أحلام كاذبة
المؤمن كيس فطن إذا حلم أو تمنى
فربما حلم بشيء لا طاقة له به ولا قوة له عليه فاستفاق من حلمه على صفعة أطاحت به أو ربما أفقدته وعيه لفترة من الزمن عاش بعدها حزينا مهموما واجما لا ارض تقيه ولا سماء .
فليتقي الله احدنا في أحلامه وليمسك بزمام فرسه ويكبح جماح نفسه ولا يطلق العنان لقلبه كي يحلق كما يشاء ولا لنفسه كي تسبح حيث تشاء وليعلم حقيقة نفسه ويقدرها قدرها .
وربما حلم بادلك الابتسامات وهمس إليك بأحلى الكلمات وعزف على قيثارة قلبك أنغام الأمنيات فإذا اقتربت منه ما وجدت إلا سراب وبعد أن تصبح خائر القوى متهالك البنية من شدة ما بذلت من جهد جهيد كي تصل إليه يتركك حلمك محسورا حزينا تتجرع آلام الحسرة والندم حتى إن احدهم تضيق به الدنيا بما رحبت وتضيق عليه نفسه ويتمنى انه لم يكن من قبل .
و يا للأسف يتركك هكذا تتألم وتتلوى من شدة ما تجد غير مباليا بك أو حتى مواسيا لك بل وأحيانا يضحك عليك أو يخرج لك لسانه لتموت كمدا وحزنا .
حتى إذا لقيك لا يلقي عليك السلام كأنك لا تعرفه لا يعرفك وعند اقرب محطة ودون أدنى سبب يذكر يتركك ليراود حالما غيرك .
والغريب أن احدنا لا يبالي في أن يضحي بنفسه وحياته في سبيل تحقيق حلم ربما لا يستحق كل ذلك العناء وكل تلك التضحية يكاد أن يودي بنفسه في سبيل حلم بارد لو تحقق كان كلا على صاحبه .
رويدا رويدا إخواني ولا يغرن أحدكم إذا ضحكت له الدنيا أو تبسمت له فقد أطاحت ببسماتها تلك بقلوب رجال ظنوا يوما أنهم امسكوا بزمامها وتملكوا أمرها بل وعاشوا اسعد أيامهم فيها وظنوا أنها لهم دون غيرهم فهيهات هيهات لمن ظن في نفسه ذلك .
فمن وجد منها رضا فليعلم انه لن يدوم ومن استشعر سعادتها ولذتها فليوقن أنها سعادة فانية ولذة عابرة .ولينهض كل حالم وحالمة ولينفض التراب عن نفسه وليستفيق من سباته العميق.
ولننظف قلوبنا وعقولنا من أحلام تعبث بنا كما تعبث بغيرنا لا فائدة منها وان تحققت فلربما أورثت هما وغما يلازمان المرء ما بقي من عمره .
وليوغل احدنا في كل أمر برفق وليعلم أن كل شيء له بداية فلابد وان يكون له نهاية وما من لذة إلا وبعدها الم وما من نعمة إلا ومآلها إلى الزوال إلا نعيم الجنة وصدق من قال :
ألا كل ما خلا الله باطل .......... وكل نعيم لا محالة زائل
فلا الدنيا باقية ولا أحلامنا باقية فليتعقل كل حالم وحالمة وليرحم نفسه وقلبه .ليعلم احدنا قدره وقدر حلمه ولا يزن الأمر بقلبه فقط ولنحكم عقولنا.
كم من رجل تمنى امرأة أو امرأة تمنت رجلا وظن احدهما أن سعادة الدنيا والآخرة في من يتمنى, ولم يتحقق له ما أراد فعاش على ذكراه حسيرا كسيرا ثم لقيه بعد دهر من الزمان فقال في نفسه : "أهذا الذي كدت أن أودي بحياتي من اجله الحمد لله الذي عافاني"
فليكن جل أحلامنا رفقة رسول الله في الجنة