عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 19-11-2007, 11:58 AM
الصورة الرمزية * فلسطــ نجمة ــــين *
* فلسطــ نجمة ــــين * * فلسطــ نجمة ــــين * غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: May 2007
مكان الإقامة: أينما وجد الظلم فذاك موطني
الجنس :
المشاركات: 1,993
الدولة : Palestine
افتراضي



رجل .. رفع هامات الأمة

تمر ذكرى استشهاد الرجل كل عام مروراً عابراً دون الاهتمام والتقدير اللذين يليقان بمكانته.. ولو أن هناك عقولاً تتدبر حال الأمة الذي بلغ منها الهوان مبلغه على أيدي يهود.. لوقفت لذكرى هذا الرجل احتراماً.. الزعماء قبل الشعوب.
ولو أن هناك من يحرص على حراسة ذاكرة الأمة بانتصاراتها المجيدة وأبطالها الذين حفروا بدمائهم تاريخاً ناصعاً.. لأصبح يوم التاسع عشر من نوفمبر كل عام عيداً قومياً يجتمع حوله العرب ليكون من الأيام النادرة التي تجمعهم بعد أن فرقتهم الأهواء .. لكن يبدو أنني أحلم حلماً بعيداً.. فالرجل نفسه لو كان حياً لكان على رأس المطلوبين من أنظمة عربية كثيرة إرضاء لليهود، ولتم تصنيفه على رأس قائمة الإرهاب لأنه هو الذي غرس بذرة الجهاد على أرض فلسطين ضد المشروع الاستعماري الصهيوني.. ومن يومها ترعرعت البذرة حتى صارت اليوم شجرة باسقة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.. وصارت مستعصية على الاقتلاع.

ففي مثل هذا اليوم.. التاسع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1935م استشهد الشيخ المجاهد عزالدين القسام وهو ممسك بسلاحه ووسط إخوانه يقاوم الاحتلال الغاصب بجسارة منقطعة النظير .. بينما كانت بعض الحكومات العربية تشارك في حراسة المشروع وتخذّل عنه وتسارع للدخول في هدنة تلو الهدنة حتى اليوم.

بين الحين والآخر أتوقف كثيراً أمام شخصية الرجل، كلما سمعت اسم «كتائب الشهيد عزالدين القسام» وأعيد قراءة سطور حياته الناصعة فأخلص إلى نتيجة واحدة وهي: إن الإيمان بالله سبحانه وتعالى مع العلم من منابعه الصافية النقية مع العمل المخلص لله يصنع رجالاً يعدلون أمماً.. بهم يحيي الله موات أقوام، ويبعث فيهم همة وجسارة وإقداماً، وبهم ينعدل ميزان الحق والقسطاس وبهم تتحرر الأوطان وتصان الأعراض.. وترتفع رايات الإسلام خفاقة.

الرجل كان عالماً ورعاً من علماء سورية «من مواليد قرية جبلة» وداعية من دعاة الإسلام الذين تهتز لهم القلوب قبل المنابر.. كان عالماً عاملاً، وكان من قواد الثورة على الاستعمار الفرنسي، وعندما طارده الاستعمار الفرنسي في سورية غادرها في مطلع عشرينيات القرن الماضي مع شقيقه إلى مدينة «حيفا» في فلسطين وهناك اتخذ من المسجد الكبير مقراً يلقي فيه دروسه اليومية التي تركزت على مشروعية الجهاد في سبيل تخليص الأوطان من الاحتلال، وإعلام المسلمين بأن الجهاد العملي والقتال الصادق هو خير منطق يجابه الأعداء الذين يهاجمون أرضنا ويدنسون مقدساتنا.

ومن هذه الدروس انتقى تلامذته من الشباب والرجال الذين كانوا يلتفون حوله ويتفاعلون مع دروسه وكلماته، وكوَّن أول كتيبة للجهاد عرفتها أرض فلسطين. وانطلق في أوائل عام 1935م من المثلث العربي «جنين ـ نابلس ـ طولكرم» ومن هذا المثلث انطلقت أول شرارة للجهاد ومنه سرت روح الجهاد إلى أنحاء فلسطين، لكن قوات الاحتلال الإنجليزي ومعها الصهاينة سارعوا إلى إطفاء جذوة تلك الشرارة، فحاصروا الشيخ ومعه إخوانه المجاهدين في غابة «يعبد» بمنطقة جنين.ودارت معركة فاصلة استشهد فيها الشيخ 25 تشرين الثاني نوفمبر1935م..

وذهب القسام إلى ربه شهيداً بعد عام إلا قليلاً من الجهاد، وظن اليهود أنه تم وأد شرارة الجهاد في مهدها، لكن قطرات الدماء التي تفجرت من جسده الطاهر روت أرض «جنين» وسرت من تحت الأرض لتنبت شجرة الجهاد الصلبة وتحولت شرارتها إلى نيران تحرق العدو كل يوم..

لقد استشهد عز الدين في عام 1935م فأشعل استشهاده الثورة الكبرى في عام 1936م التي استمرت ثلاث سنوات ولم يطفئها إلا نداء الزعماء العرب الذين انخدعوا بوعود بريطانيا.
واستشهد عز الدين عام 1935م لتولد من جديد عام 1987م بنفس الاسم «كتائب الشهيد عزالدين القسام» .. التي عدلت الميزان.. ميزان القوة.. وميزان الرعب مع عدو لا تجدي معه إلا القوة.. ولا يرغمه على الاعتراف بحق إلا الرعب.

ألا يستحق الشهيد عز الدين القسام تكريماً يليق به؟! يكفي الرجل أن من يعرف قدره وهم يتكاثرون مع مرور السنين.
رائد المجاهدين في بلاد الشام في العصر الحديث
الشيخ المجاهد الشهيد عز الدين القسام: "هذا جهاد نصر أو استشهاد"

ليسوا سواء من علم ولم يعمل بما علم ، ومن علم وعمل بما علم ، وجاهد في سبيل الله منذ وعى معنى كلمة الجهاد ، ومكانه الجهاد والاستشهاد في الإسلام وعند الله الذي أمر الرسول القائد بالجهاد وجعله ذروة سنام الإسلام كما ورد على لسان النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم ، و إلا فالعلماء والمشايخ والمثقفون كثر ، وقليل منهم الشكور الذي يشكر ربه على ما أعطاه من علم بالعمل به ، وليس بمجرد كلمات يلوكها لسانه الذرب في المجالس والمحافل والمؤتمرات ، وعلى المنابر الإعلامية والإعلانية.

ومن هنا تأتي أهمية الكتابة عن الشيخ المجاهد الشهيد عز الدين القسام، رائد المجاهدين في بلاد الشام في العصر الحديث ، وربما كان رائدهم في سائر بلاد المسلمين.

قاعدة انطلاق للنهوض بالأمة:
لقد امتلأت نفسه بحقائق الإسلام وقضايا المسلمين ، فجعلت منه شخصية فذة تتمثل الإسلام عقيدة وأخلاقاً وسلوكاً كفاحياً ، فكان – من بعد – حرباً على الجهل والفقر والظلم والتبعية والتخلف والخرافات والبدع ، وداعية إلى الالتزام بالإسلام المصفى ملاذاً وحيداً ، وقاعدة انطلاق للنهوض بالأمة ، وتحدي أعدائها ، والتصدي لألوان الغزو الفكري والحضاري والعسكري الصليبي – الصهيوني اليهودي.

العودة إلى الوطن :
بهذه الشخصية الثائرة على كل أشكال التخلف عاد الشاب الشيخ عز الدين إلى بلدته (جبلة) التي تغفو على الشاطئ الشامي ، دون أن تقوى تلك الأمواج على إيقاظها من سباتها ، مثلها مثل كل المدن والبلدات والقرى في العالم الإسلامي الذي استنام ثم هجع في أحضان التخلف وانعدام الوعي ، ولكن شخصية القسام كانت الأقوى ، فأيقظت البلدة من سباتها العميق ، أيقظتها كلمات نسيتها وذكرها بها الشيخ الشاب بخطبه الواعية المستنيرة ، وبدروسه في مسجدها الكبير الذي يؤم المصلين فيه ، ويعظهم ، ويخطبهم ، ويدعوهم إلى إرسال أولادهم إلى المدرسة التي يعلم فيها نهاراً ، وإلى مجيء الأميين منهم ، وأكثرهم أميون ، مجيئهم إلى المدرسة ليلاً ، ليعلمهم ، لوجه الله تعالى ، القراءة والكتابة والقرآن العظيم.

لم يكتف الشيخ الشاب بهذه الدعوات في المسجد الذي غدا إماماً فيه ، بل انطلق يغشى المضافات والمجالس ، يسهر معهم ، ويتحدث إليهم ، يعلمهم أمور دينهم ، ويفتح عقولهم وقلوبهم وعيونهم وآذانهم على الواقع المزري الذي يرتعون فيه.. كان يهاجم الجهل والفساد والظلم والواقع عليهم ، ويندد بالظالمين من أصحاب الأملاك والمزارع الكبيرة الذين يسومونهم سوء العذاب ، يشغلونهم ونساءهم وأطفالهم في مزارعهم ، ثم يلقون إليهم فتات الطعام ، وبالي اللباس.

نفذت كلمات الشيخ الشاب إلى عقولهم وقلوبهم ، فبادروا إلى إرسال أولادهم إلى مدرسته ، وصاروا هم تلاميذ المدرسة الليلية ، وصاروا يغشون دروسه وخطبه المسجدية ، فأحسوا أن لهم كياناً وشخصية وكرامة ، وشعروا بالظلم الواقع بهم ، وتململوا ، وأفصح بعضهم عن معاناته ، فثارت ثائرة كبار الملاك ، وعرفوا أن القسام الشيخ هو الذي حرك النيام بأفكاره التي لامست قلوبهم ، وأثرت بهم ، وجمعتهم حوله ، فثار الإقطاعيون على الشيخ ، وحاولوا الدس عليه لدى الاتحاديين العلمانيين مثلهم ، وهددوا الشيخ الشاب ، ولكن هيهات هيهات أن ينثني أو يتراجع من عرف الإسلام ، وتشبع بروحه التي قررت التكريم والكرامة لنبي آدم.

الانطلاق :
انطلق الشيخ يستقطب الفلاحين والعمال والفقراء ، بما أوتى من الصدق والإخلاص والوعي ، ومن براعة الحديث ، وتواضع النفس ، ودماثة الأخلاق ، وكياسة التعامل ، واستقامة السلوك ، وتوثب الروح ، واستنارة البصيرة ، ومن تسام عما يقتتل حوله الناس ، ويتزاحم الطامعون والطامحون في الاستيلاء على الحطام ، ومن زهد بما في أيدي الناس ، ومن تقشف في حياته البيتية ، وفي طعامه ولباسه ، ومن تضحية بالمال والوقت والجهد والراحة ، ومن جرأة في قول الحق ، ونصر المظلوم ، ومن استعلاء على المستكبرين وأصحاب النفوذ ..

كان الفقراء – وأكثرهم من أتباع الدعوات – يرون فيه القدوة والعالم المحبوب ، والصديق الصدوق ، كانوا يرونه واحداً منهم ، فهو يزورهم في بيوتهم المتواضعة، وفي مزارعهم وقراهم وأماكن عملهم ، يشاركهم في أعمالهم ، ويؤاكلهم على موائدهم البسيطة ويحضر أعراسهم وأفراحهم ، ويظهر الحزن عليه في مآتمهم وأتراحهم ومصائبهم ، ويساعد من يستطيع مساعدته منهم ، يبذل جهد المقل ، فأحبوه ، واستمعوا له وأطاعوه ، وصار مثلاً أعلى لهم ، فقد كان بحق ، قدوة عملية لهم ، لا يكتفي بالكلام المعسول ، بل يقرن كلامه بالعمل ، وربما سبق عمله قوله ، وبهذا تميز من سائر من عرفوا من المشايخ والوجهاء والزعماء.

جهاده :
كان الشيخ عز الدين ابن زمانه ، يعرف ما يحيط به وبإخوانه المسلمين في كل مكان ، وأن المسلمين أمة واحدة ، وجسد الواحد ، إذا اشتكى شعب منهم ، وجب أن يتداعى سائر المسلمين لنصرة ذلك الشعب ، بعيداً كان أو قريباً ، ولهذا كان جهاده يمتد إلى المكان الذي يطوله بجهده ويده ولسانه.

1- ضد الإنكليز في مصر : فقد سمع الكثير عن جرائمهم ومظالمهم ، كما شاهد الكثير بأم عينه ، وعرف الكثير من أحاديث مشايخه وزملائه طلبة العلم ، فامتلأت نفسه كرهاً لهم ، وحقداً عليهم ، وانطلق لسانه يذمهم ، ويدعو إلى محاربتهم وإخراجهم من مصر.

2- وعندما هاجم الإيطاليون طرابلس الغرب،عام 1911 ثار القسام ، وخطب ضدهم ، واستنفر أبناء الساحل السوري لقتالهم ، فتجمع معه بضع مئات من المقاتلين ، وجمع الأموال لشراء السلاح ، وتسليح المقاتلين ، والإنفاق عليهم وعلى أسرهم ، وكلهم من الفقراء ، كان القسام يقود المظاهرات في اللاذقية وجبلة وسائر المدن والبلدان الساحلية ، ويدعو الناس إلى التطوع من أجل الدفاع عن طرابلس واختار من المتطوعين مائتين وخمسين متطوعاً ، وسافر بهم إلى ميناء الإسكندرونة ، وأقاموا في الإسكندرونة أربعين يوماً ينتظرون السفينة التي ستقلهم إلى ليبيا ،

كما وعد الخليفة العثماني وبابه العالي ،ولكن الاتحاديين(القوميين العلمانيين الطورانيين الذين كانوا الحكام الفعليين للدولة العثمانيين) نكصوا وتخاذلوا أمام إيطاليا، وحالوا بين الشيخ المجاهد وجنوده المتطوعين ، وبين السفر من أجل القتال والدفاع عن ليبيا ، فعاد الشيخ القائد بمن معه إلى (جبلة) وبني مدرسة بالمال الذي كان جمعه ، وتابع مهمته التعليمية والتربوية فيها : يعلم الصغار في النهار ، والكبار في الليل.

3- وعندما احتل الفرنسيون الساحل السوري عام 1918 نادى القسام بالثورة عليهم ، وباع بيته الذي لا يملك سواه ، واشترى بثمنه أربعاً وعشرين بندقية، وخرج بأسرته إلى قرية (الحفة) في جبل صهيون ، والتحق بمن معه من تلاميذه المجاهدين إلى الثورة التي قادها المجاهد عمر البيطار في جبال اللاذقية ، وانطلق إلى القرى يدعو الناس إلى الالتحاق بالثورة لمقاتلة الفرنسيين وطردهم من البلاد التي احتلوها ، وكان المسجد منطلقه في كل قرية وبلدة ومدينة ، وبهذا أعاد القسام إلى المسجد دوره ووظيفته الجهادية ، كما كانت أيام الرسول القائد ، وخلفائه الراشدين فمن بعدهم من القادة الفاتحين.

كان القسام حركة دائبة لا تهدأ ، يتصل بقادة الثورات في المناطق السورية ، ويغير على الدوريات والحاميات الفرنسية ، وينسق بين المجاهدين في حلب وجبل الزاوية ودمشق ، يساعده في ذلك الشيخ المجاهد كامل القصاب الذي كان يمده بالسلاح والمال ، ويجعل من نفسه نقطة الوصل مع الثوار الآخرين.

وعندما علم القسام أن الفرنسيين سوف يجتاحون سورية ، ويحتلون دمشق ، سارع مع صاحبه الأثير (القصاب) إلى دمشق ، وشارك في معركة ميسلون ، وكانت معركة غير متكافئة ، وعرف تخاذل الطامحين إلى الحكم ، الطامعين فيه بأي سبيل ، فأسرها في نفسه لقابل الأيام.
عاد القسام إلى جبال اللاذقية ليتابع كفاحه الدامي ضد الغزاة الفرنسيين ، ولكنه وجد المجاهدين في أسوأ حالاتهم ، فقد نفد ما عندهم من زاد وعتاد أو كاد ، وانقطعت الإمدادات التي كانت ضئيلة وغير مناسبة للمهمات الكبيرة التي تصدوا لها ، وغادر بعضهم إلى تركيا ، واستسلم آخرون لليأس ، فعادوا إلى أعمالهم محبطين ، ومع ذلك ، صمم القسام على متابعة الجهاد والقتال مع من بقي معه من المجاهدين.


__________________

أَطْـــ ي َــافْ المَـــ جْ ـــد

حَمَامَةً تَحْمِلُ رِسَالةً لِكَيْ تُوَّصِلَ تَارِيخَ أَرْضَ الرِبَاطْ
عَبْرَ نَافِذَةِ العَالَمْ ..لِنَجْعَلَ مِنَ الأَلمْ أَمَلْ
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.41 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.25%)]