الموضوع: حجاً (مبلولاً)
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-01-2008, 09:29 AM
الصورة الرمزية أبوسيف
أبوسيف أبوسيف غير متصل
مراقب سابق
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
مكان الإقامة: Twilight Zone
الجنس :
المشاركات: 3,457
043 حجاً (مبلولاً)

في رواية (الحب في زمن الكوليرا)..للرائع ماركيز، تبقى السفينة التي تقل البطلين تجول في عرض البحر ليلاً نهاراً دون الوقوف في مرفأ محدد..خوفاً من عدوى الكوليرا..أخيراً تنفد الرواية قبل أن ينفد وقود السفينة، ويظل القارئ يشرع مخيلته على نهايات كثيرة تسعده أو تحزنه حسب رغبته..

يبدو أننا أمام رواية جديدة اسمها (الحج في زمن الكوليرا) الكوليرا السياسية التي تحجر على المواطن ابن الأرض ابن الوطن أن يعود الى وطنه بعد أن غسل ذنوبه في بحر التوبة وأدّى فرضاَ تقره وتحترمه كل الأديان...نعم نحن أمام كوليرا سياسية أهم أعراضها : (إبعاد) و(حجر) ..

أكثر من 2000 حاج يتوقون منذ أيام لأن يطأوا اليابسة، يابسة غزّة،(ليسعوا) فيها من جديد،(ويطوفوا) حول شوارعها من جديد..2000 حاج أمنيتهم الكبرى أن (يتحللوا) يوماً من نقاط التفتيش..و(يتمتعوا) بوطنهم كباقي الأمم.. 2000 حاج ما زالوا يموجون على ظهر البحر، يتوقون للعودة الى بيوتهم مثل سائر البشر، يفرحون بالزينة المعلقة قبل أن ''تذبل'' وتذهب ألوانها، و يفرّحون أحفادهم الصغار بكاميرات تظهر صوراً بهية لمكّة والحرم الشريف، صرة ''حنّاء'' لعائشة أحضرتها الجدّة من هناك، وخواتم مقلّدة لصبايا الحي أحضرها أبو العبد من هناك ايضاً...2000حاج ينظرون الى هداياهم فوق السفينة ويتمنون وطناً مشرّع الحدود، لا وطناً محكوما ببوابة وقفل و سجّان يفتحه ويغلقه حسب المزاج..

ويبقون يموجون في عرض البحر، وجوههم تتوسد اياديهم، وسفينتهم تتوسد يد الماء .. يحلمون بالأهل والأولاد، وسرد حكاوى السفر، يتمنون لو يمسدوا بماء زمزم على جرح فلسطين فيبرأ..

حجاً مبلولاً بماء الصبر يا حجاج غزة ..

الكاتب: أحمد حسن الزعبي
المصدر: جريدة الرأي الأردنية
الرابط: http://www.alrai.com/pages.php?opinion_id=7362
__________________
.
.

لا اله إلا الله محمد رسول الله
.
.





.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 13.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.36 كيلو بايت... تم توفير 0.64 كيلو بايت...بمعدل (4.55%)]