هذا ما حدث معي في سجن النقب
زيارة الى سجن النقب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد شاء القدر أن أذهب الى سجن النقب الصحراوي لزيارة أخي الاسيرهناك
الذي يكبرني بعام وهو أحب الناس الى قلبي
فكتبت ما حدث معي على شكل قصة
ارجو ان تخبروني رايكم
"النقب كلمة سمعت بها كثيرا في المقررات المدرسية وترددت على مسامعي كثيرا في في حصص الجغرافيا وغيرها ولكن لم اكناتوقع يوما ولم يكن يخطر ببالي أني سوف اذهب هناك يوما او بانني سوف اذهب هناك بلهفة كبيرة كتلك التي شعرت بها عندما قررنا التوجه الى سجن النقب من اجل زيارة اخي الغالي...........
كيف استطيع ان اصف ذلك اليوم؟ من اين ابدأ واين انتهي؟والله لو انني في الصباح شرعت لما انهيت فما مر علي في ذلك اليوم كان اشبه بالكابوس المزعج الذي تتخلله بعض اللحظات السعيدة والتي مرت سريعا بات ذلك الكابوس المزعج يطاردني في كل زاوية وكل مكان اذهب اليه.......
أبدأ الوصف من البدايةحيث انطلقنا في الصباح الباكر باتجاه المحسوم(الحاجز )وأمضينا هناك ما يقارب الثلاث ساعات في انتظار الحافلات التي ستقلنا الى المعتقل طوال ذلك الوقت وانا افكر
هل ترى ساتمكن من رؤيته ام لا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ واذا تمكنت من رؤيته هل ترى سوف استطيع ان اتحدث اليه عن كل ما يجول بخاطري؟وعن كل ما حدث معي طوال تلك السنين؟ترى كيف اصبح ؟؟
اسئلة كثيرة تجول بخاطري
عبرنا طرق بعيدة واماكن غريبة وددت لو ان الارض تطوى كي نصل سريعا اثناء الطريق رايت مزارع للخضار والفاكه رايت اشجارا جميلة ورايت قطعان الابل التي تسير بشكل جماعي
أثار هذا المشهد الامل والحزن بداخلي
الامل بانني سالقى اخي والحزن على خيرات ارض سلبت
ايتها الارض هل ضعت ؟هل هنت؟أجل ضعت ولكن ابدا ما هنت فانت في القلب وما زلت فانت الارض التي صمد الابناء من اجلها في الزنازين والاجداد من اجلك مطاردين وسلاحهم حجر وسكين .........بدات الخضرة تختفي وبدا الرمل يزحف ليغطيها باللون الاصفر الذي يوحي بالموت
كانت الارض المتشققة فعل الشمس كقلبي المتقطع اربا بفعل الشوق الذي اصبح بمثابة الهواء الذي اتنفسه والغذاء الذي اتناوله
فجاة.........توقفت الحافلة فاذا بنور عيني يقع على يافطة كبيرة كتب عليعا سجن النقب حيث يقبع اخي وفجاة اكتشفت ان هناك اناس من حولي لم انتبه الى وجودهم ولم اشعر ابدا بانهم مثلي او اشد شوقا لذويهم فمنهم من له اب او اخ او زوج قابعين خلف القضبان في ظل الجوع والحرمان والأه والاسف على هذا الزمان
صرت احدق في وجوه الزائرين وبالفعل كانني اراهم لاول مرة يا الهي ما اشد هذا الحزن الذي يكمن في فلب تلك العجوز والذي يبدو جليا في تجاعيد الوجه وكان تلك التجاعيد بيت للالام
وما ان التفت الى الاطفال الصغار ما اجملهم وما ابهاهم اي ذنب اقترفه هؤلاء الصغارحتى يكونوا من آبائهم محرومين
رايتهم يلعبون تراهم يعرفون حقيقة الامر الذي يعيشون؟؟؟؟؟؟
نزلنا من الحافلة الى مكان يا له من مكان فظيع قذر يبدو كمجمع للحيوانات يوجد به مقاعد اجلسو هنا طلب منا ذلك ساعة....ساعتين.....ثلاث ساعات مر الوقت بطيئا قاتلا موحشا
تجولت في هذا المكان لاقرا كل الملاحظات والاهداءات التي كتبت على الجدران جميعها كانت من ذوي الاسرى الذين انتظروا هنا مثلنا من قبل
طلب منا تجهيز الاوراق للدخول من اجل التفتيشدخلنا حيث هنا الذل والاهانة على ماذا يفتشون؟ ماذا من يريدون؟ الا يكفيهم اننا من ابنائنا واخواننا محرومين؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خرجنا وركبنا حافلة اخرى والتي انطلقت الى مكان آخر مليء بالاسلاك الشائكة
دخلنا فاذا بشباب كزهرات الربيع يقفون كالاسود خلف الاسلاك والزجاج السميك لم كل هذا ؟؟
صرت انظر بلهفة كبيرة كلهفة الشخص الذي يفاجىء بعودة عزيز غائب وفجاة سمعت احدا يناديني ويضرب على الزجاج يا الهي انه اخي ليس حلم بل حقيقة يا الهي ما اجمله وما ابهى طلته وما اروعه ولكن لم اكن اسمع صوته بوضوح خاصة ان اصوات الناس بدات تعلو حيث الكل يريد ان يسمع صوته لمن يعنيه وانا لم اعد قادرة على فعل شيء كدت انهار فاذا باخي يشير لي بالتحرك تحركت الى ان وصلت آخر الممر كنت واثقة بان الله سييسر لنا امرنا فاذا بالزجاج مكسور والشبك ممزق لدرجة انني تمكنت من ادخال يدي ولمس يديه وتقبيلها يا الهي لم اعد قادرة على تركها كما لم اعد قادرة على حبس دموعي اكثر من ذلك ولم اعد قادرة على ايجاد الكلمات التي تليق بهذا البطل ومر الوقت سريعا وجاء الجندي الحقير وامر بانهاء الزيارة
لا لا اريد ذلك ولكن الذي اريده ممنوع هنا
شعرت بان كل قوة جسدي تركزت في يدي التي لا تريد ان تترك اخي نظرت الى عينيه الجميلتين فاذا بها اشواق كثيرة
كان لاصراري على عدم ترك يديه السبب في جرحها من الاسلاك الشائكة
يحار قلبي وقلمي في وصف الذي لاقيت من حزن والم
خرجنا وعيني معه ترقباه من بعيد وهو يصعد الحافلة ويلوح بيديه
لا لم تنته الزيارة بعد فاذا بنا ننتظر الىان يتمكطن الجميع من الزيارة ونعود معا
خيم الليل ونحن في الزيارة اي زيارة تلك التي لم تتجاوز الاربعين دقيقه
بالله عليكم هل تكفي هذه الدقائق للحديث والتعبير عن شوق واشواق وحنين كبتت منذ سنين
اردت الصراخ والله لو انني صرخت لصراخي شق الآفاق واسمع بني صهيون بأنكم لا محاله زائلون ونحن هنا في الارض باقون مزرعون كأشجار الزيتون "
اختكم دمعه اسير
__________________
من خلف قضبان الألم *** و الحزنفي الصدر احتدم
و الليل أسدل ستره *** و القيد يرزح في القدم
ألف السكون وصمته *** و أنين قلبٍ مذ ضرم
طافت به الذكرى فما *** ألفت سوى الدمعانسجم
|