عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-01-2009, 09:47 PM
عاشق البيان عاشق البيان غير متصل
موقوف من قبل الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
مكان الإقامة: السعوديه
الجنس :
المشاركات: 2,651
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي خطر القول على الله بغير علم

مما يدركه الناس بعقولهم السليمة أن أي شخص لا يعوِّل على رأيه وقوله إلا إذا كان متخصصاً فيما يُحتاج فيه إلى التخصص، ولهذا لا يُعلم أن أحداً من البشر توجّه إلى طبيب قلب لأجل معالجة أسنانه، كما لا يُعلم أن شخصاً توجه للحداد وهو يريد إصلاح خلل في إطار السيارة، وهكذا.
من خلال هذه المسلَّمة أردت أن أنفذ إلا ظاهرة متنامية ومقلقة في أوساط أهل الإسلام، ألا وهي: اقتحام عدد من الناس المجالات الشرعية بالفتيا والتنظير، وبالاعتراض على أحكام شرعية، مع عدم اتصاف أولئك بالعلم الذي يؤهلهم ولو بقدر أدنى للخوض في هذه المسائل.

ومما راعني وأقلقني ما يوجد اليوم عبر عدد من وسائل الإعلام وغيرها وخاصة الصحافة من تجرؤ عدد من الكُتَّاب والكاتبات على المناقشة والفتيا في مسائل ما كان لهم أن يطروحها لو كانوا متخصصين، فكيف وهم يفقدون الزاد الشرعي الذي يؤهلهم لهذا.

وليس فيما تقدم تحجير على الناس في دينهم، أو سير وفق المصطلح الخاطئ الذي يصف البعض بأنهم (رجال الدين)!! ولكنه الاحتياط للدين أن يهتك حماه من ليس أهلاً للتوقيع عن رب العالمين.

والواقع أن هذه المسألة قد غاب عمن خاض فيها واقتحم حدودها ما جاء من التحذير العظيم من التساهل بها أو انتهاكها، لأن الذي يقول في مسألة من مسائل الشرع فهو موقع عن رب العالمين وناسب إليه حكماً حكم به جلَّ وعلا، فإما أن يكون بعلم وبينة من وحي مُنزل، وإما أن يكون افتراء على الله، وهذا شنيع وعظيم، ولهذا جاء في مرتبة أشد من الشرك به جلّ وعلا، لما فيه من الاستخفاف الكبير بجانب الربوبية، فقال جل وعلا: {قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهرمنها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم يُنزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} (الأعراف: 33). قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: وهذه الآية في تحريم القول في الدين إلا عن بينة ويقين.

والله جلَّ وعلا قد سمَّى من أطلق حكماً على شيء بتحليل أو تحريم بلا بينة بأنه مُفءتر فقال سبحانه: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} (النحل: 116). قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس له فيها مستند شرعي، أو حلل شيئاً مما حرَّم الله، أو حرَّم شيئاً مما أباح الله بمجرد رأيه وتشهيه.

ومن العجيب حقاً أن العلماء بشرع حين يمسكون ويحذرون من الانزلاق في هذا الباب بلا احتياط ولا علم، فهناك من يخوض في مسائل الدين متساهلاً ومميعاً لقضايا عظيمة!!

قال الإمام الشعبي رحمه الله: إن أحدكم ليُفتي في المسألة، ولو وردت على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لجمع لها أهل بدر. وقال الإمام مالك - رحمه الله -: من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار، وكيف خلاصُه، ثم يجيب.

وقال ابن المنكدر: إنَّ العالم يدخل فيما بين الله وبين عباده، فليطلب لنفسه المخرج.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
</b>
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 13.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.22 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (4.37%)]