما يتعلّق بِمن تولّى الأمر وهو مُرتد أو طرأت عليه الرِّدّة صحيح ؛ لأن الكافر أصلا لا تنعقد له بيعة .
وقد نَقَل الإمام النووي الْقَاضِي عِيَاض قوله : أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الإِمَامَة لا تَنْعَقِد لِكَافِرٍ ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْكُفْر اِنْعَزَلَ ، قَالَ : وَكَذَا لَوْ تَرَكَ إِقَامَة الصَّلَوَات وَالدُّعَاء إِلَيْهَا .
قَالَ الْقَاضِي : فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ كُفْر وَتَغْيِير لِلشَّرْعِ أَوْ بِدْعَة خَرَجَ عَنْ حُكْم الْوِلَايَة ، وَسَقَطَتْ طَاعَته ، وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقِيَام عَلَيْهِ ، وَخَلْعه وَنَصْب إِمَام عَادِل إِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ ، فَإِنْ لَمْ يَقَع ذَلِكَ إِلاَّ لِطَائِفَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقِيَام بِخَلْعِ الْكَافِر . اهـ .
وأنا لا أُدافع عن الحكام الذين بدّلوا شرع الله وغيّروا دِينه ..
والله تعالى أعلم .
الشيخ :عبد الرحمن السحيم