- قال العلماء : الشاذ و إن كان علّة فهو علّة لا كالعلل فلابد من ذِكرهِ للتنويه به لأن أقل أقل أقل القليل هو الذي يفقه هذا الباب , و هذا من باب إفراد الخاص عن العام لمزيد الإهتمام كقوله تعالى " قل إنّ صلاتي و نسكي و محياي ..." هو المحيى أليس يشمل الصلاة و النسك , طيب لماذا نص على الصلاة و النسك و أفردها عن هذا العموم للإهتمام بالصلاة و النسك و كقوله صلى الله عليه و سلم " من كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله , و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها " طيب المرأة أليست من الدنيا إذن لماذا خصصها بالذكر للإهتمام بها و الإعلام بفتنتها و خطورتها , ففتنة الدنيا شيء و فتنة المرأة شيء لوحدها , إذن فمن النصيحة أن أبين لك أن هذه الفتنة خطيرة و فّتاكة , و لذلك كان من تمام النصح أن يُبْرزها صلى الله عليه و سلم من جملة العموم لمزيد الإهتمام بها , فلّما العلماء يُفْرِدوا الشذوذ وحده عن العلّة مقصودهم أن حكم الشاذ علّة خفية جدا تقدح في صحة الحديث و قلّما من ينتبه إليها . ش 2 د 34:18 إلى آخر الشريط .
- قال ابن الصلاح : أما الحديث الصحيح فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده " ص 99 " قال الشيخ أبو إسحاق : كأنما يرُدُّ بهذا الكلام على ابن عبد البر لأنه في مقدمة كتابه التمهيد ذكر أن كل سند يصل إلى النبي صلى الله عليه و سلم و لا يشترط فيه الإتصال , سواء كان منقطعا أو مرسلا أو معلقا أو معضلا هذا إسمه المسند عند ابن عد البر و هذا الكلام فيه نظر من جهة تصرف الحفاظ الكبار .
الأئمة الحفاظ يجعلون المسند في مقابل المرسل و يجعلونه أحيانا في مقابل الموقوف فمثلا تجد على لسان علماء الحديث . الأئمة الكبار كالبخاري , أحمد , أبو حاتم , أبو زرعة , يقولون فلان أسنَدَهُ و أرسله فلان . فكلمة أسنده أي وصله , فالمسند عندهم هو الحديث المتصل , السند المتصل , هذا عند سائر العلماء المتقدمين و أحيانا قد يضعون المسند في مقابل الموقوف كما يقع للدارقطني و غيره . ش 3 د 3:53
- عندنا في معنى المسند ثلاث مذاهب : 1 - مذهب الحاكم النيسابوري : و هو الذي عليه سائر العلماء المتقدمين , هو ما اتصل سنده إلى النبي صلى الله عليه و سلم . 2 - مذهب الخطيب البغدادي : و هو الذي أشار إليه ابن كثير في نهاية كلامه لما لخّص كلام ابن الصلاح - قلت : فحاصل حد الصحيح ....الحفاظ في محله " ص 100 " - و هو أن المسند هو كل سند يصل إلى قائله , سواء إلى الرسول صلى الله عليه و سلم أو الصحابة أو التابعين و هكذا . 3 - مذهب ابن عبد البر : و هو أنه لا يشترط الإتصال في الإسناد , بل عنده الإسناد هو فلان عن فلان , سواء فلان أدرك الفلان الآخر أو لم يدركه , لأنه أخذه من جهة اللغة . فالإسناد من معانيه هو أن يسند كل متكلم الكلام إلى قائله , و قائله يسنده إلى قائله و هكذا . ش 3 د 5:45