[زهرة الياسمينا]

بين صفحات الأمس ..

بين صفحات الأمس ..

أبحثُ بين صفحات الأمس ..
عن رائحةٌ حلوة ..
هي رائحة جذورها قوية ..
نقية ..أصيلة ..
يوازي لذتها ..
رائحة الهيل حينما تصنع القهوة ..

بين صفحات الأمس ..
أبحث عن أصل الأنساب ..
وساس النخوة ..
عن كنز الصداقة المفقود ..
ودم الأبناء و الأخوة ..
ونبلُ الأصالة المفقود ..
وعن نبل المروة ..
بين صفحات الأمس ..
أبحث مع نفسي ..
في خلوة ..
عن صراخ أبي الصاخب ..
وصبر أمي الطويل ..
وضحكة أختي الجميلة ..
وعناقي الشديد لأخي العزيز..
وعن ليالي ..
كانت بها جلساتنا حلوة ..

بين صفحات الأمس ..
كان هناك قمر ينير سهراتنا ..
واطمئنان يسكن أعماقنا ..
وسمرٌ لطيف يحلي ليالينا ..
وهدوء مفعمٌ ..
وليل ساكن مظلمٌ ..
ولمةٌ مع الأهل دافئة ..
كانت الحلوة ..

بين صفحات الأمس ..
وصفحات اليوم قد صارت هفوة ..
وغدت مع الأيام .. فجوة
وقد كبرت الفجوة ..
أبحث .. ونبحث ..
ويبحث التاريخ فينا ..
عن أزمنة حلوة ..
عن لحظة وذكريات حلوة ..
إن الزمان لا يعاتبنا ..
ونحن للزمان نقول ..
ونعلل ..
أنك من خلق الهفوة ..
أنك من جعل البعيد بعيد ..
والقريب بعيد ..
وكلٌ قد نسي أهله ..
وكلٌ قد جهل أصله ..
وكلٌ قد قال ..
إننا في البعد نكون ..
وإننا بالظروف والمشاغل ..
والركض وراء الباطل ..
تكون المشاعر في صفوة ..
قد خلطنا الحابل بالنابل ..
ونسينا كلام الله ..
والأحاديث والسنة ..
وتجاهلنا كلام قيل ..
في أكثر من محاضرة ..
وأكثر من ندوة ..
من نسى أصله ..
قد نساه أصله ..
تلك هي الحكمة ..
وقلنا الزمان تغير ..
وكيف للزمان أن يغير نفسه ..

بين صفحات الأمس ..
وصفحات اليوم ..
ما يجعلنا نشعر ..
أن القديم مفقود ..
والحاضر موجود ..
والبحث في صفحات الأمس ..
لا يجدي ..
فقد تعمقت الثغرات ..
وقد كبرت كثيرا جدا..
قد كبرت الهفوة !!