جزاك الله خيرا اختي الفاضلة راجية الشهادة على مادخلتك المهمة... والتي اتخيل انها قادتنا الى موضوع آخر وهو " الانبهار بالحضارة الغربية "
او " التراث ، وتحديات العصر في الوطن العربي " كما يصفها احد المفكرين الاسلاميين
من الصعب حصر ما هو دخيل بما هو اصلي لإختلاف البنيات التفكيرية عند العرب ، فالبعض يرون ان
الانتظام بالحركة الكشفية والاهتمام بالرياضة والفن والمسرح والشعر والادب .. وكيفية الاكل وأدب المائدة واداب الحديث والكلام والمجالسة ثم العناية بالصحة والاسنان والتفتيش على نظافة الايدي والاظافر .. الخ من العادات المتحضرة هي دخيلة علينا من الغرب !!!!!!!!!.
وهكذا فنحن بداية لا بد لنا ان نقرر.... هل نملك ( قوة الفرز وقوة النقد ) ؟
العالم أصبح صغير جداً و لم تعد العقول المفكرة أسيرة للحدود الجغرافية , و أصبحت هذه العقول المفكرة حكراً على الدول المتقدمة ,- في معظم الاحوال - و هي تتبع شتى الأساليب لاستدراجها و الحفاظ عليها , خلافاً عن الدول المتخلفة النامية فهي غير قادرة على استثمار هذه العقول لسيطرة الافكار البالية عليها من ناحية ، وقد تكون لأسباب أخرى ، منشؤها اصلا البعد عن الاطار الاسلامي الذي طالما اهتم بالمفكرين والمبدعين واعطاهم مساحة واسعة في اطاره.
الاسلام في كل الظروف ينادي بعدم الانبهار بالحضارة الغربية, وعدم حبس النفس في "عقدة الخواجة," ويلاحظ ان مقاومة التغريب قد اشتدت في العالم العربي ردا على محاولات الغرب لتسويق ثقافته في العالم العربي, ويطالب هؤلاء بالجواب عن سؤال صعب وهو:
- كيف يمكن لنا نحن العرب, ان نصل بمجتمعاتنا الى نظرة موضوعية, تنطلق من الثقة بالنفس, الانتساب الى الذات والشعور بالندية بعيدا عن التشنج؟؟؟؟؟
اما نحن فنسال هنا: لماذا "عقدة الخواجة" هذه, وهذا الشعور الجارف بالتغريب, وهذا الانبهار بالغرب لم يتاتَ ولم يتلبَّس الا بالعرب فقط, من دون باقي الامم الشرقية الاخرى كاليابانيين والكوريين والصينيين والهنود وغيرهم من الذين نهلوا من الحضارة الغربية والتقدم الغربي؟
- ولماذا لم ينجح الغرب في تسويق وبيع "الانبهار" به, الا على باب الدار العربية, من دون بقية الدور الاخرى في الحي الشرقي؟
- ولماذا خصَّ الله تعالى الامة العربية بخاصية الشعور بالانبهار, وعقدها ب "عقدة الخواجة", من دون غيرها من امم الارض, التي اخذت من الحضارة الاوروبية ما افاد, وتركت ما زاد, واخذت من التقدم الغربي ما ناسب الحساب, وتركت ما جانب الصواب؟
- وهل حقا ان الغرب قد استهدف الامة العربية من دون غيرها من الامم الاخرى - التي اخذت منه واعطته وتلاقحت معه - في الترويج لحضارته, وبذل كل المحاولات المستمرة للانبهار بها؟؟
فكيف يمكن للجاهل ان ينبهر باي اثر فني او ادبي او علمي, من دون ان يكون على وعي وعلى معرفة بهذا الاثار المُبهرة؟
فالانبهار اساسه العلم والمعرفة بالشيء. فهل نحن على درجة كبيرة من العلم والمعرفة لكي ننبهر هذا الانبهار العظيم بالغرب, ؟
وهل انبهارنا بالغرب هو انبهار الجهلة, ام انبهار العلماء؟
فاذا كان انبهار العلماء فنحن في حلٍ منه, لاننا لسنا جميعا بالعلماء. وان كان انبهار الجهلة - وهذا هو انبهارنا على الاغلب - فما فائدة الغرب من استعمال كافة الادوات الاستعمارية الحديثة لابهارنا,؟؟؟
أعتقد اننا اقل امم الشرق تاثرا بالحضارة الغربية, و اننا اكثر امم الشرق التي اخذت قشور الحضارة الغربية, وتركت الجذور,
فإن الانبهار بالشيء ياتي على درجة من الكِبر او الصغر بقدر ثقافة المتلقي وفهمه ووعيه لما يتلقى والانبهار به,
ان الفكر الغربي لم يؤثر على الفكر العربي الا بقدر ما استطاع هذا الفكر العربي ان يستوعب. فكان حال الفكر العربي حال الطالب الذي لم يُكمل المرحلة الاعدادية, وتم وضعه في ارقى جامعات الغرب لكي يتلقى تعليمه فيها. فهل يمكن له ان ينجح في هذه الجامعات.
ومن هنا ندرك ان الخلل ليس في الافكار الواردة او "المستوردة " كما يُطلق عليها البعض, ولكن الخلل في عدم ملاءمة التربة العربية لشروط النهضة, او الحضارة الجديدة في اغلب الاحوال
.
- فهل نحن جاهزون اليوم لأي مُعطى حضاري حديث؟
ان الاصل في الاستعانة بالغرب ومنجزاته الحضارية أن يكون بناء على حضارتنا الاسلامية من الداخل.
ويجب علينا نحن المسلمين ان نعرف تراثنا وانفسنا اكثر من اي احد آخر ... لنعرف ان كل ما هو حسن مصدّر وموثقة اصوله في عقيدتنا ...
فأحيانا يصدف عند الكثير من المسلمين انهم لا يعرفون الاسلام الا من خلال الاخرين!! وان ما عرفوه عن تراثنا وتاريخنا واخلاقنا كان من خلال اعمال الباحثين الاجانب - من مخلصين وغير مخلصين - يفوق اضعافا مضاعفة مما عرفوه عن طريق انفسهم وباحثينا.
فلماذا الاخر يعرف عنا اكثر بكثير مما نعرف عنه عن انفسنا , ؟؟؟
ثم البس من الضروري دراسة المجتمع الغربي والفكر الغربي من قبل العرب والاصول المعرفية والقيمية للعلوم التي يتبناها الغرب ؟، وحتى لا يظن هؤلاء المنبهرين اننا لولا علم الغرب وعلماؤه لتعرت حياتنا الفكرية ؟؟ولكانت حياتنا لا تختلف كثيرا عن حياة الانسان البدائي في بعض مراحلها الاولى.!!!
فالاطار الاسلامي يحمل حياة ذات اصول واخلاق وسلوك متكاملة
واهم ما يرتكز عليه هو العلم....
فالجهل لا يكون ندا للعلم,
والتخلف لن يكون ندّا للتقدم,
والاستبداد لن يكون ندّا للحرية,
والديكتاتورية لن تكون ندّا للديمقراطية,
والرصيد الاسلامي من مقومات الحضارة وهي قوة الايمان و قوة العلم وقوة العقل. هو رصيد يكفي حاجة البشرية كلها, وربما يزيد.... يحتاج فقط الى ارساء القواعد الاسلامية في كافة مراحل وجوده وانحاء حياته
وهذا ما يجب الاعتماد على تمكننا واستيعابنا له قبل ان نبدأ بفرز القوة عن الضعف في حضارة الغرب.
علما باننا لسنا معنيين بمواطن ضعف هذه الحضارة ، بقدر ما نحن معنيون بنواحي القوة ( التي نرتأيها كمسلمين ) فيها و التي نريد لامتنا اليوم قوة مثيلة لها.
جزاك الله خيرا ودمت بخير اختي الفاضلة