عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20-11-2007, 03:49 AM
الصورة الرمزية طالبة العفو من الله
طالبة العفو من الله طالبة العفو من الله غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
مكان الإقامة: الإسكندرية
الجنس :
المشاركات: 5,524
الدولة : Egypt
افتراضي

بالدليل ادعاءهم بقوله: (قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق .. المائدة/18)، كما كذّب بالدليل ادعاءهم بأنهم أهل للدخول في رحمة الله وجنته فقال: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون. بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .. البقرة/ 80، 81)، وكذا ادعاءهم بأن الدار الآخرة خالصة لهم فقال: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديه والله عليم بالظالمين ..البقرة/94، 95).
وذكر القرآن عنهم فيما ذكر نقضهم للعهود والمواثيق وخيانتهم وغدرهم وتحريفهم الكلم عن واضعه وليهم اللسان به وكتمانه وإخفاءه ولبس الحق فيه بالباطل (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون .. آل عمران/ 71)، (وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون .. آل عمران/ 78)، (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم .. المائدة/13)، (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير.. المائدة/ 15)، وأظهر حقدهم على أهل الإيمان من أمة محمد عليه السلام وحسدهم على انتقال موعود الله إليهم: (ود كثير من أهل الكتاب لو يرونكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ..البقرة/109)، (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً ..النساء/55).
وإذا كان الجانب الآخر من الكبر يتمثل- بعد الكفر بالله وبطر الحق- في غمط الناس وظلمهم، فان الناس الذين غمطهم بنوا إسرائيل ليسوا كأي أناس، لكنهم أنبياء معصومون ومبلغون عن الله رسالاته، أي أنهم- مع شديد معرفتهم بهم لكونهم منهم- مصدر هداية لمن أرسلوا إليهم.
ومع كونهم كذلك كفروا بهم ورفضوا الإذعان لهم وأعلنوا تمردهم وعصيانهم ولم يستجيبوا لدعواتهم و "لم يسمعوا ولم يميلوا آذانهم بل صاروا في مشورات وعناد قلبهم الشرير وأعطوا القفا لا الوجه"، على حد ما جاء في سفر إرميا 7: 24 .
ويبدو أن هذا لم يرق لمعشر يهود ولم يكفهم فراحوا ينفون عن أولئك الأنبياء العصمة، وطفقوا يشتمونهم بأقذع الشتائم ويلصقون بهم أشنع التهم، ويطاردونهم ويجيزون عليهم ارتكاب المنكرات كالخداع وقتل الأطفال والنساء وعبادة آلهة من دون الله والزنا والكذب وشرب الخمر وسلب النساء من أزواجهن وأنهم كانوا يقبحون في عين الرب، ويدّعون مع كل ذلك وفوقه أن هذا ما نطقت به كتب السماء التي أنزلها الله إليهم.
ففي سفر التكوين 9: 20- 25جاء ما نصه: "وابتدأ نوح يكون فلاحاً وغرس كرماً. وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه. فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجاً. فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء فلم يبصرا عورة أبيهما. فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير. فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته"، هكذا يلعن نبي الله نوح عليه السلام كنعان ويجور عليه ويعاقبه على ذنب اقترفه أبوه حام، وهكذا تعمل الخمر عملها في أسه وتظل به حتى تتبدى عورته، يا لله !!.. وفي نفس السفر19: 30- 36ورد ما نصه: "وصعد لوط من صُوغَرَ وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو وابنتاه. وقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض. هلم نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة إني قد اضطجعت البارحة مع أبي، نسقيه خمراً الليلة أيضاً فادخلي اضطجعي معه. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة أيضاً وقامت الصغيرة واضطجعت ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. فحبلت ابنتا لوط من أبيهما".. فهل يصدق إنسان فيه ذرة من عقل أن يصدر مثل ذلك عن نبي كريم بابنتيه؟ وهل يحسن من الله عز وجل أن يدفعهما إلى ذلك في آخر عمره ويحكيها للأمم ويذيعها عنه بتوراته المنزلة كما زعموا؟.
كما جاء في سفر الخروج 32: 2- 5 أن هارون هو الذي أشار على بني إسرائيل بعباده العجل بعد أن قال لهم: "انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها. فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون. فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالأزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر. فلما نظر هارون بنى مذبحاً أمامه.. وقال غداً عيد للرب"، بل أجازوا على سليمان بن داود عليهما السلام عبادة الأصنام، ونص ذلك كما في سفر الملوك الأول 11: 4- 7، 9، 10 "وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. فذهب سليمان وراء (عشتروت) آلهة الصدونيين و(ملكوم) رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماماً كداود أبيه... فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين. وأوصاه في هذا الأمر أن لا يتبع آلهة أخرى فلم يحفظ ما أوصى به الرب".
كما اتهموا موسى ويشوع بالقتل والتمثيل وبارتكاب المجاذر الوحشية بالنساء والأطفال والعجزة، كذا نطقت به توراتهم في سفر العدد بالإصحاح 31، ويشوع بالإصحاحات 8، 10، 11.
وفي الإصحاح الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني الذي بأيديهم 2- 5: "أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك- وكان ذلك في وقت المساء- فرأى من على السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جداً. فأرسل داود رسلاً وسأل عن المرأة فقال واحد: أليست هذه (بَتْشبَع) بنت أليعَام امرأة أوريا الحثي. فأرسل داود رسلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود وقالت: إني حبلى"، وبعد أن يسوق سفر صموئيل الثاني بإفاضة محاولة داود التخلص من أوريا زوج المرأة بعد فعلته الشنيعة، وقصة إرساله إلى الحرب ليقتل بعد زناه بها، يقول في الآية 26، 27 من نفس الإصحاح: "فلما سمعت امرأة أوريا أنه قد مات أوريا رجلها ندبت بعلها. ولما مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابناً وأما الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الرب"، ثم يتابع السفر سرد معاتبة الرب لداود وإماتة الله للولد الذي جاءت به بتشبع من الزنا الذي كان داود قد وقع فيه، ثم توبة داود وصيامه، ثم دخوله على امرأة أوريا بعد أن عزاها في زوجها، واضطجاعه معها وإنجابه منها ولداً آخر هو سليمان.. وبمثل ما اتهموا به نبي الله داود اتهموا نبي الله (هوشع) لكن بعد أن زعموا هذه المرة أن ذلك كان بأمر من الله وبعد قول الرب له 1: 2 "اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى لأن الأرض قد زنت زنى تاركة الرب"، ففعل ولدت له ابناً أمره الله أن يسميه (يزْرعيل)، ولا ندري كيف يقبح ذلك في عين الرب عندما يتعلق الأمر بداود بينا يأمر به ويباركه عندما يكون في حق نبيه (هوشع) .. كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً.
ويدرك من له أدنى بصيرة من خلال ما ذكرناه، منزلة أنبياء بني إسرائيل في نفوس اليهود واللاأخلاقية المتأصلة في نفوسهم تجاه أنبياء الله ورسله والمتعمقة الجذور في قلوبهم، إذ كيف يجري على هؤلاء ما ترويه أسفارهم وعفن مخطوطاتهم من موبقات يعف عن ارتكابها الإنسان العادي؟ وكيف وهم ما أتوا إلا ليرجعوا الناس عن الكفر إلى الإيمان يتأتى منهم ذلك الكفر؟ وكيف تقع كل هذه الخبائث في منازل الوحي وبيوت الأنبياء وفي رحاب الرسالة وعلى درب النبوة كما هو باد على صفحة التاريخ الآسن لهؤلاء القوم؟.
ولو كان غمطهم إياهم اقتصر على مجرد الافتراء عليهم وتكذيبهم وإلصاق التهم والكبائر بهم لهان الخطب، لكنه تعدى ذلك بكثير ووصل إلى ما هو أبعد من التكذيب بمراحل، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح وكذا تلميذه ابن القيم في (إغاثة اللفهان) و(هداية الحيارى) من ذلك الشيء الكثير، ومما نص عليه الأخير في (الهداية) أنهم "قتلوا زكريا وابنه يحيى وخلقاً كثيراً من الأنبياء حتى قتلوا في يوم واحد سبعين نبياً وأقاموا السوق في آخر النهار كأنهم لم يصنعوا شيئاً"، وفي الحديث عن أبي عبيدة: "قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة وسبعون رجلاً من بنى إسرائيل فأمروا مَن قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوهم جميعا من آخر النهار من ذلك اليوم، فهم الذين ذكرهم الله عز وجل- يعنى في قوله: (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم..آل عمران/21)"، كما أورد ابن كثير في تفسير قول الله تعالى: (وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون .. البقرة/61)، قول ابن مسعود: (كانت بنو إسرائيل تقتل ثلاثمائة نبي في أول النهار- يا لقساوة القلوب- ثم يقيمون سوق بقلهم في آخره) وأعقبه بالقول: "إنه لما ارتكب بنوا إسرائيل ما ارتكبوا من الكفر بآيات الله وقتلهم أنبياءه أحل الله بهم بأسه الذي لا يرد وكساهم ذلاً في الدنيا موصولا بذل الآخرة جزاء وفاقاً".
وحسبنا أن نستشهد هنا على تلك المذابح التي نصبوها لأنبيائهم بما ورد في سفر نحميا 9: 26 "وقتلوا أنبياءك الذين أشهدوا عليهم ليرُدَّهم إليك وعملوا إهانة عظيمة"، وسفر الملوك الأول 19: 10، 14 "وقتلوا أنبياءك"، وسفر إرميا 11: 19وعلى لسانه "وأنا كخروف داجن يساق إلى الذبح ولم أعلم أنهم فكروا عليّ أفكاراً قائلين لنهلك الشجرة بثمرها ونقطعه من أرض الأحياء فلا يذكر بعدُ اسمه"، وإنجيل متى 23: 31، 34-36 "أنتم تشهدون على أنفسكم أنكم قتلة الأنبياء .. هاأنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة فمنهم تقتلون وتصلبون ومنهم تجلدون في مجامعكم وتطردون من مدينة إلى مدينة. لكي يأتي عليكم كل دم زكي سُفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن بَرَخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح. الحق أقول لكم أن هذا كله يأتي على هذا الجيل".. وأن نشير كذلك إلى ما ورد في إنجيل متى في الإصحاح21 عدد33 وما بعده، مما سبق ذكره من أمر الكرامين الذين ما أن جاءهم عبيد صاحب الكرم ليأخذوا أثمار غرسه إلا وأعملوا فيهم القتل والجلد والرجم، ولم يكتفوا بذلك حتى فعلوا مثله مع كافة من أرسله إليهم ممن كانوا أكثر من سابقيهم، بل لم يكفهم كل هذا حتى تآمروا في نهاية المطاف على وارثه الذي أرسله إليهم، في إشارة واضحة إلى المسيح عيسى عليه السلام.. ورد مثله في إنجيل مر قس12: 1-12، وفي إنجيل لوقا20: 9-19 وأعمال الرسل 4: 11.
الأمر الذي يعنى أن أمر اعتدائهم على الأنبياء لم يقتصر مجيؤه على القرآن بل تحدثت به أيضاً كتب القوم يهوداً كانوا أم نصارى، كما لم يقتصر على أنبيائهم بل طال خاتم الأنبياء محمد صلوات الله وسلامه عليه، ولا عجب وقد عرفنا مدى كراهيتهم للأنبياء أن تنشر إحدى مجلاتهم وتسمى (جاليليو) صوراً كلاسيكية للسيدة مريم العذراء وهي تحمل سيدنا المسيح عليه السلام بعد أن استبدلت رأسها برأس بقرة، وسيظل يوم السبت 28 يونيو 1997 محفوراً في ذاكرة المسلمين حتى يقضي الله في أحفاد القردة والخنازير أولئك أمراً كان مفعولاً، فقد حدث في هذا اليوم أن قام عدد من المستعمرين اليهود في مدينة الخليل وبحراسة من الجيش، بلصق وتوزيع شعارات ورسوم تكيد للإسلام وللمسلمين، وقد ظهر في أحد هذه الرسوم صورة خنزير على رأسه كوفية فلسطينية كتب عليها اسم (محمد) بالإنجليزية والعربية وأمسكوا هذا الخنزير قلماً يكتب به كلمة (القرآن)، كما تلقت جهات فلسطينية رسمية عبر البريد الاكتروني رسماً مهيناً للنبي عليه السلام كتب عليه (محمد) وتحته خنازير صغار يرضعون منه وقد كتب عليها كلمة (فلسطينيون).
إنه وإزاء كفرهم بالله وتآمرهم وبغيهم على أنبيائه ورغبتهم عن ملة إبراهيم ومن صار على نهجه من النبيين، ولقاء ظلمهم وطغيانهم وتحريفهم للكلم عن مواضعه، الذي يؤذن بألا صلاح بعده- على المدى القريب أو البعيد- لأمرهم، ولا فائدة ترجى للبشرية من ورائهم، كان لابد حسب ما تقضي به سنن الله الكونية في الاستبدال والاستخلاف، من أن تتحول إمامة وخلافة وريادة هذا العالم إلى آخرين يحافظون على العهد ويصونون الأمانة ويحفظون الوصايا وينفّذون التعاليم، فيستحقون عندئذ وعد الله الذي لم يتحقق لغيرهم لا في الأرض المقدسة وحسب بل في إرث النبوة والأرض جميعاً، حيث يقول تعالى وهو أصدق القائلين: (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.. الأعراف/28)، ويقول: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم.. محمد/38)، "أي: ولكن يكونون سامعين مطيعين له ولأوامره" كما قال: (إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين.. الأنعام/133)، وقال: (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على كل شئ قديراً.. النساء/133)، وقال: (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد* وما ذلك على الله بعزيز.. إبراهيم/19، 20وفاطر/16، 17)، أي يذهبكم إذا خالفتم أمره ويستخلف من بعدكم قوماً آخرين على غير صفتكم يعملون بطاعته، كما أذهب القرون الأولى وأتى بالتي بعدها وما ذلك عليه بممتنع ولا صعب بل هو سهل عليه يسير لديه.
الأمر الذي يعني أن سنة الله في خلقه وكونه، لا تتبدل ولا تتغير، بل إنها لتجري حتى في أمة خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه ممن هم من نسل إسماعيل كما جرت فيمن هم من نسل إسرائيل، بمعنى أن المسلمين إذا تولوا عن نصرة ربهم ولم يقفوا على أمر دينهم فسيبتليهم الله بمن لا يرقب فيهم إلاً ولا ذمة كما ابتلى الأولون ثم يستبدلهم إذا لم يراجعوا أنفسهم (بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.. المائدة/ 54).
ولعل هذا ما يومئ إليه قوله تعالى لمن هو أب لجمهور الأمم: (إني جاعلك للناس[كذا بما يفيد العموم] إماماً)، ثم قوله تعقيباً على عبارته (ومن ذريتي): (لا ينال عهدي الظالمين.. البقرة/124)، ولما اقتضت حكمة الله فيما يخص ميراث النبوة أن يجعل نبي بني إسماعيل خاتماً للأنبياء، فقد تعين أن يكون الابتلاء في حرمان أمته إن هي خالفت منهج الله، قاصراً على ميراث الحكم والأرض والخلافة، إلى أن يقضي الله فيه أمرأً كان مفعولاً.

__________________




رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]