عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 25-03-2009, 03:45 PM
الصورة الرمزية بلقيس93
بلقيس93 بلقيس93 غير متصل
مشرفة ملتقى نصرة الرسول
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
مكان الإقامة: فلسطيـــن الحبيبـــ الخليل ــــــة
الجنس :
المشاركات: 4,463
الدولة : Palestine
افتراضي رد: يا شيخ غزة يا إمام المجاهدين عليك سلام الله في الخالدين

رجل بأمة أو أمة في رجل

بقلم : الدكتور عبد العزيزالرنتيسي


ونحن نعيش في هذه الأيام من أيام الجهاد والاستشهاد ذكرىانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية حماس، آثرت أن أسلط الضوء على مؤسس هذه الحركةالقائد الفذ المتميز الشيخ المجاهد أحمد ياسين، هذا الرجل الذي لم تزده الابتلاءاتوالمحن إلا عزيمة وإصرارا على مواصلة الطريق على وعورته، والمضي قدما في طريقالتضحية والعطاء حتى تحقيق الأهداف التي من أجلها تم تأسيس هذه الحركة الإسلاميةالمجاهدة.

لم يكن هدفي عند كتابة هذا المقال الغوص في أعماق بحرهذا الرجل، لأنني لن أصل عندئذ إلى قرار، فبحر هذا الرجل عميق عميق جدا، ولذا فلنيحيط بمناقبه مقال، ولا كتاب، ولا حتى عشرات المجلدات وإن كثر تعدادها، وإني لأرىأن التاريخ سيقف طويلا وهو يؤرخ لهذا القائد الفلسطيني المسلم المجاهد، ولذا آثرتأن أقتصر على تسليط الضوء على بعض المحطات من حياته تكشف بعضا من صفاته التي أشعرأننا اليوم في أمس الحاجة إلى التخلق بها، وغرسها في وجدان وضمائر الأجيال القادمةمن أبناء الأمة الإسلامية، فلدى هذا القائد عزيمة لا تعرف التردد ، وإرادة لا تعرفالنكوص أو التراجع، وإقدام لا يعرف الجبن والخور، وقوة لا تعرف العجز.
فقد كان الشيخ أحمد ياسين يمخر عباب ربيعه الخامسعشر عندما أصيب بكسر في فقرات العنق على إثر مصارعة ودية بينه وبين أحد زملائهالشهيد عبد الله صيام، ورغم الإصابة الخطيرة التي حلت بالشاب أحمد ياسين إلا أنهأخفى أسباب الحادث عن عائلته حتى لا تحدث مشاكل عائلية بين عائلته وعائلة صيامقائلا حينه بأن الحادث كان بسبب قفزه في الهواء وسقوطه على رأسه، ولقد أخبرنيبالسبب الحقيقي للحادث عام 1990م عندما كنت أشاركه زنزانته أي بعد الإصابة بأربعينسنة، قائلا لي إنها المرة الأولى التي يتحدث فيها عن حقيقة ما جرى وأن عائلته حتىهذه اللحظة لا تعلم ذلك، وقد أدى هذا الحادث المؤلم إلى إصابة الشاب أحمد ياسينبشلل رباعي، فلا ساق له تتحرك ولا ذراع، ومن المعلوم أن الذين يصابون بمصيبة من هذاالقبيل يركنون إلى الضعف، ويستسلمون للعجز، فلا ترى أحدهم إلا وقد أصبح على هامشالحياة كما مهملا، لا يؤثر في مجرياتها ولا يتأثر بها، فيغدو عالة على المجتمع،وعبئا ثقيلا على ذويه.
ولكن الأمر العجيب والملفت للنظر أن الشيخأحمد ياسين قد سجل أول انتصار في حياته عندما صنع من شلله حركة، ومن عجزه إرادة،ومن ضعفه قوة، فانتصرت الإرادة الروحية لدى الشيخ أحمد ياسين على ضعف الجسد الهامد،فواصل تعليمه وأصبح مدرسا، ثم ارتقى المنابر خطيبا وموجها ومربيا داعيا إلى اللهعلى بصيرة، يعد الشباب المسلم لحمل أعباء الدعوة إلى الله، والتصدي لما يحاك منمؤامرات ضد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، مما أدى إلى اعتقاله على يدالحكومة المصرية في ذلك الوقت، وبعد هزيمة عام 1967م نهض الشيخ أحمد ياسين ليعيدإنشاء حركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، ولقد نجح في إقامة هذا البناء بصبر وثباتوإصرار ندر أن نرى له مثيلا في عالمنا المعاصر، خاصة أن الأمة العربية والإسلاميةكانت تغط في نوم عميق، وتعيش حالة ضعف وانكسار وانهزام، بينما كان الشيخ يصل الليلبالنهار في حركة دؤوبة، يحدوه أمل كبير في إنقاذ الأمة مما أصابها.
وبعد النجاح الذي أحرزه في إعادة بناء حركة الإخوان المسلمين فيفلسطين بدأ الشيخ يعد العدة لانتصار آخر يحرزه لصالح الشعب الفلسطيني والقضيةالفلسطينية، بل لصالح الأمة العربية والإسلامية، فكان هدفه الأول هو الانتصار علىحالة الضعف والنهوض من جديد، يدفعه إيمان قوي أن الأمة قادرة على إحراز النصر إذاما ملكت إرادة الخروج من دائرة الهزيمة، وكسر طوق التبعية لأعدائها الذين يتربصونبها الدوائر، فبدأ الإعداد لمعركة طويلة الأمد تخوضها الحركة الإسلامية في مواجهةالعدوان الصهيوني الشامل على فلسطين والأمة العربية والإسلامية، فقام الشيخ المجاهدبتأسيس جناح عسكري للحركة الإسلامية، ولكن قدر الله أن يضرب هذا الجناح في مهده مماأدى إلى اعتقال الشيخ أحمد ياسين من قبل العدو الصهيوني، ولقد عذب في أقبية التحقيقالصهيونية عذابا شديدا على يد المحققين الصهاينة اليهود، وذلك عام 1984م قبلانطلاقة الانتفاضة بثلاثة أعوام، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة عشر عاما، ثم أفرجعنه بفضل الله بعد أحد عشر شهرا في صفقة التبادل عام 1985م التي عقدها المجاهد أحمدجبريل أمين عام الجبهة الشعبية القيادة العامة مع العدو الصهيوني، وخرج من المعتقلبعزيمة وإرادة وإصرار على مواصلة الجهاد.
ففيالوقت الذي فجر فيه الشيخ الانتفاضة الفلسطينية عام 1987م كان قد تم مسبقا تأسيسالجناح العسكري لحركة حماس الذي أطلق عليه فيما بعد كتائب الشهيد عز الدين القسام،لتكون الحركة وجناحها العسكري وانتفاضة الشعب الفلسطيني بمثابة إعلان حرب استنزافضد هذا العدو الغاشم، بهدف تحقيق توازن الردع في ظل غياب توازن القوة .
وفيعام 1987م قام بتأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفي نفس الوقت الإعلان عن بدءانتفاضة الشعب الفلسطيني ضد الظلم والعدوان والإذلال والقهر المتمثل بالاحتلالالصهيوني لفلسطين، وتدنيسه للمقدسات الإسلامية وعلي رأسها المسجد الأقصى المبارك،ومذابحه التي طالت الأطفال والنساء والشيوخ بل والأجنة في بطون الأمهات، وتدميرهالقرى والمدن، وهدمه للبيوت فوق رؤوس ساكنيها، واقتلاعه الأشجار المثمرة، وتجريفهالأراضي الزراعية، وتدميره حياة الشعب على كل الصعد، لقد أدرك الشيخ أن هذا العدوالصهيوني المفسد قد اعتمد سياسة الإرهاب لتحقيق أهدافه الصهيونية العدوانية، وأدركأيضا أن هذا العدو المجرم لن يتوقف عن هذه السياسة إلا إذا كان الثمن الذي يدفعهبسبب جرائمه ثمنا باهظا.
فاعتقل الشيخ للمرة الثانية عام 1989موحكم الصهاينة عليه بالسجن مدى الحياة، وبعد ثماني سنوات في المعتقل تم الإفراج عنالشيخ بفضل الله عز وجل على إثر العملية الفاشلة التي قام بها الموساد في الأردن،العملية الإرهابية التي استهدفت حياة الأخ المجاهد خالد مشعل رئيس المكتب السياسيلحركة حماس.
وخرج الشيخ من المعتقل ليعلن على مسامع العالم أجمع أنالجهاد لن يتوقف حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر، وأن لا تفريطفي شبر من الوطن، ولا تنازل عن حق من حقوق الشعب الفلسطيني وعلي رأسها حق العودةللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من ديارهم منذ عام 1948م بسبب الإرهاب الصهيوني،رافضا بكل قوة كل المبادرات والوثائق والاتفاقات التي تؤدي إلى المساومة على الوطنأو التنازل عن شبر منه لصالح قراصنة العصر من الصهاينة اليهود الذين تساندهمالصليبية الحاقدة.وتواصل الحقد الصهيوني ضد الشيخ المجاهد حتى بلغالأمر بالصهاينة أن حرضوا السلطة الفلسطينية على الشيخ فما لبثت أن فرضت الإقامةالجبرية عليه، ولم تتردد السلطة الفلسطينية في الاستجابة لهذه الرغبة الصهيونية،ولكن الجماهير الفلسطينية حالت دون استمرار الإقامة الجبرية ليخرج الشيخ من جديدأمضى عزيمة وأشد إصرارا على مواصلة المسيرة الجهادية.
وتواصل الحقدالصهيوني وتمثل في هذه المرة باستهداف حياة الشيخ، حيث قصف البيت الذي تواجد فيهالشيخ أثناء الغارة الإرهابية بقنبلة زنة ربع طن، ولكن الله سلم فخرج الشيخ سالمارغم الدمار الهائل الذي لحق بالبيت، وقد خرج الشيخ من هذه المحاولة أيضا أشد إصراراعلى مواصلة المسيرة الجهادية، فلم تزده الشدائد إلا قوة وإصرارا، وتمسكا بالثوابتوالحقوق الوطنية.
هذا هو أحمد ياسين رجل بأمة أو أمة فيرجل.
__________________
______________________

رُبَّ هِمَّـةٍ أَحيَت .. أُمَّـــة ~



دَعْوَتِيْ .. أُمَتِيْ .. قُدْسِيْ .. كُلّ هَمّيْ ..



رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.18 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.36%)]