
09-05-2008, 04:10 PM
|
 |
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,020
الدولة :
|
|
يتبــع موضوع .... كابوس الكفر الجزء الثاني
تختفي أخلاق الدين تقل الحكمة وهذا هو السبب الذي يبقي المشكلات البسيطة بلا حل في المجتمعات اللادينية. ولهذا يواجه أفراد مثل هذه المجتمعات أزمات ومشكلات جمة خلال مسيرة حياتهم. وبدلا من التماس حلول ناجعة لهذه المشكلات فإنهم يجعلونها جزءا من حياتهم اليومية وكأن هذه المشكلات مقدر لها أن تبقى بلا حل. إن لهذا العجز عن الإيتاء بحلول للمشكلات تداعيات ضارة على كافة جوانب حياة المجتمعات اللادينية. إنهم في الغالب يتردون في وهاد اليأس والألم والشكوى. وفي غضون ذلك يعجزون عن الإتيان بالحلول بسبب تعطيلهم لموهبة العقل، وحتى إن حاولوا عمل ذلك جاءوا بحلول غير عقلانية بسبب انحصار فكرهم في فضاء ضيٌق جدا.
وفوق ذلك، يكاد تعذر العثور على حلول للمشكلات أن يكون مسوغا للاستكانة والاستسلام في المجتمعات التي لا ترعى قيم الدين. فهو في الغالب يتخذ غطاء توارى به سوءة الكسل واللامبالاة والخدر وتجاهل المسئولية. ففي مكان العمل بخاصة يحاول كل فرد أن يظهر تعقيد المهام الموكلة إليه محاولا إظهار نفسه بمظهر الشخص الذي يتولى أداء مهام صعبة. لكن هذه ليست في حقيقة الأمر سوى مناورة يريد أن يسوغ بها ما عسى أن يبدر منه من فشل أو إهمال أو أخطاء.
إن السبب الأول لبقاء الأزمات دون حل في المجتمعات البعيدة عن قيم الدين هو أن أهلها عاجزون حتى عن التعامل مع مشكلاتهم الشخصية. ولا غرو، فالشخص البعيد عن مبادئ الإسلام تغلب عليه شهواته فتجده منهمكا في إشباعها غافلا عن مصالح واحتياجات محيطه الاجتماعي. فهو في كل الأحوال مقبل على مصالحه الخاصة محتف بها مستنكفا أن ينفق ماله ووقته في خدمة مصالح الآخرين.
إن توافه المشكلات تبقى في مثل هذه المجتمعات عصية على الحل. وفي غضون ذلك يحاول كل فرد ترك انطباع حسن في نفوس الآخرين أو يلتمس الزلفى إلى رؤسائه أو يسعى إلى تلميع وجهة نظره أو على الأقل يحاول أن يكون هو صاحب القول الفصل والكلمة الأخيرة. وهذه الطموحات والعقد الشخصية هي التي تشل قدرة الإنسان على الإتيان بحلول للمشكلات الماثلة في نهاية الأمر. إن السبب الأول لعجز المتنكرين لمبادئ الدين عن الإتيان بحلول مرضية للمشكلات توضحه الآية التالية: "لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُون" (الحشر: 14)
وكثيرا ما يشاهد المرء نماذج لهذا العجز في البرامج الحوارية التلفزيونية المفتوحة حيث ينفق المشاركون ساعات طويلة في مناقشة قضية معينة بل يأخذهم النقاش أحيانا إلى مطلع الفجر. وسبب استحكام الخلاف بين هؤلاء المتحاورين هو أن الكل قد أوتي جدلاً. فقد يستيقن طرف بسلامة وجهة نظر الطرف الآخر لكنه يجحدها علوا وتكبرا وتأخذه العزة بالإثم والرغبة في إذلال الآخرين ومعارضتهم. ويخوض المجادلون في طوفان من التفاصيل التافهة ليظهروا سعة اطلاعهم. فالهدف الأول هنا هو استغلال كل سانحة لإبراز ذكائهم وحذقهم. وهم في الغالب يطيشون عن موضع النقاش ليكتشفوا بعد ساعات لاحقة أنهم لم يصلوا إلى حل. والمدهش أن هذه النقاشات تبرز إلى السطح مزيدا من التعقيدات والاختلافات والآراء المتعارضة. فهم في الحقيقة لا يبغون حلا أصلا، فتراهم يلجئون إلى فلسفات خاوية معتقدين أن النقاش وتبادل الأفكار هو غاية في نفسه. إنهم يرون أن عدم الوصول إلى أي حلول بعد نقاش متطاول أمر مقبول وطبيعي.
أما المؤمنون، ولقناعتهم أن الله محيط بالأمور، فلا تطيش عقولهم ولا تعشى أبصارهم مهما كانت الظروف التي تمر بهم. إنهم يتخذون أفضل القرارات وأنجع الحلول وأقربها للتقوى. إنهم يبادرون إلى البت بشأن القضايا لا يصدهم عائق وكيف لا وهم يسترشدون بأكرم الأخلاق وأقوى شعور بالمسئولية وأمضى ملكة تفكير تفضل بها عليهم خالقهم: "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" (الشورى:38)فهواهم في كل الأحوال مع ما يرضي الله فلا يصرفهم عن السير في سبيل الحق والعدل صارف ولو اقتضى ذلك تفويت مصلحة لهم شخصية.
إن إخلاص المؤمنين لربهم وجهادهم في سبيله وانقطاع أملهم إلا منه يحجزهم عن الطمع فيما عند الآخرين ويزهدهم في ثناء الناس ومدحهم، ولهذا يمدهم الله بتأييده وعونه وتوفيقه في كل قرار يتخذونه. إن الخوف الشديد من الله والوقوف الصارم عند حدوده يجعل للمؤمن نورا يبصر به إذا سجى ليل النوازل (الأنفال: 29) فيهتدي إلى أفضل القرارات وأبرك الحلول: " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا " (الطلاق: 2-4)
أخلاق الإسلام تهدي إلى التوكل على الله
إن أرواح المتمردين على إرادة الله المتنكرين لمبادئ الإسلام يغلب عليها التشاؤم والتمرد والاكتئاب. إنهم يعزون كل ما يقع لهم إلى المصادفة المحضة وتزخر حياتهم بمشاعر التوتر والقلق والاضطراب. فهم، بخلاف المؤمنين، محرومون من نعمة التوكل على الله وإدراك أن كل شيء في الكون يجري حسب قدر إلهي مكتوب. لقد عزب عن إدراكهم أن الخير والشر يقعان بإرادة الله لاختبار الإنسان وأنهم لن يعيشوا بسلام إلا إذا انصاعوا لأمر الله. ولهذا فإنهم يقاسون عواقب تصرفاتهم ويغتمون بكل ما يصيبهم في حياتهم صغيرا كان أو كبيرا.
يأخذ هؤلاء الناس تجاربهم اليومية بجد ويطيلون التفكير في حوادث الدنيا كما لو أنها أهم شيء في الحياة. وهكذا فإنهم يتبرمون إذا لم تجر الأمور بما يشتهون، ثم لا يلبث التشاؤم أن يسلمهم إلى اليأس ظانين أن ما أصابهم إنما هو سوء طالع لا يملكون حيلة لدفعه ولا يهتدون سبيلا. إن فسقهم عن أمر ربهم هو الذي يحول بينهم وبين إدراك أن كل الحوادث تجري بقدر مقدور.
إن اهتمامهم بالأحداث اليومية التي تقع لهم يجعل أمزجتهم متقلبة لا تستقر على حال. أصغر الأشياء في هذه الحياة تقلقهم، فتراهم ينفقون الأيام في التأسف والتحسر والدعاء بدعوى الجاهلية. إن العواقب السيئة لعدم توكلهم على الله تتبدى في حياتهم كلها بشكل يومي وفي كل الظروف.
فالزوجة القائمة على أمر بيتها مثلا تحصر اهتمامها كله في نطاق أسرتها ومشاغلها في البيت. فإن عجزت عن حل مشكلة ولو كانت صغيرة جزعت وندبت حظها دون أن يخطر لها أنها محنة قدرها الله وأنها لا بد أن تنطوي على منحة. والعجيب أن هذه الحادثة التي تنغص حياتها قد تكون طعاما نسيته في الموقد فاحترق أو عطل أصاب المكنسة الكهربائية. إن عدم تسليمها لأمر الله وبعدها عن قيم الدين يجعل أصغر المشكلات تكبر في عينها لتصبح مصدرا للقلق والحزن.
وهذا الوصف ينطبق أيضا على زوجها مدير الشركة حين يواجه بعض المشكلات في عمله التجاري. فهو يرى أن مشاكل زوجته لا تساوي شيئا إذا قيست بهمومه هو. ولذلك يصاب بقلق نفسي لأنه يجهل أن الحوادث أقدار مقدرة ولأنه ينقصه السلوك الإيجابي. كما ينسحب هذا الوصف على الأطفال الذين يعيشون في بيئة لا تقيم وزنا لمبادئ الدين. إذ تستحوذ مسيرتهم الدراسية التي تمتد لعشر أو خمس عشرة سنة على كامل تفكيرهم. فلا يكاد الواحد منهم يتغلب على مشاعر اليأس إذا لم يكن أداؤه مرضيا في امتحان واحد ولو حصل على كامل الدرجات في المواد الأخرى. فتجدهم أكثر قلقا بشأن صداقاتهم وشهرتهم. وما التشاؤم واليأس والعجز عن العثور على حلول للمشكلات والشكوى سوى آفات انتقلت إليهم عدواها من والديهم ومن يحيط بهم من الناس. وهذه السمات تظل ملازمة لهم. لكن الشيء الذي صيّرهم إلى هذا الوضع هو عدم تمسكهم بمبادئ الدين وجهلهم بخالقهم وعدم توكلهم عليه.
يستطيع الإنسان أن يسلم من غوائل الاكتئاب والبؤس إذا طبق مبادئ القرآن متى ما أحس بالإحباط وأيقن أن هناك خيرا في كل شيء قدره الله. فالتمسك بأخلاق الإسلام يستأصل كل أنواع التشاؤم والإحساس بالفشل، لأن المتخلق بأخلاق الإسلام ينظر إلى كل قضية، صغيرة كانت أو كبيرة، نظرة إيجابية. وهذا السلوك يجلب السلام للحياة على الصعيدين الشخصي والاجتماعي.
إن المهتدي بأخلاق الإسلام لا ينظر إلى الحوادث على أنها وليدة المصادفة. ولأنه يؤمن بأن كل الحوادث لا تخرج عن نطاق القدر الإلهي، فهو يتوخى إدراك الحكمة من وراء الأحداث والرسائل التي يوصلها الله لعباده. وهذا هو سبب اختفاء كلمة "لو" عن كل مكان تعمره قيم الدين. فلا تصل إلى سمعك عبارات من شاكلة "لو لم أذهب بالأمس لما أصابني هذا الأمر" أو "كنت سأسافر للخارج لتلقي للدراسة لولا التحاقي بهذه المدرسة" أو "لو أتيت مبكرا لكنت قد التقيته" أو عبارة "لماذا سلكنا هذا الطريق؟ إنه طريق يزدحم بالحركة" أو "ما منعني من التمتع بشبابي إلا اقتراني بك" أو "لو أنني لم أرتد هذا الثوب لما أفسدت ليلتي" أو "لو امتنعت عن الخروج لنجوت من المرض" أو "لو امتنعت عن السفر لما تعرضت لحادث سير" أو "لو أنها قابلت طبيبا آخر لعوفيت من مرضها" أو "لو أنه لم يسافر في تلك الطائرة لما مات". إن الأشخاص الذين تخلو حياتهم من الإيمان بالله وينأون عن هدي الدين يكثرون من قول "لو" وسيقولونها في الدار الآخرة لكنها لن تغني عنهم شيئا: "وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" (الأنعام: 27)
الآثار السلبية للكفر على جسد الإنسان
كما أن للكفر آثاراً ضارة على المجتمع فكذلك له أثر ضار على سلامة الأفراد الجسدية والروحية، وسنتعرض في هذا الفصل لهذه الأضرار الروحية والجسدية.
كما مضت الإشارة فيما مر فإن الأشخاص الذين لا تظللهم أخلاق الإسلام يعيشون في قلق وتوتر دائمين، وهو أمر يسبب لهم أمراضا نفسية لا حصر لها. فأجسادهم تسرع إليها الشيخوخة، وذلك أن ضرر معاناتهم الروحية يمتد إلى أجسادهم فيضعفها بالأوجاع.
وهذه الآثار يمكن أن تطال حتى الأشخاص الذي يتمتعون بالصحة والشباب والجمال. إذ تبدو أعراض التغييرات الفسيولوجية ويبهت لون الشعر والعينين ويزداد تساقط الشعر والصلع في أشخاص صغار السن لكن هذه الأعراض لا تظهر عند الأشخاص المتدينين من نفس الفئة العمرية. ولأسباب فسيولوجية يخشوشن الجلد ويغلظ ويفقد نعومته في وقت قصير ثم لا يلبث أن تظهر على الجلد إمارات الاعتلال. ولا ريب أن لعدم التزام هؤلاء الناس بإرشادات القرآن المتعلقة بالنظافة دخل كبير في ذلك. وهذه ظواهر مشاهدة على نطاق واسع في المجتمعات البعيدة عن أخلاق الإسلام وعن هدي القرآن. فهي من الشيوع بحيث تعد ظاهرة طبيعية. إنهم يلقون جزاء كفرهم في الحياة الدنيا وحين تقوم الساعة ينالهم عذاب أشد وأمض.
أما المؤمنون فيحتفظون بحيويتهم وذلك بسبب تمتعهم بالصحة والاستقرار النفسي وسلامتهم من مشاعر الأسى والضغط النفسي واليأس. ولا غرو، فأن توكلهم على الله وحسن ظنهم به وطمعهم في رحمته يؤثر إيجابا على صحتهم الجسدية. وينسحب هذا الوصف على أصحاب الضمائر الحية من الناس الذين يؤمنون بالله حقا.
صحيح أن المؤمنين يمرضون ويشيخون لكن هذه الأحوال ليست وليدة أسباب نفسية كما هو الحال لدى غير المؤمنين، فالمرض والموت والكبر حتم مقضي على الناس كلهم. إلا أن سرعة وضراوة هذه العمليات لها علاقة مباشرة بالسلوك النفسي السلبي الذي يغلب على الشخص بسبب تنكبه طريق الإيمان. فالشخص الذي يقضي حياته كلها مطمئن القلب تملأ جوانحه الثقة بخالقه ويرجو خيرا في كل شر يعرض له، سيعيش سعيدا هانئ البال فيسلم بذلك من غواشي القلق والخوف وما تلحقه بصحته من أذى.
إن مجتمعا يغفل أهله عن قيم الدين حري بأن يحرم من الأمن والطمأنينة التي يسكبها الدين في قلوب من يتشبثون به، وسيذوق الثمار المرة لهذه الغفلة من أذى نفسي وجسدي. وأمثلة ذلك كثيرة ومشاهدة في المجتمعات التي تفسق عن أمر ربها.
وثمة علتان في عصرنا هذا ترتبطان بمصطلح "أمراض العصر" ألا وهما الاكتئاب والضغط النفسي. وهاتان العلتان يعاني منهما كل الناس ولكنهما ترتبطان أيضا باضطرابات فسيولوجية.
إن أشهر الاضطرابات التي ترتبط بالضغط النفسي والاكتئاب تتمثل في ثنائي: إدمان تعاطي المخدرات والأرق. ثم تأتي بعد ذلك الأمراض الجلدية والباطنية بالإضافة إلى الاضطرابات المرتبطة بضغط الدم والكلى والجهاز التنفسي والحساسية والانفلونزا والصداع النصفي والذبحة الصدرية وتضخم المخ. إن من الخطأ طبعا إرجاع أسباب هذه الأمراض إلى الضغط النفسي والاكتئاب وحدهما. إلا أن البحوث الطبية أثبتت أن هذه الأمراض ترجع في كثير من الأحيان إلى مشكلات نفسية.
إن الشخص الملتزم بمبادئ الدين يجعل توكله كله على الله ويؤمن بالقدر خيره وشره. كما يدفعه علمه بحب الله لعباده الصالحين، إلى التصرف بطريقة ينال بها رضا ربه. وفي النهاية فإن إحسان المرء في كل الظروف، يجلب نوعا من الطمأنينة التي يجدها المرء حين يستجيب لداعي ضميره.وإن حدث أن نزلت بساحة المؤمن ضراء فإنه يعلم أنها ابتلاء من الله فيتعامل معها وفق مقررات القرآن، فلا يستسلم لمشاعر الأسى واليأس والضيق. إن تركيزه على الفوز في الآخرة يجعل همه الأكبر هو أن يتصرف بطريقة تضمن له الفوز برضا الله حين يقوم الناس لرب العالمين. إن قوة إيمانه بالله تحصنه من بأس النوازل فيثبت جنانه. وهذه الطمأنينة ورباطة الجأش تعجم قناته وتقويه.
شتان بين العيش وفق مبادئ الدين والتنكر لها. إن أقصى ما يأمله الكافر ويرجوه هو أن "يعيش حياته طولا وعرضا" وأن يحافظ على قوته وصحته ليستمتع بالحياة. وهو بهذا المعنى شديد الارتباط بجسده الذي يقربه إلى طموحه هذا زلفى. وهذا، حسب اعتقاده، أفضل شيء يفعله. لكنه اعتقاد بيّن الخطأ واضح الخطل. إن شروده عن هدى القرآن يقربه من هلاكه وبواره بدلا من أن يكسبه حياة هانئة. فهو سيذوق من العذاب الأصغر في الدنيا دون العذاب الأكبر الذي ينتظره في يوم الحساب. وبهذا يغدو الجسد الذي أريد له أن يستمتع بكل مباهج الحياة عرضة لأضرار فاتكة.
لقد خلق الله عقل وجسد الإنسان لكي يلتزما بالعيش وفق هدى الدين. وقد هيأهما الله للعمل في إطار نظام تسوده قيم الدين وزودهما بمزايا وسمات ملائمة. فإن سخّر الجسد لغاية غير الغاية التي من أجلها خلق أسرع إليه الفساد وحل به الخراب. والواقع أن جسد وعقل الإنسان خلقا متشابكين متصلين. ولأن الله خلقهما فمن الضروري أن يسخرا في خدمة الغاية التي من أجلها خلقا.
في المجتمعات التي لا تلتزم بقيم الإسلام يكون الحزن والغم والضغط النفسي والسخط جزءا من حياة الناس اليومية. والحق أن كل شيء لا يحدث إلا بإذن الله، والناس الذين يقرون بهذه الحقيقة يتوسمون الخير في كل الحوادث والنوازل. أما الكفار فسيعلمون بعدم جدوى الأحداث التي أصابتهم بالهم والحزن أو الغضب حين يأتيهم الموت: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون " (البقرة: 216)
أوضحنا فيما مضى من فصول هذا الكتاب كيف أن روح الإنسان تكون عرضة لعنت رهيب في هذه الحياة الدنيا متى ما تنكب الإنسان الجادة التي رسمها الله وأراد له السير فيها. كما يعاني الناكبون عن صراط الله المستقيم من رهق جسدي. إن قوة الرابطة بين الروح والجسد تتبدى في كثير من الأمثلة في المجتمع. فقد لوحظ أن الأشخاص الذين ينعمون بالاستقرار النفسي وهناء العيش، والذين ينظرون لكل حادثة بإيجابية ويرجون المنح من وراء المحن ولا يغلب عليهم التشاؤم ولا يستولي عليهم الغضب يحافظون على حيويتهم إلى آخر أيام حياتهم ويشيخون بإيقاع بطيء. وهذا هو السبب الذي يجعل المجلات والصحف الطبية والصحية تؤكد على وجوب أن يتعامل القراء بإيجابية مع أحداث الحياة ليضمنوا لأنفسهم عيشا سعيدا. وتجمع هذه المجلات على ضرورة أن يحافظ الإنسان على هدوئه وأن يكون متفائلا بغض النظر عن الظروف التي تمر به. لكن الإنسان إذا تأمل في هذه النصائح فسيجد أنها جميعا مزايا يمكن للمرء نيلها بالالتزام بمبادئ الدين. فبدون الالتصاق التام بأخلاق القرآن لا يتسنى للناس التحكم التام بأمزجتهم.
يتبـــــــــــــــع
|