
13-11-2008, 09:38 AM
|
 |
عضو نشيط
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: KSA
الجنس :
المشاركات: 143
الدولة :
|
|
تأملات في الرمان
تأمل خلقة الرمان وماذا فيه من الحكم
والعجائب فإنك ترى داخل
الرمانة كأمثال القلال شحما متراكما في نواحيها وترى ذلك الحب فيها مرصوفا رصفا ومنضودا نضدا لا تمكن الأيدي أن تنضده وترى الحب مقسوما أقساما وفرقا وكل قسم وفرقة منه ملفوفا بلفائف وحجب منسوجة أعجب نسج وألطفه وأدقه على غير منوال إلا منوال كن فيكون ثم ترى الوعاء المحكم الصلب قد اشتمل على ذلك كله وضمه أحسن ضم فتأمل هذه الحكمة البديعة في الشحم المودع فيها فإن الحب لا يمد بعضه بعضا إذ لو مد بعضه بعضا لاختلط وصار حبة واحدة فجعل ذلك الشحم خلاله ليمده بالغذاء والدليل عليه انك ترى أصول الحب مركوزة في ذلك الشحم وهذا بخلاف حب العنب فإنه استغنى عن ذلك بان جعل لكل حبة مجرى تشرب منه فلا تشرب حق أختها بل يجرى الغذاء في ذلك العرق مجرى واحدا ثم ينقسم منه في مجاري الحبوب كلها فينبعث منه في كل مجرى غذاء تلك الحبة فتبارك الله أحسن الخالقين ثم انه لف ذلك الحب في تلك الرمانة بتلك اللفائف ليضمه ويمسكه فلا يضطرب ولا يتبدد ثم غشى فوق ذلك بالغشاء الصلب صونا له وحفظا وممسكا له بإذن الله وقدرته فهذا قليل من كثير من حكمة هذه الثمرة الواحدة ولا يمكننا ولا غيرنا استقصاء ذلك ولو طالت الأيام واتسع الفكر ولكن هذا منبه على ما وراءه واللبيب يكتفى ببعض ذلك وأما من غلبت عليه الشقاوة وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون غافلون عن موضع الدلالة فيها
(ابن قيم الجزريه كتاب مفتاح السعادة )
|