
05-12-2007, 08:33 PM
|
 |
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
|
|
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,020
الدولة :
|
|
3ـ ولكن في الآية الثانية عندما دخلوا إلى النار وقُلِّبت وجوهُهم فيها، لم يعد لديهم أمل بالعودة إلى الدنيا. وأدركوا مدى أهمية طاعة الله وطاعة رسوله فانتقلوا من مرحلة الإيمان إلى مرحلة الطاعة لله ورسوله، لذلك يقولون عندها: (يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) إذن نلخِّص هذا النظام البلاغي باختصار:
1ـ وقوفهم على النار.... ثم الدخول فيها لتُقَلَّب وجوههم في النار.
2 ـ وتأمل معي التدرج الزمني للآيتين: فلآية الأولي جاء فيها قولهم بصسغة الماضي (فَقَالُواْ)، ولكي لا يظنّ أحد أن هذا القول وهذه الحسرة انتهت، أو ستنتهي، يأتي قولهم في الآية الثانية على صيغة الاستمرار (يَقُولُونَ)، ليبقى الندم مستمراً.
إن هذا النوع من الإعجاز الزمني لاستخدام كلمات القرآن، ألا يدل على أن هذا القرآن كتاب مُحكَم؟
ودائماً كلمة (ليتنا) سُبقت بكلمة (يا) ليظهر لنا الله تعالى المبالغة في التمنِّي للكفار وهم نار جهنم... ولكن هل ينفع الندم؟
لهم ما يشاءون
قلنا في الفقرات السابقة أن الله وضع نظاماً رقمياً لسور القرآن لنستيقن أن هذا القرآن من عند الله تعالى, وأننا نعجز عن الإتيان بمثله مهما حاولنا, عندما نستيقن ذلك نقرُّ ونعترف بأن كل كلمة في كتاب الله تعالى هي حق... وأن وعد الله حق, وأن الجنة حق, وأن النار حق. والقرآن يصور لنا حياة المؤمن في الجنةبعبارة خاصة بأهل الجنة وقد تكررت 5 مرات في الآيات:
1ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ) [النحل: 16/31].
2ـ (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَخَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً) [الفرقان: 25/16].
3ـ (لَهُم مَّا يَشَاءُونَعِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ) [الزمر: 39/34].
4ـ (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاءُونَعِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ) [الشورى: 42/22].
5ـ (لَهُم مَّا يَشَاءُونَفِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق: 50/35].
ولنرى النظام البلاغي الفائق الدقة في تكرار هذه الكلمة الخاصة بأهل الجنة:
1ـ تحدثت الآية الأولى عن جزاء المتقين: جنات... لهم فيها ما يشاءون.
2ـ أما في الآية الثانية فقد أكّد الله تعالى على أن هؤلاء المتقين خالدون في الجنة التي لهم فيها ما يشاؤون, وأن وعد الله حق ولا يُخلف الله وعده (كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً).
3ـ أما الآية الثالثة فقد تحدثت عن المحسنين لأن التقوى يُؤدي إلى الإحسان, (والعكس صحيح) هؤلاء المحسنون (لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ), أكدت أيضاً أنهم سيكونون بقرب ربهم, ومن كان قريباً من الله فماذا يطلب بعد ذلك؟
4ـ زادت الآية الرابعة تأكيد قرب هؤلاء من ربهم سبحانه وتعالى وأكدت أن هذه الصفات هي (ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ).
5ـ وأخيراً لكي لا نظُنُّ أن هذا كل شيء, ختم الله هذه الآيات الخمسة بكلمة (مزيد), فالعطاء مفتوح لا حدود له (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ).
بعد كل هذا ماذا يتمنَّى المؤمن؟ فسبحان الذي رتب ونظم هذه الكلمة عبر سور القرآن بهذا الشكل المذهل!!
البحار يوم القيامة
البحار التي يُستخدم ماؤها لإخماد النار سوف تلتهب... تُسَجَّر... وتُفَجَّر، هذه إحدى الحقائق عن يوم القيامة. ولنسأل هل يوجد بلغة الأرقام ما يصدق هذه الحقيقة؟ نلجأ إلى كتاب الله ونبحث عن كلمة (البحار)، كم مرة تكررت في كامل القرآن؟ الجواب بسيط، مرتين في سورتين:
1ـ (وَإِذَا الْبِحَارُسُجِّرَتْ) [التكوير: 81/6].
2ـ (وَإِذَا الْبِحَارُفُجِّرَتْ) [الانفطار: 82/3].
ولا ننسى أن كلمة (البحار) في القرآن لم تستخدم إلا للحديث عن يوم القيامة. ونلاحظ تسلسل الآيتين في القرآن يتناسب مع المفهوم العلمي: فأولاً يكون الاشتعال ثم الانفجار وليس العكس، فجاء تسلسل الآيتين أولاً (سُجِّرت) وثانياً (فُجِّرت)، وهذا مطابق للحقائق العلمية الحديثة.
الأرض يوم القيامة؟
هذه الأرض التي نراها ثابتة ومستقرة سوف تهتزُّ وترجُف يوم القيامة. وهذه حقيقة مستقبلية لاشك فيها، وما لغة الأرقام والنظام الرقمي إلا دليل قوي جداً على صدق كلام الله تعالى. تكررت كلمة (تَرْجُف) مرتين بالضبط في كامل القرآن في سورتين:
1ـ (يَوْمَ تَرْجُفُالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً) [المزمل: 73/14].
2ـ (يَوْمَ تَرْجُفُالرَّاجِفَةُ) [النازعات: 79/6].
إذن كلمة (تَرْجُفُ) تسبقها دائماً كلمة (يوم) ليؤكد لنا الله تعالى أن الأرض ستهتز وترجف في ذلك اليوم ـ يوم القيامة. فجاء التسلسل الزمني مطابقاً لتسلسل الآيتين: الآية الأولى تحدثت عن اهتزاز الأرض، ثم في الآية الثانية تحدث الله عن اهتزاز الأرض المهتزة أصلاً، وهذا لزيادة الاهتزاز والارتجاف.
لنعد إلى التساؤل التقليدي: مَن الذي وضع هذه الكلمة في هاتين السورتين؟ ومَن الذي حدَّد استخدام هذه الكلمة بما يخصّ يوم القيامة وليس أي شيء آخر؟ أليس هو رب السماوات السبع ورب العرش العظيم؟
السراج المنير
في كتاب الله تعالى لكل كلمة خصوصيتها, ومن بين الكلمات الكثيرة كلمة (منيراً) التي تكررت مرتين في كامل القرآن في الآيتين:
1ـ (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراًمُّنِيراً) [الفرقان: 25/61].
2ـ (وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً) [الأحزاب: 33/46].
في الآية الأولى الحديث عن القمر والشمس, أما الآية الثانية فتتحدث عن الرسول , وكأن الله يريد أن يقول لنا إن الرسول الكريم هو بمثابة الشمس والقمر للمخلوقات. فكما أن الإنسان لا يستطيع العيش من دون الشمس والقمر كذلك لا يمكن للمؤمن أن يحيا من دون تعاليم وأخلاق ودعوة الرسول . وهذا الترتيب للآيتين يثبت أن القرآن من عند الله.
البعد الزمني للكلمة القرآنية
لنتأمل هاتين الآيتين في صفة بني إسرائيل وكيف عبَّر عنهم البيان الإلهي:
1 ـ (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَاوَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ) [البقرة: 2/93].
2 ـ (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَاوَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 4/46].
إن عبارة سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا لم ترد في القرآن كله إلا في هذين الموضعين وكما نرى الحديث دائما على لسان بني إسرائيل، وكأن الله تعالى يريد أن يقول لنا بأن هذه الكلمة لا تليق إلا بهؤلاء، فهي لم ترد على لسان أي من البشر إلا بني إسرائيل!
هذه الحقيقة نكتشفها اليوم لنعلم حقيقة هؤلاء اليهود الذين حرفوا كلام الله، لذلك جاءت كلمة (وَعَصَيْنَا) لتعبر تعبيراً دقيقاً عن مضمون هؤلاء. وقد لاحظتُ شيئاً عجيباً في هاتين
الآيتين:
الآية الأولى جاءت بصيغة الماضي قَالُواْ ، فهذا يدل على ماضيهم وتاريخهم في المعصية. ولكي لا يظن أحد أن هذا الماضي انتهى جاءت الآية الثانية بصيغة الاستمراروَيَقُولُونَ للدلالة على حاضرهم ومستقبلهم في معصية أوامر الله تعالى، فهم في حالة عصيان مستمر.
لم يكتفوا بعصيانهم بل أغلقوا قلوبهم وغلفوها بغلاف من الجحود والكفر، ويأتي البيان القرآني ليصف قلوب هؤلاء على لسانهم، ولنستمع إلى هاتين الآيتين:
1 ـ (وَقَالُواْ قُلُوبُنَاغُلْفٌبَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ) [البقرة: 2/88].
2 ـ (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَاغُلْفٌبَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 4/155].
وهنا من جديد نجد أن عبارة قُلُوبُنَا غُلْفٌ لم ترد في القرآن كله إلا في هذين الموضعين، وهذا يثبت أن كلمات القرآن تُستخدم بدقة متناهية فكلمة غُلْفٌ هي كلمة خاصة ببني إسرائيل بل لا تليق هذه الكلمة إلا بهم. ولكن هنالك شيء أكثر إدهاشاً.
1 ـ فــالآيــة الأولـى جـــاءت علـى صيغــة المـــاضـي وَقَالُواْ لتخبرنا عن ماضي هؤلاء وحقيقة قلوبهم المظلمة، ثم جاءت الآية الثانية بصيغة الاستمرار وَقَوْلِهِمْ لتؤكد حاضرهم ومستقبلهم أيضاً، وهذا التدرج الزمني كثير في القرآن، فتسلسل الآيات والسور يراعي هذه الناحية لذلك يمكن القول بأن القرآن يحوي من الإعجازات ما لا يتصوره عقل: لغوياً وتاريخياً وعلمياً وفلسفياً وتشريعياً ورقمياً، ألا نظن أننا أمام منظومة إعجازية متكاملة في هذا القرآن؟
2 ـ في الآية الأولى نلاحظ قول الله تعالى وردّه عليهمبَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ ، وهذا منتهى الذل أن يلعنهم الله فماذا بقي لهم من الأمل في الدنيا أو الآخرة؟ ولكن الآية الثانية نجد قول الله ورده عليهم بصيغة ثانية: بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا وهذا يؤكد أنه لا أمل لهذه القلوب أن تنفتح أمام كلام الله، فقد لعنهم الله وطبع على قلوبهم فماذا ينتظرون بعد ذلك؟
3 ـ ولكن هل تنطبق هذه المــواصفـات على جميـع اليهــود؟
إن نهايتَي الآيتين تجيبنا على ذلك، فالآية الأولى انتهت بـ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ للدلالة على قلة إيمانهم أما الآية الثانية فانتهت بـفَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً حتى المؤمنون منهم عددهم قليل جداً.
إذن هم قليلو الإيمان كيفاً وكماً. وهنا نتساءل: أليست هذه معجزة بلاغية فائقة؟
وهكذا لو سرنا عبر قصة بني إسرائيل في القرآن ومواقفهم مع نبي الله موسى عليه السلام، لرأينا أن كل شيء يسير بنظام، وهذه القصة تحتاج لبحث مستقل بل مجموعة من الأبحاث لكشف أسرار معجزة هذا القرآن.
الترتيب الزمني للقصة
يبشر الله عباده المؤمنين برسول كريم اسمه أحمد ‘، وتأتي البشرى على لسان روح الله وكلمته المسيح عيسى بن مريم عليه السلام فيقول هذا الرسول الكريم لبني إسرائيل مبشراً لهم: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) [الصف: 61/6]. ونحن نعلم أنه لا نبي بعد رسول الله ‘ فهو خاتم النبيين.
إن عبارة (من بعدي) في هذه الآية تدل على زمن، هذه العبارة تكررت في القرآن، ونسأل: كيف تكررت هذه العبارة وعلى لسان مَن وردت؟ وما هو ترتيب الآية السابقة التي جاءت على لسان المسيح عليه السلام؟ لنستمع إلى هذه الآيات الأربعة:
1 ـ (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِيقَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة:2/133].
2 ـ (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَأَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأعراف: 7/150].
3 ـ (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِيإِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) [ص: 38/35].
4 ـ (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِياسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) [الصف: 61/6].
إن كلمة (بعدي) لم ترد إلا في هذه الآيات الأربعة من القرآن، ولكن السؤال على لسان من وردت هذه الآيات؟ إذا استعرضنا هذه الآيات من القرآن وجدنا أن:
1 ـ الآية الأولى في سياق قصة يعقوب عليه السلام.
2 ـ الآية ثانية في سياق قصة موسى وهارون عليهما السلام.
3 ـ الآية الثالثة في سياق قصة داود وسليمان عليهما السلام.
4 ـ الآية الرابعة في سياق قصة المسيح عليه السلام والبشرى.
هذه لغة القصة في كتاب الله تعالى, ولكن ماذا تخبرنا لغة التاريخ؟
إن تسلسل هذه الآيات الأربعة مطابق تماماً للتسلسل التاريخي لهذه القصص، فنحن جميعاً نعلم دون خلاف أن التسلسل التاريخي للأنبياء الأربعة هو: يعقوب ثم موسى ثم داود ثم المسيح عليهم السلام، لذلك جاء تسلسل الآيات الأربعة موافقاً لهذا الترتيب. وهنا ربما ندرك الحكمة من أن ترتيب سور المصحف يختلف عن ترتيب نزول سور القرآن، لأن هذا الترتيب فيه معجزة!
ولكن هنالك ملاحظة مذهلة وهي أن كلام المسيح عليه السلام والبشرى التي جاء بها، ورد في آخر هذه الآيات وهذا دليل على أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الإسلام هودين العلم، لذلك فقد علمَّ الله أنبياءه ورُسلَه الكرام فقال في حق يعقوب عليه السلام: (وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُوَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف: 12/68].
أما العبد الصالح في قصته مع موسى عليه السلام فقد قال الله فيه (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُمِن لَّدُنَّا عِلْماً) [الكهف: 18/65].
وفي قصة داود وسليمان عليهما السلام فقد علمَّ الله سليمان علوماً كثيرة فقال: (وَعَلَّمْنَاهُصَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ) [الأنبياء: 21/80].
ولكن عندما يكون الحديث عن خاتم النبيين يأتي البيان الإلهي ليمدح هذا النبي الأمي ‘ ويؤكد بأن كل كلمة نطق بها إنما هي وحي من عند الله تعالى. يقول تعالى عن نبيه وحبيبه المصطفى عليه الصلاة والسلام: (وَمَا عَلَّمْنَاهُالشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ) [يس: 36/69].
والعجيب حقاً أن كلمة (عَلَّمْنَاهُ) وردت مع أنبياء الله وعباده المؤمنين دائماً بصيغة الإثبات إلا مع الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم فقد جاءت بصيغة النفي (وما عَلَّمْنَاهُ) ليؤكد لنا أن القرآن هو كتاب الله تعالى وليس للرسول عليه الصلاة والسلام ولا حرفاً فيه بل كلٌّ من عند الله. وهذه الحقيقة اللغوية ثابتة لأن كلمة (عَلَّمْنَاهُ) تكررت في القرآن كله 4 مرات، والحديث عن 4 عباد صالحين هم: يعقوب ـ الخَضِر ـ داود ـ محمد عليهم السلام، وجاء ترتيب هذه الآيات الأربعة موافقاً ومطابقاً للتسلسل التاريخي.
1 ـ قصة يعقوب عليه السلام.
2 ـ قصة موسى مع الخضر عليهما السلام.
3 ـ قصة داود وسليمان عليهما السلام.
4 ـ حديث عن محمد صلى الله عليه وسلم.
ونتساءل: هل جاء الترتيب الزمني والترتيب القرآني متطابقاً بالمصادفة؟ وهل يمكن لمصادفة أن تتكرر؟
بعد هذه النتائج التي لا تقبل الجدل وبعدما رأيناه من إعجاز لغوي وتاريخي نطرح سؤالاً على كل من لم يؤمن بهذا القرآن: كيف جاء هذا النظام المُحْكَم؟
.................................
القرآن رسالة السماء إلى الأرض، فمن أراد أن يفهمه على هذا النهج فقد وقف بنفسه على مواطن العظمة، ومواضع الإعجاز فيه. ومن أراد أن يعرف أثره في اللغة العربية فلينظر ذلك الأثر في حياة المسلمين عقيدة وسلوكاً، ليرى ذلك واضحاً وجلياً .
ولكن قد تَقْصُر الأفهام عن المراد من آية من آياته، فيُظَنُّ أنها جاءت على غير ما تعارف عليه أهل اللغة .
وقد يَعْجَز البصر عن الوصول إلى إعجاز نحوي جاء في أثناء آية، فيذهب الظن إلى أن القرآن قد تجاوز قواعد اللغة وما تعارف عليه أهلها، وهذا - لاشك - قصور وعجز في الإنسان عن إدراك لغة القرآن وأساليبه البيانية، فهو كتاب رب العالمين، ومحال أن يناله تجاوز أو خطأ أو مجافاة للذوق اللغوي، فضلاً عن أنه أساس اللغة العربية، ومنه تُستنبط القواعد اللغوية .
وفي هذه العجالة سوف نأتي على بعض الأمثلة، التي قد يُظن أن فيها خطأ نحويـًا، أو أنها تجافي لسان العرب ومعهودهم، ونبين توجيه العلماء لها .
المثال الأول: قوله تعالى: { إنَّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } (آل عمران:59) والإشكال الذي قد يَرِد هنا، قوله تعالى: { فيكون } حيث جاء الفعل مضارعاً، مع أن الحَدَثَ قد حصل وانتهى. وأُجيب عن هذا بأن الفعل جاء حكاية لحال ماضية، فيجوز فيه الوجهان، فلا إشكال إذن .
المثال الثاني: قوله تعالى: { إنَّ رحمت الله قريب من المحسنين } (الأعراف:56) والسؤال: لماذا جاءت الصفة وهي قوله تعالى: { قريب } مخالفة للموصوف، وهو قوله: { رحمت } مع أن الأصل موافقة الصفة للموصوف، تذكيراً وتأنيثاً؟ وأجيب عن هذا بأجوبة نختار منها اثنين:
- أن { قريب } صفة لموصوف محذوف، تقديره: شيء قريب .
- أنَّ { قريب } على وزن فعيل، وما كان كذلك فيصح أن يوصف به المذكر والمؤنث .
ومثل هذه الآية أيضاً، قوله تعالى: { لعل الساعة قريب } (الشورى:17) والتقدير في الآية: لعل مجيء الساعة قريب؛ وهذا جائز بلا خلاف يُذكر .
يتبع
|