عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 23-08-2007, 10:24 AM
محب الصحابة والأل محب الصحابة والأل غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مكان الإقامة: القاهرة
الجنس :
المشاركات: 33
افتراضي الوظيفة الثانية : تعمير أوقات الغفلة بالطاعات والقُرُبات إلى الله تعالى - الجزء الأو

الوظيفة الثانية : تعمير أوقات الغفلة بالطاعات والقُرُبات إلى الله تعالى - الجزء الأول

وفي هذه الجزئية النقاط الآتية:
·كيف يغفل المؤمنون عن ربهم ؟!!
·شأن المؤمنين القرب من الله.
·فوائد إعمار أوقات الغفلة بالطاعة:
·الفوز بمحبة الله سبحانه وتعالى
oومن طرق تحصيل هذه المحبة :
§القيام في نصف الليل الآخر.
§القيام حال كون النوم أحب إليك مما سواه.
§القيام ما بين المغرب والعشاء.
·دفع البلاء النازل على النفس والأُمًّة .
§مسئولية المؤمنين في دفع البلاء النازل الآن عن إخوانهم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها
·تحصيل الأجور المضاعفة"...



----- كيف يغفل المؤمنون عن ربهم ؟!! -----



نعود إلى قوله r ((يغفل عنه النَّاس)) معناه: أن المؤمنين مُطالبون بأن يُعَمِّروا أوقات الغفلة بأعمال الذكر، والقرب إلى الله تعالى وألا يكونوا مع الغافلين كما قال ﴿ولا تكن من الغافلين﴾ [الأعراف: 205]
لمَّا غفل عنه النَّاس لم يكن للمؤمنين أن يغفلوا عنه؛ لأنَّ المؤمنين متيقظون، حَذِرُون من ناحية..
ومن ناحية أخرى: أنَّ المؤمنين مقبلون على ربهم دومًا ؛ لأنَّهم لا ينقطعون عنه، وإن انقطعوا عن ربهم، وغفلوا عن ذكرهم ماتوا ..ماتت قلوبهم، وضلت أفئدتهم وبَعَدُوا عن طريق ربهم.
لذلك يصعب على المؤمنين أشد الصعوبة أن يغفلوا عن ربهم، وأن يتكاسلوا عنه، أو يبتعدوا عن طريقه، فكأنما خرجوا إلى الموت، لقد خرج أحدهم إذن عن طريق ربه الذي يحفظه ويرزقه ويقويه، فلابد أن يُقدم عليه وأن يرجع إليه.
وليس له عنه بُدُّ سبحانه وتعالى؛ فهو ربه، وهو حبيبه، وهو الذي يُرَبَّيه، ويراعي إيمانه، وهو الذي يَمُدُّه بأسباب النجاة، وهو الذي ينتظره في الآخرة؛ ليسكنه جنته مع النبيين والصديقين والشهداء، فكيف يبعد عنه المرء؟!
أو كيف يغفل عنه؟! أو كيف ينسى ربه سبحانه وتعالى؟!
إن خرج منه كأنما خرج السمك من الماء، يخرج إلى الموت، تلك هي الغفلة عن ربهم، والابتعاد عن طريقه سبحانه وتعالى.
والمؤمنون اليوم مع الأسف لا يُحِسُّون بهذا الموت، لا يُحِسُّون بضعف الحياة كما قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاس كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾[الأنعام:122].
وقد انصرفوا إلى حياتهم وأولادهم وأموالهم وشهواتهم وقدموا ذلك كله على ربهم فكان سبب لهوهم عنه وشقائهم وخسرانهم كذلك. قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].
ويعلمون أنه هو الذي يُصْلِحُ أحوالهم، وهو الذي يُدَبِّر معايشهم، وهو يُوَسِّع أرزاقهم، وهو الذي يكفيهم كلَّ ما أَهَمَّهُم في أمور دينهم ودنياهم، فكيف يلجئون إلى عدوه؟! كيف يغفلون عنه؟! كيف ينامون عن طاعته I ؟! كيف يتكاسلون عن طريقه؟! وطريقه هو حياتهم وطريق نجاتهم، وطريقه محبتهم وقربهم، وطريقه عُلُوهم وارتفاعهم، وطريقة كل أملهم في الدنيا والآخرة.



----- شأن المؤمنين القرب من الله تعالى والوقوف ببابه.... ------



قوله صلى الله عليه وسلم : ((ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاس عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ))([1]).
وكأن النبي r يُبَيِّنُ للمؤمنين أنهم لا ينبغي أن يغفلوا حين يَغفُلُ النَّاس عن الله تعالى، بل لابد لهم أن يكونوا متيقظين لربهم سبحانه وتعالى، غير غافلين عنه جلَّ وعلا، مقبلين عليه حال إعراض النَّاس، ذاكرين له حال غفلة النَّاس، مهتدين بهديه حال ضلال النَّاس، وإنما هم لهم شأن، والنَّاس لهم شأن آخر.
شأنهم : القُرب من الله تعالى، والوقوف ببابه، والتضرع له. والدعاء، والذكر، والبكاء، والتذلل، والانكسار إلى ربهم في كل حين، لا يخرجون عن ذلك طرفة عين، وإذا خرجوا فذلك هو الخذلان المبين, فأشواقهم لمحبته ونعيمهم ولذتهم وشهواتهم في طاعته.



----- فوائد إعمار أوقات الغفلة بالطاعات.... -----



وعمارة أوقات الغفلة بأعمال الإيمان والطاعة لها فوائدها التي ينبغي أن يُحَصِّلها المؤمنون اليوم لذلك الشهر الكريم الذي يُعِدُّون أنفسهم فيه لرحمة الله .
فما هي فوائد تعمير أوقات الغفلة بالطاعة؟

----- الفائدة الأولى: الفوز بمحبة الله I.-----



أوَّل هذه الأمور وإن كنا نريد أن نشير إلى معانٍ مهمة فيها فقط هي:
أنَّ الله تعالى عندما يغفل عنه النَّاس، ويقوم بعض النَّاس بذكره، والإقبال عليه فيكونون محل محبته سبحانه وتعالى.
يعني: إن أوَّل شيء يحصله هؤلاء المعمِّرون لأوقات الغفلة بالذكر، والعمل، والإقبال على الله تعالى أن ينالوا محبة الله I.
لذلك: رأينا النبي r في أحاديث كثيرة يحض المؤمنين على تعمير أوقات الغفلة بالذكر ليحصلوا أعلى درجات الدين..محبة الله.
ومن ذلك: ما ذكره صلى الله عليه وسلم في نصف الليل الآخر : (( إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله تعالى فيه فَكُنْ..))
يعني: وقت هدوء النَّاس، ونومهم، وشهواتهم إذا بالنبي r يُوقِظ أهل الإيمان، وينبههم على أنهم ينبغي أن يَتَخَلَّوا عن تلك الشهوات من "النوم والدعة والراحة والأهل" ليقوموا إلى الشهوة العظمى والراحة القصوى، وهي محبة الله تعالى التي يُؤثِرُونها على الدنيا والآخرة، والمال، والأهل والولد..
فإن استطعت أن تكون ممن يذكروا الله في هذه الساعة فكنْ، أي في جوف الليل الآخر، وهو الذي يغفل عنه النَّاس المؤمنون، و غيرهم بأن يذكروا الله تعالى فيه: هو موضع محبة الله تعالى.
وكذلك كان r يؤخِّر العشاء الآخرة - صلاة العشاء - يعني: إلى ثلث الليل؛ يقول :كما روى في البخاري وغيره عنه r: ((مَا يَنْتَظِرُهَا – يَعْنِي: العشاء- أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ غَيْرُكُمْ ..)) .
وكأنه يقول :- صلوات الله وسلامه عليه- هذه الصلاة التي تصلون إنما أنتم الذين تصلونها في الدنيا كلها حال غفلة كل النَّاس عن الله تعالى، و هذه ميزة عظيمة للمؤمنين، أن يذكروا الله تعالى عند غفلة النَّاس عنه، وأن يُقْبِلوا عليه حال إعراض النَّاس عنه I ..
ولك أن تتخيل أيها المؤمن! أنَّ ذلك محل رحمة الله تعالى، ومحل محبة الله تعالى ,
يقولr : ((ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللَّهُ … وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ نَزَلُوا فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ فَقَامَ أَحَدُهُمْ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي ..))([2])
((حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدلوا به)) لا يعادله شيء هذا النوم فناموا.
((قام إليَّ أحدهم)): الذي يضحك له ربه سبحانه وتعالى، الذي هو في محل محبة الله له سبحانه وتعالى.
((قام إليَّ)): قام إليَّ حال تعبه، وحال مشقته، وحال كون النوم أحب إليه مما سواه، قام إليه، لا يُحِسُّ بهذا التعب، ولا يحس بهذه المشقة، ولا يحس بأن النوم هو الأحب إليه، بل يحس بأنَّ قيامه إلى ربه، وتلاوته لآياته، وتَمَلُّقَه ودعائه، والطلب منه هو راحته وسروره ,فأنساه تعبه ومشقته؛ لأنه أحس في ذلك بنعيمه، أحس في ذلك بطمأنينته، وإقباله على ربه سبحانه وتعالى، فكانت أعلى وأجلَّ وأعظم من كل هذه السعادات التي يلقاها في غير ذلك، فكانت سعادته العظمى، وقُرَّةُ عينيه التي لا تنقضي، ونعيمه الذي لا يفنى أن يقبل على ربه، وأن يتلوا آياته، وأن يتملقه I، إلى آخر ذلك مما ذكر النبي r من قوله:
((وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا وَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لَهُ ))
يعني: فروا من أمام العدو ، فقابلهم رجل بصدره فقاتلهم حتى قُتِلَ.
فذلك يضحك الله له،فهذا يحبه ربه كأنه لما فرَّ النَّاس عن الله تعالى، وفروا عن دين الله تعالى، ونُصْرَتِهِ إذا به هو وحده في غفلتهم، وفرارهم، وبُعْدِهِم، وإدبارهم يُقْبِل بصدره؛ يَوَدُّ ما عند الله تعالى من الشهادة، ومن القرب، يود ما عند الله تعالى من الأجر في الدفع عن دينه، والذَّبِّ عن إيمانه، والقيام بِنُصْرَةِ هذا الدين.
والثالث: ((فَرَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِاللَّهِ وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَمَنَعُوهُ فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ فَأَعْطَاهُ سِرًّا لَا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلَّا اللَّهُ وَالَّذِي أَعْطَاهُ )) ,. يعني: أعطاه بينه وبينه، أعطاه مما أعطاه الله تعالى، أعطاه مما رزقه الله تعالى، أنفق في السِّر من هذا الباب الذي يحبه الله تعالى، فكان ذلك الشَّخص ممن يضحك الله تعالى له، ممن يحبهم الله تبارك وتعالى.
فرأيت هذا الحديث يُصَوِّر هذه المحبة، وهذا الضحك من الله تعالى لهؤلاء الذين تركوا رَغْد، عيشهم، ودَعَتَهُم، وسكونهم، وراحتهم، وزوجاتهم، وغِطائهم ونومهم، وأنفقوا مالهم ، وضحوا بأنفسهم فَقُتِلُوا، قاتلوا وقُتِلُوا في سبيل الله، وهكذا..
وحسبك بقوم يحبهم ويضحك لهم حسبك بهم في علو درجتهم وحسن منزلتهم وقل ما شئت فلا تبلغ العبارة وصف حالهم.
فلعلك قد أخذت هذا المعنى من تعمير أوقات الغفلة بذكر الله تعالى وطاعته ليكون رصيدك في "شعبان" أن تكون أنت المُقْبِل حال فرار النَّاس، والمُتَصَدِّق حال بُخْلِهِم وإحجامهم وحرصهم، أن تكون القائم حال نومهم وغفلتهم، والذَّاكِر لله تعالى، الداعي المُتَمَلِق له حال بُعْدِهِم وحال نومهم.
ذلك كله يكون سَبَبَ محبة الله تعالى لعبده، فإن الله تعالى يحب لهم ذلك.

ومثل آخر: كان المؤمنون في عهدهم الأول يقومون ما بين "المغرب" و"العشاء" صلاةً لله تعالى؛ لقولهم: إن هذه ساعة يغفل النَّاس فيها عن الله تعالى.
فيقومون فيها لربهم سبحانه وتعالى، ساعة غفلة يغفل النَّاس عنها لا ينبغي للمؤمنين المتقين أن يغفلوا كما غفل غيرهم، وأن يناموا كما نام غيرهم، أو أن يَلْهُوا كما لهى غيرهم، أو يبتعدوا كما ابتعد غيرهم، أو يَفِرُّوا كما فرَّ غيرهم.
وعادة الناس اليوم هي الفِرَارُ من الطاعة والعمل الصالح والمَلَل منها، والضيق بها، يَوَدُّون شيئًا سريعًا، شيئًا خفيفًا، شيئًا لا يكون له أثره الجميل في قلوب المؤمنين، ولا في أعمالهم وأقوالهم، كأن أثقل شيء عليهم هو إقبالهم على ربهم، وهو محبتهم لربهم، وهو بذلهم لربهم، فضلا عن تضحيتهم لربهم، إن كان شيءٌ لغير الله تعالى وَجَدْتَهُم يسارعون ويعطون ويبذلون، ولا يُهِمُّهُم وقت، ولا يهمهم مال، ولا جُهْد، إن كان لله تعالى وجدتَ العِلَلَ والأعذار، والبعد عن الله تعالى.
وكان تعمير النبيِّ له r في حال الغفلة لهذا السبب الأول وهو:
المحبة من الله تعالى، وأن يضحك الله -تبارك وتعالى- لهم، وأن يُجازِيَهُم، وأن يكافئهم أحسن الجزاء، وأن يُعْظِّمَ مثوبتهم، وأنْ يجزلَ لهم الثوابَ سبحانه وتعالى.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.01 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (2.22%)]