عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18-03-2008, 01:12 PM
الصورة الرمزية دمعة الاسلام
دمعة الاسلام دمعة الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
مكان الإقامة: ارض الله
الجنس :
المشاركات: 412
الدولة : Morocco
افتراضي

فأهلالتوحيد والطاعة لله أحق بالمال من أهل الكفر به والشرك ، فانتزع أموالهم ، وجعلرزق رسوله من هذا المال لأنه أحل الأموال كما قال تعالى { فكلوا مما غنمتم حلالاطيبا } وهذا مما خص الله به محمداً صلى الله عليه وسلم وأمته فإنه أحل لهم الغنائم .
وقد قيل : ان الذي خصت بحله هذه الأمة هو الغنيمةالمأخوذة بالقتال دون الفيء ، والمأخوذ بغير قتال فإنه كان حلاً مباحاً لمن قبلناوهو الذي جعل رزق رسوله منه ، وإنما كان أَحلُّ من غيره لوجوه :
(
منها ) انه انتزاع مال[ممن] لا يستحقه لئلا يستعين به على معصية اللهوالشرك به ، فإذا انتزعه ممن لا يستعين به على غير طاعته وتوحيده والدعوة إلىعبادته كان ذلك أحب الأموال إلى الله وأطيب وجوه اكتسابها عنده .
(
ومنها ) انه كان صلى الله عليه وسلم إنما كان يجاهد لتكون كلمة الله هيالعليا ، ودينه هو الظاهر لا لأجل الغنيمة فيحصل له الرزق تبعا لعبادته وجهاده فيالله ، فلا يكون فرغ وقتا من أوقاته لطلب الرزق محضا ، وإنما عبد الله في جميعأوقاته وحده فيها وأخلص له ، فجعل الله له رزقه ميسراً في ضمن ذلك من غير أن يقصدهولا يسعى إليه . وجاء في حديث مرسل أنه صلى الله عليه وسلم قال : " أنا رسول الرحمة، وأنا رسول الملحمة ، إن الله بعثني بالجهاد ولم يبعثني بالزرع " . وخرج البغوي فيمعجمه حديثا مرسلا : " إن الله بعثني بالهدى ودين الحق ولم يجعلني زراعاً ولاتاجراً ، ولا سخابا بالاسواق ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي " . وإنما ذكر الرمح ولم يذكرالسيف لئلا يقال : انه صلى الله عليه وسلم يرتزق من مال الغنيمة : إنما كان يرزقمما أفاءه الله عليه من خيبر .
والفيء ما هرب أهله منهخوفا وتركوه ، بخلاف الغنيمة فإنها مأخوذة بالقتال بالسيف ، وذكر الرمح أقرب إلىحصول الفيء لأن الرمح يراه العدو من بعد فيهرب فيكون هرب العدو من ظل الرمح ،والمأخوذة به هو مال الفيء ، ومنه كان رزق النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف الغنيمةفإنها تحصل من قتال السيف . والله تعالى أعلم .
وقال عمربن عبد العزيز : إن الله تعالى بعث محمداً هاديا ولم يبعثه جابيا ، فكان صلى اللهعليه وسلم شغله بطاعة الله والدعوة إلى التوحيد ، وما يحصل في خلال ذلك من الأموالمن الفيء والغنائم يحصل تبعاً لا قصداً أصلياً ، ولهذا ذم من ترك الجهاد واشتغل عنهباكتساب الأموال . وفي ذلك نزل قوله تعالى : { ولا تلقوابأيديكم إلى التهلكة }لما عزم الأنصار على ترك الجهاد والاشتغال بإصلاحأموالهم وأراضيهم .
وفي الحديث الذي خرجه أبو داود وغيره : " إذا تبايعتم بالعينة واتبعتم أذناب البقر ، وتركتم الجهاد ،سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه الله من رقابكم حتى تراجعوا دينكم "ولهذا كرهالصحابة رضي الله عنهم الدخول في أرض الخراج للزراعة فإنها تشغل عن الجهاد .
وقال مكحول : إن المسلمين لما قدموا الشام ذكر لهم زرعالحولة ، فزرعوا فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فبعث إلى زرعهم وقد ابيضوأردك فحرقه بالنار ، ثم كتب إليهم : إن الله جعل أرزاق هذه الأمة في أسنة رماحها ،وتحت أزجتها ، فإذا زرعوا كانوا كالناس . خرجه أسد بن موسى .
وروى البيضاوي بإسناد له عن عمر أنه كتب : من زرع زرعا واتبع أذناب البقرورضي بذلك وأقر به جعلت عليه الجزية .
وقيل لبعضهم لواتخذت مزرعة للعيال ؟ فقال : والله ما جئنا زراعين ، ولكن جئنا لنقتل أهل الزرعونأكل زرعهم .
فأكمل حالات المؤمن أن يكون اشتغاله بطاعةالله والجهاد في سبيله ، والدعوة إلى طاعته لا يطلب بذلك الدنيا ، ويأخذ من مالالفيء قدر الكفاية ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأهله قوت سنة من مالالفيء ثم يقسم باقيه ، وربما رأي محتاجا بعد ذلك فيقسم عليه قوت أهله بلا شيء .
وكذلك من يشتغل بالعلم ، لأنه أحد نوعي الجهاد فيكوناشتغاله بالعلم للجهاد في سبيل الله والدعوة إليه ، فليأخذ من أموال الفيء أوالوقوف على العلم قدر الكفاية ليتقوى على جهاده ، ولا ينبغي أن يأخذ أكثر من كفايتهمن ذلك..."

قال في فيض القدير :
" (
وجعلرزقي تحت ظل رمحي) قال الديلمي : يعني الغنائم وكان سهم منها له خاصة يعني أن الرمحسبب تحصيل رزقي قال العامري : يعني أن معظم رزقه كان من ذلك وإلا فقد كان يأكل منجهات أخرى غير الرمح كالهدية والهبة وغيرهما وحكمة ذلك أنه قدوة للخاص والعام فجعلبعض رزقه من جهة الاكتساب وتعاطي الأسباب وبعضه من غيرها قدوة للخواص من المتوكلينوإنما قال تحت ظل رمحي ولم يقل في سنان رمحي ولا في غيره من السلاح لأن رايات العربكانت في أطراف الرماح ولا يكون في إقامة الرماح بالرايات إلا مع النصر وقد نصربالرعب فهم من خوف الرمح أتوا تحت ظله ولأنه جعل السنان للجهاد وهو أكبر الطاعاتفجعل له الرزق في ظله أي ضمنه وإن كان لم يقصده كذا ذكره ابن أبي جمرة ولا يخفىتكلفه..."

وقال القرطبي :
"...
فجعل الله رزق نبيه صلىالله عليه وسلم في كسبه لفضله ، وخصه بأفضل أنواع الكسب ، وهو أخذ الغلبة والقهرلشرفه "

"ومن أعظم ما حصل به الذل من مخالفة أمر الرسول صلىالله عليه وسلم ترك ما كان عليه من جهاد أعداء الله فمن سلك سبيل الرسول صلى اللهعليه وسلم عز ، ومن ترك الجهاد مع قدرته عليه ذل . وقد سبق حديث : " إذا تبايعتمبالعينة واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لاينزعه من رقابكم حتى تراجعوا دينكم " . ورأى النبي صلى الله عليه وسلم سكة الحرثفقال : " ما دخلت دار قوم إلا دخلها الذل " . فمن ترك ما كان عليه النبي صلى اللهعليه وسلم من الجهاد مع قدرته واشتغل عنه بتحصيل الدنيا من وجوهها المباحة حصل لهمن الذل فكيف إذا اشتغل عن الجهاد بجمع الدنيا من وجوهها المحرمة ؟" الحافظ ابن رجب الحنبلي (الحكم الجديرة بالإذاعة)
__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.80%)]