لقد قرأت يوماً هذه الفتوى ، عن حرمة المحادثة عبر الشات والماسنجر كوسيلة للتعرف بين الرجل والمرأة.. حيث ذكرت الفتوى أنه لا يجوز تكوين صداقات بين الرجال والنساء عبر هذه الوسائل للأسباب التالية:
1-لأنه ذريعة إلى الوقوع في المحظورات، بداية من اللغو في الكلام، ومروراً بالكلام في الأمور الجنسية وما شابهها، وختاماً بتخريب البيوت، وانتهاك الأعراض.
2-لأنه موطن تنعدم فيه الرقابة، و لا توجد فيه متابعة ولا ملاحقة، فيفضي كلا الطرفين إلى صاحبه بما يشاء دون خوف من رقيب.
3-لأنه يستلزم الكذب إن عاجلاً أو لاحقاً، فإذا دخل الأب على ابنته أو الزوج على زوجته، وسألها ماذا تصنع، فلا شك في أنها ستلوذ بالكذب وتقول: إنني أحدث إحدى صديقاتي، أو أنني أتجول بين صفحات الإنترنت، وإذا سألها زوجها في المستقبل عما إذا كانت مرَّت بهذه التجربة فإنها لا شك ستكذب عليه.
4-لأنه يدعو إلى تعلق القلوب بالخيال والمثالية، حيث يصوِّر كل طرف لصاحبه أنه بصفة كذا وكذا، ويخفي عنه معايبه وقبائحه حيث الجدران الكثيفة، والحجب المنيعة التي تحول دون معرفة الحقائق، فإذا بالرجل والمرأة وقد تعلق كل منهما بالوهم والخيال، ولا يزال يعقد المقارنات بين الصورة التي طبعت في ذهنه، وبين ما يراه ويقابله في الواقع.
ويقول الشيخ محمد صالح المنجد -: "لا حرج على المرأة المسلمة من الاستفادة من الإنترنت، والدخول في الدردشة العامة ما لم يؤد ذلك إلى محذور شرعي، كالمحادثة الخاصة مع الرجال، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالباً، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك، ابتغاء مرضاة الله، وحذراً من عقابه.
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء، حتى أوقعتهم في عشق وهيام، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك، والشيطان يخيل للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب، المفسد لأمور الدنيا والدين.
ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف - - لشاب سأله عن نفس السؤال:
ما الغرض من هذه المحادثة، وإذا كان بغية التبادل الثقافي والفكري والمعرفي والمحاورة، فلماذا لا يكون مع شاب مسلم، وماذا أنت قائل لشاب يفعل ذلك مع أختك أنت أو زوجتك.
أسئلة عديدة وجدتها أثناء بحثي عن أسباب هذه العلاقة على الشبكة المذكورة، تلخصت في:
- لماذا يا ترى تتسع الفجوة بين الزوجين؛ فيصبح الغريب أقرب منالاً وألطف اتصالاً؟
- لماذا تستسلم حواء العربية سريعاً للشعور بالفشل والوحدة، والحاجة إلى التعويض، والبحث عن مساحة ظل بديلة حين لا يمد زوجها ظل كنفه وحبه عليها جهلاً أو تجاهلاً، بخلاً أو ذكورية أو فقر تعبير وعجز حنان؟!! وهي لماذا يصعب عليها تفجير ينابيع عطائه، وتنشيط غدد مشاعره، كما فعلت أول مرة حين أوقعت به فتزوجها؟! هل هو فخ الاعتياد أم عجز التجديد؟!
- لماذا تظل على قدرتها في الاصطياد والإغواء، ومنح المشاعر، ومغازلة الخيال مع الغريب بينما تصاب بالسكتة الإبداعية وقلة الحيلة والبرودة والعجز العاطفي والقرف والعزوف عن المواصلة مع شريك الحياة (...)؟!!
- ولماذا يضِنُّ آدم بكلمة تشجيع أو تدليل أو اهتمام، وكل النساء يتشابهن في الحاجة والظمأ للإعجاب!!
- لماذا يرتمي العاقل في براثن الشبكة اللعوب؟!
للآسف لم أجد للأسئلة السابقة إجابة سوى الفراغ وغياب الوازع الديني والأخلاقي الذي جعل المرأة تعري رغباتها وعواطفها واحتياجاتها الحسية والنفسية لغريب بحجة أنه لا يراها و لا يلمسها.. أو رجل يدخل في محادثة ساخنة مع امرأة غير زوجته، يبث فيها رغبته فيها بتفاصيل تطربها بحجة أن الأمر لا يعدو سوى خيال لا يخون فيه زوجته، قائلاً هذا حلال لأنني لا أراها ولا تراني. غريب فعلا..
هل هانت علينا أنفسنا كما هانت علينا أمتنا الاسلامية؟.. ليس من المعقول أن يلهو صغارنا وكبارنا بتوافه الأمور وداء العشق الإنترنتي مخرب البيوت.. بينما نرى الجيوش الأمريكية تحل بمنطقتنا لتفقدنا هويتنا كما فقدت الأندلس هويتها.. علينا أن نأخذ العبرة من تاريخنا.. ولا نستبعد أن يعيد التاريخ نفسه معنا الآن، ومن لا يصدقني فلينظر الآن إلى ما حل ببغداد.