عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-09-2008, 01:54 AM
الصورة الرمزية فكرى دياب
فكرى دياب فكرى دياب غير متصل
مراقب قسم الصدفية والامراض الجلدية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
مكان الإقامة: egypt
الجنس :
المشاركات: 4,407
الدولة : Egypt
افتراضي

الجهاز المناعى ... وكلمة سر الليل([4]) :
الجهاز المناعى لديه قدرة عجيبة يستطيع من خلالها أن يفرق بين " العدو" و" الحبيب " ففي الوقت الذي لا يهاجم أي عضو من أعضاء الجسم نجده يهاجم أي جسم غريب مهما كان حجمه إذا تجرأ ودخل إلى حصن الجهاز المناعى العتيد .
والسر في ذلك يكمن في " كلمة سر الليل " أو البصمة الجينية الموجودة في تكوين كل خلية من خلايا الجسم والتى يطلب الجهاز المناعى إبرازها في حالة نشاطه وهجومه ، فإذا أفلحت الخلية أو العضو في إبراز بطاقتها أو هويتها الحقيقية أو كما نطلق عليها " كلمة سر الليل " فإن الجهاز المناعى يعرف من خلال ذلك أن هذا العضو أو الخلية من الأصدقاء الذين لا ينبغى مهاجمتهم، أما إذا فشل العضو أو الخلية في إبراز ( كلمة سر الليل ) فإن الجهاز االمناعى يعامله معاملة الأعداء ويهاجمه ويدمره مما يؤدى إلى مضاعفات خطيرة في الجسم قد تؤدى في النهاية إلى الموت .

وقد يحدث هذا الخلل في عضو أو أكثر من عضو في الجسم مما يتسبب في حدوث مرحلة أو مجموعة من الأمراض سميت بأمراض
" المناعة الذاتية " .

فإذا هاجم الجهاز المناعى المادة البيضاء في المخ والنخاع الشوكى وهى المادة المكونة للغلاف الميلينى المحيط بأعصاب الجسم كله فإن ذلك يتسبب في حدوث شلل في كل أعصاب الجسم وهو ما يعرف بمرض
"Multiple Sclerosis " أو اختصاراً ( M.S) .

وإذا هاجمت خلايا الجهاز المناعى خلايا جزر لانجرهانز
(Langerhans Cells) في البنكرياس فإنها تدمرها وبالتالى تعجز عن إفراز الأنسولين اللازم لحرق الجلوكوز مما يتسبب في إصابة
الشخص بالسكر.
ويحدث هذا غالباً مع حالات السكر المعتمد على الأنسولين . وقد يأتى هجوم الجهاز المناعى على مكان اتصال الأعصاب بالعضلات مما يسبب إرتخاء العضلات في الجسم كله وهو ما يعرف بمرض " Myasthenia gravis " وقد يأتى أيضاً في الغدة الدرقية فيتسبب في إفراز كميات كبيرة من هرمون " الثيروكسين " السام فيما يسمى "Gravis Disease " الذي يؤثر على سائر أعضاء الجسم . أما إذا حدث الهجوم على البروتين المبطن للمفاصل فإن ذلك يؤدى إلى حدوث إلتهابات الروماتويد التى قد تشمل بعض أعضاء الجسم الأخرى مثل الجلد والكبد والكلى والطحال مثلما يحدث في حالات الذئبة الحمراء " L.E " وإذا حدث وهاجم الجهاز المناعى الجلد فقد يسبب ذلك مرض " الصدفية " وأحيانا مرض " ذو الفقاعة " .

وقد يحدث هذا الهجوم على صمامات القلب أو الكلى كما في حالات الحمى الروماتيزمية ويسبب مضاعفات خطيرة ([5]) وهكذا يتبين أن فهمنا لأمراض المناعة الذاتية وكيفية حدوثها ومحاولة منع حدوثها إنما يمثل خطوة ضخمة في مجال الطب وعلاج الكثير من الأمراض التى استعصت على العلاج حتى الآن .
عندما يخطئ جهاز المناعة([6]) :
كما نعلم فإن جهاز المناعة في الجسم هو المسئول عن حمايته من الجراثيم والميكروبات ... فهو أشبه بجيش يمتلك أعظم الأسلحة الحديثة لمواجهة الأعداء .
ولجهاز المناعة في الجسم دفاعات شبيهة بدفاعات جيوش الدول بل تتفوق عليها ... فهى لا تترك ثغرة يتسلل منها عدو يقل حجمه عن الواحد على مليون من (المتر) ... وهو أمر يستحيل على أحدث جيوش العصر تحقيقه .
وهناك ثلاثة خطوط للدفاع :
Y الأول : يتمثل في الجلد وإفرازاته التى تقاوم الفطريات ودموع العين التى تحتوى على أملاح مقاومة لبعض الميكروبات ... تعبر أيضا عن قدرة هذا الجهاز . كما يملك الجهاز الهضمى والتنفس أسلحته المناعية.
Y وخط الدفاع الثانى : يتمثل في الخلايا الليمفاوية التى تعمل على مدار الساعة بيقظة ونشاط وكأنها فرق من الشرطة الحارسة للجسم عن طريق اختراق الجراثيم لخط الدفاع الأول .
Y أما خط الدفاع الثالث : فهو يتمثل في نوع من الخلايا المقاتلة تتم صناعتها بسرعة بعد الحصول على معلومات دقيقة عن نوع العدو الذي عجزت خطوط الدفاع عن مواجهته لتكون قادرة على هزيمته .
ورغم كل ما يتسم به جهاز المناعة من قدرات فإن أخطاء التمييز بين العدو والصديق وتوجيه قذائفه أحيانا ضد جسمه المسئول عن حمايتها يشكل معضلة صعبة ما تزال تخضع لأبحاث تستهدف معرفة خفاياها .

لهذا فإن مدافع وصواريخ جهاز المناعة تصاب أحياناً بخلل يفقدها الاتجاه الصحيح ... فتنطلق بعض قذائفها ضد أحد أعضاء الجسم بدلاً من تصويبها نحو العدو... الأمر الذي يسفر عن كوارث أليمة يدفع الجسم ثمنها الباهظ . وأخطاء جهاز المناعة تختلف عن أمراضه أو إصابته بالعجز الخلقي أو المكتسب...

فعند إصابة هذا الجهاز بالمرض أو العجز تتسلل إلى الجسم الميكروبات بلا حاجز أو رادع بسبب عجزه عن مواجهتها .

ولعل مرض الإيدز خير مثال على هذا فلا يمكن محاسبة جهاز المناعة عن هجوم فيروس الإيدز عليه لأنه يكون في حالة عجز أليم عن مواجهة الميكروبات .

q لكن الأخطار المميتة لهذا الجهاز تحدث وهو في عنفوان قوته ودون أن يتعرض لمرض يعجزه عن المقاومة ... بل إنه يندفع نحو هذا العضو من الجسم أو ذاك يهاجمه بشراسة إلى أن يصيبه بأضرار أليمة قد تصل إلى حد الموت .

ففي بعض أمراض الحساسية يكون جهاز المناعة هو المسئول الأول عن الإصابة حيث ينتج عن نشاطه ردود فعل ضارة تصيب الأوعية الدموية الدقيقة مما يسفر عن ظهور أعراض الحساسية بمختلف درجاتها.

وهناك ظاهرة محيرة في جهاز المناعة تثير الجدل بين العلماء ... وهى اختلاط أوراق اللعب وعجز جهاز المناعة عن التمييز بين العدو والصديق أو القريب .

فيتوهم أحد أن أحد أجزاء الجسم دخيلة عليه أو عدو فيعلن التعبئة العامة ويحشد جيوشه لتبدأ أغرب مأساة داخل الجسم الواحد ... إذ ينهمك جهاز المناعة في الحرب ضد جزء من كيانه بسبب اضطراب في التمييز بين العدو والصديق أو بين ما هو جزء من الجسم وما هو من
الغرباء ....

لذلك ظهرت مجموعة أمراض اسمها أمراض المناعة الذاتية يصعب حصرها في مقال قصير كما أن الدراسات العلمية تحمل كل عام جديد أيضاً إلى قائمة هذه الأمراض .

ومن أشهر أمراض المناعة( الروماتويد) حيث تهاجم أسلحة جهاز المناعة المفاصل وغضاريفها مما يسفر عن آلام صعبة . وغالباً ما يتركز الهجوم المناعى على الأطراف وخاصة مفاصل اليد وأصابعها وكأن جهاز المناعة يريد تقييد جسمه عن طريق استخدام يديه وأصابعه ليكون العجز مدمراً .

والأمر لا يقف عند هذا الحد . فبعض الدراسات الحديثة التى أجريت في عدد من المراكز العلمية الكبرى أشارت إلى اتهام جهاز المناعة بمسئوليته عن الإصابة بمرض السكر فهو الذي يهاجم الخلايا الحيوية في البنكرياس المسئولة عن إفراز هرمون الأنسولين .

واقترحت بعض هذه الدراسات حماية ضحاياه المتوقعين أي الذين يرثون المرض عن الأبوين منذ الصغر بواسطة استخدام أحد العقاقير التى تواجه هجوم المناعة ضد خلايا البنكرياس ... وكأن هذا العضو الحيوي قد أصبح عضواً مزروعاً غريباً يتعين حمايته بعقاقير القمع المناعي رغم أنه جزء ضئيل من أعضاء الجسم .
,, يتبع ,,
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.73 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]