7- وقال لي أخ سابعٌ : " يا أخي رميته هل أنت أتبعت بلدك في صيام يوم الجمعة 1428 هـ أم اتبعت البلدان الأخرى التي أعلنت بأنيوم الجمعة هو العيد ؟! ".
فقلتُ لهُ : وأنا أجيبكَ عن السؤالِ - مع أنه شخصي - بأنني أفطرتُ يوم الجمعة على خلاف أهل بلدي , ولكن بدون أن أُظهر فطري للناسِ حتى لا أكون سببا في فتنة الغير من المؤمنين الصادقين الذين يظنون أن من أفطر يوم الجمعة خلافا لأهل بلده – ولو بناء على رؤية أغلب مسلمي العالم - يعتبر آثما وأن عليه القضاء والكفارة , وحتى لا أكون سببا في فتنة الساقطين من الناس الذين يبحثون عن أي سبب من أجل أن يفطروا لا لأن الغير رأى هلال شوال ولكن استهتارا وانتهاكا لحرمة شهر رمضان . إذن أنا أفطرتُ يوم الجمعة لا حبا في السعودية أو في أية دولة رأت الهلالَ ليلة الجمعة وإنما التزاما بقول من قال من العلماء (وهو قول الجمهور ) بأنه إن رؤي الهلالُ في بلد ( أي بلد مهما كان إسمه ) وجب على جميع المسلمين ( في الأقطار التي تشترك مع بعضها البعض في جزء من الليل ) أن يصوموا أو يفطروا .
ثم سألتني " هل يمكنك يا أخي أن تذكر لنا مَن مِن العلماء يجيز للفرد المسلم أن لا يتبع بلده في إتمام 30 يوم من رمضان في حال تعذر رؤية الهلال ويتبع بلد أخر رغم أن بلده يعمل بتحري هلال رمضان بالمشاهدة . وبذلك يخالف أهله وقومه من المسلمين وعلماء بلده وأئمة مساجده الذين هم حوله ؟!".
وأنا أقول لك :
* الذي يبقى مُـمسكا وصائما وأغلبُ العرب والمسلمين مفطرون بناء على رؤية هلال شوال , هذا هو الذي يُطالب بالدليل على صحة ما يفعل وليس العكس .أنا أفطرتُ استجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروالرؤيته " .
وأنا كذلك أفطرتُ اعتمادا على قول جمهور العلماء المسلمين قديما وحديثا . ولا داعي لآن آتيك بأسماء علماء في مسألة , أنا أخذتُ فيها بالأصل ومن أفطر يوم الجمعة هو الذي أخذ بالاستثناء , وأنا حين أفطرتُ أخذتُ بالعزيمة ومن صام يوم الجمعة أخذ بالرخصة . وبن باز رحمه الله ورضي الله عنه وعن سائر العلماء ( وغيره ممن يوافقه ) أفتوا بجواز أن يوافق المسلمُ بني قومه في صيامهم ولو أفطر الناسُ في سائر البلدان الأخرى . هو رحمه الله في فتواه كان يُخرجُ بعضَ الناس من الحرج وكان يُرخِّص لهم في موافقة ناس بلدهم رفعا للحرج عنهم . إذن لا تنسَ أن الذي صام يوم الجمعة إنما عمل برخصة , وهو الذي يمكنُ أن يطالبَ بالدليل , وأما من أفطرَ يوم الجمعة مثلي فإنهُ أخذَ بقول جمهور العلماء واستجابَ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
***
ثم لا تنسَ أن هذه الحواجز بين الجزائر وتونس والسعودية وقطر و... كلها اصطناعية , وهي من صنع الاستعمار ومن نتائج تخلف المسلمين , ومنه فلا معنى لأن تسألني " لمَ أفطرت يوم الجمعة وخالفتَ أهل بلدك - الجزائر - لأنني أقولُ لك بأن حديث " صوموالرؤيته وأفطروا لرؤيته " موجهٌ لكل المسلمين وأنا مسلمٌ , وهو ليس موجها لجزائري ولا لسعودي ولا لبحريني ولا لإماراتي ولا ...
****
إقرأ أخي في الكتب الفقهية على المذاهب الأربعة أو الخمسة ( مع مذهب بن حزم) أو الستة ( مع مذهب جعفر الصادق ) أو على مذاهب الكثير من العلماء المعاصرين , وستجد أن جواز فطري يوم الجمعة مع أغلب المسلمين وإن خالفتُ أهل بلدي , هو أمرٌطبيعي وبديهي وجائزٌ عند أغلب العلماء ولا أقول عند الكلِّ .
*****
أنا لا أفرض قولي هذا على الغير , بدليل أنه حتى داخلَ أسرتي طلبتْ مني زوجتي أن آمرهم - هي والأولاد والبنات - بالفطرِ يوم الجمعة أو بالصيامِ , ولكنني رفضتُ - لأنني منذ كنتُ صغيرا أمقتُ التعصبَ في الدين أو في الدنيا - على اعتبارِ أن المسألةَ خلافيةٌ وأن من أفطر هو على إسلام ومن صام فهو على إسلام كذلك , ومنه فإنني أفطرتُ وتركتُ لبقية أفراد أسرتي الاختيارَ ( فأفطرت الأغلبيةُ وصامت الأقليةُ ) . أنا لا أتعصبُ ضدَّ الغير , أي ضد من صام يوم الجمعة موافقة لأهل الجزائر , ولكنني لا أقبلُ أن يتعصبَ ضدي شخصٌ ويقولُ لي " ما دليلك على جواز فطرك يوم الجمعة ؟! " أو " أنت مفطرٌ إذن أنت آثمٌ , وعليك القضاء والكفارة " , وكذلك أنا لا أقبلُ قولَ من يقولُ كما قال قائلٌ عام 1982 م – وأنا في السجن - في مناسبة مشابهة ومماثلة لمناسبتنا اليوم , قالَ أمامي , وكان يعنيني " اللهم تَـقبَّـل من الصائمين واغفرْ للمفطرين "! , لأنني عندئذ أعتبرُ أن هذا الكلامَ جاهلٌ وأنه قمةُ التعصبِ في الدينِ .
والله وحده أعلمُ بالصواب .
يتبع :...