بسم الله الرحمن الرحيم
فلنستكمل معا
~
صورة أخرى من صور لحظات أحتضار الظالمين
" ولو ترى اذ الظلمون فى غمرت الموت والملئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق" من الأيه 93 من سورة الأنعام..
تلك الصورة وصفها الحق تبارك وتعالى فى كتابه العزيز ليبين تلك اللحظات العسرة فى حياة الظالمين وانتقالهم الى مرحلة الموت والأحتضار .. نجد الملائكة يتحدونهم أن يخرجوا أنفسهم من العذاب بما كان لهم من جحبروت فى الأرض وهم عاجزون بالطبع .. لأن بشريتهم قد خمدت ونفوزهم أنتهى وكل شىء فيهم أصبح مقهورا لله سبحانه وتعالى بلا أختيار منهم..
وهكذا وضح لنا كيف ينتقل الصالحون الطيبون من الحياة الى الموت .. وكيف ينتقل الكافرون الظالمون من الحياة الى الموت ..
الصالحون تحيط بهم الملائكة تبشرهم بالجنة والراياحين وماذا اعد الله لهم ؛؛ وتهون عليهم لحظة الموت وخروج الروح بالكلام الطيب .. بينما نجدهم
فى حالة موت الكافر الظالم تضربه الملائكة وتبشره بالعذاب المهين المقيم .. وتكون لحظات الأحتضار عسة وخروج الروح عسير ..
وتخرج الروح من الجسد..
ويموت الأنسان ..
ولكن هل الموت هو العدم؟؟
لا
أنه الخروج من عالم الحياة ... والحياة خروج من عالم الموت..
أى أن كلا منهما
ما هو الا خروج من عالم من خلق الله سبحانه
الى عالم اخر من خلق الله عز وجل .. له قوانينه وطرق الحياة المختلفة فيه .. وما يخضع الأنسان له فى حياة الموت مختلفا تماما عن ما يخضع له من قوانين فى الحياة الدنيا..
وحياة البرزخ
هى ما بعد الحياة الدنيا
وينتقل الأنسان اليها مرورا بمرحلة الموت
والله سبحانه وتعالى ستر عنا قوانين الحياة فى مرحلة البرزخ ولكنه اعطانا من خلال القرآن الكريم أمثلة توضح لنا نواحى معينة فى حياة ما بعد الموت وما يحدث فيها وهو ما يؤكد الحياة التى بعد الموت والتى بين الحياة الآخرة والحياة الدنيا..
وأول شىء بقوانين حياة البرزخ أننا نرى ما لم نكن نراه فى الدنيا..
اذ ان الرؤية فى الحياة الدنيا محدودة ولكن بعد الموت ترفع الغشاوة عن أعيننا لنرى أشياء كثيرة ..
مصدقا لقول الحق تبارك وتعالى :
" لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطآءك فبصرك اليوم حديد" الأيه 22 سورة ق..
فمنذ ساعة الأحتضار
يرى الأنسان ما لم يكن يراه فى الدنيا لأن الله كشف عنه غطاء الدنيا فيرى عالما جديدا .. هذا العالم موجود ولكنه لا يراه خلال رحلته الدنيوية..
ورسول الله عليه أفضل صلوات الله وتسليمه قال:
( الناس نيام فاذا ماتوا أنتبهوا)
كيف يكون الأنسان فى الحياة الدنيا نائما ؟؟
وعندما يموت ينتبه !
مع أننا نرى الميت نائما بلا حراك !
الأنتباه
يحدث هنا .. لأنه رأى ما لم يكن يراه وعرف أن كل ما أخبره الله به من غيب حقيقة وواقع موجود يراه امامه بكل وضوح ولكن كان محجوبا عنه فى الحياة الدنيا..!
والأنسان حين يموت
يسمع كل ما يقال من حوله ولكنه لا يستطيع أن يرد ولا حتى ان يعبر ؛ وذلك لأنه هنا اصبح فى عالم آخر غير عالم الأحياء وخرج من قوانين الحياة الدنيا ولذا فقد بطلت كل أساليب تعامله مع الأحياء.
ففى غزوة بدر
وبعد أن انتهت المعركة
أقبل رسول الله
وسلم على القتلى من الكفار فقال:
( بئس عشيرة النبى كنتم لنبيكم .. كذبتمونى وصدقنى الناس وخذلتمونى ونصرنى الناس ؛ وأخرجتمونى وآوانى الناس ) ..
ثم أمر بهم فسحبوا الى قليب من قلب بدر .. فطرحوا فيه .. ثم وقف وقال:
( يا عتبة بن ربيعة ؛ ويا شيبة بن ربيعة ؛ ويا فلان ويا فلان .. هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟؟ فأنى وجدت ما وعدنى ربى حقا ) : فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : يا رسول الله أتخاطب أقواما جيفوا ..؟
فقال رسول الله
: والذى نفسى بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم ميتون لا يستطيعون الجواب) ..
وهذا دليل على ان الموت ليس بعدما ولكنه انتقال الى حياة أخرى لها قوانينها الخاصة بها..
والى لقاء آخر