عرض مشاركة واحدة
  #105  
قديم 17-08-2008, 11:22 PM
الصورة الرمزية لنا الله
لنا الله لنا الله غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
مكان الإقامة: Cairo
الجنس :
المشاركات: 398
الدولة : Egypt
افتراضي

الإنفاق والقرض الحسن والصدقات


قال الله تعالى: {وأنفِقُوا في سبيلِ الله ولا تُلقُوا بأَيدِيكُم إلى التَّهلُكةِ وأحسنُوا إنَّ الله يُحبُّ المحسنين(195)}سورة البقرة(2)


ومضات:

ـ الإنفاق المثمر في سبيل الله هو ما كان خالصاً لوجه الله تعالى، ويشمل سائر وجوه الخير الَّتي أمر الله بها، وهو أساس التضامن العائلي والاجتماعي البنَّاء، ومن ثماره الطيِّبة تطوير الإمكانات العلمية والاقتصادية والدفاعية للأمَّة، فإذا بخل الأفراد في الإنفاق أصاب الأمَّة الهلاك وطمع بها الأعداء.

ـ ليس الإنفاق مقتصراً على بذل المال، بل يشمل بذل كلِّ ما ينفع المجتمع ويعود عليه بالخير، فهناك من هو بحاجة إلى المال، وهناك من هو بحاجة إلى الهداية والتوجيه الرشيد، وهناك من يفتقر إلى العلم والمعرفة والخبرة، وهناك من يفتقر إلى المساعدة بالجهد العضلي وغير ذلك من مصالح الضعفاء والفقراء والعاجزين.

ـ إن الله تعالى يحبُّ من المؤمن إذا قام بعمل صالح أن يؤدِّيه على أكمل وجه، دون أن يخالطه أيُّ شعور بالتعالي على مخلوقات الله، وهذا وجه من وجوه الإحسان الَّذي يثمر الحبَّ والمودَّة بين النَّاس، ويقوِّي الروابط الَّتي تؤلِّف بين قلوبهم، وتزرع في حناياها المحبَّة والرحمة والتآلف، ومن ثمارها القوَّة والمنعة والرقي.



في رحاب الآيات:

إن الإنفاق في سبيل الله يزكِّي النفس ويطهِّرها من الأثرة وحبِّ الذات، وبالمقابل فالشحُّ من الأسباب المؤدِّية إلى ظهور الأنا وإيثار الذَّات، وتقديم المصالح الخاصَّة على المصالح العامَّة، ولهذا صُنِّف السخاء في الأخلاق الحميدة الَّتي يحبُّها الله ويرضى عنها، وصُنِّف الشحُّ والبخل في الأخلاق الذميمة الَّتي يبغضها الله، فقد ورد فيما أخرجه البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خُلُقانِ يحبُّهما الله، وخُلُقان يبغضهما الله، فأمَّا اللذان يحبُّهما الله، فالسَّخاء والسَّماحة، وأمَّا اللذان يبغضهما الله، فسوء الخلق والبخل، فإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله على قضاء حوائج النَّاس».


فالشحُّ والبخل والإمساك كلُّها أدوات بيد الشيطان، يحرِّكها في نفس الشحيح متى أراد وكيف يشاء، كي يزعزع ثقته بالله، ويزرع لديه الخوف غير المبرر من الفقر، ممَّا يؤدِّي إلى نتائج اجتماعية سيِّئة؛ لأن الأغنياء إذا انصرفوا إلى إيثار مصالحهم الخاصَّة من تجميع للثروات وتوسيع للعقارات والممتلكات، وتخلَّوا عن رعاية مصالح الأمَّة من الدفاع عن الأرض، وصيانة العرض، ورعاية البائس والمحروم، وإطعام الجائع، فقد ألقوا بأُمَّتهم إلى التهلُكة، ونعق فيهم ناعق الخراب، وغدت الأنانية والأثرة وحبُّ الذات طبيعة لهم، فيصبحون مطمعاً للأعداء لتفكُّك قوى الأمَّة وضعف عزيمتها، ويصير فقراؤها سخَطةً متمرِّدين، لا يهمُّهم عمران الأرض أو خرابها؛ وهم يرون جيوب الأغنياء عامرة بما يجب أن يُطعِمَ أفواههم ويشبع بطونهم الخاوية.

وكما يكون الإمساك عن الإنفاق في سبيل الله إهلاكاً للنفس، فكذلك يكون الإنفاق فيما لا يُرضي الله مُهلكاً لصاحبه؛ لأنه يتلف ماله في المحرَّمات، والتهالك على ملذَّات الحياة، أو يسرف في المباحات كالطعام والشراب والتحلِّي بفاخر الثياب، ويحرم الفقراء من حقِّهم في هذا المال. لذلك أمرنا الله تعالى أن نتصرَّف بحكمة واتزان، بعيداً عن العشوائية الَّتي تعود علينا بأسوأ النتائج وتقودنا إلى الهلاك.

إن الإنفاق في سبيل الله يعبِّر عن عروج المؤمن في مراقي العلم والسير للأفضل في كلِّ مناهج الحياة، سواء في سبيل الدعوة إلى الله، والتطوُّر الفكري والسلوكي للإنسان، أو إعداد العدَّة وحشد الإمكانات في معركة التهذيب والترقية الخُلقية. ويشمل الإنفاق أيضاً بذل الإنسان ممَّا يملك؛ دعماً لمن يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهر بالحقِّ بالحكمة والموعظة الحسنة. ويشمل أيضاً تسخير معظم الأوقات في سبيل الله، وتوظيفها لنشر دين الله وتطبيقه، وكذلك توظيف الفكر والمشاعر والتأمُّلات من أجل فتح مجالات متنوِّعة، يتمُّ من خلالها تقديم الدِّين الحقِّ وعرضه، الدِّين الخالي من الرواسب الطائفية والأفكار الدخيلة كافَّة، وتوجيه الأهداف والآمال لتحقيق ذلك الغرض. ولكي يؤتي الإنفاق ثماره، ويحظى بالقبول عند الله عزَّ وجل، يجب أن يتوافر في المُنفق الإخلاص وصدق النيَّة، في ابتغاء مرضاة الله في كلِّ ما ينفق؛ من مال أو جهد أو وقت أو فكر أو أي طاقة يملكها من نعم الله وفضله.

ولقد حثَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الإنفاق وبذل المال في وجوه البرِّ مرَّات ومرَّات، مبيِّناً أجر المنفق وجزاء الممسك فقال: «ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهمَّ أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهمَّ أعطِ ممسكاً تلفاً» (رواه مسلم)
__________________

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي
وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ
قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ
وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي
وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:
هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.88%)]