هناك، انطلقت الصغيرة مستكشفة كل زاوية من زوايا المكان، فيما جلست أحادث الجدة بعد أن فشلت كل محاولاتي مع الصغيرة أحثها على الكلام، كان قلق الجدة يتمحور حول قدرتها على العناية بحفيدتها "لو أنهم تركوا أحد أبويها طليقا على الأقل، أنا لن أقوى على ملاحقتها في كل مكان، فمرض السكري أتلف قدمي".
اشتكت الجدة فيما تتنقل نظراتها مع قفزات الصغيرة التي بدت وكأنها تكتشف عالمها الجديد باحثة لنفسها عن مكان فيه.
غابت عائشة بإحدى غرف المنزل لتعود راكضة وقد حملت بين يديها صورة والديها يوم زفافهما، وبما أنها لم تعرف والدها إلا من خلف القضبان ولخمس وأربعين دقيقة فقط هي مدة الزيارة الواحدة، لكنها بالطبع ميزت والدتها ..."من هذه؟" سألتها محاولة جرها للحديث.
نظرت إلي الصغيرة وكأنها تعاتبني على جهلي "ماما...وين ماما؟..أروح ماما؟" تمتمت الصغيرة بمفرداتها الخاصة بها فيما تسمرت عيناها على الإطار الذي تحمله فتتحسس الصورة تارة وتقبلها تارة أخرى. "وين ماما راحت".
كنت أستعد للمغادرة عندما استوقفتني الصغيرة وهي تشد حقيبتي وتتمتم بكلمات لم أفهمها، انحنيت مقتربة من عائشة أحاول فهم ما تقول، بدت وكأنها تستجمع ما في قاموسها الصغير من كلمات
علها تحصل على ما تريد ثم نطقت "أروح معك؟... أجيب ماما؟