من منا اليوم منذ أصبح أحسّ قلبه بوجل من النار فدعا الله في أي سجود من كل قلبه : اللهم أجرني من النار ..من منا !!..
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } ..
أي واحد يأمن ويضمن الجنة !!..
لعب علي وعليك إبليس قال : مسلم !..عربي !.. في الجنة أنت !.. مكتوب اسمك في الفردوس !..
من منا حاسب نفسه ..
في اليوم مرة ..
في الأسبوع مرة ..
في الشهر ..
في السنة مرة ..
( فإن أمنني في الدنيا خوَّفته في الآخرة ) ..
ولما يُذكر الإيمان ..
ياتي إبليس ويكتب اسمك في المقدمة ..
تريد أن تعرف أنت مؤمن أولا ؟!..
دعك من تزكيات إبليس ..
اعرض نفسك على كلام الجبار العظيم ..
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } ؛ قف !!..هل نخشع في صلاتنا وتخشع في صلاتك ؟!..
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } ؛ كيف هي مجالسنا ؟!..
منا من يتورع عن الزنا ، ويتورع عن أكل الحرام ولسانه يفري في خلق الله ..
لما نزل هذا الحديث عُلم أن وعد الله حق ..
كيف لا وهو يقسم بعزته وبجلاله ، فصار النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه :
( اللهم اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ) سبعين مرة ..
لأنه علم أنه إذا ما خاف في الدنيا سيُخوَّف في الآخرة ..
أبو بكر رضي الله عنه خير من وطات قدمه الثرى بعد الرسل والأنبياء ..
موعود بأن يدخل الجنة مع أي أبوابها الثمانية شاء ..
قال فيه المولى : { وَلَسَوْفَ يَرْضّى } ..
ما قال والله أنا على خير ، وأحسن من غيري وأموري طيبة ..
كان جالس أبو بكر _ ولك أن تتخيل هذا المنظر _ جالس أبو بكر ممسك بلسان نفسه ويهزه ..
دخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : مالك يا أمير المؤمنين ؟!..
قال : هذا _ يعني لسان نفسه ؛ اللسان الذي ما فتر عن ذكر الله ، ولا تلاوة القرآن ، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر _ ..
يقول : هذا أوردني الموارد ..
عله أن يكون زلَّ بكلمة ..
من منا حاسب نفسه عن لسانه في يوم ؟!..
عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه ..
فُتحت على يديه الأمصار لكنه علم رغم أنه المُبشر الثاني ..
ثاني رجل في الأمة لكنه علم أنه مع منزلته هذه ..
إذا ما خاف في الدنيا سيُخوَّف في الآخرة ..
فلما سمع أنَّ حذيفة بن اليمان الصحابي الصغير اللي ما هو مبشر بالجنة ..
سمع أنه عنده أسماء بعض المنافقين ..
ما هو كلهم ..
بعض المنافقين ..
هل ارتاح عمر !!..
والله ما ارتاح ..
وجل قلب عمر ..
ما قرّ في مكانه ..
سعى سعي إلى بيت حذيفة يطرق على حذيفة الباب ..
يفتح حذيفة الباب : عمر ..تفضل ..
قال :لا !..حذيفة إني أسألك بالله ..
اسألك بالله هل ذكرني النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين ..
ما عندهم مجاملات ..
عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه يخشى على نفسه النفاق ..
ومنا من اجتمعت فيه صفات المنافقين كلها لكن إبليس يقول له :
لا يا أخي !..أنت أحسن واحد عند الله عزَّ وجلّ !..ما بينك وبين الجنة إلا أن تُنزع روحك !..
كم منا إذا حدَّث كذب ؟!..
كم منا من إذا أؤتمن خان ؟!..
وإلا أنت خارج هؤلاء ؟!!..
أنت مُزكّى ؟!!..
أنت خاص عند الله ؟!..
تكذب على كيفك ، وتغدر على كيفك ؟!..
كم منا من إذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر ؟!..
كم منا بالله من { إِِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } ؟!..
في الدندنة خذ رجال ؛ في خلواته يدندن ..
ويبغى إذا جاءت سكرة الموت يقول : لا إله إلا الله..
أخوتي ..
ما الذي أحضر عمر يسعى !!..
لأنه علم ولا بدَّ أن نعلم ..
من لم يخف في الدنيا يُخوَّف في الآخرة ..
هذه واحدة أخوتي بالرياض كنت مناوب فجاءني اتصال ودعيت إلى وحدة الطوارئ ..
فلما أتيت إذا بي أرى موقف ما {ايت مثله في حياتي ..
فتحت الستارة فإذا بي أرى فتاة عمرها ( 22 ) سنة ..
كان لها معالم في وجهها كما لي ولك ..
كان لها أنف ، ولها عينين ، ولها يدين ..
يد فتكت بها النيران حتى انقطعت ..
واليد الأخرى أكلت النيران الجلد ثم عاثت وفرت في اللحم والعضلات وقطّعت الشرايين وأكلت الأعصاب ؛ ما بقي إلا عصب واحد ، فقُطعت اليد الأخرى ..
هذا الأنف ..هذا الغضروف _ يا ضعفاء ..يا بشر .. يا من لا يطيق نار الدنيا فضلاً عن نار الآخرة _ ..
والله هذا الغضروف قد ذاب حتى التصق بخدها الأيسر ..
أرى لسانها مع فتحة الأنف _ منظر مريع _ ..
العين اليمنى فُضخت حتى التحم جفنها الأعلى بجفنها الأسفل _ألحمها من شقها أول مرة ؛ولو أراد عيني وعينك اليوم لن نعجزه في الأرض ولن نعجزه طلباً _ ..
الأذن كبر رأس أصبعي ..
والجهة الأمامية من الرأس ترى الجلد تكشف؛ليس الشعر فقط بل الجلد تكشف.
وضعت السماعة على صدرها والدمعات تسبق السماعة ؛ فلما رفعت السماعة فإذا بها !!..
ماذا بها يا ترى !!..
سماعة ..والله بها قشور من جلد صدرها قد التصقت في السماعة ..
هذه نار الدنيا !!..
طبعاً الذنوب اللي عندنا قال إبليس ياخذها عنا !!..
سيُحاسب هو !!..
أنت عزيز عند إبليس !!..
يتحمل عنك !!..
فصدقت..
نار الدنيا اللي صورها إبليس في عقلي وعقلك ..
قال : إيه ..تدخل وتطلع .. أنت مسلم ؛ قائل لا إله إلا الله ..
اسمع ماذا يقول الملك وهو الحق :{ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً }..
أسألك بالله ..
في يوم من الأيام هل جلست مع نفسك وتخيلت حالك فوق الصراط !!..
الصراط أسود ، والكون ظلام ، والنار تغلي وتزفر سوداء ..
ظلام في ظلام ..
{ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } ..
هل تخيلت حالك ، وأنت تسمع الصراخ ، وتسمع هذا يهوي !!..
قد وضعت أول قدم على الصراط ثم رفعت اليمنى ..
هل تفكرت في حالك !!..
هل تنزل على الصراط ، أو تهوي كما هوى الكثير منا خلف شهواته ؟!..
أو عندنا واسطة ..
إلى الآن لأننا ضامنين الجنة _ إلا من رحم الله _ ما نفكر في الأشياء هذه ..
نسمع { قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ } ..
نتخيل ناس ثانيين !!..نحن لا تمسنا النار !!..
لكن لما تذكر الجنة ، وتذكر القصور والحور يا أخوان ؛ والرجال على وجوه القمر يا أخوات {تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ}،والثمار،{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } ..
يتخيل الواحد منا جلسته على الأرائك ..
لمَ !!..أم اتخذوا عند الرحمن عهدا !!..
{ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ } ..
وهذه قصة ..
هي الوحيدة التي لم أقف عليها ، وما تفوهت بها _ والذي نفسي بيده _ حتى تأكدت منها وسوف أخبركم بمكان القصة وزمانها لمن أراد أن يتثبت ..
حصلت هذه القصة مع قريبة لي جداً ..
سمعتها منها مباشرة ..
والقصة مشهورة ..
حصلت هذه القصة أوائل شهر شعبان الماضي ..
تقول قريبتي هذه : كنا جالسات ، وكان أحد الدعاة يلقي محاضرة ، فكنا في قاعة نستمع ..
تقول : بينما نحن جلوس إذ دخلت فتاة ما أعرفها ، فجلست بجانبي ..
فكان الشيخ يتكلم عن قصة ماشطة بنت فرعون ..
سؤال قبل القصة ..
لو خرجنا مع هذا الباب ورأيت رجال قد كبّلوا رجل ، ثم أشعلوا فيه النيران يصطرخ وهو مكبل ..
هل تنام اليوم ؟!..
والله ما تنام ..
مع أنَّ هذا الرجل لا يمت لك بصلة ..
فكان يتكلم عن ماشطة بنت فرعون حينما سألها فرعون : أنا ربك ؟!..
قالت : لا ربي الله الذي خلقني وخلقك ..
فأمر بالجنود ؛ فأشعلوا على القدور العظيمة نيران تتأجج ، والزيت يغلي في القدور ..
فكرر السؤال ..
فكررت الإجابة ..