خامساً: سياسة الإذلال والتحطيم المنهجية
أ. العزل الانفرادي
بلغ عدد المعزولين انفرادياً حتى الآن 18 أسيراً (كان العدد 13 في نهاية العام الماضي 2007)، يتوزعون على سجون السبع وعسقلان والرملة وجلبوع وشطة وكفاريونا، بعضهم نقلوا للعزل بعد التحقيق مباشرةً بقرار من المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)؛ مثل مازن ملصة (أفرج عنه بعد 6 سنوات قضاها في العزل) وعبدالله البرغوثي وإبراهيم حامد.
وقد يكون العزل بقرار من الشاباص ( مصلحة السجون) بذريعة منع الإشكاليات أو أنهم خطيرون للغاية، وسنوات العزل قد تطول مثل ما حصل مع الأسير مازن ملصة. وهناك العديد من الأسرى تجاوزوا مدة 5 سنوات في زنازين العزل حتى الآن مثل ( محمود عيسى، معتز حجازي، حسن سلامة).
ولا يخرج المعزول للفورة الا ساعة واحدة في اليوم يمضيها وحيداً. وقد دأبت إدارة السجون على التفنن في عقاب المعزولين بمنع الفورة أحيانا وبمنع شراء الكنتينة وسحب الكهربائيات أحيانا أخرى، لتتحول اكسات العزل (مساحة 1.75 × 2.75 متراً، تشمل الحمام والدورة) الى جحيم بلا كهرباء وقليل من الهواء.
الأسير جمال ابو الهيجا من جنين أصيب بأمراض جلدية نتيجة لهذه الأوضاع، وكثيراً ما تعمد الإدارة إلى التحرش بالمعزولين بالتفتيشات المذلة؛ حيث الضرب والتعرية والرش بالماء والغاز، ويحتجز الأسرى المعزولون في أوساط الجنائيين المسجونين بسبب الجرائم والمخدرات والسرقات، حيث يكيل هؤلاء الشتائم للأسرى ويقومون بإزعاجهم في كثير من الأوقات، حتى وصل الأمر إلى الرش بالزيت الحار.
ومن المعزولين مؤخراً الأسير محمد جمال النتشة عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، والذي لا يعرف سبب عزله. ويهدد المعزولون باللجوء إلى معركة الإضراب عن الطعام لإجبار الشاباص لإخراجهم من العزل، وقد تحقق لهم ذلك بعد الإضراب الذي خاضته السجون عام 2000، ثم أعيد عزلهم بعد عامين من ذلك.
ب. التفتيش العاري
يتم تكبيل الأسير بالقوة وتعريته بذريعة التفتيش والبحث عن ممنوعات؛ كأسلوب آخر للإذلال، ما يثير الأسرى بشكل كبير. إثر ذلك قام الأسير محمد دواس بطعن احد الضباط في معتقل عسقلان، وقام طه الشخشير كذلك بضرب ضابط الأمن وضابط الاستخبارات والتسبب لهم بعدة كسور قبل السيطرة عليه.
وبعد أن حاولت إدارة نفحة المضي قدماً في إجرائها المذكور، لدرجة السعي لفرض هذه السياسة كذلك على الأهالي القادمين لزيارة أبنائهم؛ ما فُهم من قبل الأسرى أنه تجاوز للخطوط الحمراء، أدى إلى قيام الأسير هاني جابر بطعن مدير السجن.
ولقد وصل الأمر إلى ذروته في معتقلي شطة وجلبوع؛ حيث لم يُمارس أسلوب التفتيش العاري عند الخروج من السجن او دخوله فقط، بل لمجرد ذهاب الأسير إلى العيادة، أو إلى غرفة الزيارة لمقابلة زائريه، أو للتنقل من قسم إلى آخر.
خلال عملية التفتيش العاري تؤخذ الملابس للفحص، ويترك الأسير عاريا وسط سخرية أفراد الشرطة، وأحيانا تتم التعرية الجماعية لعدد من الأسرى. لم يتوقف الأمر إلا بعد فضيحة سجن ابو غريب في العراق؛ حيث سميت معتقلات شطة وجلبوع بأبو غريب. وقد ساعد على ذلك إضراب الأسرى عن الطعام لمدة 19 يوماً عام 2004، وهذا لا يعني أن هذه السياسة انتهت بالكامل بل مازالت تمارس في بعض الأحيان ولكن في نطاق ضيق.
ج. الاقتحامات الليلية
تتولى القيام بها وحدة المتسادة بذريعة التفتيش، وتستخدم خلال ذلك الرصاص المطاطي ورصاص الفلفل، والعصي الكهربائية والهراوي والرش بالغاز، ويستعمل الرصاص الحي أحياناً، ويتم إقتحام الأقسام في منتصف الليل، وتكبل أيادي الأسرى إلى الخلف ويرمون على وجوههم لساعات طويلة، ويتم الاعتداء عليهم بالضرب؛ خصوصاً إذا ما قرر الأسرى المواجهة، كما حدث في نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2007 حيث قُتل الأسير محمد الأشقر في معتقل النقب الصحراوي.
ويعتقد الكثير من الأسرى أن ذلك يمثل أسلوباً من أجل ترهيبهم وتخريب أغراضهم، ويهدف إلى قمع الأقسام بالكامل وتفريغها، كما حصل في معتقلات عسقلان ونفحة والنقب.
وتقوم وحدة المتسادة كذلك بتصوير الأسرى في حالة الاقتحام، وعرض الصور في الصحف المحلية والمحطات الفضائية.
د. العقوبات الجماعية
دأبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ممارسة سياسة العقوبات الجماعية بحق أفراد وجماعات الشعب الفلسطيني خارج السجون وداخلها، فإذا حصلت مشادة كلامية بين أسير فلسطيني وضابط إسرائيلي في السجن، قد يعاقب القسم الذي يقيم فيه ذلك الأسير بالكامل، وذلك بمنع زيارة الأهل مثلاً أو فرض الغرامات المالية، التي تم تفعيلها بعد عام 2002، ليجني الشاباك المبالغ المالية على حساب الأسرى، ورغم أن القانون ينص على ضرورة استخدام تلك المبالغ لصالح الأسرى، إلا أن الشاباك يستخدمها في بناء الزنازين الإضافية وزيادة التحصينات الأمنية.
وتمتد العقوبات إلى حد العزل في الزنازين، وسحب الكهربائيات بما فيها المراوح في حر الصيف اللاهب، وكذا سياسة النقل المستمر، فمن الأسرى من يتم نقله كل ثلاثة أشهر ومنهم من يتم نقله كل شهر، فالأسير جهاد يغمور ينقل في العام الواحد ما بين 10 - 15 مرة، وكذلك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الأسير عزيز دويك، الذي نقل من سجن مجدو إلى محكمة عوفر في شهر تموز (يوليو) 2007 عشر مرات متتالية، ولا يخفى ما في ذلك من إمتهان لشخصية رفيعة بمنزلته.
تتخصص فرقة النحشون بمسألة التنقلات بين السجون، وهي فرقة يتصرف أفرادها بشدة وعنف، ويقومون بإجراء التفتيش المذل ومصادرة الممتلكات حتى الملابس.
ومن أبشع صور العقاب سياسة القمع الجماعية، حيث يتم مثلاً نقل أقسام بالكامل تحت جنح الظلام دون تمكين الأسرى من أخذ أمتعتهم بما فيها ملابسهم الخاصة، وكذلك فقد يتم إحراق القسم على رؤوس الأسرى، كما حصل في معتقل مجدو عام 2003، وقد استخدمت طائرات الهليكوبتر في حينه لإلقاء الغاز على الخيام حتى أُحرقت. واحترقت بداخلها ممتلكات الأسرى.
ومن صور العقوبات الجماعية كذلك ما حدث في معتقلي النقب وعوفر في عامي 2006 و 2007؛ حيث تم نقل الأسرى إلى أقسام في سجن الرملة لمدة شهر كامل دون امتلاكهم غير الملابس التي يرتدونها، ولم يستطع الأسرى بالطبع تغييرها لعدم توفر غيرها.