عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 01-03-2008, 06:56 PM
الصورة الرمزية قطرات الندى
قطرات الندى قطرات الندى غير متصل
مراقبة القسم العلمي والثقافي واللغات
 
تاريخ التسجيل: Oct 2005
مكان الإقامة: ღ҉§…ღ مجموعة زهرات الشفاء ღ …§҉ღ
الجنس :
المشاركات: 18,079
الدولة : Lebanon
Cool

وضع النصارى في مصر في ولاية عمرو بن العاص رضي الله عنه:
ولو ذهبنا إلى مصر نجد أنَّ العرب المسلمين أعطوا الحرية الدينية للقبط، يؤيد ذلك ما فعله عمرو بن العاص - رضي الله عنه- بعد استيلائه على حصـن بابليون، إذ كتب بيده عهداً للقبط بحماية كنيستهم، ولعن كل من يجرؤ من المسلمين على إخراجهم منها، وكتب أماناً للبطريق بنيامين ،وردَّه إلى كرسيه بعد أن تغيب عنه زهاء ثلاث عشرة سنة، وأمر عمرو -رضي الله عنه- باستقبال بنيامين عندما قدم الإسكندرية أحسن استقبال ،وألقى على مسامعه خطاباً بليغاً ضمنه الاقتراحات التي رآها ضرورية لحفظ كيان الكنيسة،

فتقبلها عمرو -رضي الله عنه-ومنحه السلطة التامة على القبط، والسلطان المطلق لإدارة شؤون الكنيسة11 .

ولم يفرق العرب في مصر بين الملكانية واليعاقبة من المصريين ،الذين كانوا متساوين أمام القانون ،والذين أظلهم العرب المسلمون بعدلهم وحموهم بحسن تدبيرهم، وقد ترك العرب للمصريين، وأخذوا على عاتقهم حمايتهم، وأمنوهم على أنفسهم ونسائهم وعيالهم ،فشعروا براحة كبيرة لم يعهدوها منـذ زمن طويل
12 ،بل كانوا يعانون من ظلم البيزنطيين الذين كانوا يضطهدون الياعقبة؛ لأنهم يختلفون معهم في المذهب ،يوضح هذا قول المستشرق البريطاني "سير توماس أرنولد" في كتابه " الدعوة إلى الإسلام ": ( يرجع النجاح السريع الذي أحرزه غزاة العرب قبل كل شيء إلى ما لقوه من ترحيب الأهالي المسيحيين الذين كرهوا الحكم البيزنطي، لما عرف به من الإدارة الظالمة، وما أضمروه من حقد مرير على علماء اللاهوت، فإنَّ الياعقبة الذين كانوا يكونون السواد الأعظم من السكان المسيحيين عوملوا معاملة مجحفة من أتباع المذهب الأرثوذكسي التابعين للبلاط ،الذين ألقوا في قلوبهم بذور السخط والحنق الذيْن لم ينسهما أعقابهم حتى اليوم )13 .

كما أنَّ السلطان محمد الفاتح أعطى ـ حين دخل القسطنطينية فاتحاً ـ لبطريرك المدينة السلطان الداخلي على رعيته من النصارى ،بحيث لا تتدخل الدولة في عقائدهم ولا عباداتهم.
كما يروي لنا التاريخ أنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية طلب إلى أمير التتار إطلاق سراح الأسرى، فأجابه الأمير التتاري إلى إطلاق سراح أسرى المسلمين وحدهم دون المسيحيين واليهود فأبى شيخ الإسلام رحمه الله ذلك، وقال : " لا بد من إطلاق سراح الذميين من أهل الكتاب، فإنَّهم أهـل ذمتنا ،لهم ذمة الله ورسوله ،فأطلق الأمير سراحهم جميعاً.


مساواة الإسلام بين المسلمين والمسيحيين واليهود أمام القضاء:
فرعايا الدولة الإسلامية -من غير المسلمين- يتمتعون بحرية دينية كاملة ،ويتمتعون أيضاً بحق المواطنة مثلهم مثل المسلمين، ولم يفرق المسلمون بين مسلم ومسيحي ويهودي أمام القضاء، بل لم يفرقوا بين الخصوم حكاماً ومحكومين مسلمين ومسيحيين ويهود، فالكل سواء أمام القضاء. ومعروف أن النظام القضائي الإسلامي الوحيد في العالم الذي أوجد ديوان المظالم الذي يرفع فيه الأفراد قضايا على كبار المسؤولين بما فيهم الخلفاء والأمراء والولاة والوزراء، وسأتحدث اليوم عن بعض هذه القضايا، فما أحوجنا أن نعيد قراءة تاريخنا، وأن نتوقف عند عظمة هذا الإسلام ومدى عدالته، فالله جلَّ شأنه قد أمر أن يكون الحكم بين النّاس بالعدل، وكذلك إن كان الحكم بين اليهود -رغم كذبهم وأكلهم أموال الناس بالباطل- فيجب أن يكون حكماً عادلاً، يقول تعالى في سورة المائدة : ( سمَّاعون للكذبِ أَكَّالُونَ للسُّحتِ فَإِنْ جَاءوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أوْ أَعْرِضْ عَنْهُم وَإِنْ تَعْرِضْ عَنْهُم فَلَنْ يَضُّرُوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُم بِالقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطين)
14 .

ويقول جلَّ شأنه في حديث قدسي: ( يا عبادي قد حرَّمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا).
وكلنا يعرف قصة القبطي المصري الذي قدم من مصر إلى المدينة؛ ليشكو إلى عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- والي مصر عمرو بن العاص، وزعم أنَّ ابن الوالي أجرى الخيل فأقبلت فرس المصري فحسبها محمد بن عمرو فرسه وصاح : "فرسي ورب الكعبة"، ثُمَّ اقتربت وعرفها صاحبها فغضب محمد بن عمرو ووثب على الرجل يضربه بالسوط، ويقول له : خذها وأنا ابن الأكرمين، وبلغ ذلك أباه فخشي أن يشكوه المصري فحبسه زمناً، ومازال محبوساً حتى أفلت وقدم إلى الخليفة لإبلاغه شكواه...

قال أنس بن مالك راوي القصة: فوالله ما زاد عمر على أن قال له أجلس ...ومضت فترة إذا به في خلالها قد استقدم عمراً وابنه من مصر، فقدما ومثلا في مجلس القصاص، فنادى عمر رضي الله عنه :" أين المصري ؟ ...دونك الدرة فاضرب بها ابن الأكرمين" فضربه حتى أثخنه، ونحن نشتهي أن يضربه. فلم ينزع حتى أحببنا أن ينزع من كثرة ما ضربه ،وعمر -رضي الله عنه- يقول: اضرب ابن الأكرمين ! ..ثُمَّ قال : " أجلها على صلعة عمرو ! فوالله ما ضربك ابنه إلاَّ بفضل سلطانه ...قال عمرو رضي الله عنه فزعاً: يا أمير المؤمنين قد استوفيت واشتفيت، وقال المصري معتذراً : يا أمير المؤمنين قد ضربت من ضربني، فقال عمر رضي الله عنه :"أما والله لو ضربته ما حلنا بينك وبينه حتى يكون أنت الذي تدعه. والتفت إلى عمرو مغضباً قائلاً له تلك القولة الخالدة :" أيا عمرو ! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً "
15 .
وكلنا يعرف قصة سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- مع اليهودي الذي وجد درعه عنده الذي فقده وهو متجهاً إلى صفين ،ولما انقضت الحرب ورجع إلى الكوفة وجده في يد يهودي ،فقال نصير إلى القاضي ،فتقدم علي -رضي الله عنه- فجلس إلى جنب القاضي شريح، وقال: " لولا أنَّ خصمي يهودي لاستويت معه في المجلس، ولكني سمعتُ رسول الله -صلى عليه وسلم- يقول : "أصغروهم من حيث أصغرهم الله "فقال شُريح قل يا أمير المؤمنين، فقال:" نعم هذه الدرع التي في يد هذا اليهودي درعي لم أبع ولم أهب، فقال شُريح: ماذا تقول يا يهودي ؟ قال: "درعي وفي يدي ،فقال شريح: ألك بينة يا أمير المؤمنين ؟ قال : "نعم ،قنبر والحسن يشهدان أنَّ الدرع درعي، فقال شُريح: شهادة الابن لا تجوز للأب ،فقال علي -رضي الله عنه- : " رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟ سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فقال اليهودي : " أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه، وقاضيه قضى عليه، أشهد أنَّ هذا هو الحق، وأشهد أن لا لإله إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمداً رسول الله، وأنَّ الدرع درعك
16."

وبعد فهذا جانب من تسامح الإسلام، والأمثلة كثيرة لا حصر لها على تسامح هذا الدين السمح الذي لا يكتمل عنده الإيمان إلاَّ إذا أحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، يقول صلى الله عليه وسلم ( لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

تسامح الإسلام في الحروب:
أمَّا تسامح الإسلام في حالة الحرب فالحديث عنه يطول، ويكفي أن أقول إنَّ القانون الدولي استقى كثيراً من أحكام الإسلام في الحروب في أحكامه، كعدم مباغتة العدو وأخذه على غرة ،فلقد ثبت أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقاتل قوماً قبل أن يدعوهم إلى الإسلام، أو دفع الجزية فإن امتنعوا قاتلهم، وكذلك عدم قتال المدنيين من النساء والشيوخ والأطفال من أهالي المحاربين لهم، وعدم تدمير منازلهم وحرق نخيلهم ،وقد أوصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- جيشه في غزوة مؤتة، وهو يتأهب للرحيل : ( ألا تقتلنَّ امرأة ولا صغيراً ضرعاً (أي ضعيفاً) ولا كبيراً فانياً، ولا تحرقنَّ نخلاً ولا تقْلَعَنَّ شجراً ،ولا تهدموا بيْتاً)، وعن ابن عبَّاس -رضي الله عنه- أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- كان إذا بعث جيوشه قال ( لا تقتلوا أصحاب الصوامع).
ولقد حرَّم الإسلام الإجهاز على الجرحى والتمثيل بالقتلى ،وعدم إصابة المدنيين بسوء، وحسن معاملة الأسرى، ولا يجوز قتلهم، ولا جرحهم، ولا تعذيبهم، ولا إساءة معاملتهم أو تحقيرهم، ولقد استقى القانون الدولي هذا من الإسلام، فالإسلام سبق القوانين الدولية بأحد عشر قرناً في وضع قوانين للأسرى بحسن معاملتهم ،وعدم تعذيبهم ،وعدم قتلهم وإطلاقهم بالمن عليهم أو فدائهم، بينما نجد لم تظهر اتفاقيات أو معاهدات دولية لتنظيم معاملة الأسرى إلاَّ في أواخر القرن الثامن عشر، وبالتحديد في سنة 1875م .
__________________
-------




فى الشفاءنرتقى و فى الجنة..
ان شاء الله نلتقى..
ღ−ـ‗»مجموعة زهرات الشفاء«‗ـ−ღ

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.59 كيلو بايت... تم توفير 0.64 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]